18 ديسمبر، 2024 5:03 م

محادثات النوايا غير السليمة

محادثات النوايا غير السليمة

ثمة ملاحظة مهمة لابد من الانتباه لها وأخذها بنظر الاعتبار والاهمية في المحادثات الجارية بشأن البرنامج النووي الايراني وهي إنه وبقدر مايصدر من تصريحات ومواقف رسمية متشائمة وسلبية من جانب البلدان الغربية عموما والولايات المتحدة الامريکية خصوصا بشأن هذه المحادثات، فإنه وفي مقابل ذلك نجد تصريحات مواقف متفائلة من جانب الايرانيين مع ملاحظة إن هذه التصريحات والمواقف قد تم إنتقائها بدقة وحذر بالغ بحيث يمکن للمتابع أن يستخلص إن هناك ثمة صراع خفي يجري خلف الستار بهذا الصدد، حيث يسعى کل طرف من طرفي المحادثات من السيطرة على زمام الامور وفرض آرائه ومواقفه على الطرف الآخر.
صحيح إن الغرب بصورة عامة والامريکيين بصورة عامة في عجلة من أمرهم من أجل حسم أمر المحادثات مع إيران، لکن ومع ذلك لايمکن أبدا مقارنـة مدى تلهف النظام الايراني على حسم المحادثات قياسا الى الجانب الآخر، ولاسيما وإن أزمة التضخم التي تعصف بالعالم من جراء الاوضاع العالمية السلبية وبشکل خاص الحرب الدائرة في أوکرانيا، وتٶثر سلبا على أقوى الاقتصاديات العالمية فکيف سيکون الحال مع الاقتصاد الايراني الذي هو أساسا ليس ضعيفا فقط بل وحتى يعاني من أزمات ومشاکل جمة وهو قاب قوسين أو أدنى من السقوط!
أهم مايعترض عملية المحادثات الجارية بين المجتمع الدولي وبين النظام الايراني يتعلق ويرتبط بالنوايا السليمة من الجانبين، لکن لايبدو إن النظام الايراني وعلى الرغم من التسهيلات والضمانات التي قدمها له المجتمع الدولي على إستعداد لکي يقدم تنازلات توازي تلك التسهيلات والضمانات، بل ويبدو واضحا بأن النظام الايراني يمارس طريقة واسلوبا يعتمد أکثر على اللف والدوران والمراوغـة من أجل إبتزاز الطرف الآخر وإنتزاع المزيد من المکاسب منه.
المفاوضات الماراثونية الثقيلة والمملة مع النظام الايراني وبشکل خاص بعد تجربة الاتفاق النووي للعام 2015، أجبرت المفاوضين الدوليين أن يفکروا طويلا قبل إتخاذ أي قرار خصوصا وإنهم صاروا يعلمون ويدرکون جيدا المساعي المشبوهة للنظام الايراني من أجل خداعهم والخروج بإتفاق يضمن لطهران بطريقة أو أخرى مواصلة النشاطات السرية لأن طهران وکما ظهر ويظهر على مر 3 عقود من المحادثات معها ليست مستعدة للتخلي عن برنامجها النووي وعن هدفها الاساسي بإمتلاك وحيازة السلاح النووي.
کما أثبتت جولات محادثات فيينا وبصورة جلية عدم إستعداد النظام لتقديم تنازلات جدية وإصرارهم على مواصلة نفس الطريقة والاسلوب الذي مارسوه أثناء المحادثات التي سبقت إبرام الاتفاق النووي للعام 2015، فإنه يواصل نفس الطريقة والاسلوب في محادثات الدوحة وإن المشکلة أولا وأخير تتعلق بنوايا النظام الايراني التي صار الجميع يعلم بأنها غير سليمة!