22 نوفمبر، 2024 5:58 م
Search
Close this search box.

مجلس حسيني ــ دراسة في شخصية وحياة الإمام الكاظم (ع)

مجلس حسيني ــ دراسة في شخصية وحياة الإمام الكاظم (ع)

هـم النـورُ نور الله جـلّ جـلالـُه **** هم التِّين والزَّيتون والشفــعُ والوترُ

مـهـابطُ وحي الله خـُزّانُ علمِه ** ***** ميامين في أبياتهـــــم نزل الذكرُ

وأسمـاؤهـم مـكتوبـةٌ فوقَ عرشِه ****** مكنونـةٌ من قبل أن يُخلـَق الــذرُّ

ولـولاهُمُ لم يـخلق اللهُ آدمـاً ******** ولا كان زيدٌ في الأنـام ولا عمــرو

لولاهم نار الخليل لما بدت ******** ولا كان عن أيـوبَ ينكشـفُ الضـرُّ

هم سر موسى والعصا لما عصى ***** أوامره فرعون وانطفى ذلك الجمر

سرى سرهم في العالمين وفضلهم ********* وفي كل نبي من سرهم سر

بداية يتوجب علينا ان نعرف الإمام موسى بن جعفر(ع) معرفة جوهرية، وان نفتح من اجل تلك المعرفة نافذة واسعة لنطل على شخصية الإمام موسى بن جعفر.. لان التاريخ المشوه نقل لنا سيرة غير دقيقة عن الائمة الاثني عشر .. في فترتي الخمن الاموي والعباسي , وحين نقرأ تاريخ اهعل البيت (ع) من خلال تاريخ المكتوب من بني امية وبني العباس نجدهم يصورون ال بيت محمد (ص) انهم معارضة واعداء .. ولذا من الطبيعي ان يكتب الكُتاب عنهم أمورا غير حقيقية ..

( هنا أود أبين حقيقة مهمة تتعلق بالعقيدة عامة ) .. السنّة النبويّة لا تخالف القرآن عند الشيعة .. بعد البحث والتنقيب في عقيدة الطرفين من الشيعة و”أهل السنّة والجماعة” وجدنا بأنّ الشيعة يرجعون في كلّ أحكامهم الفقهيّة إلى كتاب الله والسنّة النبويّة لا غير.فهم يرتّبون القرآن في المرتبة الأُولى، والسنّة النبويّة في المرتبة الثانية، ونعني بذلك أنّهم يخضعون السنّة للمراقبة والتقصي ’ويعرضونها على كتاب الله العزيز، فما وافق منها كتاب الله قبلوه وعملوا به، وما خالف كتاب الله تركوه ولم يقيموا له وزناً ..

ويرجعون في ذلك إلى ما قرَّره أئمة أهل البيت (ع) رواية عن جدهم رسول الله (ص) الذي قال: “إذا جاءكم حديث عنّي فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فاعملوا به، وما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار” ..

هناك أدلة على الأحاديث غير متوافقة مع القران.. وهذا فيها أحاديث كثيرة , منها حديث الإمام جعفر الصادق (ع) قالها في عدّة مرّات: “ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف”( زخرف: كل شيء حَسَّنته وتزويقه هو باطل لانه مزخرف. ومعنى كلمة زخرف في الأصل هي الذهبُ.حين يتم طلاء اشياء لتغيير حقيقتها مثل الثياب حين تذهب .. يتغير جنسها يقولون ثوب مذهب لان فيه زخرف .. وبعض الأواني والتماثيل .. المهم أي شيء تريد تغييره نحو الاجمل تقوم بزخرفته .. ومنه الكلام حين تزخرفه فهو غير حقيقته .. وقد ورد في القران كثيرا هذه الكلمة منها عن الأرض ,حين تنمو فيها انواع النباتات يقول تعالى:﴿أخذت الأرض زخرفها﴾ وإذا أطلقت على بيت قال تعالى﴿بيت من زخرف﴾ أي: ذهب مزوق، وقال تعالى ﴿زخرف القول غرورا﴾ أي: المزوقات من الكلام .

يقول تعالى : ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ الآية المباركة ترشد إلى قضية عقلية، وهي أنه ليس للإنسان أن يحكم على أي أمر بالنفي أو بالإثبات إلا بدليل وحجة، فكما لا يصح لنا أن نعمل بأي حديث إلا إذا قامت حجة على صحة هذا الحديث، كذلك ليس لنا أن نحكم على أن الحديث مكذوب أو موضوع إلا إذا قام دليل واضح على كونه مكذوبًا أو موضوعًا..

اليك دليل واحد من مسند الإمام أحمد بن حنبل المؤلف : أحمد بن حنبل الناشر : مؤسسة قرطبة في القاهرة ,الأحاديث مذيلة بأحكام شعيب الأرنؤوط يروي انه دخل رجلان على عائشة فأخبراها أن أبا هريرة يحدث عن النبي(ص) انه قال :” الطيرة من الدار والمرأة والفرس” الطيرة هو التشائم ” فغضبت من الرواية .. وقالت والذي أنزل الفرقان على محمد ما قالها رسول الله(ص) قط .. إنما قال كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك.

**** ورد في كتاب الاحتجاج: عن الإمام الجواد (ع) في مناظرته مع يحيى بن أكثم قال: قال رسول الله(ص) في حجة الوداع:” قد كثرت علي الكذابة وستكثر فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار, فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به”…

ماذا يعني بكلمة كذابة .. لماذا لم يقل الكذب او الكذابون ..؟ الجواب معنى الكذابة حين يكثر الكذابون ويكونوا مجموعة ضخمة يمكنها ان تضل الامة .. أي كثرت علي كذابة الكذابين، أي الأحاديث المزخرفة ، لانه مرة ياتي الكذب بصيغة الزيادة والمبالغة .. ومرة ياتي بشكل بهتان أي غير موجود اصلا .. وينسب اليه او قصة مزخرفة تنسب الى فلان وفلان . هذا معنى الكذابة وقد حصلت القضيتان في الاحاديث سواء المبالغة او وضع قصص او نقل قصة لشخص وهو غير صحيح .. هذا يبين انه وقع فعلا كذب على رسول الله (ص)

جاء في الاحتجاج:في جواب الإمام العسكري (ع) في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض .قال: اجتمعت الأمة قاطبة في امر لا اختلاف بينهم في ذلك (أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون، لقول النبي(ص): (لا تجتمع أمتي على ضلالة) فأخبر أن ما اجتمعت عليه الأمة ولم يخالف بعضها بعضا هو الحق،أي القران.. فهذا معنى الحديث لا ما تأوله الجاهلون، وما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب وعدم الأخذ به .. وإتباع حكم الأحاديث المزورة، والروايات المزخرفة، والأهواء التي تخالف نص الكتاب، ثم قال (ع): فإذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقه فأنكرته طائفة من الأمة وعارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة صارت بإنكارها ودفعها الكتاب كفارا ضلالا، وهناك خبر معروف مشهور واضح اجمع عليه ان رسول الله (ص) قال:” إني مخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض”

هذا الحديث وجدنا القران يدعمه بأية واضحة تؤيد قول الرسول(ص) هو قوله تعالى :” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون”. ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين(ع)أنه تصدق بخاتمه وهو راكع فشكر الله ذلك له، وأنزل الآية فيه، ثم وجدنا رسول الله (ص) قد أبانه وأظهره لأصحابه وللأجيال من بعدهم بهذه اللفظة: ” من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه… وحين استخلفه على المدينة – فقال: يا رسول الله أتخلفني على النساء والصبيان؟ ,فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.

فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار وتحقيق هذه الشواهد فيلزم الأمة الإقرار بها إذا كانت هذه الأخبار وافقت القرآن، ووافق القرآن هذه الأخبار، فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله ووجدنا كتاب الله موافقا لهذه الأخبار وعليها دليلا كان الاقتداء بهذه الأخبار فرضا لا يتعداه إلا أهل العناد والفساد. على هذا الأساس بنا الشيعة الأمامية فقههم وعقائدهم، فمهما بلغ الحديث من صحّة الإسناد، فلا بدّ أن يزنوه بهذا الميزان،وميزانهم ان يعرضوه على الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.والإماميّة هي الفرقة الوحيدة بين الفرق الإسلامية التي اشترطت هذا الشرط، وبالخصوص في باب تتعارض فيه الروايات والأخبار.قال الشيخ المفيد(قدس) في كتاب “تصحيح الاعتقاد”: “ان كتاب الله تعالى مقدَّم على الأحاديث والروايات، وإليه يتقاضى في صحيح الأخبار فما قضى به فهو الحقّ دون سواه”ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

**** بناءً على ذلك يفهم المتتبع بأنّ الأمامية, لم يصحِّحوا أيّ كتاب من كتب الحديث عندهم،ولم يعطوا أي كتاب قدسية تجعله بمثابة القرآن، كما هو الحال عند المذاهب الذين يصحّحون كلّ الأحاديث التي رواها البخاري ومسلم، رغم أنّ فيهما مئات الأحاديث التي تتناقض مع كتاب الله.ورغم ما كتب بعض العلماء في تسقيط الروايات والأحاديث , ويكفيك أن تعرف بأنّ كتاب الكافي عند الشيعة رغم جلالة قدر مؤلّفه محمّد بن يعقوب الكليني وتبحّره في علم الحديث، إلاّ أن علماء الشيعة لم يدّعوا يوماً بأنّ ما جمعه كلّه صحيح ، بل هناك من علمائهم من طرح أكثر من نصفه وقال بعدم صحتها، بل إنّ مؤلّف (الكافي) لا يقول بصحّة كلّ الأحاديث التي جمعها في الكتاب .كالذهبي وغيره.هذا على مستوى العقيدة فكيف على مستوى التاريخ الشخصي ..!! فكيف لو كتب تاريخ الأئمة ألاثني عشر .

** في هذا المجلس نحاول ان نخوض في حياة الامام موسى بن جعفر (ع) لنرى ما يأتينا التاريخ بصفحات عن رجل صَفت نفسه الطاهرة، وخلُصتْ سريرته لله تعالى ، فكان أحد كواكب البيت النبوي يُضيء طريق الأجيال وبنور ظلمات الدنيا بعطائه رجل ارتقى إلى مشارف العُلى، علماً وحلماً، وفضلاً فصار بابا للحوائج مهوًى للقلوب ..

لماذا أغفل المؤرخون المسلمون سيرة الإمام وشمائله؟!

لا يمكن لاي مثقف ان يقطع ان التاريخ الاسلامي انصف اهل البيت (ع) وكتب عنهم كما هم بحقيقتهم .. وهذا التاريخ الذي بين أيدينا انما هو نتيجة حاصلة عما كتبه أعدائهم من بني أمية وبني العباس .. وهناك ظاهرة واضحة هي ان التاريخ الإسلامي في القرن الثاني للهجرة وفي فترة كتابة المؤلفات التاريخية الإسلامية المنسوبة إلى السلطة العباسية قليلة جدا لا تتناسب مع ما قام به الأئمة الأطهار جميعا،… خاصة الإمامان الصادق والكاظم (ع) خاصة .. لذا نحن نبحث الآن في تسليط الضوء على هذه الأدوار..

** وبالنسبة الى دور الإمام الكاظم الذي أمضى ثلاث وثلاثين سنة في إمامة المسلمين وهذه مدة أطول بثمانية سنين من إمامة والده الإمام الصادق (ع). وكذلك فإنّها لا تتناسب مع مسيرته التاريخية الطويلة هذه على الرغم من أن الإمام قد عاصر أربعة من العباسيين العتاة الذين ألحقوا به أنواعاً وصنوفاً من الأذى والعذاب والتنكيل في سجونهم المظلمة الظالمة، والذين اغتصبوا حقّ آل البيت الشرعي واستحوذوا شعاراتهم المميزة [كالثأر لآل محمد) والالتزام بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة] خلال ثورتهم على الأمويين. فقد عاصر الإمام الكاظم السنوات العشر الأخيرة من حكم أبي جعفر المنصور ,كان المنصور ابو جعفر منذ تسنّمه السلطة من أخيه السفاح واضعا نصب عينيه تحركات الإمام الصادق (ع) وبعده على تحركات الإمام موسى(ع) فكان همه كله يخطط على الغدر بالإمام الكاظم وقتله، مباشرة بعد أن وصلته الأخبار بوفاة الإمام الصادق (ع). فعاصر السنوات العشر كلّها من حكم ابن أبي جعفر،والمهدي،

مارس المهدي هذا الظالم كأبيه أقسى أنواع الظلم من أجل إيذاء الإمام في سجونه البغيضة، وسعى سعيا حثيثا الى قتله (ع)وألقى القبض عليه وجيء به الى بغداد فوضعه في السجن لأسباب سياسية لم يكتب عنها التاريخ ( تصور اعتقال الامام والمجيْ به من المدينة لبغداد دون ان يكتب الكتاب عن سبب الاعتقال ) ولكن نفهم منها , انها في حقيقتها تنمّ عن حقد المهدي وبغضه آل البيت(ع) وتنم عن مدى غيرته وحسده عندما وصلته الأخبار بوساطة جواسيسه وعملائه المنبثين في مدينة رسول الله (ص) وهي الأخبار التي أخافته كثيرا، مفادها أن الناس في المدينة ومن كلّ الأمصار كانوا خلال أيام الحج يظهرون حبهم وولاءهم للإمام وكانوا يحبونه حبا جما ويتقربون اليه ويتجمعون حوله ..

** لماذا تعمد الكتاب وبشكل متعمد ومتفصد بإبعادهم عن الساحة الاجتماعية والدينية ..؟ واي نوع من الابعاد نجحوا فيه ..؟ الجواب نجحت الدولتان الاموية والعباسية في قضيتين ..***

** الأولى : من خلال إبعادهم وإيجاد شخصيات بديلة عنهم ممثلين للدين . وضعوا لهم أحاديث مزخرفة وتاريخ غير دقيق .. فأصبحت تلك الشخصيات هي الممثلة للإسلام .. وانتهى الحديث اني مخلف فيكم كتاب الله وعترتي . جاءوا ببديل للعترة.

الثانية :. اخفوا الأحاديث والروايات التي تبين فضلهم مدة سبعين سنة .. ووضعوا بدلا عن الاحاديث الصحيحة احاديثا موضوعة تبين احكاما جديدة ما كانت على عهد رسول الله (ص) .. يعني كذبوا بالحديث ليكون دينا ..

(****) ما سبب هذا الإصرار على إبعادهم ..؟ وما الضرر لو اتبع الناس أهل البيت كما أراد الله …؟ الجواب على هذه الاسئلة .. ان لاهل البيت(ع) امتيازات وخصائص لا يمكن لاحد ان يكون قرينا لهم .. لذا من اراد الحياة الدنيا لا بد ان يوجد بديلا عنهم .. لا يمكن ان يكون هناك قرين .. نعم يمكن ان يكون بديل.. لان النبي (ص) قال :” نحن لا يقاس بنا احد ”

من ذكر أخباره (ص) “عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله(ص)(إنا أهل البيت أختار الله لنا الآخرة على الدنيا وان أهل بيتى سيلقون بعدى أثرة ( ) وشدة وتطريدا في البلاد حتى يأتي قوم من ههنا وأشار بيده نحو المشرق أصحاب رايات سود فيسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون ويعطون ما شاءوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتى فيملؤها عدلا كما ملئت ظلما فمن أدرك ذلك فليأتهم ولو حبوا على الثلج) أخرجه أبو حاتم بن حبان (ومعنى الاثرة هي الأنانيّة ، تفضيل الإنسان نفسه على غيره سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً (يستأثر أمراء الجور بالفيء) .

وعن عمربن الخطاب : أن النبي (ص)قال في كل خلوف ( أي الجيل اللاحق من السابق ) من أمتى عدول أهل بيتى ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ” ألا وان أئمتكم وفدكم إلى الله عزوجل فانظروا بمن توفدون “. ذكرها المُلَّا علي القاري الهروي (ت. 1014هـ ) هو فقيه حنفي ما تريدي صوفي، من علماء السنة والجماعة.

الامتيازات التي لا يقاس بهم احد …

أولا :… قبول الأعمال لا تتم إلا بهم ..وهذا يسمى في المشروع الديني الإسلامي (الولاية لأهل البيت -ع) .. مثال على ذلك … في قبول أعمال الحج وتحقيق غاية كما يظهر من الرواية التالية: عن الإمام جعفر(ع) قال:”أتدرون أي بقعة في المسجد الحرام أفضل عند الله حرمة. ذاك ما بين الركن والمقام وباب الكعبة، هنا حطيم إسماعيل(ع )، ذاك الذي كان يدور فيه غنيماته ويصلّي فيه،.. ثم اوجز الطواف والصلاة فيه .. فقال:” والله لو أنّ عبداً صفّ قدميه في ذلك المكان، قام الليل مصلياً حتى يجيئه النهار، وصام النهار حتى يجيئه الليل، ولم يعرف حقّنا وحرمتنا أهل البيت لم يقبل الله منه شيئاً أبداً” ..

رواية أخرى :.. الولاية تمام الحج: عن الإمام الصادق(ع) “إذا حج أحدكم فليختم حجّه بزيارتنا لأن ذلك من تمام الحج”.. وعن الإمام الباقر(ع) : “إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرهم”..

ثانيا : الولاية شرط قبول الأعمال: عن أبي سلمى, راعي رسول الله (ص) قال: سمعت رسول الله(ص) يقول: ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله:* (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه قلت: والمؤمنون كل آمن بالله و ملائكته وكتبه ورسله..؟ قال: صدقت يا محمد، من خلفت في أمتك؟, قلت: خيرها.قال: علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم يا رب، قال: يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة، فاخترتك منها، فشققت لك اسما من أسمائي، [فلا اذكر في موضع إلا ذكرت معي], فأنا المحمود وأنت محمد. ثم اطلعت الثانية منها، فاخترت عليا، وشققت له اسما من، أسمائي، فأنا العلي الأعلى وهو علي. يا محمد، إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده عليهم السلام من سنخ نور من نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرضين . فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين. يا محمد، لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم.

يا محمد، تحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب.فقال لي: التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا أنا بعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن حمد، وموسى ابن جعفر، وعلي بن موسى (الرضا) ، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والمهدي في ضحضاح من نور، قيام يصلون وهوفي وسطهم يعني المهدي يضئ كأنه كوكب دري، فقال: يا محمد، هؤلاء الحجج وهوالثائر من عترتك، فوعزتي وجلالي انه الناصر لأوليائي، والمنتقم من أعدائي، ولهم الحجة الواجبة، وبهم يمسك الله السماوات أن تقع على الأرض إلا بإذنه .. اسد الغابة ابن الاثير ج2 ص16 ..

ــــ*ـ* لماذا كانت الولاية شرطاً في القبول؟… يظهر الجواب فيما ورد عن الصادق(ع) عن آبائه: “مرَّ موسى بن عمران برجل رافع يده إلى السماء يدعو فانطلق موسى في حاجته فغاب عنه سبعة أيام ثم رجع إليه وهو رافع يديه يدعو ويتضرّع ويسأل حاجته فأوحى الله عزّ وجل إليه: يا موسى، لو دعاني حتى تسقط لسانه ما استجبت له حتى يأتيني من الباب الذي أمرته به..

*** ومنزلة الولاية: منزلة عظيمة عند الله تعالى فهي: النبأ العظيم: يقول الصادق (ع) في تفسير قوله تعالى: ﴿عَمَّ يَتَسَاءلُونَ*عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾، قال: “النبأ العظيم هي الولاية” . وقوله (ع) في تفسير قوله تعالى: ﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ قال: “الحسنة هي الولاية”. وقوله تعالى:﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾ قال: “الولاية” ولذا اعلن رسول الله (ص) مرات عديدة الحديث ( علي مع الحق والحق مع علي يدور معه كيفما دار) ..

ـــــــــ فقد وردت عدة روايات تفيد هذا المعنى ، وبعض هذه الروايات معتبر من حيث لسند ، ونذكر منها: عن تميم القرشي ،عن أبي الصلت الهروي ، عن الإمام الرضا [ع] في نفي قول من قال : إن الإمام الحسين [ع] لم يقتل ، ولكن شبِّه لهم ، قال [ع] :والله ، لقد قتل الحسين ..وقتل من كان خيراً من الحسين ، أمير المؤمنين ، والحسن بن علي ، وما منا إلا مقتول ، وإني ـ والله ـ لمقتول بالسم الخ ..

لذا ليس غريبا أن يتجاهل أو يحرف مؤرخو السلطتين الأموية والعباسية ورواتهم وأن يغيبوا ذكر مناقب أئمة أهل البيت وسيرتهم ومكانتهم العقيدية والتاريخية والعلمية. لهذا فإن حياة الامام الكاظم (ع) تثير استغراب المستمع … ولتوضيح المسالة أكثر , لو اراد احد المستشرقين .. بريطاني أو ألماني أو فرنسي أو أمريكي أن يكتب عن سيرة أئمة أهل البيت (ع) في الوقت الذي وقف فيه مؤرخو الأمة الإسلامية موقفا سلبيا ومتجاهلا محرّفا لأخبار الإمام الكاظم (ع) والأئمة عموماً (ع) ..

لذلك البحث في حياتهم لغرض بيان وتوضيح سيرتهم ودورهم في الحياة الاجتماعية هي إسهامات فاعلة في أحداث التاريخ الإسلامي. والمفروض علينا أن نقوم باحياء دورهم لننال بذلك العمل شرف الدنيا والآخرة؛ وان لا يقتصر البحث في حياته واسم أمه ونقش خاتمه وكم سنة عاش وأين مات .. لان هذه المعلومات مكررة ويعرفها الجميع ..

اليوم في ظل تغييب سيرة اهل البيت يكون اول المهمات على الخطباء والأدباء بيان دور الامام في كل مناسبة وما قام به في حياته وما سبب أبعادهم وما هي ولايتهم ..؟ لان لو أي امة لديها أشخاص كما عندنا شخصيات أهل البيت , لعملوا لهم تماثيل في السماء.!! لان ان نسعى الى الاقتصار على ترديد ما لا يفيد الوعي عند المسلمين وغيرهم ..

**** معاني الأخبار، عيون أخبار الرضا عن الهروي قال: سمعت الإمام الرضا(ع) يقول: “رحم الله عبد أحيا أمرنا فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا، قال: قلت يا ابن رسول الله فقد روي لنا عن أبي عبد الله(ع)أنه قال: من تعلم علما ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو ليقبل بوجوه الناس إليه فهو في النار. فقال(ع) : صدق جدي (ع) أتدري من السفهاء؟ قلت: لا يا ابن رسول الله، قال: هم قصاص مخالفينا، وتدري من العلماء؟ فقلت: لا يا ابن رسول الله، فقال: هم علماء آل محمد (ص) الذين فرض الله طاعتهم وأوجب مودتهم، ثم قال: وتدري ما معنى قوله:أو ليقبل بوجوه الناس إليه؟ قلت: لا، قال: يعني والله بذلك ادعاء الإمامة بغير حقها، ومن فعل ذلك فهو في النار.

** فهذا شيخ المؤرخين محمد بن جرير الطبري يمثل هذه الحالة إذ يتعامل مع استشهاد الإمام الكاظم (ع)،حين يقدّم رواية سلطوية واحدة مفادها أنّ الإمام لم يقتل من قبل هارون العباسي ,إنما توفي وفاة طبيعية وذلك عندما أسهب بشكل لافت على الممارسة التي مثّلها صاحب الشرطة السندي حين حشّد لهذه المسرحية من القضاة والوجهاء كشهود عيان على ذلك الأمر المخزي؛ ولم ينبس بكلمة واحدة توحي بأنّ استشهاده قتلا هي من أوامر هارون الجائرة. وهذا الاتجاه في الرواية التاريخية قد غلب على المرويات التي دوّنها مؤرخو الأمة, بمعنى تدوين الرواية المحرّفة التي تخدم السلطة العباسية. ولولا وجود عدد من المؤرخين المعروفين بميولهم الشيعية أو باعتدالهم في مروياتهم التاريخية ووجود الفقهاء والعلماء الشيعة الذين دونوا الأصول الشيعية الأربعة في زمن التحرر من التعصب السلطوي أي خلال عهد البويهيين لانطمس إرث الأئمة (ع) وخفي كثير من المعلومات من معاملات العباسيين القاسية بحقهم خوفا على سلطتهم غير الشرعية التي اغتصبوها ..

ــــــــ قبالة تجاهل المؤرخين المسلمين لسيرة الإمام الكاظم .. ليس غريبا أن يتجاهل اغلب المجتمع الان حياة الامام موسى بن جعفر وتبقى ذكراه مجرد احتفالات في يوم شهادته .. ولكن المجتمع لا يعلم ان للائمة المعصومين ثورتانت كبيرتان الاولى للامام الحسين (ع) في كربلاء عام 61 هجرية .. وما لهذه الثورة من تداعي وويلات , استفاد منها المجتمع الشيعي في تجاوز ما حدث قبل واثناء وبعد الثورة الحسينية ..

وهذه كلها يعرفها الامام موسى بن جعفر (ع) الذي كاد ان يطيح بدولة الميوعة والخمور بني العباس . غير ان السلطة الاموية نجحت بالقاء القبض عليه وإيداعه السجن .. وعمدوا ان لا يذكره احد في التوثيق .. ولكن اغلب الاخبار التي جاءتنا عن الإمام الكاظم (ع) انما جاءت عن طريق المستشرقين ..

فاذا كان الأمويون والعباسيون تقصدوا ان لا يذكروا اهل البيت .. فان الكتاب المنصفون الغربيون كتبوا عنهم مما حملت بعض الكتب شتات من هنا وهناك ..وهذه شحة من المعلومات التي أوردها مؤرخو السلطة العباسية عن مناقب أأمتهم فإنهم ملأوا كتبهم بأخبار ساداتهم من الأمويين والعباسيين ومناقبهم وأطّروا أعمالهم بهالات من المدح المزيف فانتجوا رواية مادحة خاصة بهؤلاء الحكّام سمّاها المستشرق الدانمركي بيترسن (الرواية الأموية والرواية العباسية في كتابه الموسوم (علي ومعاوية)) ونشره في كوبنهاكن سنة 1964 وتم ترجمته الى اللغة العربية وصدر إلى المكتبات العربية ..

+هذه الكتب رغم قلتها تركت أثراَ في الواقع الأوربي,عرفوا من خلالها الإسلام الحقيقي .وهذه الأفكار هي التي نشرت الإسلام في اوربا . لذلك الحرب التي تشنها أمريكا وإسرائيل هي حرب ضد الفكر وليس ضد سياسة دولة أسلامية .. فان هناك عشرات البلدان الإسلامية ولكن لا أمريكا ولا إسرائيل لها علاقة بإسلامهم ..وأنتجت المدرسة الألمانية مستشرقا آخر متخصصا في ميدان التشيع وهو البروفسور ولفريد مادولنك في الكتابة عن سير عدد من الأئمة الأطهار. وقد اعتمد في هذه البحوث على المصادر الأولية الشيعية وعلى مصادر ومخطوطات أخرى، فمثلا استند على تاريخ المذهب الزيدي لغرض تقديم معلومة جديدة لم تشر اليها المصادر تتعلق بدور الإمام الكاظم (ع)السياسي…

وهناك مستشرق ألماني آخر تخصّص في ميدان التشيع ألف كتابا باسم الشيعة في عام 1988وترجم مرتين الى اللغة الإنجليزية وقد وقف على موضوع مهم في عقيدة الشيعة الإمامية بفلسفة الاستشهاد واستشهاد الإمامين الكاظم والجواد (ع). وللمستشرق بحوث أخرى عن ميادين مختلفة بشأن التشيع.ولا بد ان ناتي الى ذكر العالم اليهودي ( ايتان) الذي درس سيرة الإمام الكاظم (ع) مستنداً الى كثير من المصادر الشيعية السنية .

الملاحظ أنّ هناك عددا من المستشرقين وقفوا في دراساتهم على حياة كل من الإمامين الكاظم والجواد مشيرين الى المضايقات المتكررة التي تعرضا أليها من قبل العباسيين.لعل السبب في عدم ذكره المؤلفات الشيعية هو أن المصادر والمؤلفات الشيعية لم تكن قد كتبت في تلك الفترة المبكرة.ولذلك ورثنا تاريخا غير شيعيا .. حينما تطرق المستشرقون الى هارون العباسي وموقفه المخزي من الإمام الكاظم، وتآمره على قتله في كتابه الموسوم (الخلافة ظهورها وقيامها وتدهورها وسقوطها ),Decline and Fall) المطبوع في لندن سنة 1924م. هناك ملاحظة جديرة بالتنويه اليها وهي غزارة انتاج مدرسة الاستشراق البريطانية في حقل التشيع والكتابة عن أئمة أهل البيت الأطهار (ع)..

ــــــــــــ ان هارون الرشيد يحصر حرصاً شديداً على ملكه، يضحّي في سبيل السلطة جميع المثل والقيم والمقدسات. وقد عبّر عن مدى تفانيه في حب السلطة بكلمته الحقيرة التي تناقلتها الأجيال وهي:ما قاله لولده( لو نازعتني هذا الامر لاخذت الذي فيه عيناك )…بل لو نازعه رسول الله (ص) على السلطة لأخذت الذي فيه عيناه).فكيف وقد عرف ان الامام يقود ثورة كبرى كثورة جده الحسين , إضافة الى قيام دولة الادارسة في المغرب ..

كان يحز في نفسه انقطاع الناس إلى أهل البيت (ع) فكان يخرج متنكراً ليسمع أحاديث العامة،ويقف على رغبتهم واتجاههم، فلا يسمع إلا الذكر العطر، والحبّ الجامع والثناء على الإمام علي وابناءه (عليهم السلام).فقرر التخلص من الامام موسى بن جعفر.. وكلف

الامر بالسندي بن شاهك ..كان الامام يدعو ربه .. الهي يا مخلص اللبن من فرث ودم خلصني من سجن هارون .. يا مخلس الشجر من رمل وطين خلصني من سجن هارون .. كان علي بن سويد يرى الأغلال بيديه وهو في الطاموره .. وآخر مرة رآه مكسور الساق وقد لف سا قه بخرقة …

فسأله : سيدي أما ان لسجنك آن ينقضي …؟ فأجابه الإمام ردا أن يخبر الشيعة كلهم .. قل لشيعتي أن ينتظروني بعد ثلاثة أيام على جسر بغداد . فتجمع الناس مقابل السجن … خرج اربعة من الحمالين يحملون جنازة الإمام موسى بن جعفر …

جابوه والحديد امزنجل برجليه ….. ولا واحد من عمامه كدر يوصل ويحميه ….. خل هاشم تجي لبغداد وتشوفه … للجسر تتعناه محني الراس مكشوفه …. ابجوا عليه يشيعة واكثروا بالنوح … مصيبتهم من تذكروها تفت الروح …..

هرعت جماهير بغداد الى تشييع الإمام فكان يوماً مشهوداً لم تر مثله في تاريخها فقد خرج الجميع لتشييع جثمان الإمام{ع} والفوز بحمل جثمانه، وسارت المواكب وهي تجوب شوارع بغداد وتردد أهازيج الحزن واللوعة، متّجهة نحو مقابر قريش، وحفر له قبر فيها وأنزلوه …

ولكن أبو عبد الله بقي ثلاثة أيام بدون غسل ولا كفن … يا حفار كبره زين وسعه … من تنزله بهيده لا تضعضعه … من حيث مكسور ضلعه … بجدنا عليك الجفه رجعه … ودور على المكطوع اصبعه … يخفاك ضلع امه الزهرة … ضلعها الاصل واحسين فرعه …مطروح ضل محد يرفعه ….

أحدث المقالات