الكاردينال ( كارو دودريغز ) اسقف سانتياغو نشر عام ١٩٥٢ م كتاباً اسمه ( نزع النقاب عن سر الماسونية ) ، أوضح فيه انّه حتى الماسونيين الكبار من الدرجات ٣٢ و ٣٣ لم يعودوا يفهمون ما يديره ويفعله ( محفل الشرق ) ، ولم يعودوا يستوعبون الخطط العملية المستقبلية بعد ظهور ( بابك ) .
ويمكن ان نضيف انّ من اهم ما جاء به ( محفل الشرق ) ايضاً كان إلغاء المفاهيم الوطنية والأسرية ، وحتى على مستوى السكن ، صار التخطيط يتجه لالغاء الشكل الفردي المستقل ، وهو ما يطلق عليه ( البناء الأفقي ) ، والاتجاه نحو انعدام الاستقلالية ، من خلال ( البناء العامودي ) الصاخب .
لقد انشأ ( مائير روتشيلد ) مجموعة قواعد عملية ، سار عليها الذين أتوا بعده ، وانتفعوا بها . ويمكن إجمالها بالاتي : ( انّ النفسية البشرية تميل للشر ، لذلك يجب اعتماد العنف كوسيلة إقناع – استغلال شعار الحريات السياسية لتحريك العوام ومن ثمّ ركوبهم ، فهم سيكونون بحاجة الى حماية ، يتنازلون من اجلها توفرها عن بعض حقوقهم وامتيازاتهم ، وبالتالي انتقال استعبادهم من السلطة السياسية الى السلطة المالية والإعلامية – المال هو أساس الملك – لا يوجد في السياسة اخلاق – لا توجد قواعد حقوقية أصيلة ، بل القوة هي من تحدد تلك القواعد – اعتماد الأساليب العلمية والبحثية في فهم الجماهير ، وبالتالي قيادتها بسهولة ، عبر استغلال حاجاتها البهيمية – ليست هناك حقيقة للأخطاء والمساواة في ظلّ تقسيم العالم الى نورانيين وجوييم ، فالجوييم هم حيوانات ، وفي أحسن الأحوال عبيد – يجب خلق الحروب وإدارتها ، دون الوقوف الى جانب طرف ، لكن فقط استثمار تلك الحروب مالياً وسياسياً وعقائديا – الانتقال الى الديمقراطية الموجهة ، التي تخضع للمال والإعلام ، بعد السيطرة على المال والإعلام ) . وهذه القواعد الروتشيلدية اكّدها البرفيسور الروسي ( نيلوس ) في كتابه ( الخطر اليهودي ) عام ١٩٠٥ م ، بعد وقوع مجموعة من الوثائق السرية تحت يديه عام ١٩٠١ ، ومن ثمّ ترجمه ( فكتور مارسدن ) للإنجليزية تحت عنوان ( بروتوكولات حكماء صهيون ) .
اثبتت الليدي ( كوينز بورو ) في كتابها ( الكهنوت الشيطاني ) انّ ( بنيامين جولد شميد – ابراهام شميد – موسى ميكانا – موسى مونتيفيور ” شقيق زوجة ناثان روتشيلد ” ) من إنجلترا كانوا على صلة وثيقة بعملية تمويل الثورة الفرنسية . وذلك كلّه بعد حملة اقراض سيئة النوايا قام بها هؤلاء المرابون اليهود ، يعاونهم المرابون من اليهود الألمان ، للحكومة الفرنسية ، أنهكتها وأغرقتها في عالم من الحاجة . ومن ثمّ بدأوا حملتهم الإعلامية القاسية ضد الملكة الفرنسية ( ماري أنطوانيت ) ، ليثيروا الشعب ضدها وضد الحكومة . وقد استطاع المرابون اليهود فرض ( نيكر ) وزيراً للمالية في الحكومة الفرنسية ، تحت ضغط الدين الفرنسي ، وحاجة الحكومة للاموال في جهودها العسكرية ، التي تسبب بها هؤلاء المرابون ايضا . وفي اثناء الثورة قام النورانيون بإطلاق سراح السجناء والمجرمين ، ليقتلوا بايديهم كل النبلاء والأثرياء الذين لا يوالون النورانية الماسونية . ثم تم إعدام الملك ( لويس ) وزوجته . ليقوم النورانيون بالخطوة الأهم ، حيث عادوا ليحيوا المؤامرات ضد قادة الثورة أنفسهم ، من السذج الذين صاروا مطية لصعود الماسونية الى قمة السلطة . فتمّ قتل ( دورليان ) و ( ميرابو ) و ( دانتون ) و ( روبسبيير ) ، وهم زعماء ثورة المجانين تلك . وفي عام ١٨٩٢ م تم قتل ما يقارب ثمانية آلاف سجين ، كان قد ارسلهم مجلس مقاطعة باريس اليه ، وهو المجلس الذي خضع تماماً لإدارة النورانيين . وصار عام ١٧٩٤ م أشهر أعوام الاٍرهاب السياسي في فرنسا . ليتم بعد ذلك استخدام ( نابليون ) كحلّ سياسي للارهاب الذي احدثته الثورة ، ومن ثمّ استغلّ النورانيون ( نابليون ) لاثارة أضخم حروب القارة الأوربية ، حيث قضت على اكبر العوائل الثرية القديمة هناك ، ضمن فلسفة نورانية جديدة ، تتيح للشعب الاعتقاد بأنها قد قضى على الإقطاعيات العائلية ، في حين انه يسلّم نفسه للإقطاعيين المصرفيين ، من حيث لا يشعر ، تحت رعاية السياسيين المسيطر عليهم . ليتمّ لاحقاً اثارة الحرب ( الفرنسية – الانجليزية ) ، التي نقلت عائلة ( روتشيلد ) الى مستوى خيالي من النفوذ والثراء .
وليس من الصدفة اخطر حركة ارهابية غير يهودية في نفس هذا القرن الذي اداره ( ال روتشيلد ) ، في صحراء نجد ، تحت رعاية التاج البريطاني ، عبر التحالف المشؤوم بين ( محمد بن عبد الوهاب ) و ( محمد بن سعود ) .
لقد توزّع ( ال روتشيلد ) في العواصم الكبرى آنذاك ، حول العالم ، ( سولومون ) في ( فيينا ) ، و ( كارل ) في ( نابولي ) ، و ( ناثان ) في ( لندن ) ، و ( جيمس ) في ( باريس ) ، بالاضافة الى ( فرانكفورت ) حيث بقي ( إنسلم ) ، حيث انتقل كل ولد من أبناء ( مائير روتشيلد ) الى مدينة من هذه المدن ، ليدير الاخطبوط الإمبراطوري الناشئ .
لاحقاً صار لعائلة ( روتشيلد ) وكلاء ، يديرون أعمالها في مختلف اصقاع العالم ، مثل ( ال نيمنز ) في روسيا ، و ( ال وينتشاين ) في إسكندنافيا ، و ( ال وبليشريدر ) في ألمانيا . ومن ثمّ ( ال روكفيلر ) في الولايات المتحدة الامريكية ، وهم المالكون لأكبر شركاتها النفطية ، ومن ثمّ كلّ أمريكا . وتزوجت بنات الروتشيلد من مختلف العائلات الكبرى الأوربية ، لتزداد الشبكة نفوذاً وثراءاً .
معركة ( واترلو ) الشهيرة بين ( نابليون ) والانجليز حسمت امتلاك ( ال روتشيلد ) لكل من ( فرنسا ) و ( إنجلترا ) نهائياً . حيث علم ( ناثان روتشيلد ) ذلك الداهية من خلال بريده السريع بهزيمة ( نابليون ) في المعركة ، الّا انه بثّ دعاية هزيمة الجيش الانجليزي في لندن ، فانهارت البورصة ، وأصبحت قيمة السندات بقيمة الورق ، فاشتراها ( ناثان ) ، وحين علم البريطانيون بانتصار جيشهم بعد اربع وعشرين ساعة عادوا ليشتروا تلك السندات بعشرات الأضعاف ، لتكون تلك هي اللحظة التي اصبح فيها ( ناثان روتشيلد ) ملك بريطانيا واوربا والعالم فعليا . وفي ظلّ عجز فرنسا مالياً بعد خسارتها الحرب كانت بين خيارين ، الانهيار ، او الاستعباد لآل روتشيلد ، فرفضت الاستعباد اول الامر ، لكنها سرعان ما عادت لتمنح ال روتشيلد حق امتلاك المصرف الوطني ، مقابل انقاذها . فكانت أرباح الحرب مضاعفة في جيوب الروتشيلد ، من الغالب والمغلوب .
ورغم انّ عمل ( ال روتشيلد ) كان مقتصراً على التجارة والسمسرة ، الّا انهم بعد نجاحهم في مشروع مد سكك الحديد في ( إنجلترا ) وسّعوا دائرة عملهم لتشمل مشاريع السكك الحديد المماثلة في عموم أوربا ، حيث تسهّل أعمالهم التجارية ، وتضيف الى اموالهم الكثير من فوائد تلك الاستثمارات . لتنتقل هذه العائلة بالتالي الى مجال ( الاستثمارات الثابتة ) ، كمصانع السفن والمصانع الحربية . لتؤسس لاحقاً للمشاركة في شركات ( الهند الشرقية ) و ( الهند الغربية ) ، اللتين تموّلان الجيوش البريطانية والاوروبية الاستعمارية بالاسلحة والمؤن ، وتشرفان على حركة هذه الجيوش استراتيجيا ، وتستثمران وجودها حضارياً ، من خلال نهب ثروات وتاريخ الشعوب المغلوبة والخاضعة للاستعمار . حتى انّ هذه العائلة انشأت معامل الأدوية ، لتبيع تلك الأدوية لمعالجة جرحى الحروب ، التي تثيرها هي ذاتها . امّا في أوربا فكانت العائلة تستثمر ايضاً في اعادة بناء ما دمَّرته الحروب التي إفتعلتها . وأبشع ما في ذلك هي تلك القروض الربوية التي تستعبد بها الحكومات القائمة في البلاد الجديدة . حمل أفراد العائلة في مختلف البلدان التي سكنوها القاباً سياسية وتشريفية ، لم يحظَ بمثلها ساكنو تلك البلاد الأصليون ، مثل ( البارون ، اللورد ، السيناتور ، … ) .
ومن اغرب التقارير التي نُشرت هو تقرير ( بازمان ) عام ١٩٠٧ م ، الذي يتحدّث عن انّ ( منطقة شمال افريقيا وشرق البحر المتوسط هي الوريث المحتمل للحضارة الحديثة ، ولكن هذه المنطقة تتسم بالعداء للحضارة الغربية … ) ، ومن ثمّ دعا الى اعادة هيكلتها ديمغرافياً . ويبدو انّ هذا التقرير – الذي فهمه العرب كدعوة لإنشاء اسرائيل واغتصاب فلسطين – كان ابعد في مراميه ، حيث يهدف الى العودة نحو مصدر ومنبع الديانة ( الفرعونية ) . ولعلّ هذا ( الهرم ) الذي يعلو مبنى ( المحكمة العليا الإسرائيلية ) ، التي تمّ تشييدها باموال عائلة (
روتشيلد ) . [email protected]