يعرف جميع اصدقاء الراحل مُحسن الخفاجي ، أن السينما هي الاهتمام الثالث لمحسن بعد القصة والترجمة …
وربما يدركُ المقربون منه مدى ثقافته السينمائية وشغفه العجيب بمعرفة كل تفاصيل الحياة الشخصية لنجوم السينما وخصوصا الامريكية والايطالية والفرنسية.
تحتوي مكتبة محسن على آلاف من الاشرطة السينما منذ زمن الفديو تيب ، وحتى الاقراص الليزيرية .
وربما اخيلة الافلام وقصصها وملامح السحر في وجوه ممثلاتها هي من منحته تميزا في صناعة وتخيل الحلم الفنتازي ، وأصبح كما ذاكرة ايتاليو كالفينو الذي كان يخترع مدن الخيال ،الراحل محسن الخفاجي كان يخترع وجوها من الخيال ليصنع منها حكاياته الساحرة ومقطوعاته النثرية الجميلة.
عاش محسن مع اقراصه الليزرية حياة أشبه بالاقتران والعشق ، ومعها صار يكتشف العالم بطريقته الخاصة وكانت توصلهُ الى اقصى ما يتمنى الحالم ليختصر مسافات الخيال كما الصوفيين ويستحضر منها الجديد.
السينما ووجه ممثلاتها وممثليها تعلقوا بأجفان محسن كما تتعلق الفراشة بخد الوردة ، أعتبرها انيسة ازلية له ، وصارت تلك الافلام الخالدة جزء من معرفيته العولمية النادرة .
محسن أورث لغرفته التي عاش فيها متعة الجمالية كما عاش كافافيس مع متعته الاغريقية ، أورث مكتبة كبيرة من اجمل الافلام التاريخية ، وربما صفحته على الفيس بوك تمثل اغنى مكتبة ارشفية على موقع التواصل الاجتماعي لتاريخ السنيما والفن والادب .
عشت مع محسن الخفاجي لصيقاً ابدياً ، احببته ، وتعلمت منه ، وطالما كان يدعونا الى مشاركته متعة الفيلم السينما أنا والصديقين وجواد ساهي وزكي عطا ، وكنا نحفظ عنه تفاصيل غريبة عن تحضيرات المخرج للفلم وكأنه عاش معه في هوليوود بالرغم انه لم يرَ امريكا ، ولكنه قال مرة : سافرت الى باريس في سبيعينات القرن الماضي أنا والشاعر الراحل حسين عبد اللطيف .فقط من اجل أشم العطر في شعر برجيت باردو.
الآن برجيت باردو كبرت ، ومارلين مورنو انتحرت ومحسن غادر ليسكن في غرفة الآلهة العلوية التي لن تتوفر فيها شاشات عرض سينمائية .
مكتبته ظلت وحيدة ، ترى هل يستطيع أخوته ومن يرث مكتبته الادبية والسينمائية أن يحافظوا عليها ويهدونها الى الاتحاد العام للادباء والكتاب في الناصرية الذي كان الفقيد من مؤسسيه وأول رئيس لدورتيه الاولى والثانية .
أعتقد أن مكتبة صديقي الراحل محسن الخفاجي أرث تاريخي وحضاري يمثل جزءأ من حكاية المدينة وحياتها اليومية والثقافية والفنية ، والحفاظ على هذا الأرث مهمة وطنية ينبغي أن نلتفت لها……………….!