18 ديسمبر، 2024 9:20 م

مجلس محافظة بابل في ثلاث دورات منتخبة الى اين !؟

مجلس محافظة بابل في ثلاث دورات منتخبة الى اين !؟

ثلاث دورات لمجلس محافظة بابل, عايشتها شخصياً . واحدة منها, كانت قبل صدور قانون مجالس المحافظات ذي الرقم 21 لسنة 2008  واثنتان بعد صدور هذا القانون ..
 لن اتحدث عن الفساد في هذه الدورات , فكل الاعضاء نزيهون, ويشهد المواطن على نزاهتهم, التي من اجلها وحدها انتخبهم , خاصة عندما استلم منهم بعض المواطنين البطانيات و”كارتات” الاتصال والمدافئ والمواد الغذائية  والوعود بتحقيق ما لم يتحقق الى اليوم , وخير شاهد على نزاهتهم (العيديات) التي خصصوها لانفسهم من المال العام , ونختم الحديث عن نزاهتهم بمقاولة بيع الذمم التي اشتراها المحافظ  بـ (500) الف دينار كمكافأة استلمها كل عضو من اعضاء لمرة واحدة او لمرات عديدة وخاصة اعضاء الدورة التي جاءت بعد صدور قانون مجالس المحافظات مباشرة .
لن اتحدث عن المشاريع , لان المشاريع كلها ناجحة بأمتياز, وجرى فحص جودتها وجدواها في الهطول الاخير للامطار . ويبقى الدليل الدائم على نجاح المشاريع ( جسر الطهمازية) ومجاري شارع 40 وماء مجمع  الغليس السكني والبناية الجديدة للمحافظة وغيرها الكثير .
لن اتحدث عن هدر المال العام , فكلهم ( زاهدون بالمال العام, متقشفون في مصاريفهم ) رواتبهم لا تكفي لشراء الخبز, وايفاداتهم لم تتجاوز يوما الثلاثة ايفادات في الشهر , وسيارات الدولة التي لديهم واتصالاتهم لم تكلف المال العام اكثر من مليوني دينار شهريا , وربما لم تتجاوز المكافآت التي يهبونها لمحبيهم اكثر من نصف مليون لكل عضو شهريا , وهناك مصاريف نثرية قليلة جدا لايتسنى لي تقديرها, لاني لا المّم بها ولا اعرفها .
لن اتحدث عن التزامهم بالدستور والقانون وخاصة (الفصل بين السلطات التنفيذية من جهة والتشريعية الرقابية من جهة اخرى ) فقد كانوا جميعا يمارسون عمل المحافظ والمدير العام واحيانا حتى عمل مدير المدرسة , ففي الدورة الفائتة كان لدينا 30 عضو مجلس و 31 محافظا . عينوا مئات ان لم يكن آلاف الافراد في المجلس وديوان المحافظة والدوائر التي تخضع لهم , وفرضوا عشرات المشاريع غير المهمة وغير الضرورية على الخطة الستراتيجية , وكل هذا ليضمنوا اصواتا تنتخبهم , واظن ان هذه الدورة سوف تختلف عن سابقتها كثيرا , على الاقل الى اليوم لم نرَ مجلسا منسجما مع وظيفته وواجباته , ولم يتعدَ عمل الاعضاء الاجتهادات الشخصية وربما الحزبية, ناهيك عن الجدل حول شرعية قرارات هذا المجلس في تشكيل الحكومة !
لن اتحدث عن التزام اعضاء المجلس بواجبهم وعملهم الذي حدده القانون والمتمثل بـ (الرقابة والتشريع ) اما التشريع, فقد اتخذ المجلس في دوراته الثلاث قرارات انقذت المحافظة وشرع قوانينا نهضت بالمحافظة نهوضا لم يشهد له العالم مثيلا , فاق النهوض الياباني والكوري, واما الرقابة فأن الجميع يشهد لاعضاء المجلس بانهم راقبوا مصالحهم بدقة متناهية ولم يهملوا حتى قلم الرصاص الذي لا يحتاجونه على مكاتبهم .
لن اتحدث عن الفضائل الكثيرة لمجلس محافظة بابل بدوراته الثلاث, واكتفي بالذي ذكرته, ولكني, اريد الحديث بايجاز عن لجنة من اهم لجان مجلس المحافظة الحالي واخطرها , الا وهي لجنة الاعمار والمشاريع التي ترأسها العديد من اعضاء المجلس السابقين والحاليين, ويترأسها اليوم المهندس الشاب, المندفع للعمل بقوة, عضو مجلس المحافظة احمد الغريباوي , وسبب حديثي هو خوفي على هذا الشاب ان يذهب به اندفاعه اما الى الوهم والضياع  او الى الاحباط في ظل الواقع الحالي الذي وصلت اليه اللجنة . اما اللجنة والمشاريع فلا خوف عليها فقد ترسخت فيها اسباب النجاح التي ذكرتها حول نجاح كل المشاريع في المحافظة !
لجنة الاعماروالمشاريع في مجلس المحافظة من اهم اللجان واخطرها لانها كانت ولمّا تزل مسؤولة عن الاعمار باشكاله كافة, من البنى التحتية حتى المشاريع الاستثمارية مرورا بالمشاريع الخدمية , وهي احدى اهم اذرع مجلس المحافظة في الرقابة, ويعمل فيها الكثير من المهندسين المعينين على ملاك المجلس او بعقود او اجور يومية . انَّ هذه اللجنة ومنذ نشأتها الى اليوم لم تحقق ما يهدف اليه المجلس ومن ورائه المواطن, والاسباب كثيرة . ومنها, ما هو خاص بخبرة العاملين فيها , اذ ان اغلبهم من الشباب المتخرجين حديثا الذين لا يمتلكون الخبرات الكافية , مما جعلهم اما فريسة سهلة لمقاولين وارباب شركات محترفين بالفساد والغش او فريسة لاغراءات تجتذب الشباب حديثي الحياة والذين يحتاجون الى متطلبات حياتية لا يستطعون تحقيقها من خلال رواتهم او اجورهم  . ومن اسباب فشل عمل هذه اللجنة ” ايضا” استغلالها من قبل اعضاء المجلس لتحقيق مكاسب ساسية وانتخابية ومصالح شخصية , فكثير من المشاريع تذهب حصصا للاعضاء كل حسب منطقة سكنه او منطقته الانتخابية , ويضاف الى هذا ان بعض الاعضاء يمارسون عملا تنفيذيا, فيتدخلون في اغلب المشاريع مباشرة اما لصالح المنطقة او المقاول, او حتى بدافع وطني, وكل هذا يخالف القانون ويكون على حساب الجودة والجدوى وكلفة المشروع . ولكن العلّة الكبرى تكمن في موضوعة ( فصل السلطات بين المؤسسات ) اذ ان كل اعضاء مجلس المحافظة وموظفيهم يمارسون عملا تنفيذيا وهو ليس من صلاحياتهم حسب الدستور وقانون فصل السلطات . وخطورة هذا العمل التنفيذي من قبل السلطات الرقابية التشريعية ( مجلس المحافظة ) تتبدى في ارباك وتعطيل السلطة التنفيذية الشرعية ( المحافظ ونائبيه وديوان المحافظة والدوائر التابعة له) كما ان خطورة دخول السلطة الرقابية التشريعية على العمل التنفيذي تكمن في العديد من الممارسات منها استغلال السياسي للمال العام والسلطة التنفذية من اجل كسب اصوات الناخبين . وتعرض السياسي الرقابي الى الاغراءات من قبل الشركات والمقاولين , فيستغل هذا السياسي حصانته لتحقيق منافع خاصة سياسية او مالية , فتحميه حصانته من المحاسبة القانونية التي يتعرض التنفيذي اذا اخطأ او افسد او هدر المال العام او خالف القوانين والانظمة . ولو دققنا في عمل لجنة الاعمار والمشاريع لرئينا ما  هو اكثر من هذا , فاذا كان مهندسوا لجنة الاعمار قد امتنعوا قبل اعوام عن التوقيع على استلام المشاريع لانه مخالفة صارخة لقانون فصل السلطات , فانهم واعضاء المجلس الى اليوم , يذهبون في ايفادات على حساب شركات القطاع الخاص والعام وديوان المحافظة ما يُعد رشوة او هدية او عطية من جهة تنفذية او مستفيدة الى جهة رقابية يفترض بها ان لا تقبل هذا ابدا, لانه اذا لم يعطل عملها الرقابي فانه يخفف من جديتها في الرقابة, وهو ممنوع قانونا ويُعد مخالفة صريحة , ولكي تتضح الامور اكثر نقول ان لدى بعض مهندسي وموظفي واعضاء مجلس المحافظة سيارات تعود ملكيتها لدوائر ومؤسسات رسمية تنفيذية تخضع لرقابة المجلس , فكيف يراقب هذا المهندس او هذا الموظف او ذلك العضو في مجلس المحافظة الدائرة التي وهبته سيارة لخدمته الخاصة!؟ واخيرا اقول ان مهندسي وموظفي لجنة الاعمار والمشاريع التي تراقب عمل المحافظ ونائبيه وديوان المحافظة ظلّوا طوال سنوات يأخذون مكافآت مستمرة من المحافظ تحت مسمى ( 3% خدمات مشاريع ) فكيف يراقبون الحكومة التنفيذية وهم يستلمون منها مكافأت شهرية تصل 250 الف دينار للموظف العادي اما المدراء وكبار الموظفين فكانوا يستلمون اضعاف هذا المبلغ . لتتقنّع مؤخرا هذه المكافأت بقناع ساعات اضافية يدفعها ديوان المحافظة , ناهيك عن ان بعض موظفي المجلس يحصلون على منافع من جهات رسمية وشبه رسمية مختلفة. وهنا ينبغي القول انه لا يجوز ان يأخذ المُراقِب من المُراقَب مالا او هدية او عطية والا فسدت رقابته , وكما يقول المثل الشامي الدارج ( اطعم الفم تستحي العين)
واخيرا اقول لم يلبسون ” الجزم” وبزة العمال ويدورون في الشوارع ومعهم مصوروهم واعلامييهم يصوروهم وينشرون صورهم على صفحات ” الفيسبوك” اقول لهم : اننا لسنا بحاجة الى عمال نظافة , فلدينا الكثير منهم واغلبهم لاتتعدى اجورهم 200 الف دينار, نحن بحاجة الى عقول وكفاءات في صياغة الرؤى والافكار وتحديد الاهداف ووضع الخطط والبرامج لتحقيق تلك الاهداف , واقول لمن يرتدي بزة عمال النظافة او بزة اي عامل عليه ان ينظم الى اولائك العمال, وان يترك مكانه لآخر كفوء يشغله بامتلاء كامل ويستطيع القيام بالعمل المكلف به على احسن وجه , لاننا لسنا بحاجة الى التمظهر الخادع في التواضع والعمل الكاذب المضلل