19 ديسمبر، 2024 12:38 ص

محنة أمة في أمة محنة!!

محنة أمة في أمة محنة!!

محنٌ تتوافد وأمة تتمحن في ذاتها وموضوعها وتمضي في غياهب النواكب , الضاريات العاصفات في أرجاء وجودها المتخرّب المتحزب والمتمذهب , والمتخنع المتفرق والموالي لأعدائه الأشراس , والأمة كأنها تستلطف مواجعها وتستثمر فيها , فيتنامى نزيفها وتتسع ميادين خسرانها وإتلافها المرير.
كأن الأمة تتربص المحن وتودها وتسعى إليها بطاقات أجيالها , وما فيها وعندها من الموروثات والثقافات والثروات , ولا تجدها جادة أو متطلعة لتذليل الصعوبات وتفتيت المحن وتبديد الصولات , فكل قضية في بدنها تبدو مزمنة وسرطانية الطباع والتفاعلات , فلا قضية مهما كانت صغيرة أو كبيرة تمكنت من حلها وتجاوزها والخروج من قبضتها.
إبتداءً من قضيتها الكبرى الأولى , وحتى ما تراكم وتوالى من قضايا معاصرة , ومحاصرة لحركتها ومقيدة لتكونها وتفاعلها الحر المجيد.
أمة قانطة والأمم بأبنائها , وبقادتها , وإذا فسد أولي أمر أمة فأن الفساد يعم أرجاءها ويتملك أبناءها , وما أن يحل الفساد فيها حتى ينهكها ويفرغها من مداد حياتها ونجيع وجودها , فتتهاوى متهالكة خاوية على عروشها , فتدوسها سنابك المتأهبين للقبض على مصير الآخرين.
وأبناء أمتنا معظمهم يدورون في دوائر مفرغة من الويلات والتداعيات , وتجدهم بلا قدرة على التأثير في بناء الحاضر والمستقبل , وإنما أكثرهم في مهب الريح , لا يستطيع تأمين سلامته وتطوير حياته لأنه في مواطن متداعية , وتهب عليها عواصف الغابرات وتدمرها أعاصير الفئويات والتحزبات , بعد أن تخلت الأمة عن مواطنها ومواضعها وألغت الوجود المادي والجغرافي , اللازم لتفاعلها وسبك ما فيها في صيرورة إنصهارية فولاذية الطباع والتحديات.
ولكي تنهض الأمة وتستعيد قدرات الحياة والتنافس والتفاعل الحضاري , لا بد لأبنائها أن يتيقظوا ويستنهضوا ما فيهم من طاقات الكينونة والحياة , ويتواصلوا بإرادة مؤمنة بأنها ستكون وتتحقق , وهذا يعني لا بد من الخروج من قبضة التصاغرات والإذلالات والهوانات والتبعيات , وأن تكون التبعية مطلقة للوطن ومصالحه وإرادة مواطنيه أجمعين , وبدون هذه الروحية فأن الأمة ستبقى في دائرة النزيف العارم , الذي سيجفف عروقها ويلقيها على قارعة دروب الويلات الجسام والنواكب العظام , وأعداؤها سعداء بما آلت وإنزلقت إليه من الحطام والإنقصام.
فهل من قدرات إخراج للأمة من محنها , والأخذ بجوهر وجودها إلى علياء أكون؟!!