يقول الكاتب المصري فرج فودة في كتاب ” المصلحة “
لا أبالي إن كنت في جانب والجميع في جانب آخر, ولا أحزن إن ارتفعت أصواتهم ولمعت سيوفهم, ولا أجزع إن خذلني من يؤمن بما أقول, إنما يؤرقني أشد الأرق أن لا تصل هذه الرسالة إلى ما قصدت, فأنا أخاطب أصحاب الرأي لا أرباب المصالح, أخاطب أنصار المبدأ لا محترفي المزايدة.
قد يستغرب بعض المتابعين, من مجمل الاحداث الدائرة في المنطقة, وخصوصاً العراق وسوريا والدول التي مر عليها ما يعرف بالربيع العربي, وماهي الاسباب التي جعلت من الشعوب تدفع ضريبة التهجير, والقتل, وفقدان الامن والامان, في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل.
الحرب التي بدأت رحاها بالدوران, منذ هجوم العصابات المتطرفة على سوريا, قد أستنزفت اطراف النزاع في آن واحد, تحت مسمع ومرئ المتحكمة أميركا, الدولة بالسياسات العالمية, التي تنتظر ما ستؤول اليه النتائج, التي لابد من أن تكون لصالحها.
موقف أميركا, المتفرج على مايجري داخل هذه المناطق, سببه سطوع نجم أيران الساحر, وامتدادها على طول خارطة مايعرف بالهلال الشيعي, الذي طالما كانت أميركا تخاف من تحوله الى بدر مكتمل في يوم من الايام.
ايران, التي أستطاعت من خلال نظامها الاسلامي الناجح, ان تستقطب أصحاب الايديولوجيات الثورية, والمؤمنين بأن أميركا وأسرائيل هي سبب كل المشاكل في المنطقة, لقيادة النضال ضدها بعد إن أصبحت تتحكم بمستقبل شعوب المنطقة.
مثلما أنتجت أميركا القاعدة, عام 1979 بعد أحتلال أفغانستان من قبل روسيا, وأستخدمتها ضدها, قامت بطلق أيادي الحركات المتطرفة في المنطقة الى أن أستطاعت هذه الحركات أن تتحد وتنتج مايعرف بـ”داعش”, من أجل تحقيق بعض الاهداف غير المعلنة.
فتح الحدود من قبل تركيا وغيرها من دول الجوار الاقليمي, كان هدفه هو أفراغ امريكا ودول اوروبا من المتطرفين والمتشددين, الذين أستثمروا أجواء الحرية والديمقراطية في تلك الدول, وأستخدامهم لاسقاط الدول الاشتراكية المتبقة في المنطقة.
ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد, كان هو الاستراتيجية التي أتبعت وتتبع بالمنطقة, أستنزاف موارد أيران, وأسقاط الانظمة الاشتراكية, لم يكتب لها النجاح, الا عبر ورقة المذهبية والطائفية المقيته, التي كانت تنتظر كالبركان الهائج.
هذه الاهداف وحدت كل من اميركا, والمتشددين, والمتخوفين من أمتداد التشيع, الذي تمثلة أيران في المنطقة, لذلك عملت على أستنزاف, ايران أقتصادياً, لانها كانت تعلم بأنها سوف تكون الجهة الوحيدة التي سوف تقدم يد العون لسوريا والعراق في حربهما ضد هذه العصابات.
هذه الاطراف لم تكن تعلم بأنها سوف تواجه قائداً جديد, أستطاع أن يوحد كل الذين أختلفوا سياسياً تحت لواء الحشد الشعبي, وهو من غير ميزان القوى على أرض الواقع, ونتفق مع قول الممثل الاسكتلندي أمنيم الذي يقول فيه ؛
“الحقيقة بأن لا احد يمكنه التنبؤ بالغد , فالوقائع مجنونة ولا شيء فيها مضمون”.