6 أبريل، 2024 11:06 م
Search
Close this search box.

محمد الصدر مدرسة العدل والوعي الشعبي

Facebook
Twitter
LinkedIn

ان من اهم الاشياء التي تصلح ان تكون من اهم العبر هي محاولة التفكير الموضوعي في التجربة التربوية الاجتماعية للسيد محمد الصدر (قدس) هذه التجربة العظيمة التي كتب الله لها النجاح والفلاح بعد ان سبقتها تجارب عديدة فاشلة زرعت اليأس في نفوس الكثير حتى اصبح كل فرد يريد ان يتصدى لهداية الناس بمنزلة المجنون في نظر الكثير لانهم يعتقدون بعدم فائدة هذه المحاولة وهذا هو اليأس والقنوط الذي نهى الله عنه!!!!
وفي ظل ذلك الجو المملوء يأسا وقنوطا وانحرافا وتخلفا وفقرا وجوعا وخوفا ورعبا وبلاءا ووباءا، بدأت تجربة السيد محمد الصدر (قدس) وكان ما كان بفضل الرب المنان…..
ان السيد الشهيد الصدر (قدس) يدرك ومنذ نعومة اظفاره بأن المشكلة الاجتماعية تكمن في الشعور بأهمية العدل, والشعور هو امر نفسي وجداني وليس خارجي..
ان هذا الشعور وهذا الوعي للعدل ينبغي ان يوجد في نفوس الناس..
ان السيد محمد الصدر (قدس) يرى ان عدم وجود هذا الشعور هو أصل المشكلة الاجتماعية وحل هذه المشكلة يكمن في محاولة إيجاد هذا الشعور (الوعي) لاهمية العدل عند عامة الناس.
فالعدل هو وضع الشيء في موضعه المناسب له..
وللعدل مصاديق عديدة اهمها أحكام الشريعة المقدسة فكل مسألة من مسائلها وكل حكم من احكامها يمثل العدل الالهي..
بل ان الانسان يعجز في اغلب الاحيان ان يضع الاشياء في موضعها المناسب!!!! ولكن الله سبحانه وتعالى هو القادر العالم العادل فهو خالق كل شيء بل ان الكون بجميع مكوناته ومخلوقاته يشير بالحس والوجدان وبالعقل والبرهان على عدل الخالق المطلق اللامتناهي، فالشريعة تمثل درجة من درجات العدل الالهي اللامتناهية…
فلا بد ان يوجد الشعور بأهمية الشريعة في وجدان عامة الناس لان الشريعة هي العدل الكامل، ومنطلق السير نحو الكمال….
ان السيد محمد الصدر (قدس) يرى ان التصرفات والافعال الظالمة المنحرفة التي تنم عن سوء الاختيار من قبل الافراد والجماعات لها منشأ وسبب مركوز في النفس حيث يقول ما نصه:-
((واذا اخذنا الجانب الاخلاقي الخالص, لم نجد هذه الظواهر الذهنية ونحوها, التي اهتم بها الفقه, الا مجرد ظواهر لاسباب اعمق منها, مرتكزة في القلب او النفس, وهي التي تكون منشأ لعدد لا يحصى من الافكار والتصرفات في الفرد, بل قد تكون المسيّرة له والحاكمة عليه طول عمره.
ومن هنا, جاء مفهوم سلامة القلب ومفهوم مرضه الذين نطق بهما القرآن الكريم.
قال الله سبحانه ( اذ جاء ربه بقلب سليم) ولئن كانت هذه الاية الكريمة الخاصة بالنبي ابراهيم الخليل(ع), فان هناك آية عامة وهي قوله تعالى (الا من اتى الله بقلب سليم) وكذلك طهارة القلب وهدايته قال سبحانه (ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن) وقال( ومن يؤمن بالله يهد قلبه).
وفي مقابل ذلك مرض القلب قال سبحانه( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) وقال(فترى الذين في قلوبهم مرض) وكذلك الزيغ قال سبحانه(فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه) والنفاق قال سبحانه( فاعقبهم نفاقا في قلوبهم الى يوم يلقونه), والريب قال تعالى(وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون) الى غير ذلك من امراض القلب واسوائه)) انتهى.
[المصدر: ما وراء الفقه الجزء الاول القسم الاول تأليف السيد محمد الصدر ]

ان عدم الشعور باهمية العدل سببه الامراض القلبية ولما كانت هذه الامراض مركوزة في القلب فهذا يعني صدور ما لا يحصى من الافعال الظالمة والتصرفات السيئة الامر الذي يؤدي تفشي الانحراف والفساد والرذيلة الى مفاصل المجتمع ومفاصل الدولة بحيث يشكل بيئة غير صحية ذات تأثير سلبي ضد كل عمل صالح او ضد كل فرصة لبزوغ نور الهداية..
ان التربية لها روافد عديدة اخطرها البيئة الاجتماعية..
ان السيد محمد الصدر (قدس) يعتقد بان اجراء اصلاحات خارجية لا تجدي نفعا ما دام المجتمع لا يشعر باهمية العدل والعدالة..
ان محاولة ايجاد هذا الشعور في نفوس الناس يمثل مسؤولية الهية تقع على عاتق الانبياء والرسل والاوصياء ومن ينوب عنهم..
ان السيد محمد الصدر (قدس) يرى ان هذه المسؤولية تكليف على عاتقه وعلى عاتق امثاله وهذا هو الذي جعله يتصدى لتربية الناس وبالتالي ايجاد هذا الوعي باهمية العدل..
والحق ان السيد محمد الصدر (قدس) تصدى وكانت نسبة الوعي لدى المجتمع ضئيلة جدا تكاد تقترب من الصفر ومع ذلك نجح بفضل الله في ايجاد هذا الشعور الذي لا زال بالرغم من رحيله عن دار الدنيا شهيدا مظلوما..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب