19 ديسمبر، 2024 12:15 ص

محنة السفير الباكستاني ولبن عيران

محنة السفير الباكستاني ولبن عيران

أعجبني ذلك الطعم اللذيذ للشنينة التي شربتها لاتقاء الحر اللاهب في صيف بغداد متذكرا قول الأقدمين حول كرم هذا الشهر للفقراء من حر قاتل ولبن مدخن في بلد حير العالم بعجائب طباع العباد وميزانية البلاد .
بعد إن أفرغت محتوى العلبة البلاستيكية الموشحة باللون الأخضر وكان اللبن فيها باردا ومنعشا فتطلعت إليها وقرأت على العلبة الماركة المسجلة اسم ( لبن عيران ) وكنت في ذلك الوقت أتابع بإشفاق وتعاطف حركة السفير الباكستاني الذي رفضته وزارات خارجية كل من السعودية والبحرين والإمارات وكذلك مجلس التعاون الخليجي بحجة اسمه الفاضح في اللغة العربية الذي لم يجد له مكانا بالدبلوماسية المتحركة في عواصم تلك البلدان حتى اضطر الذهاب بعد ذلك خلف المحيط الأطلسي ليكون سفيرا لبلاده في كندا .
إن معالي السفير ( ميا نغيل اكبر زب ) كان له عدة مهمات منها سفيرا لباكستان في كندا والولايات المتحدة وجنوب إفريقيا والهند وهو من اكبر المهندسين للعلاقات الباكستانية الأمريكية كما شغل مناصب مهمة في بلده .
العرب محافظون جدا حتى أنهم يعيشون بين أكثر الحيوانات حضورا وهي الخيل والحمير التي تتمتع بخاصية لا يمتلكها العرب هي طول أعضائها الذكرية حتى تتحول إلى مثل يضرب بها ولذلك فهم يرفضون وجود رجل أجنبي بينهم حتى لو كان مسلما يمتلك خاصية لا تتوفر لهم بل هي حكرا على الحمير والأحصنة فالسفير الباكستاني كان يحمل اسم ولقب ووصف حيث كانت ( قسمته ) في الدنيا إن يكون ( اكبر زب ) .
لا اعرف إن كان معنى الكلمة متصلا باللغة الاوردية أو الفارسية أو الهندية أو اللغات المنقرضة في بلاد السند والهند أم هو اسم للنذر كما فعل أجدادنا حين كانوا يتمنون إن يرزقهم ولدا فيطلقون عليه اسما غريبا وعجيبا خوفا من الحسد مثل ( طراكة وعتيوي وشلاكة وزبالة ) وغيرها من الأسماء المشاعة في مجتمعنا .
المهم نحن لم نستطع إن نصمد أمام ذهولنا وأصبح حالنا يقول ضاعت لحانا ما بين باكستانا ولبن لبنانا وصرنا نخجل حين نشرب اللبن ، ونضحك حين نرى سفيرا يقدم أوراق اعتماده لبلد خليجي إسلامي باسم ( اكبر زب ) فتخيلوا كيف سيكون حال مقدمة الأخبار وهي تقرأ الخبر وحتما سيكون على الشكل التالي ( التقى اليوم حامي البلاد سعادة السفير الباكستاني اكبر زب ) .
ولست اعلم على وجه الدقة هل إن السلطات العراقية تقرأ ما مكتوب على البضائع المستوردة سواء كانت كهربائية أو غذائية ونحن نقول لم تقرأ ما مكتوب والدليل علبة اللبن المستوردة من لبنان باسم ( عيران ) ، ولكن هذا اللبن له شقيق قد دخل العراق أيام حكم النظام السابق دون إن تلتفت أليه السلطات آنذاك وهو من مشتقات الحليب وهو جبن ( كيري ) وحين أتطلع إليه أتساءل عن معناه في لغات أخرى كالكردية والإيرانية مثلا واجد أنها تعني العضو ألذكوري فهل هناك من صلة بين هذه المسميات ووجودنا المرتبط باللبن والحليب والجبن وجميعها باللون الأبيض .
أنا أخشى إن تسبب الأزمة الاقتصادية العالمية بدخول أصناف ومسميات جديدة تتعدى الألبان والاجبان وباكستان ولبنان وقد تصل إلى حدود أوكرانيا وجمهورية (مالي) التي سيطر عليها الإسلاميون وقد يغيرون تسميتها إلى ( مالك ) تماشيا مع التراث الذي يؤمنون به وإيمانا بالسيرة الشخصية للدولة الصحراوية .
[email protected]