23 ديسمبر، 2024 7:00 ص

محاولات إيران للتدخل في انتخابات العراق

محاولات إيران للتدخل في انتخابات العراق

ستخوض 87 مكوناً سياسياً مختلفاً منافسات انتخابية في العراق يوم السبت 12 مايو في بلد يسعى من أجل اعتماد الديمقراطية. وهي الانتخابات البرلمانية الرابعة في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأول اختبار وطني بعد هزيمة داعش في ديسمبر 2017. وتقرّر الانتخابات 329 عضوا في مجلس النواب الذي سيقوم بدوره بانتخاب الرئيس العراقي ورئيس الوزراء.

القوائم الانتخابية تشمل الائتلافات الشيعية والسنية والكردية. رئيس الوزراء سيكون من التحالفات الشيعية و يتم انتخاب المرشحين للعمل لمدة أربع سنوات.

رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، هو المتقدم حسب استطلاع للرأي بسبب ما في جعبته من ملف هزيمة داعش، رغم أن معظم الخبراء يعتقدون أنه سيجد صعوبة في تشكيل ائتلاف بعد الانتخابات. وفي وقت سابق من هذا العام، أثار العبادي مشاعر الغضب، عندما حاول إنشاء تحالف مع قوات الحشد الشعبي، التي تضم بعض المليشيات الطائفية المدعومة من إيران مثل عصائب أهل الحق، التي شنت حملة إبادة جماعية ضد سكان العراق السنة تحت ستار محاربة داعش.

حتى رجل الدين مقتدى الصدر انسحب من التحالف مع قائمة النصر احتجاجا على ذلك. يسعى الصدر الآن إلى تبني برنامج أكثر اعتدالا لمكافحة الفساد، وهو ينأى بنفسه عن التدخل الإيراني المكثف في العراق، ويقيم تحالفا مع الحزب الشيوعي العراقي الذي يطلق عليه اسم “سائرون”. هناك أيضا شائعات تشير إلى أن الصدر قد يشكل تحالفا مع قائمة العبادي بعد الانتخابات. في هذه الأثناء، أبدى العبادي معاداته لرئيس الوزراء الشيعي السابق نوري المالكي، دمية موالية لإيران حيث ألقي اللوم عليه بشكل كبير بسبب انهيار الجيش العراقي في عهده مقابل استيلاء داعش على مساحات شاسعة من العراق. لقد أمضى المالكي الفاسد في منصبه في سلب الشعب العراقي لولايتين ونفذ تعليمات طهران لشن حرب على المكون السني في العراق. وهو الآن يستخدم ثروته من الأموال المنهوبة لتمويل الميليشيات لتخويف أعدائه السياسيين. وينتمي كل من المالكي والعبادي إلى حزب الدعوة الشيعي، لكن هذه المرة أعلن المالكي عن ترشحه منفصلا ولم يقبل أن يؤيّد العبادي. وقال إن مؤيدي حزب الدعوة سيكونون أحراراً في الاختيار بين ائتلاف دولة القانون وائتلاف النصر للعبادي.

وأما المكون السني فهو غير موحد، وقدم عدة قوائم من بينها واحدة بقيادة اسامة النجيفي، أحد نواب الرئيس الثلاثة في العراق وآخر من التحالف الوطني بقيادة نائب رئيس الجمهورية أياد علاوي، وهو شيعي علماني، موجود في تحالف مع نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك ورئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري.

بعد المحاولة الفاشلة لاستقلال اقليم كردستان من خلال استفتاء في سبتمبر 2017 ، أصبح الأكراد أكثر انقسامًا ومن غير المرجح أن يكون لهم تأثير على تشكيل الحكومة الجديدة.
في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 والإطاحة بصدام حسين، سنّ الحاكم الأمريكي غير المؤهل بشكل فاضح -بول بريمر -نظامًا يؤكد أن الأكراد يحصلون دائمًا على منصب الرئيس، بينما يحصل الشيعة على منصب رئيس الوزراء والسنة يتم منحه منصب رئيس البرلمان. وكان اعتقاد بريمر خطأ بأن هذا النظام سوف يمنع الاقتتال الطائفي. في الواقع، كان له الأثر العكسي تقريبا، حيث استغل الملالي الإيرانيون الاضطرابات السياسية المستمرة لفرض سيطرة خانقة على العراق. إن اختيار الزعماء السياسيين على أساس طائفتهم أو عرقهم بدلاً من أن يكون على أساس أهليتهم، كان له عواقب وخيمة على العراق، حيث جعل الفساد السياسي وعدم الكفاءة السياسية، الاقتصاد العراقي والبنية التحتية متهالكين.

يقول العبادي الآن إن بلاده تحتاج إلى أكثر من 100 مليار دولار لإعادة بناء المدن الرئيسية الرمادي والفلوجة والموصل، والتي دمرتها الحرب ضد داعش. وهو مدّ يده للتسول نحو المجتمع الدولي وقد حصل على تعهدات كبيرة من المساعدات من الجميع تقريبا باستثناء جارته القريبة إيران، التي كانت ميليشياتها مسؤولة إلى حد كبير عن الكثير من الدمار العراقي.

وعد العبادي وغيره من المتنافسين الرئيسيين على الانتخابات في 12 مايو بالقيام بإعادة بناء العراق. لكن الشعب العراقي سمع هذه التعهدات من قبل. لقد انتظروا عبثا لمدة 15 عاما لاستعادة خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي الأساسية. فيما العراق يمتلك خامس أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم وتغطى أرضه بمحيط شاسع من الغاز. وهو واحد من أكثر دول الشرق الأوسط خصوبة، ولديه الكثير من المياه، مع نهرين كبيرين في الشرق الأوسط، دجلة والفرات ، تتدفق مياههما عبر أراضيه.

لكن الفساد المستشري وسوء الحكم وضعف الأمن قد أدى إلى انهيار البنية التحتية للبلاد. المدن الكبرى مثل بغداد غالباً ما يكون لديها أقل من ساعتين من الكهرباء يومياً. العراقيون غاضبون بسبب انقطاع التيار الكهربائي المستمر وشح المياه. إنهم يشاهدون في فزع لأن نفس الوجوه القديمة تأخذ السلطة مراراً وتكراراً ولا تفعل شيئاً سوى ملء جيوبها الخاصة. إن 20٪ فقط من المرشحين المسجلين في الانتخابات العامة يوم السبت هم من القادمين الجدد، لذا لا يبدو الأمر كما لو أن بؤس العراق سينتهي في وقت قريب. حتى آية الله العظمى السيد السيستاني ندّد بالتجارب الانتخابية السابقة باعتبارها إخفاقات، ووجه انتقادات للذين تم انتخابهم أو تعيينهم في مناصب عليا في الحكومة، والذين، كما يقول، أساءوا استخدام سلطتهم وشاركوا في نشر الفساد وإهدار المال العام. إنه رفض تأييد أي مرشح.
لقد أصبح مفهوم الحرية للعراقيين العاديين نادرًا تمامًا مثل مفهوم السلام. لقد أضنى الفساد العراق في حال سيئة، ولن يكون أمامه سوى عصيان كبير ضد الطبقات السياسية الإجرامية لإعادة استقرار النظام.

كما كان للتدخل الأجنبي دور مدمر في البلاد. منذ عام 2003 ، استطاعت إيران أن تمارس نفوذاً مهماً في العراق وتقوم الآن بضخ الأموال في الانتخابات العراقية لمساعدة مرشحيها المفضلين مثل هادي العامري، زعيم منظمة بدر من قائمة فتح بالتحالف مع الحشد الشعبي، الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران ونوري المالكي.

إن قدرة إيران على التأثير في نتائج الانتخابات العراقية كجزء من استراتيجيتها الأوسع لزعزعة استقرار الشرق الأوسط يجب أن تكون مصدر قلق بالغ للغرب. إن الهيمنة الإيرانية في سوريا ولبنان واليمن والعراق تشكل تهديداً ليس فقط للسلام في الشرق الأوسط، بل أيضاً للسلام العالمي. إن التدخل الإيراني، ولا سيما من قبل الحرس الثوري الإيراني الإرهابي، في كل جوانب الهياكل السياسية والاقتصادية والأمنية في العراق تقريباً، والتي ساعدتها وحرضتها سنوات من السياسات الأمريكية الخاطئة، سيجعل من المستحيل تقريباً إجراء انتخابات حرّة ونزيهة. السبيل الوحيد لضمان إجراء انتخابات عراقية حرّة ونزيهة وديمقراطية هو طرد الإيرانيين من العراق وإنهاء سيطرتهم القاتلة. إن اعتراف الإدارة الأمريكية الجديدة بإيران على أنها الأب الروحي للإرهاب الدولي والراعية الرئيسية للنزاعات في الشرق الأوسط هو على الأقل بداية واعدة.

إسترون إستيفنسون

رئيس الجمعية الأوروبية لحرية العراق

إسترون إستيفنسون كان عضو البرلمان الأوروبي من 1999 حتى 2014 عن اسكوتلندا. كما كان من عام 2009 حتى عام 2014 رئيس لجنة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوروبي وكان رئيس المجموعة البرلمانية لأصدقاء إيران الحرة في البرلمان الأوروبي من 2004 إلى 2014. انه محاضر دولي في شؤون الشرق الأوسط وكذلك منسق الحملة للتغيير في إيران.