يظهر بأن اللهفة التي کانت تبديها إدارة الرئيس بايدن من أجل التوصل بأسرع مايکون لإبرام الاتفاق النووي وبشکل خاص في الجولات الثمانية لمحادثات فيينا، لم تبق على سابق حالها بل وحتى إن هناك مايمکن وصفه بالفتور الذي يميل للبرود، في وقت إن طهران التي کانت تتشوق الى إنتخاب بايدن للرئاسة وکانت تنتظر أن تحقق معه في المحادثات النووية ماکانت قد حققته مع الرئيس الاسبق أوباما، وکأن إنها لاتزال تعتقد بأن بايدن الذي کان نائبا لأوباما، هو ذات بايدن السابق وتسعى من أجل ذلك للتمسك بمواقفها على أمل أن تجبره أخيرا للإستسلام لمطالبها کما کانت قد فعلت مع أوباما وحققت مآربها.
هذا التضارب في الموقفين الامريکي والايراني، وعدم ميل المراقبين والمحللين السياسيين على المراهنة کما خلال الفترات الاخيرة بقرب التوصل للإتفاق، وتزايد الضغوطات من داخل مجلسي النواب والشيوخ على إدارة بايدن ليس فيما يتعلق بشطب الحرس الثوري من قائمة الارهاب فقط بل وحتى من إبرام الاتفاق النووي ذاته مع النظام الايراني وتکرار الخطأ الذي حدث في عام 2015، بإبرام ذلك الاتفاق الذي کان في خطه العام لصالح طهران ومنحها الافضلية من العديد من الجوانب.
تشير المعلومات الواردة من مصادر مقربة من مفاوضات فيينا، الى إن إصرار الإيرانيين على مطلب شطب الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأميركية للتنظيمات الإرهابية أربك المحادثات فالوفد الأميركي المفاوض لا يمكن أن يعطي صكا على بياض لطهران كما أن ملف الحرس الثوري الإيراني له حساسية شديدة في الولايات المتحدة. خصوصا وإن الرفض في مجلسي النواب والشيوخ لمطلب إزالة الحرس الثوري يزداد قوة الى جانب إن وسائل الاعلام الامريکية ترکز عليه وتعتبر إن شطب الحرس الثوري يعني الموافقة على مطلب تعتبره المصادر السياسية والاستخبارية الدولية بمثابة خطر وتهديد للأمن والاستقرار في المنطقة والذي صار أفضل من السابق بکثير بعد تصفية قاسم سليماني وإدراج الحرس الثوري ضمن قائمة الارهاب.
محادثات فيينا وفي ضوء الوضع المعقد والصعب الذي إنتهت إليه وتمسك کل من واشنطن وطهران بموقفيهما في وقت يمکن القول بأن صلابة وتشدد الموقف الايراني إعتمد ويعتمد على الليونة والمرونة التي أبدتها واشنطن منذ إنطلاق محادثات فيينا، هذه الحالة التي يمکن وصفها بالجمود، من الممکن أن تنذر بنسف محادثات فيينا وجعلها في مهب الريح، وهو الامر الذي سيکون له إنعکاس سلبي الى أبعد حد على النظام الايراني وحتى من الممکن أن يٶدي الى حدوث إضطرابات، ذلك إن الشعب الايراني لم يعد بإمکانه المزيد من الصبر والتحمل، والسٶال هو؛ هل إن النظام الايراني سيستمر للنهاية على موقفه المتشدد أن سيفاجئ العالم برضوخه للأمر الواقع!