23 ديسمبر، 2024 11:48 ص

مجنون يأكل جسده / 2

مجنون يأكل جسده / 2

” صديقتي أم حبيبتي أم زميلتي…لاأعرف ماذا أخاطبكِ هذا الصباح؟ حقاً لاأعرف. إختلطت عليَّ ألأوراق وتهت في ميادين وساحات منتشرة على طول المساحة ألأرضية التي نُطلق عليها إسم – العراق-. قررتُ في ذاتي أن أتفرغ إليكِ هذا الصباح وأجعل المجنون لهذه الحلقة يأكل جسده وجسدكِ في آنٍ واحد لكنني وجدتُ نفسي أهذي في مكانات أو أماكن متعددة ولم يعد يهمني إن كان جمع كلمة مكان – مكانات أو أماكن- لم تعد تهمني ملاحقة المدققين اللغوين أمثال – ملهم- أو الزاملي- فهم يبحثون عن أخطائنا اللغوية كمن يبحث عن مجرم مزق حدود العراق أو جرف آثار البلاد بالرافعات والجرارات . هل معنى هذا أن – الجسد العراقي صار مشتتاً – أم الروح العراقية لم يعد لها وجود في كوكبٍ بات جل همهِ قتل الرعاة وذبحهم – على الطريقةِ ألأسلامية – ولا نعرف إن كان أؤلئك الرعاة يحملون رشاشاً أم عِصياً يهشون بها على أغنامهم أم لهم فيها مآرَب أخرى؟ لايهمني إن إجتمعت اليونان اليوم أم صباح غد أم بعد مئة عام لتناقش مواضيع اليورو التي تتداولها بعض الدول. بالمناسبة لم أرَ – اليورو في حياتي – هل هو عملة ورقية أم ماذا؟ أنا مجنون منشغل بألتهام جسدي كل صباح . هل تعرفين أن دبي أصبحت ضمن أغنى 10 مدن في العالم, أم أن هذا الموضوع يجعلك تصابين بالغثيان حينما سمعتِ الحوار مع عبعوب وهو يصرح من أن دبي ماهي إلا – زرق ورق- لاتسخري مني زميلتي أو حبيبتي فكلانا نجنونان. أنتِ أكثر جنوناً مني…هل تعرفين لماذا؟ لأنكِ تصرين كل يوم في خطاباتك ِ أنني حبيبك الوحيد في هذا العالم رغم أنني أكبركِ بثلاثين عاما. أنتِ مجنونة أكثر مني وعليكِ أن تأكلي جسدكِ مثلي كل صباح كي ترتاحي من هذا الصراع الداخلي المدمر. حينما سألتكِ عن خطاب نتنياهو أمام الكونكرس لأنني لم أعد أفهم أي خطابٍ سياسي في أي جهةٍ من العالم..صرختِ بوجهي بعنف طفولي – أنتَ خطابي الوحيد لأنني أجد ذاتي بصدق حينما تداعب شعري تحت ضوء القمر في سكون الليل والجميع نيام ..لا تذكر لي مفهم أو مضمون أي خطابٍ آخر – .  حاولتُ مرة أخرى أن أستجدي عطفكِ كي تفسري لي : كيف أن هولاكو يولد في كلِ زمان؟
 ألم ينقرض هولاكو منذ زمنٍ بعيد وإنقرضت معه جميع المخطوطات التي طفت وغرقت في مياه دجلة يوماً ما؟ لماذا تصرخين في وجهي حينما أعلمتكِ أن المستشار الروحاني كان قد أعلن بصراحة مطلقة  أنهم اصبحوا إمبراطورية وعاصمتها مدينتك ومدينتي – بغداد- ؟ تطلبين مني وأنا – المجنون الذي يتلذذ بإلتهام جسده-  أن نسافر الى اقصى بقعةٍ في ألأرض كي نهرب من كل شيء ونبتعد عن أي شيء يحيل حياتنا الى مآسي يومية في جميع الطرق والحارات.  هل تعرفين وأنا اقسم لكِ بكل الكلمات التي تبادلناها سوية تحت ضوء القمر – أنني لاملك حتى أجرة السيارة التي تنقلني الى صديقي القابع في مستشفى الكاظمية يصارع الموت منذ أمس ودماغه مصدوعٌ مشقوق ونزيف داخلي يوشك على مصادرة روحه الجميلة جمالك وأنت تجلسين معي تحت ضوء القمر. الجميع ذهبوا لزيارته وأنا اذرف دموماً لاتنتهي . لم استلم حصتي من النفط حتى هذه اللحظة كي أكون ميسور الحال على شاكلة – صدام والمالكي والنجيفي وعلاوي وبهاء ألأعرجي- أنا لاأملك حتى ثمن باقة وردة أحملها معي الى صديقي في مستشفى الكاظمية….وتطلبين مني أن نسافر نجوب العالم نبحث عن حبٍ بعيد هناك لايعترف بكل التقاليد؟ أنتِ مجنونة أكثر مني. أمس  ذكرتِ لي أن هناك مخلوقات بشرية في بلدي يملكون مليارات من الدولارات- 54, 34, 33, 12- وألأسماء معروفة جدا في بلدي. هل هذا صحيح أم أنكِ تذكرين هذا لتحفيزي لسرقة أموال مثلهم كي أكون في قائمة ألأغنياء؟  ألم أقل لكِ أنكِ مجنونة لا بل أشد جنوناً مني. كم ساعة كانوا يعملون في اليوم الواحد كي يحصوا على هذه ألأموال؟ أنا اعمل من الفجر حتى ساعة متأخرة من الليل وأكاد أفقد السيطرة على حركتي من شدة التعب ولاأحصل إلا على مايسد رمقي؟؟ كيف أعمل وبأي طريقة كي أصبح زملاء لهم في قائمة ألأغنياء؟ بالله عليك لاتذكري أمامي كلمة – الفهلوة والعيشة تحب الخفية- سأمت كل هذه المصطلحات التي يتداولها البعض لأنها تؤدي الى عواقب مرعبة لا أريد أن أكون في قائمة الخائفين من سعير جهنم. لماذا تسخرين مني كلما ذكرتُ لكِ كلمة – جهنم- وتقولين لي أنكِ تعيشين آلآن في جهنم كل يوم؟ هل تحولتِ الى ملحدة لاتؤمن بوجود جهنم ؟ أم خيالاتك التي ذهبت صوب تلك المليارات التي يملكها بعض الرجال والنساء في بلدي جعلكِ تنحرفين عن الطريق الذي رسمته لنا المباديء السماوية وأوصتنا أن نتبعها بكل دقة؟  هل تزعزع إيمانك وأنتِ تشاهدين مسلماً ينحر مسلماً آخر بحجج ربما تكون صائبة وربما تكون غير ذلك؟ كل إنسان سيواجه ربه وهناك ستكون الكلمة الفصل. الله سريع الحساب ولن تخفى عليه خافية مهما حاولنا أن نبرر ذلك. هناك ستنطق جميع أعضاؤنا ولن نستطيع إخفاء شيء. أنا لستُ متبحراً في أصول الدين والمسائل التي تتعلق بالواجب أو المستحب ولكنني أعرف المباديء ألأساسية التي ستكون درعاً لتحمينني من ألأنزلاق نحو الهاوية كما إنزلق أصحاب المليارات .
أعرف أن الله أمرنا بأحترام ألآخرين والجار وعدم ألأعتداء على حقوق ألآخرين وعدم الغش والسرقة ونهانى عن أكل السحت بكل تفاصيله والصلاة والصوم وحج البيت إذا كنتُ ميسورا وزيارة المريض ودفع ألأذى عن الناس وآداب الحديث وإزالة ألأذى عن الطريق العام وإنقاذ ألأنسان من القتل ومعاملة ألأسير بالحسنى وقراءة القرآن. هذه المباديء كفيلة أن تكون درعا واقيا لي ولكِ يوم الحساب.  صديقتي : كلما حاولتُ أن أبين لكِ أن الفارق كبير بيننا من ناحية المساحة الزمنية وأن حبكِ لي ما هو إلا وهم تصرخين غاضبة ” أعرف كل شيء ستقولة . دعني أحلم بكَ ..ولاتقل لي أنني اشعر بفراعٍ كبير لأنني لازلت خارج التعيين رغم أنني أكملت المرحلة الجامعية وأنني أعيش فراغاً عاطفياً وماشابة ذلك. كل هذا معلوم لدي ولكن لا أستطيع أن أتصور أن رجلاً سيكون قربي يوما غيرك. لم أعد أهوى الشباب فقد سئمت كل تصريحاتهم التي يرسلونها لي في خطابٍ مكتوب أو على الجات في الحاسوب. هم يركضون خلفي من أجلِ لحظةٍ عابرة ..ولدي تجارب صديقاتي اللواتي يتحدثن معي كل يوم وهن يذرفن الدموع أن علاقتهن مع أؤلئك الشباب لم تكن إلا سراب ..حسناً أنت تأكل جسدك كل يوم ..أقبل هذا..دعنا نأكل جسدينا مع بعض ولنكن مجنونان في السراء والضراء وحين البأس..وأنا اقبل بكَ كمجنون يأكل جسده – ..”