23 ديسمبر، 2024 11:06 ص

مجلس حسيني ـــ ولادة الامام الحسين(ع)

مجلس حسيني ـــ ولادة الامام الحسين(ع)

هم النور نور الله جل جلاله * هم التين والزيتون والشفع والوتر

مهابط وحي الله خزان علمه ***** ميامين في أبياتهم نزل الذكر

وأسمائهم مكتوبة فوق عرشه * ومكنونة من قبل أن يخلق الذر

ولولاهم لم يخلق الله آدما ***** ولا كان زيد في الأنام ولا عمرو

ولولاهم نار الخليل لما غدت *** سلاما وبردا وانطفى ذلك الجمر

هم سر موسى والعصا لما عصى *** أوامره فرعون والتقف السحر

سرى سرهم في الكائنات وفضلهم *** وفي كل نبي من سرهم سر

عن برّة الخزاعية قالت : لمّا حملت فاطمة(ع) بالحسن خرج النبي(ص) في بعض وجوهه فقال لها: (إنّك ستلدين غلاماً هنّأني به جبرئيل، فلا ترضعيه حتّى أصير إليك قالت: فدخلت على فاطمة حين ولدت الحسن(ع) وقد رضع ثلاث رضعات فقلت لها: أعطينيه حتّى أُرضعه ، فقالت: (كلا) ثمّ أدركتها رقّة الأم فأرضعته، فلمّا جاء النبي(ص) قال لها: (ماذا صنعت؟) قالت: (أدركني عليه رقّة الأم فأرضعته) فقال: (أبى الله عَزَّ وجَلَّ إلاّ ما أراد). فلمّا حملت بالحسين(ع) قال لها: (يا فاطمة إنّك ستلدين غلاماً قد هنّأني به جبرئيل فلا ترضعيه حتى أجيء إليك ولو أقمت شهراً)، قالت: (أفعل ذلك)،وخرج رسول الله(ص) في بعض اعماله، فولدت فاطمة الحسين(ع) فما أرضعته حتى جاء رسول الله فقال لها: (ماذا صنعت؟) قالت: (ما أرضعته) فأخذه فجعل لسانه في فمه فجعل الحسين يمص لسان جده فقال النبي(ص): (إيهاً حسين إيهاً حسين)!! ثمّ قال: (أبى الله إلاّ ما يريد، هي فيك وفي ولدك)يعني الإمامة. هكذا اراد الله ان تكون الامامة التي هي امتداد الرسالة.. رسالة جميع الانبياء مقرونة بالحسين(ع).ونحن نعيش فرحة الولادة وما نعيشه في اجواءها كما عاشها رسول الله(ص)، إذ نرى في الرّوايات عظيم العشق والمحبّة والرّأفة بولديْه الحسن والحسين(ع). ولا بد ان نتأسى بال البيت{ع} وفرحهم بالولادة.

** نلتقي في الثّالث من شهر شعبان المبارك بذكرى الولادة الميمونة لسبط رسول الله(ص)، الإمام الحسين بن عليّ (ع)، ذكرى وحدث ومناسبة الفرح الرّسالي، فرح بيت النبيّ(ص)، فرح محمد وعليّ وفاطمة(ع)،فرح الإسلام كلّه، بما لهذه الولادة من بركةٍ وخيرٍ ونور وحجّةٍ على أهل الدّنيا والآخرة. *** الاحتفال في مصر: يحتفل المصريون في مناسبة ولادة الامام الحسين {ع} مرتين في كل عام على عكس المعمول به في معظم دول العالم الإسلامي وهذا الاحتفال لمرتين خاص بأبناء الطريقة الصوفية وغيرهم من محبي آل البيت{ع} بمولد الإمام الحسين مرتين في العام، بما فيهم شيعة مصر من غير الصوفية .

الاحتفال الاول في ربيع الثاني، والاحتفال الثاني، يكون ليلة ويوم الثالث من شعبان من كل عام ،وهم يعلمون أن تاريخ استشهاده(ع) كان في العاشر من محرم لسنة 61 للهجرة في العراق.

وعادة يكون احتفال الصوفية وشيعة مصر في مسجد الحسين الذي يقع في مصر القديمة بوسط العاصمة القاهرة.. المناسبة الثانية معروفة بيوم ولادته , ولكن الاحتفال الاول جاء عن طريق الدولة الفاطمية التي حكمت مصر سنة 549 هجرية الموافق لسنة 1154 محيث قام الوزير صالح الطلائع ببناء مسجد ضخم في مصر القديمة واطلق عليه اسم مسجد راس الحسين الذي يضم ثلاثة أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي، وبابًا آخر بجوار القبة ويعرف بالباب الأخضر. هناك روايتان تتحدثان عن سبب بناء مسجد الراس في مصر .

الرواية الاولى غير موثقة عند الاغلبية من المصرين . ولكن جاء عنها .انها رواية محلية مصرية بأن رأس الإمام جاء مع زوجته شاه زنان بنت يزدجر الملقبة في مصر {أم الغلام} وانها فرت من كربلاء على فرس . ووصلت الى مصر باعتبار ان مصر كان ذلك الوقت فيها شيعة كثيرون. ، ثم دفنته في المكان الذي أقيم عليه المسجد وتم وضعه في مقام خاص به، وهو المقام الذي يزوره الموالون صباحًا ومساءً.

الرواية الثانية : أدبيات الصوفية تزعم بوجود رأس الإمام الحسين مدفونًا بالمسجد، إذ تحكي بعض الروايات أنه مع بداية الحروب الصليبية خاف حاكم مصر الخليفة الفاطمي على الرأس الشريف من الأذى الذي قد يلحق بها في مكانها الأول في مدينة عسقلان بفلسطين، فأرسل يطلب قدوم الرأس إلى مصر وحمله ودفن في مكانه الحاليّ وأقيم المسجد عليه.

هذه الرواية تطابقت مع ما ذكره أستاذ الدراسات الفاطمية في جامعة القاهرة أيمن فؤاد في كتابه “الدولة الفاطمية في مصر” استنادًا إلى منهج البحث العلمي إذ يقول:”ولكن أهم مشهد أضافه الفاطميون في مصر وتحديدا في القاهرة هو المشهد الحسيني، حيث نقل الفاطميون في سنة 548 هجرية رأس الحسين بن علي{ع} التي كانت مدفونة في عسقلان خوفًا عليها من الفرنج ودفنوها داخل القصر الفاطمي في قبة الديلم التي يؤدي إليها باب الديلم، باب القصر الفاطمي الكبير الجنوبي”.

*** هل هناك توافق بين الفكر الصوفي والفكر الشيعي..؟ ينتسب الصوفية الى طريقة الشَّيخُ عَبدُ القادرِ الجيلانيّ الفَقيهٌ الحَنبليٌّ ، المدفون في بغداد, وهو مِنْ كِبارِ مَشايخِ الصُّوفِيَّةِ ، وصاحِبُ الطَّريقَةِ القادرِيَّةِ ، ولَهُ مُؤلَفاتٌ عَديدةٌ في التَّصوِّفِ . ويتهمنا بعض الكتاب اننا نلتقي فكريا مع الصوفية واننا نأخذ من منبع فكري واحد , هذا محض افتراء لان علماءنا لا يجيزون الانتساب الى الصوفية .لأنَّ طَريقَتَهُم في السُّلوكِ ومجاهدة النفس مُغايِرَةٌ لطَريقةِ أهلِ البَيتِ{ع} وعَقائِدُهُمُ فاسِدَةُ تختلف عن ِعَقيدةِ أهلِ البَيتِ {ع}.. والف علماءنا كُتُباً كَثيرةً لإبطالِ عَقائِدِهِم ومَذاهِبِهِم ، وتَعَرَّضوا لَها في جَميعِ كُتُبِ العَقيدَةِ في أبحاثِ التَّوحيدِ مَباحِثِ الحُلولِ والاتحاد وغَيرِها .

معنى الحلول:{ هو اتِّحاد جسمَيْن بحيث تكون الإشارة إلى واحدة تكون إشارة إلى الآخَر كحُلُول ماءِ الوَرْد في الوَرْد. أَيْ يَذُوبُ أَحَدُهُمَا فِي الآخَرِ كالملح في البحر. او السكر في الشاي. وبهذا يقولون ان الحلول يعني وجود الله في كل شيء ” يعتقدون بأنّ الله حالٌّ وموجودٌ في كلِّ شيء” (كما يعتقد النصارى في عيسى “ع”) قالَ الحُرُّ العامِلِيُّ : (إجماعُ الشّيعَةِ الأمامية وجَميعِ الاثني عَشَريَّةِ على بُطلانِ التَّصَوُّفِ والرَّدِّ عليهم مِنْ زَمَنِ النَّبيّ (ص) والأئِمَّةِ (ع) إلى هذا الزَّمانِ ، وما زالوا يُنكِرونَ عَلَيهِم عقيدتهم في الحلول: الإثنا عَشَريَّة ص44 .

** ذِكْرُ بَعضِ الرّواياتِ في ذَمِّ الصّوفِيَّةِ :وَرَدَ في كتبنا الحَديثِيَّةِ كَثيرُ مِنَ الرِّواياتِ في ذَمِّ الصّوفيَّةِ والرَّدِّ علَيهِم : منها ما يذكره الشَّيخُ الطُّوسِيُّ ِ عَنْ أبي ذَرٍّ عَنِ النَّبيّ (ص) أنَّهُ قالَ : يا أبا ذَر ، يَكونُ في آخرِ الزَّمانِ قَومٌ يَلبسونَ الصّوفَ في صَيفِهِم وشِتائِهِم ، يَرَونَ أنَّ لَهُمُ الفَضْلُ بذلكَ على غَيرهِم ،أولئِكَ يَلعَنُهُم مَلائِكَةُ السَّماواتِ والأرضِ . الأماليُّ للطّوسي ص539 ….ورُوِيَ عنِ الرِّضا عليهِ السَّلامُ ، أنَّهُ قالَ : مَنْ ذُكِرَ عندَهُ الصّوفيَّةُ ولمْ يُنكرْهم بِلسانهِ وقَلبهِ ، فليسَ مِنّا ، ومَنْ أنكَرَهُم ، فَكَأنَّما جاهَدَ الكُفّارَ بَينَ يَدَي رَسولِ اللهِ{ص} مُستدرَكُ الوَسائِلِ ج12 ص323 . **** فائدة الاحتفال بذكرى ميلاد الحسين (ع)حين نحتفل بهؤلاء العظماء (ع) فعلينا ان نستوحي من ولادتهم امرا مهما .. ان الائمة ومن قبلهم الانبياء ,عاشوا في زمان لم يرتفع فيه الناس إلى مستوى معرفتهم وفهمهم عقائديا . لان المعرفة الحقيقية بالامام هي قوة وارادة تلغي العاطفة وتجسد حقيقة الانتماء من خلال المعرفة التامة , وانهم على الحق واعداءهم على الباطل, وولادة الحسين(ع) هي انتصار للحق حين يولد امام معين من قبل السماء يبين للناس الحق من الباطل.

** من هنا يستوجب ان نستقرأ الحدث والولادة انها نور ودليل الى الله تعالى.وهذا ما يجعلنا اصحاب ارادة قوية بوجه جميع التيارات , ومن خلال هذه الولادة أن نستوحي الاحداث والمشاكل التي عاشها الأئمة (ع)، ومن قبلهم الأنبياء (ع)، كيف يجب علينا أن نميّز بين السائرين في الخطّ المستقيم وبين السائرين في الخطّ المنحرف، بين مَن يفتح عقول الناس على الحقّ وبين مَن يسير بالناس نحو الباطل. لان قضية الحسين اصبحت مستغلة تماما من قبل الحاقدين اصحاب الاجندات ويساعدهم من اصحاب العقول المسطحة الذين لا يعرفون الناقة من الجمل . بينما المضحين دائما هم من يقودون البشرية ويعبدون طرق النجاح والنصر واصحاب المبادئ الخالدة هم الذين يخلدون مثل الامام الحسين وصحبه عليهم السلام الذي يتجدد ذكره في كل زمان.

** وحريٌّ بنا أن نعيش الفرحة بالولادة وما تعنيه، كما عاشها رسول الله(ص)، إذ نرى في الرّوايات عظيم العشق والمحبّة والرّأفة بولديْه الحسن والحسين(ع)، إمامي الأمَّة في قيامهما وقعودهما، حتى روي عنه(ص) في أكثر من مصدر بروايات المسلمين جميعاً أنّه قال: “اللّهمّ إني أحبّهما، فأحبّهما وأحبّ من يحبّهما”، كما ورد عنه(ص) قوله: “الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنَّة”، وقال عن الإمام الحسين(ع(:”حسينٌ مني وأنا من حسين”).ونحن عندما نحب الحسين(ع) فإننا نحب رسول الله(ص)، إذ الحسين(ع) امتدادٌ حيٌ في الروح والعقل للرسول(ص) الذي هو الرحمة المهداة للعالمين جميعاً. نفرح لولادة الحسين(ع) لأنّنا نفرح لامتداد قيم الإسلام والرّسالة فيه، بحيث جسّد في سلوكه وعلمه وجهاده واستشهاده روح الدّين والعقيدة، وكان ولا يزال قدوةً للمجاهدين والعابدين والمتّقين…. في الحسين(ع) أخلاق محمَّد وطهر فاطمة وشجاعة عليّ وحكمته وحلم الحسن، وفيه استجمعت كلّ الفضائل والكمالات العقليَّة والرّوحيَّة بما ورثه من أخلاق النبيّين والصدّيقين. وُلِدَ الحسين(ع)، وفي ولادته ولادةٌ للإسلام من جديد، بما أعطاه للأمّة من حياته وسيرته وجهاده وعلمه وأخلاقه.

عندما نعيش ذكرى مولد الإمام الحسين(ع)، فإنّنا نفرح به، وهذا امر تكويني لاننا نحب الحسين{ع}في الوقت الّذي نعيش الحزن الكبير عليه،في ايام محرم وصفر.. وهذا رزق من الله تعالى لنا.. وفرحنا بالحسين(ع) هو الفرح بالرّسالة الّتي حملها وعاش كلّ حياته من أجلها، وقد تحرّك بطلب الإصلاح في أمّة جدّه(ص)، ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالكلمة الطيّبة، وبالموقف الصّلب، وبالجهاد الصّعب .عندما نتمثَّل الحسين(ع)، فإنّنا نتمثَّل فيه رسول الله(ص) في كلِّ أخلاقه وصفاته الّتي تمثّلت في شخصيَّته، كان الحسين(ع) تجسيداً لجدِّه رسول الله(ص) في روحانيّته وعلمه، وفي كلّ الصّفات المميّزة، وكان تجسيداً لطهر الزَّهراء(ع) وصفائها ونقائها وروحانيّتها…

*** ما معنى الحديث:( شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا من ماء ولايتنا يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا؟) هذا ليس نصاً لحديث مروي عن المعصومين{ع}بل هو حديث مروي عن الإمام أمير المؤمنين(ع) ، وهو حديث طويل يتحدث عن مواضيع مختلفة نُشير الى موضع الحاجة منه وهو : “إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ فَاخْتَارَنَا وَ اخْتَارَ لَنَا شِيعَةً يَنْصُرُونَنَا، وَ يَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا، وَ يَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا، وَ يَبْذُلُونَ أَمْوَالَهُمْ وأَنْفُسَهُمْ فِينَا، أُولَئِكَ مِنَّا وَ إِلَيْنَا… ومَا مِنَ الشِّيعَةِ عَبْدٌ يُقَارِفُ أَمْراً نَهَيْنَا عَنْهُ فَيَمُوتُ حَتَّى يُبْتَلَى بِبَلِيَّةٍ تُمَحَّصُ بِهَا ذُنُوبُهُ، إِمَّا فِي مَالِهِ، وَ إِمَّا فِي وُلْدِهِ، وَ إِمَّا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا لَهُ ذَنْبٌ، وَ إِنَّهُ لَيَبْقَى عَلَيْهِ شيء مِنْ ذُنُوبِهِ فَيُشَدَّدُ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ… الْمَيِّتُ مِنْ شِيعَتِنَا صِدِّيقٌ شَهِيدٌ، صَدَقَ بِأَمْرِنَا وَ أَحَبَّ فِينَا وَ أَبْغَضَ فِينَا يُرِيدُ بِذَلِكَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ﴾ الخصال ج2 الشيخ الصدوق..

من الواضح أن الشيعة ليسوا كلهم في مرتبة واحدة ففيهم أمثال عمار و أبو ذر ومالك الأشتر ، و فيهم من هم أقل منهم مرتبة بكثير ، و ما يُفهم من الحديث هو أن هؤلاء الشيعة المذنبون الذين ذكرهم الحديث لم يكونوا معاندين للحق أو جاحدين له ، بل أن كل ما صدر منهم إنما صدر لضعفهم و تغلب الشيطان عليهم في تلك الحالة ، لذلك فإنهم بعد ذلك يتذكرون و يخافون ربهم فيندمون و يستغفرون .

ونقرأ هذا المضمون بعبارات أخرى في دعاء أبي حمزة الثمالي : ” اِلهي لَمْ اَعْصِكَ حينَ عَصَيْتُكَ وَ اَنَا بِرُبُوبِيَّتِكَ جاحِدٌ ، وَ لا بِاَمْرِكَ مُسْتَخِفٌّ ، وَ لا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌّ ، وَ لا لِوَعيدِكَ مُتَهاوِنٌ ، لكِنْ خَطيئَةٌ عَرَضَتْ وَ سَوَّلَتْ لي نَفْسي ، وَ غَلَبَني هَوايَ ، وغَرَّني سِتْرُكَ الْمُرْخى عَلَيَّ ، فَقَدْ عَصَيْتُكَ وَ ، فَالاْنَ مِنْ عَذابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُني ، وَ مِنْ اَيْدي الْخُصَماءِ غَداً مِنْ يُخَلِّصُني ، وَ بِحَبْلِ مَنْ اَتَّصِلُ اِنْ اَنْتَ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنّي ، فَواسَوْاَتا عَلى ما اَحْصى كِتابُكَ مِنْ عَمَلِيَ الَّذي لَوْلا ما اَرْجُو مِنْ كَرَمِكَ وَ سَعَةِ رَحْمَتِكَ وَ نَهْيِكَ اِيّايَ عَنِ الْقُنُوطِ ، يا خَيْرَ مَنْ دَعاهُ داع ، وَاَفْضَلَ مَنْ رَجاهُ راج .أذن هؤلاء مسالة حبهم وبغضهم ليست مسالة اختيارية انما تاتي لنا عن الدم.

**** من النقاط المهمة موضوع الولاية : لأنه من المواضيع الحساسة التي شغلت الامة منذ رحيل رسول الله {ص} إلى اليوم ولا شك سيستمر النقاش حولها ما دام هذا الدين الذي يعتبر أهل البيت{ع} حسب وجهة نظر شطر الشيعة هم الممثلون الحقيقيون للرسالة الخاتمة ولجدهم الرسول {ص} حسب الأخبار الواردة عنه وحسب فهمنا للمباني القرآنية واحاديث الرسول{ص} فقد ورد عنه قوله (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا ) فالنبي صلى الله عليه وآله نادى بالتمسك بهما لا بأحدهما فقط بل الطرفين، والقرآن يقول ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ). فالقران واهل البيت هما اساس الاسلام في راي الامامية ..

إذن بحسب معطيات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تمسك الشيعة الأمامية بأهل البيت{ع} لكن دون تكفير للآخر بل هو مسلم له ما للمسلمين وعليه ما عليهم. هذا بسحب معطيات الكتاب والسنة اللذان هما مصدر لكل مسلم بالتالي لا يحق لإنسان ما أن يكفر أو يبدع من يكون القرآن هاديه والسنة رائدته ، ولكن الشيعة الأمامية بما يمتلكون من علماء هم امتداد لأهل البيت(ع)الذين اكدوا على دور العقل في المنظومة التشريعية والدينية بصورة عامة فقد ورد عن الامام الكاظم{ع}في جوابه لابن السكيت عن الحجة فقال لله حجتان حجة ظاهرة وحجة باطنة أما الظاهرة فالرسل والأنبياء وأما الباطنة العقل ، لذلك كان للعقل دور أساسي في بلورة الفكر الأمامي خصوصا هم قائلون بحجيته في الدليل الكلامي والفقهي .. • لذا اسسوا مباني عقلية تدلل على فكرة الإمامة حتى تكون مسألة عقلية وفكرية يدركها العقل كما أدرك ضرورة النبوة عقلا بحسب قواعد الفكر . فنحن نؤمن بخلفاء رسول الله{ص} الاثني عشر. فإذا اعتقدنا وجود الله انبثق عنه وجود اللطف الإلهي الذي يعني وجود النبوة وبنفس ملاك اللطف الإلهي تستمر الإمامة وفق قاعدة الهداية (لكل قوم هاد ) وهذا الذي عبر عنها الحديث الشريف )لا تخلو الأرض من حجة لله ) .

** فالإمامة ليس تنصيب يكتشفه الناس بعقولهم ف(الإمامة العامة)ليس تعيين شخص الإمام فهذا أمر لن يكشفه العقل المجرد بل هو أمر تابع للنص لذا مقولة الإمامة بالنص في قبال نظرية الشورى إنما هي تعيين شخص الإمام فنحتاج إلى تعيينه بالنص… واليك الادلة من القران ..

قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ فالإمامة منصب إلهي وعهد من الله، وتكون بالتعيين منه تعالى. وقد جعلها لإبراهيم «ع» بعد النبوة والحكمة، ولا نصيب منها للظالم، كالمشرك ومرتكب للمعاصي.

وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ إختار الله ونصّب من بني إسرائيل أئمة لهداية الناس، ذلك حين صبروا على الأذى والبلاء في طاعة الله ونصرة دينه، وكانوا بآيات الله يوقنون.

** هناك قول واضح جدا: ـ روى الشيخ الصدوق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ للصادق{ع} عن معنى قَوْلِ اللهِ تعالى:﴿إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ﴾، فَقَالَ: كُلُّ إِمَامٍ هَادٍ لِكُلِّ قَوْمٍ فِي زَمَانِهِمْ .

ونحن في هذه المناسبة نرفع اسمى ايات الولاء والانتماء الى مولانا صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن بولادة جده الحسين بن علي {ع} نسال الله بحقهم ان يرزقنا الثبات علىت محبتهم والسير على نهجهم .

 

مولاي أنت لكل جيل صاعد****** قبس ينير له السرى ويحبب

ولأنت إن زلت به قدم الهوى***** صوت الضمير يرده ويؤنب

ولنا بيومك، وهو في أقصى المدى***كف ملوحة، وعين ترقب

أنا لست شيعيا لأن على فمي ***ذكرى الحسين، أعيد فيه وأطنب

ولأن أمي أرضعتني حبه ****** ***ولأنه لأبي وجدي مذهب

لكنني أهوى الحسين، لأنه ******** للساكنين طريق خير أرحب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لعلع ببابِ عليٍ أيها الذهبُ* وأخطفِ بأبصارِمن سَروا ومَن غضِبوا

وقـل لمن كان قد أقصاكَ ناحية *** عذرا إذا ما جئت منك اليوم اقتربُ

لعـل بـادرةً تبدوا لحيـدرةٍ **** أن ترتضيك لها الأبواب والقببُ

فــقـد عهدناه والصفراءُ منكرةٌ **** لعينــه وسنـــاها عنده لهبُمــا قيمة الذهبِ الوهُاج عنَد يدٍ ** تساوى الكل لديها التبرُ والترُبُ

 

هم النور نور الله جل جلاله * هم التين والزيتون والشفع والوتر

مهابط وحي الله خزان علمه ***** ميامين في أبياتهم نزل الذكر

وأسمائهم مكتوبة فوق عرشه * ومكنونة من قبل أن يخلق الذر

ولولاهم لم يخلق الله آدما ***** ولا كان زيد في الأنام ولا عمرو

ولولاهم نار الخليل لما غدت *** سلاما وبردا وانطفى ذلك الجمر

هم سر موسى والعصا لما عصى *** أوامره فرعون والتقف السحر

سرى سرهم في الكائنات وفضلهم *** وفي كل نبي من سرهم سر

عن برّة الخزاعية قالت : لمّا حملت فاطمة(ع) بالحسن خرج النبي(ص) في بعض وجوهه فقال لها: (إنّك ستلدين غلاماً هنّأني به جبرئيل، فلا ترضعيه حتّى أصير إليك قالت: فدخلت على فاطمة حين ولدت الحسن(ع) وقد رضع ثلاث رضعات فقلت لها: أعطينيه حتّى أُرضعه ، فقالت: (كلا) ثمّ أدركتها رقّة الأم فأرضعته، فلمّا جاء النبي(ص) قال لها: (ماذا صنعت؟) قالت: (أدركني عليه رقّة الأم فأرضعته) فقال: (أبى الله عَزَّ وجَلَّ إلاّ ما أراد). فلمّا حملت بالحسين(ع) قال لها: (يا فاطمة إنّك ستلدين غلاماً قد هنّأني به جبرئيل فلا ترضعيه حتى أجيء إليك ولو أقمت شهراً)، قالت: (أفعل ذلك)،وخرج رسول الله(ص) في بعض اعماله، فولدت فاطمة الحسين(ع) فما أرضعته حتى جاء رسول الله فقال لها: (ماذا صنعت؟) قالت: (ما أرضعته) فأخذه فجعل لسانه في فمه فجعل الحسين يمص لسان جده فقال النبي(ص): (إيهاً حسين إيهاً حسين)!! ثمّ قال: (أبى الله إلاّ ما يريد، هي فيك وفي ولدك)يعني الإمامة. هكذا اراد الله ان تكون الامامة التي هي امتداد الرسالة.. رسالة جميع الانبياء مقرونة بالحسين(ع).ونحن نعيش فرحة الولادة وما نعيشه في اجواءها كما عاشها رسول الله(ص)، إذ نرى في الرّوايات عظيم العشق والمحبّة والرّأفة بولديْه الحسن والحسين(ع). ولا بد ان نتأسى بال البيت{ع} وفرحهم بالولادة.

** نلتقي في الثّالث من شهر شعبان المبارك بذكرى الولادة الميمونة لسبط رسول الله(ص)، الإمام الحسين بن عليّ (ع)، ذكرى وحدث ومناسبة الفرح الرّسالي، فرح بيت النبيّ(ص)، فرح محمد وعليّ وفاطمة(ع)،فرح الإسلام كلّه، بما لهذه الولادة من بركةٍ وخيرٍ ونور وحجّةٍ على أهل الدّنيا والآخرة. *** الاحتفال في مصر: يحتفل المصريون في مناسبة ولادة الامام الحسين {ع} مرتين في كل عام على عكس المعمول به في معظم دول العالم الإسلامي وهذا الاحتفال لمرتين خاص بأبناء الطريقة الصوفية وغيرهم من محبي آل البيت{ع} بمولد الإمام الحسين مرتين في العام، بما فيهم شيعة مصر من غير الصوفية .

الاحتفال الاول في ربيع الثاني، والاحتفال الثاني، يكون ليلة ويوم الثالث من شعبان من كل عام ،وهم يعلمون أن تاريخ استشهاده(ع) كان في العاشر من محرم لسنة 61 للهجرة في العراق.

وعادة يكون احتفال الصوفية وشيعة مصر في مسجد الحسين الذي يقع في مصر القديمة بوسط العاصمة القاهرة.. المناسبة الثانية معروفة بيوم ولادته , ولكن الاحتفال الاول جاء عن طريق الدولة الفاطمية التي حكمت مصر سنة 549 هجرية الموافق لسنة 1154 محيث قام الوزير صالح الطلائع ببناء مسجد ضخم في مصر القديمة واطلق عليه اسم مسجد راس الحسين الذي يضم ثلاثة أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي، وبابًا آخر بجوار القبة ويعرف بالباب الأخضر. هناك روايتان تتحدثان عن سبب بناء مسجد الراس في مصر .

الرواية الاولى غير موثقة عند الاغلبية من المصرين . ولكن جاء عنها .انها رواية محلية مصرية بأن رأس الإمام جاء مع زوجته شاه زنان بنت يزدجر الملقبة في مصر {أم الغلام} وانها فرت من كربلاء على فرس . ووصلت الى مصر باعتبار ان مصر كان ذلك الوقت فيها شيعة كثيرون. ، ثم دفنته في المكان الذي أقيم عليه المسجد وتم وضعه في مقام خاص به، وهو المقام الذي يزوره الموالون صباحًا ومساءً.

الرواية الثانية : أدبيات الصوفية تزعم بوجود رأس الإمام الحسين مدفونًا بالمسجد، إذ تحكي بعض الروايات أنه مع بداية الحروب الصليبية خاف حاكم مصر الخليفة الفاطمي على الرأس الشريف من الأذى الذي قد يلحق بها في مكانها الأول في مدينة عسقلان بفلسطين، فأرسل يطلب قدوم الرأس إلى مصر وحمله ودفن في مكانه الحاليّ وأقيم المسجد عليه.

هذه الرواية تطابقت مع ما ذكره أستاذ الدراسات الفاطمية في جامعة القاهرة أيمن فؤاد في كتابه “الدولة الفاطمية في مصر” استنادًا إلى منهج البحث العلمي إذ يقول:”ولكن أهم مشهد أضافه الفاطميون في مصر وتحديدا في القاهرة هو المشهد الحسيني، حيث نقل الفاطميون في سنة 548 هجرية رأس الحسين بن علي{ع} التي كانت مدفونة في عسقلان خوفًا عليها من الفرنج ودفنوها داخل القصر الفاطمي في قبة الديلم التي يؤدي إليها باب الديلم، باب القصر الفاطمي الكبير الجنوبي”.

*** هل هناك توافق بين الفكر الصوفي والفكر الشيعي..؟ ينتسب الصوفية الى طريقة الشَّيخُ عَبدُ القادرِ الجيلانيّ الفَقيهٌ الحَنبليٌّ ، المدفون في بغداد, وهو مِنْ كِبارِ مَشايخِ الصُّوفِيَّةِ ، وصاحِبُ الطَّريقَةِ القادرِيَّةِ ، ولَهُ مُؤلَفاتٌ عَديدةٌ في التَّصوِّفِ . ويتهمنا بعض الكتاب اننا نلتقي فكريا مع الصوفية واننا نأخذ من منبع فكري واحد , هذا محض افتراء لان علماءنا لا يجيزون الانتساب الى الصوفية .لأنَّ طَريقَتَهُم في السُّلوكِ ومجاهدة النفس مُغايِرَةٌ لطَريقةِ أهلِ البَيتِ{ع} وعَقائِدُهُمُ فاسِدَةُ تختلف عن ِعَقيدةِ أهلِ البَيتِ {ع}.. والف علماءنا كُتُباً كَثيرةً لإبطالِ عَقائِدِهِم ومَذاهِبِهِم ، وتَعَرَّضوا لَها في جَميعِ كُتُبِ العَقيدَةِ في أبحاثِ التَّوحيدِ مَباحِثِ الحُلولِ والاتحاد وغَيرِها .

معنى الحلول:{ هو اتِّحاد جسمَيْن بحيث تكون الإشارة إلى واحدة تكون إشارة إلى الآخَر كحُلُول ماءِ الوَرْد في الوَرْد. أَيْ يَذُوبُ أَحَدُهُمَا فِي الآخَرِ كالملح في البحر. او السكر في الشاي. وبهذا يقولون ان الحلول يعني وجود الله في كل شيء ” يعتقدون بأنّ الله حالٌّ وموجودٌ في كلِّ شيء” (كما يعتقد النصارى في عيسى “ع”) قالَ الحُرُّ العامِلِيُّ : (إجماعُ الشّيعَةِ الأمامية وجَميعِ الاثني عَشَريَّةِ على بُطلانِ التَّصَوُّفِ والرَّدِّ عليهم مِنْ زَمَنِ النَّبيّ (ص) والأئِمَّةِ (ع) إلى هذا الزَّمانِ ، وما زالوا يُنكِرونَ عَلَيهِم عقيدتهم في الحلول: الإثنا عَشَريَّة ص44 .

** ذِكْرُ بَعضِ الرّواياتِ في ذَمِّ الصّوفِيَّةِ :وَرَدَ في كتبنا الحَديثِيَّةِ كَثيرُ مِنَ الرِّواياتِ في ذَمِّ الصّوفيَّةِ والرَّدِّ علَيهِم : منها ما يذكره الشَّيخُ الطُّوسِيُّ ِ عَنْ أبي ذَرٍّ عَنِ النَّبيّ (ص) أنَّهُ قالَ : يا أبا ذَر ، يَكونُ في آخرِ الزَّمانِ قَومٌ يَلبسونَ الصّوفَ في صَيفِهِم وشِتائِهِم ، يَرَونَ أنَّ لَهُمُ الفَضْلُ بذلكَ على غَيرهِم ،أولئِكَ يَلعَنُهُم مَلائِكَةُ السَّماواتِ والأرضِ . الأماليُّ للطّوسي ص539 ….ورُوِيَ عنِ الرِّضا عليهِ السَّلامُ ، أنَّهُ قالَ : مَنْ ذُكِرَ عندَهُ الصّوفيَّةُ ولمْ يُنكرْهم بِلسانهِ وقَلبهِ ، فليسَ مِنّا ، ومَنْ أنكَرَهُم ، فَكَأنَّما جاهَدَ الكُفّارَ بَينَ يَدَي رَسولِ اللهِ{ص} مُستدرَكُ الوَسائِلِ ج12 ص323 . **** فائدة الاحتفال بذكرى ميلاد الحسين (ع)حين نحتفل بهؤلاء العظماء (ع) فعلينا ان نستوحي من ولادتهم امرا مهما .. ان الائمة ومن قبلهم الانبياء ,عاشوا في زمان لم يرتفع فيه الناس إلى مستوى معرفتهم وفهمهم عقائديا . لان المعرفة الحقيقية بالامام هي قوة وارادة تلغي العاطفة وتجسد حقيقة الانتماء من خلال المعرفة التامة , وانهم على الحق واعداءهم على الباطل, وولادة الحسين(ع) هي انتصار للحق حين يولد امام معين من قبل السماء يبين للناس الحق من الباطل.

** من هنا يستوجب ان نستقرأ الحدث والولادة انها نور ودليل الى الله تعالى.وهذا ما يجعلنا اصحاب ارادة قوية بوجه جميع التيارات , ومن خلال هذه الولادة أن نستوحي الاحداث والمشاكل التي عاشها الأئمة (ع)، ومن قبلهم الأنبياء (ع)، كيف يجب علينا أن نميّز بين السائرين في الخطّ المستقيم وبين السائرين في الخطّ المنحرف، بين مَن يفتح عقول الناس على الحقّ وبين مَن يسير بالناس نحو الباطل. لان قضية الحسين اصبحت مستغلة تماما من قبل الحاقدين اصحاب الاجندات ويساعدهم من اصحاب العقول المسطحة الذين لا يعرفون الناقة من الجمل . بينما المضحين دائما هم من يقودون البشرية ويعبدون طرق النجاح والنصر واصحاب المبادئ الخالدة هم الذين يخلدون مثل الامام الحسين وصحبه عليهم السلام الذي يتجدد ذكره في كل زمان.

** وحريٌّ بنا أن نعيش الفرحة بالولادة وما تعنيه، كما عاشها رسول الله(ص)، إذ نرى في الرّوايات عظيم العشق والمحبّة والرّأفة بولديْه الحسن والحسين(ع)، إمامي الأمَّة في قيامهما وقعودهما، حتى روي عنه(ص) في أكثر من مصدر بروايات المسلمين جميعاً أنّه قال: “اللّهمّ إني أحبّهما، فأحبّهما وأحبّ من يحبّهما”، كما ورد عنه(ص) قوله: “الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنَّة”، وقال عن الإمام الحسين(ع(:”حسينٌ مني وأنا من حسين”).ونحن عندما نحب الحسين(ع) فإننا نحب رسول الله(ص)، إذ الحسين(ع) امتدادٌ حيٌ في الروح والعقل للرسول(ص) الذي هو الرحمة المهداة للعالمين جميعاً. نفرح لولادة الحسين(ع) لأنّنا نفرح لامتداد قيم الإسلام والرّسالة فيه، بحيث جسّد في سلوكه وعلمه وجهاده واستشهاده روح الدّين والعقيدة، وكان ولا يزال قدوةً للمجاهدين والعابدين والمتّقين…. في الحسين(ع) أخلاق محمَّد وطهر فاطمة وشجاعة عليّ وحكمته وحلم الحسن، وفيه استجمعت كلّ الفضائل والكمالات العقليَّة والرّوحيَّة بما ورثه من أخلاق النبيّين والصدّيقين. وُلِدَ الحسين(ع)، وفي ولادته ولادةٌ للإسلام من جديد، بما أعطاه للأمّة من حياته وسيرته وجهاده وعلمه وأخلاقه.

عندما نعيش ذكرى مولد الإمام الحسين(ع)، فإنّنا نفرح به، وهذا امر تكويني لاننا نحب الحسين{ع}في الوقت الّذي نعيش الحزن الكبير عليه،في ايام محرم وصفر.. وهذا رزق من الله تعالى لنا.. وفرحنا بالحسين(ع) هو الفرح بالرّسالة الّتي حملها وعاش كلّ حياته من أجلها، وقد تحرّك بطلب الإصلاح في أمّة جدّه(ص)، ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالكلمة الطيّبة، وبالموقف الصّلب، وبالجهاد الصّعب .عندما نتمثَّل الحسين(ع)، فإنّنا نتمثَّل فيه رسول الله(ص) في كلِّ أخلاقه وصفاته الّتي تمثّلت في شخصيَّته، كان الحسين(ع) تجسيداً لجدِّه رسول الله(ص) في روحانيّته وعلمه، وفي كلّ الصّفات المميّزة، وكان تجسيداً لطهر الزَّهراء(ع) وصفائها ونقائها وروحانيّتها…

*** ما معنى الحديث:( شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا من ماء ولايتنا يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا؟) هذا ليس نصاً لحديث مروي عن المعصومين{ع}بل هو حديث مروي عن الإمام أمير المؤمنين(ع) ، وهو حديث طويل يتحدث عن مواضيع مختلفة نُشير الى موضع الحاجة منه وهو : “إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ فَاخْتَارَنَا وَ اخْتَارَ لَنَا شِيعَةً يَنْصُرُونَنَا، وَ يَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا، وَ يَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا، وَ يَبْذُلُونَ أَمْوَالَهُمْ وأَنْفُسَهُمْ فِينَا، أُولَئِكَ مِنَّا وَ إِلَيْنَا… ومَا مِنَ الشِّيعَةِ عَبْدٌ يُقَارِفُ أَمْراً نَهَيْنَا عَنْهُ فَيَمُوتُ حَتَّى يُبْتَلَى بِبَلِيَّةٍ تُمَحَّصُ بِهَا ذُنُوبُهُ، إِمَّا فِي مَالِهِ، وَ إِمَّا فِي وُلْدِهِ، وَ إِمَّا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا لَهُ ذَنْبٌ، وَ إِنَّهُ لَيَبْقَى عَلَيْهِ شيء مِنْ ذُنُوبِهِ فَيُشَدَّدُ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ… الْمَيِّتُ مِنْ شِيعَتِنَا صِدِّيقٌ شَهِيدٌ، صَدَقَ بِأَمْرِنَا وَ أَحَبَّ فِينَا وَ أَبْغَضَ فِينَا يُرِيدُ بِذَلِكَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ﴾ الخصال ج2 الشيخ الصدوق..

من الواضح أن الشيعة ليسوا كلهم في مرتبة واحدة ففيهم أمثال عمار و أبو ذر ومالك الأشتر ، و فيهم من هم أقل منهم مرتبة بكثير ، و ما يُفهم من الحديث هو أن هؤلاء الشيعة المذنبون الذين ذكرهم الحديث لم يكونوا معاندين للحق أو جاحدين له ، بل أن كل ما صدر منهم إنما صدر لضعفهم و تغلب الشيطان عليهم في تلك الحالة ، لذلك فإنهم بعد ذلك يتذكرون و يخافون ربهم فيندمون و يستغفرون .

ونقرأ هذا المضمون بعبارات أخرى في دعاء أبي حمزة الثمالي : ” اِلهي لَمْ اَعْصِكَ حينَ عَصَيْتُكَ وَ اَنَا بِرُبُوبِيَّتِكَ جاحِدٌ ، وَ لا بِاَمْرِكَ مُسْتَخِفٌّ ، وَ لا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌّ ، وَ لا لِوَعيدِكَ مُتَهاوِنٌ ، لكِنْ خَطيئَةٌ عَرَضَتْ وَ سَوَّلَتْ لي نَفْسي ، وَ غَلَبَني هَوايَ ، وغَرَّني سِتْرُكَ الْمُرْخى عَلَيَّ ، فَقَدْ عَصَيْتُكَ وَ ، فَالاْنَ مِنْ عَذابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُني ، وَ مِنْ اَيْدي الْخُصَماءِ غَداً مِنْ يُخَلِّصُني ، وَ بِحَبْلِ مَنْ اَتَّصِلُ اِنْ اَنْتَ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنّي ، فَواسَوْاَتا عَلى ما اَحْصى كِتابُكَ مِنْ عَمَلِيَ الَّذي لَوْلا ما اَرْجُو مِنْ كَرَمِكَ وَ سَعَةِ رَحْمَتِكَ وَ نَهْيِكَ اِيّايَ عَنِ الْقُنُوطِ ، يا خَيْرَ مَنْ دَعاهُ داع ، وَاَفْضَلَ مَنْ رَجاهُ راج .أذن هؤلاء مسالة حبهم وبغضهم ليست مسالة اختيارية انما تاتي لنا عن الدم.

**** من النقاط المهمة موضوع الولاية : لأنه من المواضيع الحساسة التي شغلت الامة منذ رحيل رسول الله {ص} إلى اليوم ولا شك سيستمر النقاش حولها ما دام هذا الدين الذي يعتبر أهل البيت{ع} حسب وجهة نظر شطر الشيعة هم الممثلون الحقيقيون للرسالة الخاتمة ولجدهم الرسول {ص} حسب الأخبار الواردة عنه وحسب فهمنا للمباني القرآنية واحاديث الرسول{ص} فقد ورد عنه قوله (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا ) فالنبي صلى الله عليه وآله نادى بالتمسك بهما لا بأحدهما فقط بل الطرفين، والقرآن يقول ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ). فالقران واهل البيت هما اساس الاسلام في راي الامامية ..

إذن بحسب معطيات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تمسك الشيعة الأمامية بأهل البيت{ع} لكن دون تكفير للآخر بل هو مسلم له ما للمسلمين وعليه ما عليهم. هذا بسحب معطيات الكتاب والسنة اللذان هما مصدر لكل مسلم بالتالي لا يحق لإنسان ما أن يكفر أو يبدع من يكون القرآن هاديه والسنة رائدته ، ولكن الشيعة الأمامية بما يمتلكون من علماء هم امتداد لأهل البيت(ع)الذين اكدوا على دور العقل في المنظومة التشريعية والدينية بصورة عامة فقد ورد عن الامام الكاظم{ع}في جوابه لابن السكيت عن الحجة فقال لله حجتان حجة ظاهرة وحجة باطنة أما الظاهرة فالرسل والأنبياء وأما الباطنة العقل ، لذلك كان للعقل دور أساسي في بلورة الفكر الأمامي خصوصا هم قائلون بحجيته في الدليل الكلامي والفقهي .. • لذا اسسوا مباني عقلية تدلل على فكرة الإمامة حتى تكون مسألة عقلية وفكرية يدركها العقل كما أدرك ضرورة النبوة عقلا بحسب قواعد الفكر . فنحن نؤمن بخلفاء رسول الله{ص} الاثني عشر. فإذا اعتقدنا وجود الله انبثق عنه وجود اللطف الإلهي الذي يعني وجود النبوة وبنفس ملاك اللطف الإلهي تستمر الإمامة وفق قاعدة الهداية (لكل قوم هاد ) وهذا الذي عبر عنها الحديث الشريف )لا تخلو الأرض من حجة لله ) .

** فالإمامة ليس تنصيب يكتشفه الناس بعقولهم ف(الإمامة العامة)ليس تعيين شخص الإمام فهذا أمر لن يكشفه العقل المجرد بل هو أمر تابع للنص لذا مقولة الإمامة بالنص في قبال نظرية الشورى إنما هي تعيين شخص الإمام فنحتاج إلى تعيينه بالنص… واليك الادلة من القران ..

قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ فالإمامة منصب إلهي وعهد من الله، وتكون بالتعيين منه تعالى. وقد جعلها لإبراهيم «ع» بعد النبوة والحكمة، ولا نصيب منها للظالم، كالمشرك ومرتكب للمعاصي.

وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ إختار الله ونصّب من بني إسرائيل أئمة لهداية الناس، ذلك حين صبروا على الأذى والبلاء في طاعة الله ونصرة دينه، وكانوا بآيات الله يوقنون.

** هناك قول واضح جدا: ـ روى الشيخ الصدوق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ للصادق{ع} عن معنى قَوْلِ اللهِ تعالى:﴿إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ﴾، فَقَالَ: كُلُّ إِمَامٍ هَادٍ لِكُلِّ قَوْمٍ فِي زَمَانِهِمْ .

ونحن في هذه المناسبة نرفع اسمى ايات الولاء والانتماء الى مولانا صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن بولادة جده الحسين بن علي {ع} نسال الله بحقهم ان يرزقنا الثبات علىت محبتهم والسير على نهجهم .

 

مولاي أنت لكل جيل صاعد****** قبس ينير له السرى ويحبب

ولأنت إن زلت به قدم الهوى***** صوت الضمير يرده ويؤنب

ولنا بيومك، وهو في أقصى المدى***كف ملوحة، وعين ترقب

أنا لست شيعيا لأن على فمي ***ذكرى الحسين، أعيد فيه وأطنب

ولأن أمي أرضعتني حبه ****** ***ولأنه لأبي وجدي مذهب

لكنني أهوى الحسين، لأنه ******** للساكنين طريق خير أرحب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لعلع ببابِ عليٍ أيها الذهبُ* وأخطفِ بأبصارِمن سَروا ومَن غضِبوا

وقـل لمن كان قد أقصاكَ ناحية *** عذرا إذا ما جئت منك اليوم اقتربُ

لعـل بـادرةً تبدوا لحيـدرةٍ **** أن ترتضيك لها الأبواب والقببُ

فــقـد عهدناه والصفراءُ منكرةٌ **** لعينــه وسنـــاها عنده لهبُمــا قيمة الذهبِ الوهُاج عنَد يدٍ ** تساوى الكل لديها التبرُ والترُبُ