يقدم كتاب الذكاء الاصطناعي لمؤلفه مارجريت ايه بودين ،والذي حرره وأعده الكاتب رأفت علام، مختلف الأجهزة الافتراضية الرئيسية المستخدمة في مجال الذكاء الاصطناعي وتشمل الخوادم الافتراضية التي يمكن بناؤها وتحديثها بسهولة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل تدريب النماذج العميقة، كما تشتمل على أجهزة الكمبيوتر الافتراضية التي تستخدم في تطوير واختبار خوارزميات ونماذج الذكاء الاصطناعي قبل التنفيذ على أجهزة حقيقية. كما تستخدم الشبكات الافتراضية لبناء بيئات اختبار معزولة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى الخوادم الافتراضية المخصصة لمهام محددة مثل تدريب شبكات الإنترنت الأشياء.
بدأ علم الذكاء الاصطناعي في الخمسينيات عندما وضع جون مكارثي مصطلحه وظهرت أولى الخوارزميات المحاكية للتفكير الإنساني. وفي الستينيات تطورت أساليب المنطق الرياضي وتمثيل المعرفة، تلت ذلك فترة انخفاض بسبب عدم تحقق التوقعات غير الواقعية، ثم عودة للنمو منذ الثمانينيات بفضل ظهور تقنيات جديدة كشبكات الآلات والتعلم العميق. وفي العصر الحديث شهد تطور مفاهيم كالتعلم العميق والتعلم الآلي والحوسبة النانوية مما أكسب علم الذكاء الاصطناعي مزيداً من النضوج والانتشار.
التنبؤات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي تشير إلى أنه من المتوقع تحقيق الذكاء الاصطناعي العام في السنوات القليلة المقبلة ما سيغير العديد من القطاعات. كما أن قدرات الذكاء الاصطناعي ستزداد وتتنوع مجالات تطبيقه بتقدم تقنيات التعلم الآلي، وسيساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في الاقتصاد من خلال زيادة الناتج المحلي وخلق فرص عمل جديدة ورفع الإنتاجية. كما سيسهم في معالجة التحديات البيئية إلا أنه قد يؤدي إلى زيادة الفجوة الرقمية وفقدان وظائف. وبشكل عام، من المتوقع أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير عميق على مستقبل البشرية.
انقسم مجال الذكاء الاصطناعي بشكل رئيسي إلى ذكاء اصطناعي ضعيف وقوي،حيث يركز الضعيف على مهمة محددة بينما يسعى القوي لتحقيق قدرات عامة مشابهة للإنسان. كما انقسم إلى ذكاء تقليدي يعتمد على قواعد البيانات، وذكاء حديث يستخدم تقنيات التعلم الآلي. وانقسم أيضًا إلى ذكاء هندسي يركز على حل المشكلات وذكاء نفسي يحاكي طرق التفكير البشري. كما تنقسم تطبيقاته حسب المجالات مثل الألعاب والروبوتات وقيادة المركبات الذكية.
يمكن النظر إلى الذكاء الاصطناعي العام باعتباره التحدي الرئيسي و”الهدف الأقدس” في مجال الذكاء الاصطناعي. حيث يسعى الباحثون إلى تطوير أنظمة قادرة على أداء أي مهمة بنفس كفاءة البشر وتتمتع بالعمومية والمرونة لتتفاعل وتتعلم مثلما يفعل البشر. ورغم أن تحقيق الذكاء الاصطناعي العام لا يزال مجرد هدف بحثي لم يتحقق بعد، إلا أنه يمثل التحدي الأسمى الذي يسعى مجال الذكاء الاصطناعي للوصول إليه والذي يمكن وصفه بأنه “الهدف الأقدس“.
تتنوع أنواع البحث والتخطيط في مجال الذكاء الاصطناعي بين البحث الاستدلالي الذي يشمل حل المسائل واتخاذ القرارات والتفسير، والتخطيط الذي يتضمن وضع خطط لتحقيق أهداف بأقصر طريقة، كما يشتمل على التعلم الآلي الذي يتيح للأنظمة تعلم الحقائق من البيانات دون برمجة مسبقة. ويتم التركيز على اتخاذ القرارات من خلال اختيار أفضل خيار من عدة بدائل للتصرف بشكل مناسب. إذن، هذه الأنواع تساهم في تحسين قدرات الذكاء الاصطناعي على حل المشكلات واتخاذ القرارات.
ويستخدم الذكاء الاصطناعي عدة أساليب لتبسيط المفاهيم الرياضية وتمثيل المعرفة بشكل يمكن معالجته آلياً، منها الشبكات العصبونية التي تمثل المعرفة على هيئة وزنات ارتباطية، والمنطق الرياضي لتمثيل المعتقدات والاحتمالات، كما تستخدم قواعد البيانات لتخزين المعرفة على شكل علاقات بين كيانات، فضلاً عن استخدام الاحتمالات الحسابية لتمثيل العلاقات السببية. وتلعب الشبكات العصبية العميقة دوراً مهماً في استخلاص ميزات البيانات وتمثيلها.
إن البرامج القائمة على القواعد هي أحد أنظمة الذكاء الاصطناعي التقليدية التي تمثل المعرفة على هيئة قواعد، وتستخدم محرك استدلال للربط بين القواعد واستنتاج الإجابات مع تقديم تبريرات منطقية لها. كما أن قاعدة البيانات سهلة الفهم والتعديل بواسطة المبرمجين، بينما تقتصر الإجابات على محتوى القاعدة. وقد استخدمت هذه البرامج تقليدياً في أنظمة دعم القرارات، كونها ملائمة للاستدلال المنطقي.
لعب كل من المنطق وشبكة الويب الدلالية دوراً أساسياً في تطور الذكاء الاصطناعي، حيث ساهم المنطق في توفير الأسس الرياضية الرسمية لتمثيل المعرفة وعمليات الاستدلال، كما استخدم في البرامج القائمة على القواعد، بينما أسهمت شبكة الويب الدلالية في تخزين وتنظيم المعلومات على نطاق واسع من خلال توزيعها عبر الإنترنت بتركيبة رسمية قابلة للمعالجة الحاسوبية، مما ساهم في تطور قدرات الذكاء الاصطناعي.
وتتمثل مشكلة الإطار في مجال الذكاء الاصطناعي في صعوبة تحديد المعلومات ذات الصلة من بيئة متغيرة باستمرار، وقد عملت نظرية العوامل والإدراك الموزع في حل هذه المشكلة من خلال تقسيم المهام إلى وحدات مستقلة تعمل بتوزيع المعرفة والمسؤوليات بينها. فنظرية العوامل تقوم على توزيع المهام على عوامل متعاونة، بينما ينظر الإدراك الموزع إلى الذكاء على أنه نشاط موزع بين الأفراد والوحدات، مما ساعد في التغلب على مشكلة إدراك كامل البيانات لدى وحدة واحدة.
تسعى الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي إلى تطوير أنظمة قادرة على حل المشكلات بطرق عامة ومرنة، وذلك من خلال الأنشطة العامة التي تصمم أنظمة قادرة على حل أي مشكلة باستخدام استراتيجيات مثل التخطيط والاستدلال، كما يستخدم استرجاع الحلول عبر الاعتماد على تخزين حلول سابقة والبحث عن أقرب حل لمشكلة جديدة، فضلا عن إعادة حياة الخبرات لتحسين قدرة النظام على التعلم والتعميم.
تتكامل مجالات الروبوتات والحياة الاصطناعية في بناء أنظمة ذكية قادرة على التصرف بشكل ذكي والتعلم من الخبرات، حيث تستخدم الروبوتات تقنيات الذكاء الاصطناعي لتنفيذ المهام الفيزيائية والخطرة، فيما تهدف الحياة الاصطناعية إلى تصميم برامج قادرة على التعلم والتكيف مشابهة للكائنات الحية. وبالتالي تسهم الحياة الاصطناعية في تطوير قدرات الروبوتات على التعلم التلقائي والتعاون، مما يجعلهما متكاملين في خلق أنظمة ذكية قادرة على التعامل مع مختلف المهام والبيئات.
يقيس اختبار “تورينج” مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على تقليد السلوك الإنساني، حيث يتم وضع النظام الذكي وشخص في غرفتين منفصلتين، ثم طرح أسئلة عليهما، فإذا تمكن السائل من التفريق بينهما بنسبة خطأ أقل من 30%، يكون النظام قد نجح في تقليد السلوك البشري وإقناع السائل بأنه إنسان. وبالرغم من بساطته إلا أن اختبار تورينج لا يزال مرجعيا في قياس مدى تقدم الذكاء الاصطناعي نحو المستوى البشري.
تهدف العديد من الإجراءات الوقائية إلى معالجة مخاوف انحراف تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن تلخيص أهم تلك الإجراءات في تطوير أنظمة ذكية قابلة للشرح وفق سياسات واضحة، بالاستعانة بخبراء الأخلاقيات في مراحل التصميم، إضافة إلى تقييد استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الحساسة إلا بإشراف بشري، كما تهدف إجراءات التقييم الأخلاقي والتشريعات إلى حماية الخصوصية ومنع انحرافات هذه التقنيات، وتساعد هذه الإجراءات الوقائية على تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول .