19 ديسمبر، 2024 12:11 ص

محمد أريده أن يكون من جسدك بمنزلة كبدك!

محمد أريده أن يكون من جسدك بمنزلة كبدك!

بين المشرقين والمغربين، هناك مؤشرات لنور خفي، يلوح بلا هوادة، وينتقل بين الأصلاب الطاهرة، وأمل يبعث على السعادة، بشّر به جميع الأنبياء على مر العصور، ويرسلون إشتياقهم وعشقهم اليه، عن طريق أمين الباريء عز وجل، جبرائيل عليه السلام، وكلهم في شوق لولادة هذا الوليد المبارك، خاتم رسالات السماء، لينتعش الكون كله، وتسقط عروش الطغاة والظالمين!
وليد نوراني وحيد، لم يشم رائحة أبيه، ولم يذق طعم شفقة أمه، حيث اليتم المبكر جداً بإرادته سبحانه وتعالى، ليقدر لهذا الكائن الصادق الأمين، أن يكون خاتم الأنبياء والمرسلين، فطفولته التي بدأت صورها، في أحضان جده عبد المطلب، حين قال لقومه، أيام حضرته الوفاة: أوصيكم بولدي محمد، وأحلوه محل الكرامة فيكم، ولا تستقبلوه بما يكره!
عناية ربانية أخرى، كفلها الخالق لحبيبه المختار محمد، بعد وفاة جده رضوانه تعالى عليه، ألا وهي ألطاف الرعاية الأبوية، تحت خيمة عمه أبي طالب عليه السلام، فكانت وصية عبد المطلب الأخيرة، لإبنه: يا أبا طالب، كن حافظاً لهذا اليتيم الوحيد، أريده أن يكون من جسدك، بمنزلة كبدك، وأنصره بقلبك، ولسانك، ويدك، وولدك، فإن للغلام شأن عظيم!
ولادة نورانية، وتفويض أبهى نوراً، بأقدس صورة لم ينل كرامتها، سوى الصادق الأمين صلواته تعالى وعلى أله، بختام النبوءات، والرسالات، والأديان، فأنطفأت نيران الكفر والألحاد، وأضاءت أنوار محمد وآل محمد، في مدرسة متكاملة من الإيمان، والتقوى، والفضيلة، وبدأ النور المحمدي رسالته العالمية، بغلام فدائي، وأموال خديجة (عليهما السلام) ثم إكتمل النصر الإلهي، بنصر عزيز، وفتح مبين!
ولادة النور الأحمدي في الحياة، لامس جوارح السماوات والأرضين، فأدركت متيقنة، أن لا فرق بين نور الولادة، وولادة النور، فكلاهما طوع المولود المختار الخاتم، صلواته تعالى عليه وعلى أله، فبات الحصن المنيع، والكهف الشفيع للإنسانية أينما حلت، فما أرسلناه إلا رحمة للعالمين، إنها ولادة حملت معاني البصر، والبصيرة، والإبصار، والتبصير، فأستضاء بها قومه، والعاقبة للمتقين!
 عيون فقيرة، متلهفة لخروج الوعد، عقدت الحياة لسانها، منتظرة موعد الولادة الميمونة، فهو إنتصار إنساني لكرامتهم في ميدان الحياة، أما الجهلة من ذوي المكاسب والملذات، فكان يمثل عندهم، وليد مبارك بهذه المواصفات، هدماً لجبروتهم، وملكهم الزائف، القائم على الظلم، والعبودية للطاغية، وهذا يعني أن الفريق الأول، جعل مركز قضيته مع محمد، والثاني رسم خططه ضد محمد!