تعليق المتحدث بإسم وزارة الخارجية الايرانية بعد طول صمت وتجاهل على محاکمة المسٶول الايراني السابق حميد نوري بتهمة دوره في مجزرة عام 1988، وکذلك إعتراف رئيس مصلحة السجون الايرانية بصحة التسريبات للمشاهد المروعة للإنتهاکات الجارية في السجون الايرانية بحق السجناء الايرانيين، يعتبر بمثابة إنتکاستين کبيرتين لحکومة ابراهيم رئيسي وهي في أيامها الاولى خصوصا وإن لرئيسي نفسه سجل لايشرف أبدا في مجال حقوق الانسان والتعامل مع السجناء السياسيين، ولاسيما وإن أحدا ليس بوسعه أن ينسى کونه عضو في لجنة الموت التي قامت بتنفيذ عملية إبادة 30 ألف سجين سياسي في فترة قياسية.
هاتان القضيتان، أي محاکمة حميد نوري وتسريبات سجن ايفين، لايمکن إعتبارهما مجرد إنذارين عمليين للنظام الايراني ولرئيسي بشکل خاص، بل إنه بمثابة إعلانين عمليين عن إن عهد رئيسي لن يکون بذلك العهد الذي سيعيد للنظام الايراني عافيته وإقتداره کما يعتقد خامنئي ويعقد على ذلك الامال، بل إنه سيکون النزع والرمق الاخير للنظام بعد أن صارت وطأة أزمته ثقيلة جدا بحيث لايوجد هناك مايدعو للإعتقاد بأن الکاهل الواهن للنظام المثقل أساسا بقادر على حملها وتحملها لفترة أخرى.
سعي خامنئي من خلال تنصيب رئيسي کرئيس للنظام بعد أن قام بهندسة الامور من أجل ذلك، بأن يعيد للنظام إعتباره وقوته السابقة، لکن يبدو واضحا بأن هاتان القضيتان ستسمحان للنظام بأن يلتقط أنفاسه ورئيسي في بداية عهده، خصوصا وإن محاکمة حميد نوري ليست کمحاکمة الدبلوماسي الارهابي أسدالله أسدي، بل إنها مختلفة تماما إذ لها آثار وتداعيات تسمح لها بالامتداد والاستمرار ولاسيما وإنها تميط اللثام عن واحد من أبشع جرائم الابادة التي قام بها هذا النظام وکان أحد المشرفين الاساسيين عليها ابراهيم رئيسي الذي أطلق الشعب الايراني بسبب دوره في هذه الجريمة لقب”قاضي الموت”، وإن رد وتعقيب المتحدث بإسم الخارجية الايرانية بشأن محاکمة حميد نوري وإعتراف رئيس مصلحة السجون بصحة التسريبات للمشاهد المروعة، يعني بأن النظام صار يعي جيدا بأنه أمام مفترق بالغ الحساسية والخطورة الى الحد الذي يمکن القول بأنه يختلف عن کل ماقد واجهه النظام، وقطعا فإن النظام الايراني يسعى الان من أجل تهيأة وإعداد سيناريوهات ما من أجل الالتفاف على هاتين القضيتين الفضائحيتين، لکن لايبدو أبدا أن المسألة ستکون بتلك السهولة التي قد يتصورها النظام بل وحتى يمکن القول بأنه ليس هناك ثمة خطأ يمکن للنظام أن يصلحه ويتخطاه بل إن هناك جريمتين على النظام أن يدفع ثمنهما!