17 نوفمبر، 2024 3:30 م
Search
Close this search box.

محاولة تشوية ثورة الرابع عشر من تموز .. لصالح من ؟!

محاولة تشوية ثورة الرابع عشر من تموز .. لصالح من ؟!

النقد البناء والموضوعي حالة طبيعية جداً لتقييم اي ثورة من اجل تصحيح الاخطاء وتجاوزها وليس هنالك من عمل خال من الاخطاء بمافيها الثورات .. غير ان هذا النقد يتحول الى اساءة وهدم عندما يتجاوز الظروف والحقائق ويتعمد التشويه بالاستناد الى اقوال وشهود متضررين من الثورة بهذا الشكل او ذاك .. وفي هذا الاطار تأتي محاولات البعض لتشويه صورة ثورة الرابع عشر من تموز 1958 التي نعترف انها لم تخل من اخطاء بل خطايا كبيرة وفي مقدمتها قتل افراد العائلة المالكة ورجال العهد الملكي بطريقة وحشية وغيرانسانية لايمكن لاحد تجاهلها ، ناهيك عن ما صاحب سنوات الثورة من صراعات سياسية وصلت حد التصفيات الدموية بين اطراف القوى الوطنية والقومية التي انعكست سلبا على العراق بشكل خاص والمنطقة بشكل عام واضاعت فرصا كثيرة للنهوض والتقدم .
ان هذه الاخطاء مهما كان حجمها وطبيعتها لا تعطي المبرر للبعض لاطلاق احكام غير منصفة تصل الى حد اتهام قادتها بالعمالة استنادا لروايات اشخاص تربطهم صلة قرابة بشخصيات من النظام الملكي وهي روايات خالية من الوثائق والا دلة وهذا ما يفقدها قيمتها التاريخية ! شخصيا لست من الموالين للمرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم ، لكن هذا لا يعني تجاوز دوره في الثورة واتهامه بالعمالة لبريطانيا ولقائه بمسؤولين انكليز قبل الثورة وهذا ما نشره قبل ايام احد الاشخاص متجاهلا انه بهذا يسيء الى نضال شعب وتاريخه الزاخر بصور من المواقف الوطنية كما انه يسيء الى تضحيات شخصيات وطنية وقومية اسهمت بالثورة والتمهيد لقيامها من خلال دورها في تنظيم الضباط الاحرار .
لسنا هنا في معرض التذكير بمنجزات الثورة الكبيرة التي لم تسلم ايضا من حملات التشويه المغرضة والمشبوهة حيث يمكن الاطلاع عليها من خلال الانترنيت ، غير اني احاول ان انصف شعبنا بالتنبيه من هذه الاصوات النشاز التي تطلع علينا بين فترة واخرى متباكية على العهد الملكي وما كان فيه من حريات وما حققه للشعب من منجزات وكأن التظاهرات الشعبية والانتفاضات التي قامت قبل قيام الثورة وارواح الشهداء ، كانت بلا اسباب !!
لقد تعلمنا من تجاربنا الايجابية والسلبية ان نحترم الراي الاخر ونتوقف لمراجعة ممارسات ايدلوجيات وافكار تعايشنا معها وامنا ببعضها مثلما اختلفنا مع بعضها لكي نتعرف على الاخطاء ، من دون تجاهل الايجابيات وهي كثيرة بما فيها ايجابيات العهد الملكي وعلى ان لانغفل ان قيام ثورة الرابع عشر من تموز كان ضرورة تاريخية لانصاف الشعب وتحقيق تطلعاته في الحرية والتقدم . وسواء اختلفنا ام اتفقنا في ان ما حدث في الرابع عشر من تموز ثورة ام انقلاب ، فان الموضوعية تقتضي ان ننبه الى ان تشويه الثورة وقادتها الى حد اتهامهم بالعمالة يهدف الى تيئيس الجماهيروبلبلة افكارها واثباط عزيمتها والغاء تاريخها النضالي وتضحياتها .
واليوم ونحن نعيش في العراق اوضاعا صعبة ومعقدة بسبب الاحتلال وما افرزه من مفاهيم تخريبية ابرزها تغييب القيم الوطنية وانتشار الفساد ، ما احوجنا للعودة الى مباديء ثورة الرابع عشر من تموز الوطنية الخالدة من اجل رسم ملامح طريق واضحة لانقاذ العراق من تسلط الفاسدين وهذا لايتحقق من دون مراجعة صادقة وشجاعة وشاملة لممارسات الاحزاب الوطنية والقومية وتجاوز عقد الماضي المليء بتخوين كل طرف للاخر للوصول الى جبهة وطنية يتوحد الشعب فيها لتحقيق اهدافه وتطلعاته في حياة كريمة وامنة .
تحية لثورة الرابع عشر من تموز وقادتها وتحية لشعبنا وخاصة الشباب المنتفضين منذ تشرين اول 2019 وهم يواصلون رفع شعار التغيير الجذري برغم ما يواجهونه من قمع وتصفيات .. والمجد والخلود للشهداء .

أحدث المقالات