23 ديسمبر، 2024 8:20 ص

محاربة الفساد بين الدعاية الانتخابية المبكرة في العراق وبين الواقع المطلوب ؟

محاربة الفساد بين الدعاية الانتخابية المبكرة في العراق وبين الواقع المطلوب ؟

بات موضوع محاربة الفساد احد اهم الملفات الدعائية المهمة والمصيرية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في العراق والتي تحدد بالطبع مسار الوضع السياسي في هذا البلد .
كما ان الساحة السياسية باتت مفتوحة اكثر من اي وقت على العديد من المتغييرات والاستحاقات في ظل ماطرأ على الساحة العراقية برمتها , سيما وان هناك محاولات لتحقيق ائتلافات بين اطراف وتيارات سياسية كما هو الحال بين جماعة رئيس الحكومة حيدر العبادي والتيار الصدري فيما تسعى تيارات اخرى للتفاهم على التنسيق السياسي والاستراتيجي من اجل كسب المصداقية على صعيد الساحة السياسية في العراق .
اما الساحة الكردية فهي الاخرى تعاني هذه المرة من صراعات داخلية اضافة الى كون التيارات السياسية العربية والتركمانية باتت تناى بنفسها عن التحالفات والتنسيق مع الحركات الكردية بعد ما حصل من عملية استفتاء سلبية كلفت الجانب الكردي العراقي الكثير من الخسائر وجلبت له الكثير من الويلات والازمات .
وازاء الاستعدادات الجارية لخوض هذه التجربة الانتخابية نحاول تسليط الضوء على مناخاتها واولوياتها وتداعياتها واستحقاقاتها .
بالطبع اول من اعلن انطلاق الحرب على الفساد رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي الذي يسعى ويحاول تكريس نجاحاته الاخيرة وانتصارات قواته ضد جماعة داعش الارهابي وضد الانفصاليين في كردستان العراق من اجل اعادة انتخابه على راس الحكومة المقبلة لاستكمال اصلاحاته وانجازاته خاصة وان ماحققه من مكاسب سياسية واستراتيجية باتت عاملا مهما لدعم توجهاته على المستوى الشعبي ولتاصيل طروحاته الرامية الى مزيد من الانسجام الداخلي والشفافية في معالجة الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العراق .
وبما ان الشعب يتطلع وبكل فئاته وشرائحه الى تحقيق هذا الهدف سيما وان العراق يخسر مليارات الدولارات نتيجة الفساد المستشري في دوائر الدولة وفي دهاليز الوضع الاداري والمالي في البلد نتيجة انشغال الحكومة بمواجهة الارهاب والتصدي له .
كما ان الفساد هو امتداد لمخلفات نظام صدام البائد الذي ازدهر في زمنه لاسباب معروفة اضافة الى الاحتلال الامريكي ومازرعه واوجده من قوانيين وقرارات انتجت هذه الوقائع وهذه المحصلة , ووضعت العراق امام خيارات صعبة وقاسية .
بيد ان تنفس العراق وتحرره من اهم المشاكل الاساسية كالارهاب والانفصاليين الاكراد منحت الوضع العراقي الجديد الفرصة للتعاطي مع هذه الملفات الصعبة والخطرة في ان واحد .
وقد راينا كيف ان حزب الدعوة الاسلامية بادر الى فصل بعض الاشخاص المتهمين بالفساد في محاولة للتماهي مع الوضع الجديد اولا ومع التطلعات الشعبية ثانيا كما ان الاحزاب والحركات الاخرى بدات تطالب بصوت مرتفع القضاء على المفسدين خاصة حركة التغيير الكردية كوران التي طالبت بفتح تحقيق بخصوص الفساد والمفسدين سيما مع حكومة اقليم كردستان وزعاماتها.
ومع دخول الوضع العراقي مرحلته الجديدة وجدنا كيف انتعشت الساحة السياسية وبدات تطرق على العديد من الملفات , ويبدو ان الاحزاب العراقية اكتسبت خبرة في الدعاية الاعلامية وفي التفاهم مع قطاعات الشعب ولكن التحولات الاخيرة اثر اندحار تنظيم داعش الارهابي وتحرير الغلبية العظمى من الاراضي العراقية اضاف اعباء ومسؤوليات جديدة على الطبقة السياسية التي تحاول استرضاء المواطنيين وكسب اصواتهم. وبناء على المعطيات والاستحقاقات السياسية لمرحلة مابعد داعش بات الرهان يتركز على التطور الاقتصادي واعادة اعمار البلاد وهي مسائل مهمة ترتبط بموجبات اهمها القضاء على الفساد لاطلاق عملية الازدهار والتطور الاقتصادي وهذا مافهمه السياسيون حيث بات واضحا ان الخطاب الذي سيطرح بقوة من الجميع هو القضاء على الفساد والمفسدين في مختلف مناطق العراق وبالخصوص بين الطبقة السياسية التي يرى المواطنون انهم المسؤولون عن هذا الوضع وانهم المتهمون والسؤال المطروح كيف سيقنع السياسيون المواطنيين بصوابية موقفهم وانهم مع عملية اجتثاث الفساد ؟وهل سيقوم العبادي بمفردات وعلاجات واقيعة تقنع المواطنين بجدية الحكومة على التوجه بهذا الاتجاه وهل تستطيع الائتلافات ان تعالج الوضع السياسي وان تحقق تطلعات الشعب ام ان هذه الائتلافات تفرضها عملية السباق الانتخابي ؟ ماذا ستضيف عملية الانتخابات ونتائجها للوضع العراقي طالما ان نفس الوجوه الراهنة ستتكرر في المشهد السياسي ؟ وهل وصل المواطن العراقي لمرحلة الوعي والتمييز بين ماهو مفيد وبين ماهو غير مفيد ؟
تساؤلات كثيرة تدور حول مرحلة مابعد داعش وماذا ينتظر العراق وماهي الاستحقاقات القادمة للعملية السياسية وللتجاذابات التي جرت في شمال العراق .