18 ديسمبر، 2024 6:18 م

هناك ثمة رأي يٶکد بإستحالة القضاء على تنظيم داعش من دون دور إيراني مميز و بارز بهذا الاتجاه، وهو مابدأ البعض يردده و يشير إليه ظنا منه بأن هذا الدور فقط بإمکانه أن يحسم الموضوع و يوجد له الحل المناسب، وهذا الرأي و هذا البعض أيضا، لايجشمون أنفسهم عناء بحث المشکلة من أساسها، بل ويکمن أن يتجاهلوا ذلك أو يغضوا النظر عنه لأکثر من سبب و دافع. والواقع أن القضية ليست کما تتصور تلك الاطراف بل انها أعقد من ذلك بکثير وان طهران ليست بيدها حل لهذه القضية بل حتى انها ليست جزءا من الحل وانما طرفا اساسيا في المشکلة من اساسها.
التدخلات الايرانية واسعة النطاق في العراق و سوريا و الدول الاخرى في المنطقة، حيث تم تأسيس أحزاب و جماعات و ميليشيات مدربة عقائديا و عسکريا لاهدف لها سوى تنفيذ الاوامر و الطلبات الواردة إليها من طهران، وان نشوء داعش و غيره من التنظيمات المتطرفة انما جاء کرد فعل و کإنعکاس على على هذه الاحزاب و الجماعات و الميليشيات الشيعية التابعة لطهران و التي لم يعد بخاف على أعد نبرتها الطائفية التي تتعامل و تتعاطى بها على أرض الواقع.
الصمت و السکوت و عدم الاکتراث بالنشاطات و التحرکات المريبة لطهران في العراق و سوريا و اليمن و لبنان، و طرح موضوع التعاون معها بحجة مواجهة داعش، هو خطأ استراتيجي کما تٶکد الزعيمة الايرانية المعارضة مريم رجوي و التي ترى أيضا بأنه من السذاجة الطلب ممن أشعل النيران أن يطفئها، لأن الحرائق الطائفية المندلعة في العراق و سوريا و اليمن و لبنان، انما تصب کلها بإتجاه خدمة الاهداف و الغايات الايرانية وان المشکلة الان ليست في داعش(مع أهمية مواجهته و القضاء عليه)، بل أن المشکلة الاساسية تکمن في الفتنة الطائفية المثارة في المنطقة و التي تعتبر طهران المستفيدة الاکبر منها.
مراجعة سريعة لتأريخ ظهور التنظيمات الدينية المتطرفة في المنطقة بإختلاف أشکالها و إتجاهاتها، نجد ان جميعها قد تأسست بعد مرور فترة زمنية على تأسيس الجمهورية الاسلامية في إيران و التي جعلت في المواد 3 و 11 و 154، من تصدير التطرف الديني مهمة رسمية، وحتى انه يمکن إعتبار طهران نفسها مسٶولة عما ترتکبه الاحزاب و الجماعات و الميليشيات المتطرفة لأنها بنفسها کانت السبب في نشوئها و إستمرارها، ومن دون تحديد و تحجيم دور طهران في المنطقة و قطع أذرعها في المنطقة فإن الحديث بشأن القضاء على داعش و مثيلاتها هو محض هراء!