مسألة بناء البلد هي من مسؤولية الحاكم ، ومن يتولى أمور الحكم من دونه ، في عملية إدارة شؤون البلد وكيفية تقديم أفضل الخدمات ، من خلال المراقبة المباشرة ، وملاحقة المفسدين في اي مكان ، وهذا ما وضعه لنا الإمام علي عليه السلام ، أثناء توليه الحكم ووضع للامة جملة من المهمات تشمل الحفاظ على الوحدة الاسلامية ، والانسانية حيث قال الامام علي عليه السلام ، من واجبات الحاكم ان ” يجمع امرهم ، والقيام بالمهمات العسكرية والامنية، اذ قال (ع) : ” يقاتل به العدو وتأمن به السبل ويؤخذ للضعيف من القوي ويفسر(ع) بأنه سبب عدم استجابته لدعوات الخروج في المعارك الصغيرة ضد جيش الشام بعد التحكيم : ” لا ينبغي لي ان ادع الجند والمصر وبيت المال وجباية الارض والقضاء بين المسلمين والنظر في حقوق المطالبين ثم اخرج في كتيبة اتبع اخرى ، ويحدد الامام للاشتر واجباته حين ولاه مصر قائلاً ان عليه : ” جباية خراجها وجهاد عدوها ، وان على الحاكم ان “يحفظ اطرافهم” كما اهتم الامام كذلك بواجب تعميق الحرية الانسانية والسياسية
ومن اهم واجبات الحاكم السياسية هو تعيين الامناء والاكفاء في مراكز الدولة ، المهمة، لاسيما ذات التأثير في سير الاحداث والمجتمع . وإلى
تعيين من يملكون هذه الصفات ، وفي مرحلة لاحقة ، تأتي عملية المراقبة والمحاسبة ليؤدوا ما عليهم من واجبات دون تلكؤ أو تقصير وقصور . إذ قال الامام : ” ثم تفقد اعمالهم [ أي الولاة ] وابعث العيون من اهل الصدق والوفاء عليهم فان تعاهدك في السر لامورهم حدوة لهم على استعمال الامانة والرفق بالرعية ” ونرى هذا المبدأ متجلياً يشكلٍ ملفت النظر في الممارسة العملية عند الامام اثناء فترة حكمه حيث نبه وحاسب وراقب ولاته على مسائل الثروات الخاصة والسلوك الشخصي والاجتماعي والاداء السياسي لهم ، ناهيك عن مسؤولية القضاء الذي اولاه الامام اهتماماً خاصا .فمسالة بناء البلد هي مسؤولية الحاكم بل مسؤولية الجميع كلا من موقعه أن يسعى لمحاربة الفساد والمفسدين من خلال المحاسبة المباشرة ، وغير المباشرة ، وما نشاهده من دعوات في مجلس النواب ، ماهو إلا مسألة إعلامية أو عملية مزايدة حزبية أو انتخابية ، وهذا لايحقق نجاح لبناء دولة ، وما هي الاعملية تسيس وتغطية عن الفساد الذي تفشى في جذور بعض الجهات العليا ، والطعن ببعض من يخدم بإخلاص ويعطي المشاريع والإنجازات بصورة صحيحة ، لكن للأسف نشاهد المعرضين الذين يتشبثون بالماء العكر ، يريدون عرقلة هذا العمل بدون دليل يذكر ومجرد ادعاء لاحقيقة له ، وإن الفساد في اي بلد هو نتيجة وليس سببا ، ولم يأتي مصادفة أو من دون جهد حثيث ، وجهاد كبير من أجل البقاء في السلطه ، ( وشحده الياخذه ) ، وتناسى المأسات التي تجري في بلده وشعبه ، من مشاعر الألم والاسى والغضب ، ونسى محاسبة الباري عز وجل له جراء تسلطه على عرشه ، وهذا يذكرني في قصة بهلول العابد مع هارون الجائر ((قصة طريفة لطيفة فيها حكمة :
كان الملوك يحضرون مجلسهم العام بعد حضور الناس ، لكي يقوم الناس بجماعتهم لتعظيمهم ولا يقومون لأحد ، وفي يوم كان مع الداخلين بهلول العاقل ، وكان ملك زمانه وخليفة الظاهري هارون الرشيد .
ولما دخل هارون وقبل جلوسه على كرسييه قام بهلول وجلس على كرس الملك قبله وبقي هارون واقف ، فأخذ الحرس بهلول و بدءوا يجلدونه ويضربوه ويركلوه أمام الملك والناس .
فأخذ بهلول بالبكاء بالعويل والصياح العالي والصراخ ، وبعد فترة من الضرب والجلد والركل ، أمر هارون الرشيد بالكف عنه .
وقال له هارون: هل أوجعك الضرب والجلد ؟
قال بهلول : لا !!.
فقال له هارون : إذن لماذا هذا البكاء والعويل والصياح والصراخ إذا لم يوجعك الضرب؟
قال بهلول : بكيت عليك و أعولت على حالك ولم أبكي على نفسي !!
فقال هارون : وكيف والضرب والجلد وقع عليك والبكاء والصراخ صدر منك ؟!!
فقال بهلول : أنا جلست على هذا الكرسي أقل من دقيقة أنالني من الضرب من الجند والحرس ما قد رأيت لولا أن تأمرهم بالكف عني لما كفوا ، وأنت جالس على هذا الكرسي سنين فكم ستحصل عليه من الضرب والجلد من جند الله وملائكته وحرس جهنم ولا يكف عنك ، فلذا شغلني حالك عن حالي وبكيت عليك .
فيقال : استحسنه الحاضرون وأعتبر كلام بهلول حكمة علمية وعملية مع ما فيه من موقف طريف ونادر وعجيب ويدل على الذكاء والفطنة في الوعظ ، ولكن بتصرف يحسب أوله من الجنون والبساطة .))، حتى أصبح اليوم من هم يدعون الحكم والإخلاص باتهام البعض بالسرقة وعدم الشروع بالأعمار في بعض المحافظات ، وتناسوا المشاريع والإنجازات التي تحققت في تلك المحافظة ، لكن على قلوب اقفالها ، والسبب لأن بعض المحافظين ممن ينتسبون إلى حزبهم اخفقوا في عملهم وظهرت السلبيات عليهم ، أرادوا أن يكون لهم قرين بدون دليل يذكر أخذوا يتهمون هذا وذاك ، وتناسوا أن الله رقيب على كل شى .
لماذا لايحاسبون بعض أعضاء البرلمان وأعضاء مجالس المحافظات الذين ينتسبون للحزب ( س) عندما خرجوا الآن يكسون الشوارع ، وينصبون الملاعب ، وتصرف الأموال بدون تخطيط ، لماذا لايسالون أنا لك هذا ، و نشاهد عضو مجلس محافظة يقف ومعه الآليات بين ليلة وضحاها وهو يشرف على اكساء شارع ، أو وضع السبيس، ألم يسأل هذا أين كنت خلال أربعة سنوات ؟ ؟!! ألم يسأل من أين لك هذا ؟ ؟ وغيرها .
لذا نقول على الجهات الحكومية أن تعمل بشفافية صادقة لمحاربة الفساد وبالادلة المنطقية والقانونية ، لا بالادعاءات الكاذبه ، وتضرب الرؤوس الفاسدة التي يثبت فسادها والاتهامات والتشويه السمعه دون ادله إنما هو فساد آخر يختبئ خلفه الفاسدون ، وقال تعالى ((وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا))