18 ديسمبر، 2024 9:45 م

مجلس حسيني ـ اختيار القائد في الفكر الاسلامي

مجلس حسيني ـ اختيار القائد في الفكر الاسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

{قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } ( يوسف 55-54).

وردت في الآية الكريمة اربعة مصطلحات مهمة جدا تخص القائد الذي يتولى قيادة أي منظومة.. سواء وزير او رئيس وزراء ورئيس الدولة .. نزولا الى قائد شرطة ومحافظ الى مدير مدرسة . لا بد ان تتوفر فيه هذه المصطلحات الثلاثة . والا فهو لا يصلح , الاولى والثانية ” مكين امين” ماذا تعني هاتين الكلمتين ..؟

معنى المكين: التمكين لها معاني عديدة .. خلاصتها حالة تدلّ على ثبات الشيء وقوته . واذا اطلقت على القائد تدل على انه ذو منزلة رفيعة وشأن عظيم .. والتمكين تطلق على الجدار حين يكون قويا متماسكا . اذن الشرط الاول لنجاح القائد ان يكون مكينا . وهذا راي القران الكريم ..

النقطة الثانية : امين : الامين هو الثقة في الامر الذي يعهد اليه . ثقة مطلقة.. جبرائيل {ع} هو الامين .. في زيارتنا للأمام علي(ع) نقول السلام عليك يا امين الله في ارضه ” يعني انت ثقة واهلا للثقة . وتطلق على امين الصندوق كونه ثقة. وامين المكتبة . ومجلس الامناء .. وهم من يديرون مؤسسة عليمة {جامعة} او مؤسسات تجارية او هندسية . فمن وضعت فيه الثقة المطلقة يسمى امين .

النقطة الثانية: في الآية المباركة, آني حفيظ عليم . ما معنى كلمة حفيظ.؟ كلمة حفيظ لو اطلقت على الله تعالى تعني,” الذي لا يعزُب عنه مثقالُ ذرَّة في السَّموات ولا في الأرض” واذا اطلقت على اهل المناصب تعني ـ من يحَفِظَ عما تحت يده من مال ُواوراق مهمة . لا يمكن التلاعب في العقود التي تحت وصايته يصونها مِنَ الضَّيَاعِ وَالتَّلَفِ ـ ولذا نحن ندعوا الله تعالى ان يحفظ ابناءنا وشعبنا . لو حفظك الله لا يصل اليك من احد كُلِّ مَكْرُوهٍ يَحْرُسْكَ وَيرْعَكَ بحفظه . وفلان حفظ الامانة , صانها واحتفظ بها ورعاها كاملة .. وفلان حفظ القران كله ..فيسمونه الحافظ فلان بن فلان .

** معنى كلمة عليم : كل صنف في الحياة له مباديْ وقوانين وشروط , لا يمكن لأي شخص ان يكون عليما بها الا اذا تخصص في علومها . مثل قولنا عَلِم فلان بالخبرَ أي اصبح محيطا به يعرف كل تفاصيله. مثل القاضي حين يحقق في مسالة يركز في تفاصيل دقيقة بالحادث ليحصل عنده حقيقة العِلْم بالموضوع والإحاطة التامة به ،فلو علم بالأمر أي حصل له يقين وصدق بالحادثة واليقين والصدق لا يحدث عند أي انسان الا بعد ان يعرف تفاصيل الامر الذي يبحث عنه .

ــ اذن هذه المؤهلات يجب ان تكون في شخصية القائد , وان كان هو غير معصوم , ولكن الامانة والعلم بما يمارس من عمل من الضروري ان تجتمعان فيه ,لان حكمه على الناس تترتب عليها حقوق وامتيازات ويكون امامه طريقان لا بد ان يمر بأحدهما الحاكم .. هما ان يمر بطريق الحق والعدل , او يمر بطريق الظلم والجور. والانبياء وكلاء الله في الارض فلا بد ان يكون النبي او الامام المعصوم اعلم الناس بوظيفته . وان يكون الحاكم السياسي والعشائري عادلا بقدر معتد به ,لان الحاكم وكيل الله في الارض فالحكم يعني حكم القانون ولس حكم الشخص , فاذا كان بلا مؤهلات ولا معرفة حتما سيقع في اخطاء ويظلم الناس (وما ربك بظلام للعبيد) ..من المهم التفريق بين معنى “العدل” ومعنى “المساواة” فلا يصح الخلط بينهما، فالعدل هو وضع الأمور في مواضعها أو إعطاء كلّ ذي حقّ حقه، أمّا المساواة فهي التوزيع لشيء ما أو لحقّ ما بالتساوي، فلو منح معلّم كلّ طلابه درجة واحدة دون أن يأخذ بنظر الاعتبار المستوى الدراسي والجهد المبذول من الطلاب، يكون قد ساوى بين طلابه ولكنه لم يعدل بل ارتكب ظلماً .كذلك لو وصف الطبيب دواءً واحداً لجميع مرضاه، وأعطى نفس نوعية الدواء وبمقدار متساو لكلّ المرضى، فهذه المساواة بين المرضى هي ظلم قطعاً بالنسبة لبعض المرضى.

اما العدل عند الله يختلف .. هو الذي خلق الاشياء كلها ولكن لم يساوي بينهم بمفهوم المساواة التي نعرفها .. لان العدل الالهي فيه حكمة نعرف بعضها ونجهل بعضها .. مثلا :(فضل الذين يعلمون على الذين لا يعلمون) في حديث لرسول الله(ص)قال:(فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر). (يَرفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ دَرَجَات)كذلك فضل المجاهدين على القاعدين درجة واجرا عظيما, وفضل الشهداء على المؤمنين, وفضل على الشهداء مداد العلماء .عن ابن عباس قال: قال رسول الله(ص)(فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد).

نسبة العدل والمساواة لا تكون راجحة في كل وقت . يقول احد الكتاب تم اهدائي درعا من قبل جهة ترعى الثقافة. وفوجئت بأشخاص ليس لهم علاقة بالثقافة ولا التأليف ولا الكتابة مطلقا. تذكرت قوله تعالى(قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور) بعد انتهاء الجلسة تركت الدرع على الارض وخرجت الوم نفسي من الحضور .. هذا نوع من المساواة, يكون فيه اجحاف وظلم كبير.

** لا تستقيم المخلوقات بالمساواة فلو تساوى قلب الحوت الذي يزن طناً مع قلب عصفور ، هذا ليس عدل؟، كيف يعيش الحوت بقلب بحجم قلب العصفور او قلب نعجة ..؟ أو تساوت جذور نبتة صغيرة مع جذور شجرة ضخمة، فهل هذا عدل؟ ان الله يحكم بالعدل والاحسان.. الأمثلة على ذلك كثيرة. النتيجة أنّ المساواة في بعض صورها تكون ظلماً. فهناك فرق واضح بالظلم بين المساواة والعدل .بينما في جوهر النظام الديمقراطي القوانين تجبر الحاكم على يساوي بين الجميع في اطار القانون الذي يضمن المساواة , يتصورون انهم يعدلون حين ينظرون الى الناس كأسنان المشط . فهل يمكن ان نساوي بين الفاسد والامين ..؟

*** مفهوم القيادة : مفهوم القيادة في المجتمع تنوعت النظريات الحديثة في اطروحات تضمنت مفاهيم ومعاني تحاول ان تجعل من القائد او الرئيس ان له فهما وامكانيةَ في فن القيادة .. الا انه بعد وفاته بمدة يكتب عنه اقرب الحاشية يبين مساوئ كارثية كان يقوم بها ذلك القائد . ولذلك بدأ الحكام بتشريع قانون يحميه من الانتقاد والمطالبة بالحقوق التي يسلبها من المجتمع , في وقت يؤيده الاعلام المدفوع الثمن .

مثلا:.. قامت حكومات الخليج مؤخرا بسن مشروع قانون لتشديد عقوبة وصفوه بإهانة { الملك او الامير أو الرموز الوطنية} بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات إضافة إلى الغرامة الباهظة . ونشرت وسائل الاعلام عن دولة خليجية صغيرة لا يتجاوز نفوسها مليون ونصف مواطن .وافق مجلس نوابهم على سن مشروع قانون بطلب من الحكومة سن قانون جديد { للتجاوزات المسيئة للدين والتطاول على أمير البلاد، بالسجن لمدة 10 سنوات وغرامة بما يزيد على المليون دولار. هنا تم ربط القانون بالامير ووضعوا له حجة يعاقبون الناس فيها . ان جعلوا الامير والخليفة بمستوى الضوابط الشرعية والأخلاقية وهذه تضمن للقائد سلامة المنهج الذي يمارسه في حكمه ، ويحقق له السكوت عن فساده.

** نعود الى الآية المباركة قال يوسف{ع}”اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم” وما الفرق بين كلمة(معلومة وعالم وعليم) ..؟ نحن نقول دائما تعلمت معلومة , ثقافية او علمية او قانونية او دينية .. ماذا تعني المعلومة ؟.{هي كل مادة قابلة للمعرفة من خلال إشارات عليها تحيط بمعانيها كاملة , او نسمعها بتفصيل واضح فتكون معلومة }. اما معنى العلامة .. فلان علامة :لقب “العلّامة” يطلق على أصحاب الحكمة والمعرفة العميقة الشاملة للعلوم العقلية والشرعية . وهي قبل الاجتهاد.

*** اما العالم: هي من اسماء الله تعالى(عالم الغيب والشهادة} (سبحـــان العالم بكل شيء). ورد اسمه العليم في القرآن 157 مرة؛ وفي هذا دليل على أهميته، وقرن الله بينه وبين بعض الأسماء، منها: الحكيــم: قال تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}العلم يؤدي إلى الحكمة، ولا يجتمع العلم مع التهور والطيش. وعلم الله مقرونً بالحكمة، أي: وضع كل شيءٍ في محله ومساره.

**(اما العليم): هو العالم بالسرائر والخفايا التي لا يدركها الخلق، كقوله تعالى )إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) وجاءت كلمة عليم للمبالغة بكمال العلم قال تعالى:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}. المقصود بعليم هنا هو علم التنبؤ بالمستقبل تنبأ بما سيحدث من ازمة. من خلال تفسير الرؤيا . فيوسف (ع) لديه علم بالمستقبل من خلال تفسيره لرؤيا الملك. ولذلك كان هو “أعلم” من غيره بمدى الحاجة لاتباع سياسات تقشفية في الازمة الاقتصادية ، هذا كان سببا لطلبه بالمنصب، وبحثت في كتب التفسير ،لم أجد تفسيرا صريحا بهذا المعنى؛ ولكن أقربها ما ذكره ابن كثير ان العليم “ذو علم وبصيرة بما يتولاه” وتوقع انه ” ستقع سنين الجدب” هذا يسمى الان بعلم الاستشراف .يوسف{ع}تنبأ بدورتين اقتصاديتين، دورة رواج تتبعها دروة ركود، فوضع الخطط المناسبة على مستوى الانفاق بما يكفي طعام كل مواطن , الخطة الثانية :بناء مخازن لحفظ الأطعمة للأيام العجاف القادمة , وهو اول من انشأ مخازن حفظ الاطعمة لسنوات طويلة حيث سيحل الجدب وقلة انتاج الزراعة. هذا العلم لو توفر في القائد فان الفائدة ستعم الشعب كله . نحن لحد الان لم نر قائدا يضع خطة اقتصادية حين ترتفع اسعار النفط , ويكون في البلاد وفرة من السيولة, وحين يهبط سعر النفط لا تتأثر حالة السوق .هذا التخبط يتحمله المواطن فقط. يوسف{ع} أول اقتصادي استخدم سياسة معاكسة للدورة الاقتصادية، حين تقشف في ذروة الانتاج الزراعي ،وهي سياسة اقتصادية جديدة في العالم؛

لكن يوسف كانت لديه القدرة على الإقناع وتنفيذ هذه السياسات لعلمه بتبعاتها، كما أنه أول من استخدم سياسة التخزين وتوفير الموارد أوقات الفائض لتستخدم في الازمات. اذن {اول شرط في وجوب تعيين الملك او الوزيران تتوفر فيه العلمية، باعتباره صانع القرار وهي صنعه سياسية تتعلق بمستقبل البلاد وارواح الناس ومعاشهم . وان يعطي اهمية العلماء ذوي الاختصاص والاستماع لآرائهم.

ــــــــــ النقطة الثانية :مفهوم القيادة في الإسلام تعني: ” السلوك الذي يقوم به الخليفة أثناء تعامله مع الفرد والمجتمع، هذا التعامل يبين مدى شرفه وشرف عائلته لأنها قضية سلوكية علاوة لأنه مركزً قوة” فان لم ينطلق القائد من مبادئ اخلاق الاسلام والعقيدة, فعلى الاقل ان يكون ملتزما بمبادئ التربية الاجتماعية,{اما من لم يكن امينا ولا علم له في وظيفته ولا يحمل اخلاقا }, فهذا لا يصلح ان يكون في مركز القيادة مطلقا.

** نقطة مهمة جديرة بالاطلاع : هي{ظلم القانون وظلم الملك ينعكس على المجتمع كله}.هناك معادلة ثابته , اذا كان الخليفة والقائد ظالم سيء الخلق تكون اغلب الحاشية سيئة يمارسون الظلم برضاه,{ يصفهم الثعالبي.. من عرضت له الدنيا فقد أصابته عين الكمال”؛ وعين الكمال ‘هي “شؤم النهاية الذي يطيح بشريحة كبيرة من رجال الدولة الذين احترفوا سوء التصرف والانحراف “.

كلنا نتذكر الطاغية وازلامه .. البض يسندون للصحابة قولا ” الناس على دين ملوكهم “هذا حديث ضعيف لا سند له .بينما القران ذكر ذلك في قوله تعالى:” وكذلك نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ” حين يكون المجتمع ظالما يظلم القوي الضعيف فان سنن الله {لا تتبدل ولا تتحول}، نفهم من خلال ما يحل بنا من مصائب وأحداث ان ظلم الناس يولي الله الظالمين على الظالمين . قال تعالى:{قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْـمُكَذِّبِينَ}..

ومن سنن الله التي لا تتبدل ولا يستثنى منها أحد من خلقه في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِـمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.يقول القرطبي: «هذا تهديد للظالم إن لم يمتنع عن ظلمه يسلط الله عليه ظالماً آخر، هذا القول يشمل :من يظلم نفسه، أو يظلم الرعية، والتاجر الذي يظلم الناس . والسارق والفاسد المرتشي ،او رب اسرة وغيرهم». قال احد المفسرين :إذا رأيت ظالماً ينتقم من ظالم تحقق من نوع الانتقام: ولكن كيف ينتقم الله من الظالم في الدنيا. بنفس جنس الظلم قبل الاخرة ؟

** مراحل انتقام الله من الظالم في الدنيا. كيف ينتقم الله من الظالم ؟.قال سبحانه في حديث قدسي :«يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا» ،سبب تحريم الظلم على نفسه وعلى عباده؛ حتى لا ينتشر الفسادُ ويعمُّ الشر في الأرض.!!! وطمأن المظلوم ,في حديث قدسي قال« وعزتي وجلالي لأنصرنَّكِ لو بعد حين» ،ينُصر المظلوم بالدعاء لان النصر منه قادم لا محالة، ولو بعد حين واستجابة دعوة المظلوم ليس بالضرورة أن تكون فورية قريبة. ولكنها تأتي، بانتقام الله من الظالم على أربعة مراحل وهي:

اولا :..الإملاء هو الإمهال جاء في قوله تعالى:« وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ »، وحين يُمهلُ الظالم لعله يرجع عن ظلمه ويتوب عنه. واذا اصر فله عذاب مهين .. بحيث يهان بدرجة تقابل غطرسته وتكبره.

ثانيا : الاستدراج «سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ» وليس الاستدراج أن تضيق الدنيا على الظالم، ولكن قد يفتحُ الله للظالم أبواباً ويُعطيه من ملذَّات الدنيا وأكثر مما يستحقُّ وفوق ما يتصوَّر.

ثالثا: التزيين «وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ»، وفي هذه المرحلة يموت قلب الظالم ويرى كل قبيحٍ يفعله جميلاً ،لا يعود لديه إحساسٌ بالذنب، وموتُ قلبه لا يبق له شرف في الانسانية ولا يندم على أفعاله .

رابعا: الأخذ «وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ» في هذه المرحلة تنزل عقوبة على الظالم،:تكون العقوبة أليمةً وشديدةً؛ حتى يعرف الظالم شرَّ ما اقترفت يداه.

في خبر عن النبي{ص}:«من أعان ظالماً سلطه الله عليه وقال ابن عباس: إذا رضي الله عن قوم ولى أمرهم خيارهم وإذا سخط على قوم ولى أمرهم شرارهم، ». يدل عليه قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}..

يقول الرازي: «المسألة الثانية: الآية تدل على أن الرعية متى كانوا ظالمين، فالله تعالى يسلط عليهم ظالماً مثلهم فإن أرادوا أن يتخلصوا من ذلك الأمير الظالم فليتركوا الظلم»،

**الانتقام الالهي من قتلة الحسين(ع): الانتقام الالهي يكون مرة بنفس الجنس ومرة يكون بنوع اخر.. الذي من نفس الجنس ما رواه الحاكم والذهبي، وابن حجر وابن كثير، وابن عساكر, عن سعيد بن جبير، قال : أوحى الله تعالى إلى محمّد (ص) أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً، وأني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً .

تتبع قتلة الحسين(ع) من قبل المختار. قتل منهم خلقا كثيرا، وظفر برؤوس كبارهم منهم عمر بن سعد أمير الجيش وشمر بن ذى الجوشن وخولى بن يزيد الأصبحي، واخرين لعنهم الله. وبعث إبراهيم بن مالك الأشتر فى عشرين ألفا إلى ابن زياد، التقاه فى جيش كبير كانوا ثمانين ألفا. فقتل منهم ستين ألفا، وقتل ابراهيم بن الأشتر ابن زياد ، ثم بعث برأس ابن زياد ورؤوس أصحابه إلى المختار، ففرح بذلك فرحا شديدا، ثم إن المختار بعث برأسي ابن زياد، ورأس حصين بن نمير إلى ابن الزبير بمكة، فأمر ابن الزبير بها فنصبت على الحجون. ويقال انها بعثها الى الامام زين العابدين {ع} .

ذكرت روايات متضاربة عن موقف الإمام السجاد(ع) من ثورة المختار, منها ما يدل على عدم رضا الإمام بفعل المختار وذمه له, ومنها ما يدل على رضاه وتأييده لثورته. فأيها أحق ان يتبع ويؤخذ به ؟الجواب:

اولا:.. نستعرض نزراً من الأخبار الذامة للمختار الثقفي ثم نردفها بالأخبار المادحة له, بعدها نخرج بخلاصة . الروايات الذامة فهي كالآتي :

الرواية الأولى: ” محمد بن الحسن عن الصادق {ع}قال : كان المختار يكذب على علي بن الحسين عليه السلام .

الرواية الثانية: عن الباقر( ع ) قال : كتب المختار إلى الامام علي بن الحسين(ع) وبعث إليه هدايا من العراق ، فلما وقفوا على باب الامام لم ياذن لهم الخادم وقال . ان الامام يقول : تنحوا عن بابي فإني لا أقبل هدايا الكذابين ،ولا أقرأ كتبهم ،

الروايات التي تبين تأييد الامام وعلاقته بالمختار. عن عمر بن علي : ان المختار أرسل إلى علي بن الحسين( ع ) بعشرين ألف دينار فقبلها ، وبنى بها دار عقيل بن أبي طالب ودورهم التي هدمت ثم إنه بعث إليه بأربعين ألف دينار بعدما أظهر الكلام الذي أظهره، فردها ولم يقبلها ، وان المختار هو الذي دعا الناس إلى محمد بن الحنفية وسموه الكيسانية ، وهم المختارية ، ولقب كيسان صاحب شرطته المكنى أبا عمرة ، كان اسمه كيسان, وقيل إنه سمى كيسان بكيسان مولى علي بن أبي طالب ( ع ) وهو الذي حمله على الطلب بدم الحسين ودل على قتلته ، وكان صاحب سره والغالب على أمره .

هذه الروايات لا يمكن التعويل عليها؛ لضعف سندها , يقول السيد الخوئي(قدس) هذه الروايات جاء فيها اتهام المختار بالكذب وأنه كان كيسانياً: هذه الروايات ضعيفة الاسناد جدا ،وفيها تهافت وتناقض.

قال البروجردي :ما نصه: «المختار بن أبي عبيد، فيه أحاديث مختلفة قادحة ومادحة والترجيح مع |المادحة] ويكفي في حقه أنه اسقط حكومة بني امية في الكوفة وقتل جما خطيرا من بني أمية يبلغ إلى ثمانين ألف رجل كما في بعض الاحاديث» أما الروايات المادحة

ما ذكره الكشي: ” مرفوعا الى الصادق(ع) قال : ما امتشطت هاشمية ولا اختضبت ، حتى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين(ع) ” في رواية اخرى عن الباقر ( ع ) قال : لا تسبوا المختار ، فإنه قتل قتلتنا ، وطلب بثأرنا ، وزوج أراملنا ، وقسم فينا المال على العسرة ” .رواه الشيخ حسن العاملي كما حسنه العلامة الحلي في كتابه خلاصة الأقوال.

**عن عبد الله بن شريك ، قال : دخلنا على الباقر ( ع ) يوم النحر وهو متكئ ، وقد أرسل إلى الحلاق فقعدت بين يديه ، فدخل عليه شيخ من أهل الكوفة فتناول يده ليقبلها فمنعه ثم قال : من أنت ؟ قال : أنا أبو محمد الحكم بن المختار الثقفي : وكان بعيدا عنه فمد يده إليه وجره واجلسه بجانبه ثم قال : أصلحك الله إن الناس قد أكثروا في أبي .والقول والله قولك ، قال : أي شئ يقولون ؟ قال : يقولون كذاب ، ولا تأمرني بشئ إلا قبلته . فقال : سبحان الله أخبرني أبي والله إن مهر أمي كان مما بعث به المختار ، أو لم يبن دورنا ، وقتل قاتلينا ، وطلب بدمائنا ؟ رحمه الله ..

قصة الامام زين العابدين والفضل بن العباس بن امير المؤمنين .. وبكاء الامام على ابيه واهل بيته .. ودخول ابا حمزه الثمالي عليه .

قلبي يبو حمزة تراه تفطّر وذاب // مثل المصيبه اللي دهتني محّد انصاب

ذيك البدور اللي ابمنازلهم يزهرون///// والليل كله من العبادة ما يفترون

سبعة وعشرة عاينتهم كلهم اغصون//فوق الوطية مطرّحين بحرّ التراب

وأعظم مصيبة زيّدت حزني عليّه// شاهدت جسم حسين تحت الاعوجية

كلبي انكسر من ركبوا زينب مطية /// ظلت تنادي بكربلا ومحد لها جاب

ما نكست راسي لاجل فقد الأماجيد // ما گصروا بالغاضريّة زلزلوا الميد

لكن نكّس راسي دخول زينب مجلس ايزيد التفتت يمينا وشمالا ليس لها ناصر ولا اخ تلوذ به .. نادت انا منين ابو فاضل اجعده واركب جفوفه فوك زنده ////// واكله الحرم صارن بشدة .