محرم الحرام.. موسم الحزن والوعي والنهضة

محرم الحرام.. موسم الحزن والوعي والنهضة

مع حلول شهر محرم الحرام، لا تفتح السنة الهجرية أبوابها بالاحتفالات، بل تنبعث فيها أنفاس الحزن والهيبة والوعي، إذ يقترن هذا الشهر في الوجدان الإسلامي بواقعة كربلاء، التي تجاوزت حدود الزمان والمكان لتصبح رمزًا خالدًا للثبات على الحق، ورفض الظلم، والتضحية من أجل المبادئ.
 انها كربلاء.. الثورة التي لا تنطفئ. ففي العاشر من محرم، وقف الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)، سبط النبي محمد (ص)، في وجه طغيان الدولة الأموية، معلنًا بدمه أن الكرامة أغلى من الحياة، وأن الذلة لا مكان لها في قاموس الأحرار. بكلمات قليلة لكنها عميقة قال: “إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي.”
 لقد كانت كربلاء درسًا إنسانيًا قبل أن تكون واقعة تاريخية، حيث انتصرت فيها القيم رغم قلة العدد وشدة الجراح. رجال وقفوا بقلوبهم قبل سيوفهم، ونساء حفظن الرسالة وواصلن المسير برؤوس شامخة وألسنة ناطقة بالحق، كسيدة الصبر زينب الكبرى (ع).
ان محرم.. منبر الوعي وبوصلة الأخلاق ،وان الحديث عن محرم لا يقتصر على الحزن، بل يتعداه إلى مراجعة الذات المجتمعية. في مجال الصحافة والإعلام،  أذ يُستحضر محرم كموسم لتجديد الالتزام بالحقيقة، ولطرح قضايا الإصلاح، والعدالة الاجتماعية، وهموم الناس المسحوقة. هو فرصة لسؤال أنفسنا: أين نحن من تلك القيم التي سالت من أجلها الدماء الزكية؟
 ان محرم في عصرنا.. مسؤولية لا مناسبة فاليوم، وفي ظل واقع يتجدد فيه الظلم بأشكال مختلفة، تصبح كربلاء معيارًا لمواقفنا. هل نصطف مع المظلوم؟ هل نقول كلمة حق في وجه سلطة جائرة؟ هل نلتزم بالمبدأ حتى لو كلفنا ذلك مكانتنا أو أمننا؟ تلك هي الأسئلة التي يطرحها محرم على كل ضمير حي.
 ان شهر محرم ليس مجرد بداية سنة هجرية، بل هو بداية وعي وبعث رسالة كربلاء من جديد، بصوت كل منبر، وبقلم كل صحفي شريف، وبقلب كل إنسان يأبى الذل ويهتف: هيهات منا الذلة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات