22 ديسمبر، 2024 10:16 م

مجلس حسيني ــ الإلهام والروح في مفهوم القران

مجلس حسيني ــ الإلهام والروح في مفهوم القران

بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [ الشمس الآيات :7-10]
في هذا المجلس المبارك أتحدث عن مفهومين وردا في الاية المباركة .. الاولى معني النفس وما الفرق بين النفس وبين الروح ..؟ والكلمة الثانية ما معنى الالهام وكيف يحدث في الإنسان ..؟ لان الإلهام سر من أسرار الروح.! النفس وأقسامها

** نفسُ الإنسان هي الجزء الّذي خاطبه القرآن الكريم في كل اياته ..والنفس هو الجزء المكلّف دائماً في الأمور، لان النفس تختلف عن الروح ..النّفس هي الذّات، هي الأساس في الإنسان، نقول ذات الشيء يعني نَفْسُ الشَّيء وعَيْنُه، الَّذي لا يختلف عن شيْ آخر في حقيقته وجَوْهَره، لان النفس مطابق لجوهره هو مُطابِقٌ له ومُعادِل ومُساوٍ له تَمامًا. وقد اعطى علماء النفس اهتماما كبيرا عن الذات فقالوا :

** في تعريف الذات ..مفهوم الذات على أنّه: “اعتقاد الفرد عن نفسه وتتمثل الذات في صفات الشخص , ومن هو وما هي صفاته التي تؤسس ذاته”.

والطفل في بداية حياته , لا يشعر بذاته .. ولكن يتشكل مفهوم الذات خلال مراحل النمو ..بناءً على المعرفة التي يحملها عن نفسه، وهذا ليس له علاقة بعمر محدد .. قد يكون صغيرا ولكنه يعرف ذاته . وقد يكون كبيرا وهو لا يعي ولا يفهم عن ذاته شيئا.ولكن معرفة الذات تكون في بدايتها ..

قد يحمل فكرةً عن هويته من ناحية جسدية،حين يتفكر الطفل بجسده وجماله والعابه وحرصه وبخله واحتفاظه بالاشياء .. هذا جزء من ذاته .. ويتكون مفهوم الذات من عدّة بنى أخرى، مثل: الصورة الذاتية جمال او قبح ، والكفاءة الذاتية والاعتماد على الذات والنفس او بالعكس لا يعي ولا يعتمد على نفسه في شيء وهذا يسمى الوعي الذاتي،وكثير من الناس لا يعرفون ما يفيدهم وما يضرهم ويُركز علم النفس وبالتحديد علم النفس الاجتماعي على كيفية تطور مفهوم الذات ضمن االبيئة والمجتمع للفرد والمجتمع ،مثلا مجتمع يمتلك ارضا ومياها واجواء مواتية ولكنه لا يزرع , يعتمد على الاستيراد . كل واحد يعتبر نفسه اميرا .

لذلك يُركز مفهوم الذات على سلوكيات الأشخاص. لان الذات هي النفس التي تحاكي الواقع البشري من خلال مجموعة من التصورات،

وهناك صور متعددة عن الذات الانسانية ( النفس البشرية ) مثل تفكير الشخص عن نفسه بأنّه انطوائي، أو منفتح، أو غير مسؤول، وجوانب أخرى عديدة تتعلق بالشخصية، ويشمل أيضاً مفهوم الذات أبعاداً أخرى، مثل: الميل للجنس بشكل قوي او الميل لجمع المال وكنزها .. هذه كلها تشكل ذات الانسان ونفسه التي تصدر منه وهي باختياره تماما ( وتعني مدى تقدير الشخص لنفسه قبوله لها، ويشتمل تقدير الذات على درجة من تقييم النفس،والآخرين .. ربما تكون نظرة الفرد لنفسه إيجابيةً أو سلبية،.. وتُؤدّي النظرة الايجابية للنفس إلى قبول الذات،

ثقة الشخص في قدراته، والتفاؤل، وعدم الاهتمام بما يعتقده الآخرون عنه، أمّا تدني احترام الذات أو النظرة السلبية نحو الذات فإنّها تُؤدّي إلى التشاؤم، وفقدان الثقة بالنفس، واهتمام الفرد بما يعتقده الآخرون عنه بشكل مبالغ فيه، والسعي إلى تقمص شخصيات الآخرين، ويُشار إلى وجود العديد من الاختبارات التي تقيس تقدير الفرد لذاته،… اقرب لك الصورة ..

** يتصور بعض الناس أنهم يمتلكون تقديراً إيجابياً وقويا عالياً للذات. ولكن غير صحيح دائماً… إحدى مآسي العصر الذي نعيش فيه يخص القادة الكبار بل حتى الصغار والمخترعين، والفنانين، والأشخاص الذين قدموا إسهامات للمجتمع البشري … ولكنهم يقعون ضحايا تقدير الذات المتدني عندهم . فبعض الأشخاص الذين يحظون بقدر هائل من الإعجاب والاحترام في التاريخ أصبحوا مهمين وكبار وحين يصدمون بواقعهم , تجد بعضهم يدمنون على المخدرات، والكحول، وربما ارتكبوا جريمة الانتحار مجرد الفرار من ذات لم يتمكنوا أبداً من قبولها كما أرادوها ولما أحسوا إنهم فشلوا ,تحولوا إلى بغضها وكراهيتها…..هذه تسمى في علم النفس ردة الفعل في النفس .. حين يعرف الشخص عن نفسه حقيقته وذاته ويقارنها بالاخرين تاتي صورة ثانية عن نفسه وذاته . فتكون ردة فعل , واهونها ان يصبح منطويا على نفسه , ومن اكبر المصائب حين تاتي حادثة على نفس الانسان لا يتحملها , مث العار . او الخسارة الثقيلة , فينطوي او يموت.

جاء في القران الكريم قوله تعالى : (الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ِۚ).

** تنقسم النفس إلى ثلاثة أقسام، وهي:

اولا :النفس المطمئنّة وهي أرقى درجات الخير والجمال الّتي تصل إليها النّفس البشريّة؛ لذا فإنّ الوصول إلى تلك المكانة المرموقة والمتمثّلة في درجة النّفس المطمئنّة يحتاج إلى كثيرٍ من العمل،وتحتاج اساسا .. للوصول الى النفس المطمئة ان تهربٍ من أي خداع لنفسك ,ترتقي إلى هذه الدرجة، وبعد الصّدق مع النّفس وصادقاً مع الله ومخلصاً له في عملك … وتبتعد عن كلّ المعاصي والآثام لنيل رضاه، وأخيراً عليك أن تكون صادقاً مع الآخرين من حولك. وقد جاء ذكر النفس المطمئنّة في القرآن الكريم، قال تعالى: (يا أيّتُها النّفسُ المُطمئِنّةُ ارجعي إِلى ربِّكِ راضيةً مرضيّةً فادخُلي فِي عِبادِي وادخُلِي جنّتِي)..

الثانية :.. النّفس الأمّارة بالسوء /.. هي النّفس الّتي تكون جاهزةً للشرّ والفتنة، تعمل بأوامر الباطل وتقترن بالشّيطان والهوى، فتفعل السّوء،هي دائماً ما تأمر صاحبها بفعل الخطايا والآثام وارتكاب الرذائل موسوعة شاملة لكل سوء مع النفس ومع الله والمجتمع .. لذلك جاء في بعض الايات ان وضع الله ذاته المقدسة بدىلا عن الناس في القران .. ( انما جزاء الذين يحاربون الله واللذين امنوا) لا احد يمكنه محاربة الله , فوضع تعالى اسمه بدلا عن الناس .. ” إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مّ هينا “..

وبئس المصير، وقد قال تعالى في ذلك: (وَمَا أُبَرِّىءُنَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ) وذُكر أن يوسف قال هذا القول، لما قال:( ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ )، قال ملك من الملائكة: ولا يومَ هممت بها! فقال يوسفُ حينئذ: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) .

ثالنا :.. النّفس اللوّامة :. وهي درجة وسطى بين كلٍّ من النّفس الأمّارة بالسّوء وتلك المطمئنّة؛ الانسان يقع بالذّنب، ولكنّه يعترف بذنبه ويحاسب نفسه , يتالم من لوم نفسه على ما فرط بجنب الله قال تعالى: ( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) فالنفس هي ذات الإنسان التي يتصرف من خلال الروح والجسد طيلة حياته , فتكون الإفرازات البشرية منه هي النفس .

، فما إن نزعت روح الإنسان منه بطل كلّ ذلك وفسد، فالإنسان لم ينتفع بخلق الله من بصر وسمع وغيرها إلّا بعد أن نُفخت فيه روحه، قال تعالى: (فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) إذاً الرّوح هي الأساس ففي يوم القيامة تعود الأرواح إلى الأجساد بعد النّفخ في الصور فيقوم الناس أحياء “( وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ* قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ )..

– الصور: هو القرن الي ينفخ فيه اسرافيل (ع) عند بعث الموتى إلى المحشر، عن علي بن الحسين (ع): ((للصور رأس واحد وطرفان، وبين طرف رأس كل منهما إلى الآخر مثل ما بين السماء إلى الأرض… قال: فينفخ (اسرافيل) فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي الأرض فلا يبقى في السماوات ذو روح إلا صعق ومات إلا إسرافيل ، قال: فيقول الله لإسرافيل: يا إسرافيل مُت، فيموت).

***وورد عن رسول الله (ص) أنه قال:(الصور قرن من نور فيه أثقاب على عدد أرواح العباد)).أكثر المفسرين اعتبروا (النفخ في الصور) كناية عن كيفية نهاية العالم وبدء البعث. ولكن عدد قليل منهم قالوا أن (صور) هي جمع (صورة) وطبقاً لهذا القول فقد أعتبروا النفخ في الصور يعني النفخ في الوجه، مثل نفخ الروح في بدن الإنسان، ووفق هذا التفسير ينفخ مرة واحدة في وجوه بني آدم فيموتون جميعاً، وينفخ مرة أخرى فيبعثون جميعاً.

2- النفخة الأولى: وهي نفخة الصعق وهي تشمل أهل السماوات: وهم جميع ملائكة السماوات السبع بكافة طبقاتهم.

اختلف المفسرون في من هم المستثنون في قوله تعالى: (( فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرضِ إِلاَ مَن شَاء اللَّهُ ) ذهب جماعة من المفسرين إلى أنهم الملائكة الكبار كجبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل.الراي الثاني إنهم حملة العرش الثمانية. الراي الثالث هم اصحاب الارواح الطيبة الشهداء.

وأخيرا هم محمد وآله (عليهم السلام)، وقد ورد في كل من هذه النقاط رواية أو أكثر. في بعض الأخبار أن الفاصلة الزمانية بين النفختين هي (40) عاماً، ولكن لا نعلم على التحقيق أهي من سني الدنيا أم من سني الآخرة.

***ـــــــــــــ*** الالهام كيف يقع في القلب , ومدى حدوده ..!!

الإلهام : هو إيقاع شيء في القلب.. بحيث يطمئنُّ له ولذلك يحاول تنفيذه بعد اقتناعه به .. وينقسم الى اقسام متعددة , حسب درجة استعداد الإنسان نفسيا .

هناك الهام معروف بشكل واضح هو الإلهام الفكري والثقافي عند كتاب القصة والشعر والنقد وغيرهم وكذلك الباحثين في التاريخ واستخلاص الافكار من الحوادث ,هذا لا يكون لكل إنسان سوى أصحاب الإبداع الفكري والثقافي والعملي .. مثلا الإلهام الشِّعريّ : هو نوع من حالة تسموّ بالذِّهن في وقت يسبق التَّأليف الخلاَّق ، يحسّ الشاعرُ أثناءه أنّه يتلقَّى عونًا من مصدر علويّ , فيعبر الشاعر عما في عقله من خلال ذلك الإلهام . يقول الجواهري في في عينيته :وطفت بقبرك طوف الخيال .. بصومعه الملهم المبدع .. وخلت وقد طارت الذكريات .. بروحي الى عالم ارفع.. كان يدا من وراء الضريح .. حمراء مبتورة الأصبع . هذا كله خيال ..

*** رأي مدرسة الصحابة في الإلهام :.. يقولون الإلهام في حق غير الأنبياء: فقد تنوعت أنظار العلماء، وتعددت آراؤهم حول حجيته واعتباره دليلًا شرعيًّا، وهي في جملتها لا تخرج عن ثلاثة أقوال:

القول الأول: إن الإلهام حجة مطلقًا، وبه قال طائفة من الصوفية والجبرية .

القول الثاني: إن الإلهام ليس بحجة مطلقًا، وبه قال الشعراني والألوسي.

القول الثالث –وهو الراجح عندهم -: إن الإلهام ليس بحجة ولا دليلًا مستقل، ولكنه يجوز عمل الشخص الملهم به بشروط، وهو قول جمهور العلماء، وممن قال به: أبو ابن تيمية، وغيره…………

……. حقيقة الرأي السائد :…. . يقول بعض العلماء: أن الإلهام نوع من الوحي لان الوحي ليس مقصورًا على الرسل والأنبياء، لان الله حينما خلق الإنسان ما تركه يلاقي مصيره دون توجيه ..بل هناك تواصل بينه وبين عبده .عبر الإلهام ..هذا الإلهام هو سر من أسرار الروح … يراه الإنسان ويشعر بها ..

** عادة الإلهام هي لحظة يكون فيها تداخل .. بين حاضر الإنسان ومستقبله .. بصورة أوضح يستكشف الإنسان في لحظتها ما أمامه. والإلهام ـ إن صح التعبير ـ هو العين الثالثة التي يرى بها الإنسان شيئًا لا يراه الآخرون، ويسمى الحدس والاستبصار والبصيرة العميقة، فضلًا عن كونه نوعًا من القراءة الخفية،لحوادث او مواقف يريد ان يحققها , فتاتي عن طريق الالهام .. وهذا لا يعني ان الالهام موجود عند الجميع .. فهو من مختصات الأذكياء فقط ..ولكن هذا لا يعني انه لا يحصل للإنسان العادي .. مثلا ..تسمع من شخص معين .

** حدث يحدث حريق في عمارة ..ولم يتعرض احد للحرق .. كان الإطفاء يشرفون على الانتهاء ..فجأة ينطلق شاب داخل البناية . لا يراعي خطورة الدخول في النار,صار يركض من غرفة إلى غرفة حتى وصل إلى مكان فيه صبي يلوذ تحت السرير .فأخذه خرج من وسط النار الى الشارع .بعد دقائق سقط سقف الغرفة.هذا يسمونه الناس ( ما واصل يومه ) ولكن القضية هي الهام .

*** اعود للموضوع .. كيف يحدث الإلهام …؟ وما الذي يمكن أن يعمله الإنسان داخل نفسه حتى يظفر بلحظة إلهام؟، هناك عدة أشياء منها:

1 ـ توجه القلب: إنسان عنده مشكلة يفكر أيامًا طويلة دون أن يجد نتيجة، ولكن في لحظة معينة جاءه الحل من جهة لا يدري بها ولا يتصورها.هذا نموذجً للإلهام،

2 ـ إذا كان عنده مشكلة يجب ألا يفقد الأمل في الله ( جعلت لكل هول لا اله الا الله , ولكل نعمة الحمد لله , ولكل رخاء وامان ما شاء الله , ولكل مصيبة انا لله وانا اليه راجعون ,, ولكل أمر من أمور الدنيا والآخرة , حسبي الله ونعم الوكيل عليه توكلت وهو ارحم الراحمين . الأمل بالله تعالى .

3- الدعاء والتسبيح : حين يكون الإنسان منقطعا الى حاجة فان قلبه يتعلق بالسماء يدعو ربه .. يشعر ان الله سيعطيه ما يريد . ويتعلق قلبه بذكره وتسبيحه.

**** إلهام الفجور؟!! ألهمها فجورها وتقواها .. ما معنى الفجور ..؟ الفجور هو : ممارسة وحب عمل المرء في المَعاصي والمحرمات غير مُكْترِث بها. وهذا يشمل الأمة أحيانا كلها فاجرة .. حين يصبح عندهم السرقة والرشوة عادة , تصبح امة فاجرة .حين تباع مواد مسروقة من دولة جارة من بيوت الناس . هذا فجور.

**نقل المجلسي ,عن الإمام الصادق (ع): أن أمير المؤمنين علياً (ع) سُئل عن لفظ الوحي في القرآن.. معنى الوحي : فأجاب:للوحي حالات عديدة (منه وحي النبوة ــ ومنه وحي الإلهام ــــ ومنه وحي الإشارة ـــ ومنه وحي أمر، ومنه وحي كذب،..

أما معنى وحي النبوة والرسالة فهو قوله تعالى:( إِنَّا أَوحَينَا إِلَيكَ كَمَا أَوحَينَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعدِهِ ) . .. **أما وحي الإلهام فقوله عز وجل ( وَأَوحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتاً ) والآخر ( وَأَوحَينَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَن أَرضِعِيهِ فَإِذَا خِفتِ عَلَيهِ فَأَلقِيهِ فِي اليَمِّ )),وأما وحي الإشارة فقوله ( فَخَرَجَ عَلَى قَومِهِ مِنَ المِحرَابِ فَأَوحَى إِلَيهِم أَن سَبِّحُوا بُكرَةً وَعَشِيّاً )), أي أشار إليهم .. كقوله تعالى: ( أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمزاً )).

أما وحي الكذب فقوله ( شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعضُهُم إِلَى بَعضٍ).**أما وحي الخبر فقوله( وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )

**هذه هي أقسام الوحي الوارد في القرآن والفرق واضح (بين وحي ووحي) فوحي الرسالة والنبوة .يتضمن نقل الشرائع والأحكام من الله تعالى إلى الناس بواسطة الأنبياء ..هنا تبليغ شريعة ودين .. يختلف عن مهمة (الإلهام الذي يرشد إلى فعل ما وتوجيه ما كإرشاد أم موسى (ع) إلى القاء ابنها في البحر، أو الوحي إلى النحل ببناء البيوت.ولذلك يمكن ان يكون الارشاد لاي انسان غير نبي…

(***أما الإيحاء إلى الأئمة المعصومين (ع) أو نزول جبرئيل (ع) عليهم نقول: ورد في الأخبار الصحيحة أن أئمة أهل البيت (ع) : (علماء صادقون محّدثون ) .

عن ابي جعفر الباقر(ع)عن علي ,عن الرسول والنبي والمحدّث، قال: الرسول الذي يأتيه جبرائيل قبلاً فيراه ويكلّمه فهذا الرسول( يعني مكاشفة بينهما ) وأما النبي فهو الذي يرى في منامه (نحو رؤيا إبراهيم – اني رايت في المنام اني أذبحك . ورؤيا يوسف(ع) ” اني رايت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رايتهم لي ساجدين).

وكذلك ما كان يراه رسول الله (ص) من علامات مقدمات النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرائيل(ع) من عند الله بالرسالة وكان محمد (صلى الله عليه وآله) حين جمع له النبوة وجاءته الرسالة من عند الله يجيئه بها جبرائيل ويكلمه بها قبلاً، ..

نعم هناك من الأنبياء جمع كبير منهم ( الوحي اليه )يراه في منامه ويأتيه الروح ويكلّمه ويحدّثه من غير أن يكون يرى في اليقظة،……أما المحّدث فهو الذي يحدثّ فيسمع، ولا يعاين ولا يرى في منامه) .. وفي صحيح البخاري نص حديث: 1504 عنْ أبي هُرَيْرَة قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ(ص)”لَقَدْ كَان فِيما قَبْلَكُمْ مِنَ الأُممِ نَاسٌ محدَّثونَ، فَإنْ يَكُ في أُمَّتي أَحَدٌ، فإنَّهُ عُمَرُ” رواه البخاري، ورواه مسلم عن عائشةَ. قال المؤلف البخاري .اي يجري على ألسنتهم الصواب من غير نبوة..

لذلك اعتبرت مدرسة الصحابة ان جميع الصحابة محدثون.. ولكن تقلس الامر واختصر على خطين من الصحابة .. هم الخلفاء الثلاثة وبعض المقربين منهم . ممن لهم موقف من دعمهم , بل عداءهم من أمير المؤمنين (ع) فيكون محدث .

**قال النووي في شرح صحيح مسلم : اختلف تفسير العلماء للمراد بمحدثين فقالوا انهم ملهمون أي يأتيهم الإلهام من الله ( فألهمها فجورها وتقواها ) ولكن الآية تتحدث عن الاعمال الصالحة والطالحة .. فقالوا 🙁 مصيبون إذا ظنوا في شيء فكأنهم حدثوا بشئ فظنوه)قيل : تكلمهم الملائكة، وجاء في رواية : ( إنهم مكلمون.). قال البخاري : يجري الصواب على ألسنتهم لإثبات كرامة الأولياء.

** جاء في تفسير القرطبي.ص (45) يجري الصواب على لسانهم بلا قصد ــ أو تكلمه الملائكة بلا نبوة ــ أو من إذا رأى رأيا أو ظن ظنا أصاب كأنه حدت به، والقي في روعه من عالم الملكوت فيظهر على نحو ما وقع له، وهذه كرامة يكرم الله بها من شاء من صالح عباده، وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء.

** هناك دراسات ومراكز بحث تقول : نعتبر مجتمع الصحابة المثل الأول لتطبيق الإسلام الصحيح في حياة البشر، وهم التجربة للتدين الصحيح الذي شهد القرآن وصحيح السنة بإصابة أهله للحق،( ولم يذكر نص قراني ) فلا يمكن أن تعرِضَ مسألة دينية للصحابة ويتكلموا فيها، ويكون الحق خارج أقوالهم؛ لأنه يلزم من هذا تخطئة أمة محمد(ص) المخاطبة بالوحي ابتداءً؛ لذا نص العلماء على أن فهم الصحابة هو الأحكم والأسلم، وجعلوه منهجًا للتعامل مع نصوص الوحي في تلقيها وتفسيرها والعمل بها.قال ابن تيمية: “للصحابة فهم في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين، ومعرفة بأمور من السنة لا يعرفها أكثر المتأخرين” .. عليه يعتبر فهم الصحابة معيار لضبط التنازع في التأويل الذي يمكن أن يقع في فهم الوحي.

ــــــــ من المناسب أن نورد هذه الشبهة بنوع من التفصيل ثم نتبعها بالرد والبيان, فنقول: أخذ بعضهم يبث سمومه في أذهان السذج بأفكار باطلة ,لنفي كل فضيلة لأهل البيت عليهم السلام , وهي ثابتة لدينا ولدى المخالف بالدليل والبرهان .ما ذكر هو محاولة مكشوفة للتعامي عن الحقيقة,.. اليك الموضوع .

قالوا: وردت عدة روايات في مصادر الشيعة ومصادر السنة التي جاء فيها أن الإمام علياً(ع) قال (سلوني قبل أن تفقدوني , سلوني عن طرق السموات فأنا والله أعلم بها من طرق الأرض), فقوله(ع): (قبل أن تفقدوني) يقولون : العلم منحصر في الإمام علي(ع) دون الأئمة من ولده(ع) الذين سيأتون من بعده، فهم لا علم لهم بشيء حسب حديث علي(ع) .

** الحقيقة هذا الكلام ليس فيه إنصاف ولا أخلاقيات البحث العلمي؛ إذ الباحث بموضوعية وتجرد علمي لا بد أن يعترف بأنّ علياً(ع)ما كان بصدد نفي العلم عن الأئمة، بل على العكس ,إنه أراد أن يعلم الناس بأنه أعلم من الصحابة أبجمعهم وهذا علة طرح الشبهة في المقام .حين قدموا عليه الصحابة ..!!

الذي يطرح هذه الأباطيل أحد اثنين ، إما أن يكون جاهلاً بحقيقة أئمة أهل البيت(ع) ، صدر منه هذا القول لانه تابع لكل ناعق ، وإما أن يكون رجل سوءٍ قصْده أن يصد الناس عن اتباع معادن الحكمة والعلم ومخازن المعرفة والدين الصحيح ،

*الأول علاجه أن يبيَّن له منهج وحقيقة أهل البيت(ع) بالأدلة والبراهين ، وأما الثاني فمعاند ومكابر لا يريد حقاً ولا يبحث عن الحقيقة .جاهل ومتمسك بالباطل .. همه إثارة البلبلة وزعزعة الثقة في عقول الناس ..

رد الشبهة:اقتضت منهجية الرد على هذه الشبهة أن تناقش من خلال عدة خطوات:

الخطوة الأولى: نحن نعتقد أن الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء لقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ), فالكلام في علم الأئمة (ع) فرع عن كلام علم النبي (ص)؛لا بد أن يكون للنبي(ص) علما من الله كذلك الإمام لابد أن يحظى بتلك الملكة المقدسة ..أن علم الرسول(ص) بالعالم وإحاطته به يعدّ من أسس الرسالة لتطبيق الشريعة كاملة , كذلك الأمر بالنسبة للإمام؛ لأن الخلافة أو الإمامة وظيفة تنوب عن الرسالة سوى مقام النبوة والتشريع..

وهناك اقوال معروفة بحقهم منها ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي )ذلك لأن الإمامة ميراث الأنبياء ومنزلة الأصفياء وخلافة الله وخلافة رسل الله،وهم ولاة الله في الارض .. *** روي عن ألإمام الرضا (ع) قال: «للإمام علامات، يكون أعلم الناس وأحكم الناس وأتقى الناس وأشجع الناس وأعبد الناس “.

ــــــ ولو راجعنا نبوءات الحسين يوم العاشر .. اولها

1- خطبته في مكة : كان بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات ……. الخ ……

2- حين جمع أصحابه في خيمة القرب واخبرهم بما يجري عليهم يوم غد ..

روى الحاكم في (المستدرك) عن عبد الله بن وهب قال: أخبرتني أم سلمة (رض) أن رسول الله (ص) اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ وهو حائروفي يده تربة حمراء يقبلها فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟ قال: (أخبرني جبريل (ع) أن ولدي الحسين يقتل بارض العراق,فقلت لجبريل أرني تربة الأرض التي يقتل بها فهذه تربتها).

* * وأما بالنسبة لقول الإمام السجاد للسيدة زينب عليهما السلام : « أنت بحمد الله عالمة غير معلمة » . . فهو يحتمل أحد معنيين :

الأول : أنها عالمة بالله تعالى وبآياته الظاهرة ، بفطرتها الصافية ، وعقلها الراجح ، فلا تحتاج إلى من يعرفها بما يتوجب عليها في مثل هذه المواقع الحساسة.

الثاني : أن يكون مراده : أنها قد بلغت مراتب جعلتها أهلاً لتلقي الإلهامات الإلهية أي النور والإلهام الذي يقذفه الله في قلب من يشاء ،..

وقد تحدثت زينب بالهام كبير وثقة حين خاطبت يزيد ( فكد كيدك واسعى سعيك . فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت امدنا .. وما رايك الا فند وايامك الا عدد يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين ..

وموقف اخر جرى بين الامام وزينب وكله من الالهام .. فقالت بني علي : لا يجزعنّك ما ترى ـ فوالله ـ إن ذلك لعهد من رسول الله (ص) إلى جدّك وأبيك وعمّك، (ولقد أخذ الله ميثاق أنّاس من هذه الأمّة لا تعرفهم فراعنة هذه الأمّة، وهم معروفون في أهل السماوات، أَنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرّجة، وينصبون بهذا الطفّ علمّاً لقبر أبيك سيّد الشهداء لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيّام، وليجهدّن أئمة الكفر وأشياع الضَّلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد إلا ظهوراً، وأمره إلا علوّاً.

وحين راها تنوء بنفسها . حين رات جسد الحسين عاريا على التراب … قال لها عمه ارفقي بالنساء .. عمه ودعي اخاك وانتي على الناقة .. فنادت وا جداه وا محمداه هذا حسينك بالثرى مقطوع الراس من القفا .. وبناتك سبايا الى الله المشتكى . والى محمد المصطفى والى علي المرتضى ..

**ـــ صاحت يا وادي كربلا عنك مشينا **بليّه غسل واكفان خلّينا ولينا**غصبن عليّ سافرت يا مهجة حشاي**يا حسين يلماذاق من قبل الذبح ماي** فاركت جسمك علثرى والراس وياي ** مسلوب فوك الرمح يبره للضعينه …

لو خيروني يا خليلي ابكيت وياك ** لكعد على كبرك يخويه حسين زوانعاك *** لكني لو ضليت من يبره ليتاماك ** لو طوح الحادي وسره بهاي الضعينة .