22 ديسمبر، 2024 1:47 م

محمد السالم سفير الاغنية العراقية

محمد السالم سفير الاغنية العراقية

ان المغنين العراقيين المشاهير قد اشتركوا بميزة الشهرة على تفاوتهم فيها لكنهم بمعظمهم لم يحققوا غاية وميزة اخرى من شأنها اضافة نكهة خاصة عليها وهي قابليتهم على نقل الهوية العراقية والتعريف بها الى ما هو ابعد من سوريا ولبنان والاحواز والخليج.

وقد نجح المطرب محمد السالم بذلك ايما نجاح فهذا الشاب بأغانيه المشتركة مع امينة وفريق الابطال المرافق له من كلمات والحان وتوزيع وتصميم رقصات قد نقل المفردة والرقصة والايقاع والروح العراقية بكل حماس وثقة فترى السالم ينطق المفردة المحلية باعتزاز وسعادة معطيا ً الانطباع انه يؤمن بجمال وقعها وان المستمع العربي سيلمس هذا الوقع الجميل ايضا ً . وبذا بدد الوهم انه على المطرب العراقي ان يراعي صعوبة اللهجة فيغني بلهجة محايدة ويستعمل في لقاءاته كلمات محايدة ايضا ً.

محمد السالم اسقط هذه النظرية واثبت فشلها عراقيا ً بعد ان اثبتت ذلك فيروز لبنانيا ً وسعد المجرد مغاربيا ً كما ان الاغاني الناجحة لن يحد من انتشارها اغراقها بالمحلية بل العكس تماما ً والامثلة الشهيرة على ذلك اغنيتا ” ديدي ” لخالد الجزائري و”جيناك ابهاية ” .

اغنيتا السالم ” مزة مصرية و احنا الشباب ” كانتا احتفال واحتفاء بالمفردة والحركة العراقية كانت باختصار عبير للروح العراقية يغمر المشاهد من خلال التلفاز. استعمل مع امينة قاموسا ً كاملا ً من الكلمات والعبارات العراقية ” عبالي – يا يمة – ما اعوفة – اوليد – يبو طول الحلو – اغاتي ” كما احتفت المطربة امينة بالرقصة العراقية فبزخت عراقيا ً وقالت ” عشانك اتكلمت انا لهكة كديدة علية ” . كما لم يخجل محمد السالم بل بالغ باستعمال الجا الجنوبية ” حبج – خليج – غرامج ” واحتفى كثيرا ً معها بطقة الاصبع عالطريقة الجنوبية وبذا نقل ابرز عاملين ثقافيين مميزين للروح والهوية العراقية.

هذه المفردات الجنوبية ذاتها ولأنها الهوية فأنها لطالما لوت عنق النص الغنائي لتفرض استخدامها فيه فالأغنية العراقية والى الان عاجزة عن الاستغناء عن مفردة ” اعلى – اعلينا ” الموغلة بالجنوبية وسمعنا استخدامهما في تتر زرق ورق 4 بصوت احسان دعدوش ” من طكت اعلينا المجاري ” وكذلك في تتر دراما نص كوم على قناة العراقية ” المشكلة ابيبيتي وضحة سوت اعلى الفيس صفحة ” .

وتبقى المفردة الجنوبية هي الروح المسيطرة على الاغنية والثقافة العراقية عموما ً برغم محاولات الاستهزاء منها كما حصل في جريمتي ” ماضي يا ماضي وبيت الطين ” او المحاولة لأبعادها وايجاد هوية بديلة كما فعل بعض المطربين عندما احتفوا بالدبكة اكثر من احتفائهم بطقة الاصبع محاولين تقديمها كهوية للعراقي في حين ان الدبكة متعددة الاباء فهي سورية ولبنانية وكردية ايرانية وتركية وعراقية ومصلاوية وبدوية غربية بل حتى اهل بادية السماوة لديهم دبكة – لدهشتي – تاثرا ً بالامتداد الجغرافي للبادية والدبكة قوقازية ايضا ًعلى امتداد القوقاز الشاسع واوربية شرقية كما تؤديها الاقليات العراقية ايزيدية وسواها.

اذن هي خليط واسع وممتد من الهويات عكس طقة الاصبع المتفردة عراقيا ً وجنوبيا ً .بل لعل هذا البعض تمادى باستخدام اللهجة المحايدة لا لسبب الا لتجنب النطق بصوت الجا عموما ً استثقالا ً للجا الجنوبية.

وياليتهم فعلوا كما يفعل الخليجيين الذين ينطقون لهجتهم ومفرداتها بافتخار ويصرون على استخدامها حتى تتعودها الاذن العربية وتفهمها .

محمد السالم وفريقه كان خليجيا ً بمنهجه الناجح هذا فهو الاول والاشهر قدر تعلق الامر بنقل الهوية المحلية وجعلها شهيرة شهرة لا تقل عن شهرة المطرب فكل سابقيه حققوا الشهرة لانفسهم وليس لهوية بلادهم.

انه خلو الساحة من صاحب البصمة على نمط محمد السالم في الوقت الراهن اما سابقا ً في الثمانينات مثلا ً فكان الوضع السياسي الذي سمح ببروز ناس دون اخرين عندما تصدر المشهد الغنائي العراقي العربي من لم يكن ندا للعمالقة اركان الاغنية فؤاد سالم وقحطان العطار الذين دفعوا ثمن مواقفهم ابعاد لهم ولاسمائهم ومحاولة ابقاءها في الظلمة.

الظلمة التي عجزت عن احتواء فؤاد الذي تحول ذكره وكلمات اغانيه الى هواء يسري الى درجة ان النظام السابق لم يجد بدا من ان يبث اغانيه بعد ان علم استحالة نسيانه وحتى يوقف تحوله ضمير للشعب , رمز مذكرا ً لهم انه لا زال بشريا ًوها انا اذيع اغانيه التي سوف لن تغني عنكم الا ان تواسيكم مواساة اردت ان ابخل بها عليكم .

فاين هذا من مطربين ارتدوا الخاكي وبدأوا يغنون وينططون فرحين كأنهم اعضاء فرقة كادحين تم افادتهم الى الفرقة القومية في بغداد لحسن اصواتهم دعما ً للمجهود الحربي.