22 نوفمبر، 2024 7:28 م
Search
Close this search box.

محرم دوت كم !

ونحن نقترب من شهر محرم الحرام ، حيث الحزن والسواد الذي تتشح به عدد من المدن ، حيث موسم المواكب واللطم والعزاء المستمر من اقصى النهار الى اقصى الليل ، كل شيء سيتوقف  تقريبا خلال الشهرين القادمين كل شيء احياءا لذكرى سيدنا العظيم الحسين .

لكن قبل كل شيء ، قبل العزاء واللطم ، علينا ان نقف طويلا عند هذه القضية ، لن نتحدث عنها بوصفها واقعة تاريخية ، وليس بوصفها قضية دينية بحتة تهدف الى نشر الاسلام او اقامته ، لايهمني اي شيء من كل هذا ، علينا ان نتأمل انفسنا في هذه المناسبة وعلينا ان نستثمر حضورها ونطلق الاسئلة الكبرى بحق الناس اولا وبحق الشخص الذي نعتقد بأننا نمثله وأننا انصاره .

منذ ان بدأ اللطم وبدأ الحزن بهذه المناسبة التي يتم احياؤها منذ اكثر من الف عام ما الذي حصلنا عليه ، بعيدا عن البحث عن الاخرة التي يتمنطق بها اصحاب المنابر ، كيف استثمرنا وجودنا وحياتنا وارتبطنا بشخصية مثل الحسين او اقتدينا به كأبسط مثال لذلك ، كيف كنا نعبر عنه ، كيف نستثمر هذه الحادثة كي نفهم سلوكنا وحياتنا ، كيف يمكننا ان نتخيلها مصدر الهام لنا؟.

كل عام تبدأ المواكب والمساجد والحسينيات بالتحضير لاستقبال شهر محرم ، حيث الحزن والبكاء واللطم وضرب القامة! ، واحيانا افعال تبدو اكثر عنف ودموية ، لكن ما الذي نريده من هذا الرجل وما الذي نريده من انفسنا ، هل فعلا اثرت بنا هذه القضية بحيث لدى اغلبنا استعداد لقتل نفسه تكريما للحسين .

هنالك من لديه الرغبة في ان يذبح او يقتل من اجل ان يكون شهيدا في حب الحسين ، هنالك من يفتخر بأن يكون اسمه خادم بأسم الحسين وهناك من يؤذي نفسه في ذكرى وفاته ، اكثر من سلوك جسدي موجع يقوم به الناس حبا لهذا الرجل حيث يعتقدون بأن تضحيتهم هذه لا تساوي شيء امام التضحية التي قدمها الحسين للعالم .

حسنا ،نقف بهدوء ونتحدث عن الاشياء التي اكتسبناها من شخصية هذا الرجل الذي تقترب صورته في اذهان الناس الى صورة الملاك ،بل اكثر من ذلك ، ماهو الجوهر الذي حصلنا عليه من هذا الامر ، هل تعلمنا منه كيف نستطيع ان ننصر المظلومين والفقراء ؟ كلا .. هل تعلمنا منه كيف نكون عونا للمستضعفين والمساكين ؟ ..كلا .. ، هل تعلمنا منه كيف تكون ضمائرنا حقيقية وغير مزيفة ولانبيعها ابدا ؟ ..كلا ، هل تعلمنا منه ان الحزن لايكون بالسواد فقط؟ ..كلا ، هل تعلمنا منه حب الناس ورفض الكراهية؟ كلا ..
كل ما اتى به هذا الرجل من حكمة واحترام الاخر ، لم نجدها بنا ، كل ما تحدث به عن الحياة والدين والناس، لم نعرفها ولم نكتشفها بعد ، لازال البعض يتحدث بأسمه ويجيد التحدث ثم يسرق الناس ، يتحدثون بأسمه ويأكلون الحرام ، يلطمون بعزائه ثم يسرقون وجود الله من قلوب الناس بأسمه .

يمثلون بأسمه ويتلاعبون بمشاعر الاغلبية التي بقيت لا تعرف هذا الرجل ابدا ، سوى في مواسم اللطم فقط ، لايزال الكثيرون يستغلون اسم الحسين في الحصول على السلطة والمال ، ولايزال الحسين بعيدا عنهم ، لايزال الكثيرون يرون في محرم بأنه ايقونة الكترونية يدخلون لها وقت الحاجة فقط ،علينا ان  ندعو انفسنا باعادة قراءة هذا الانسان بشكل اخر وكيف اثر بنا في سلوكنا وحياتنا ، لا ان نعتبره رمزا للحزن والبكاء فقط .

أحدث المقالات