18 ديسمبر، 2024 10:04 م

مجلس حسيني ـــ القلوب واللغو في القران

مجلس حسيني ـــ القلوب واللغو في القران

بسم الله الرحمن الرحيم

{لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } البقرة(225)

معنى الأخذ : أخذه أي تناوله وحصل عليه , وللكلمة معنى آخر : أخَذه يعني بشِّدّة : عامله معاملة قاسية .. ومعناها الغلبة حين يغلبك النعاس ” اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ” يعني لا يغلبه شيْ حتى النعاس والسنة جزء من النعاس ..

وحين تضيق الأرض الأرض بأهلها في حرب او مواجهة, يقولون أخذوهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ” وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ َ”إذن الأخذ في اغلبه يعني سيطرة الغالب .الآية تبين إن الله يتعامل مع الناس بما في قلوبهم , وليس بما تكلموا به لغوا. الآية تشير الى نقطتين .

الأولى: موضوع اللغو : والثاني : معنى القلوب …….

اللغو : يعني : كل كلام لا يُعْتدّ به سواء (كلام اوغيره ولا يُحْصَل منه فائدة )كلاَم لَّغْو..وقد يقول قائل : ترد آية واحدة في القرآن تحرم اللغو ، فلماذا تتعب نفسك تكتب عن اللغو ، المفروض تكتب ، كتب عن الغيبة أو النميمة السخرية أو الكذب وغيره..

** أذن اللغو : الكلام الذي لا توجد فائدة منه ، فقط كلام للتسلية وتمضية الوقت .ولكن بشرط لم يبلغ المعصية. فكل كلام ,لا يتحصَل منه فائدة ولا نفع فيه ولا علم ولا حكمة .. بل قوله والسكوت عنه بنفس الدرجة … مثال :

*يجري أحيانا حوار بين اثنين او أكثر , حول مباراة بكرة القدم بين ناديين أجنبين , ليس للمتكلم أي علاقة به .. ولا فيه حكمه , ولا علمية .. ويصل الحوار الى الصياح والعداوة والتعصب للنادي الفلاني .. واتذكر انه جرت عملية قتل في احدى المحافظات . لان الحوار تطور الى سب النادي , فقام الثاني بإطلاق النار عليه .. هذا لغو.

* اليوم اغلب الناس تبحث عن المعلومة وعن الحقائق , بينما اللغو ان يأتي ” مهوال” يكيل سيلا من الكذب من اجل مبلغ معين يدسه في جيبه .. والأكثر ان المستمعين ينتظرون نهاية القصيدة ليقوموا بدك ارجلهم في الارض .. يتصورون ان هذه العمل يميزهم من بين العشائر .. بينما يقول القران ” ان الذين امنوا وعملوا الصالحات , أولئك هم خير البرية . فأين الحكمة في هذا في قول القران او في قول المهوال.. هذا هو اللغو .

**ومن ضمن اللغو الذي يعتبره القران لغوا هو ما يقوله بعض الناس في اغلب كلامهم , يقيم القسم عليه .. يعني يعتبره كلام لا خير فيه، فهو (لغو). وهو الساقط الذي لا يُعتد به، و(اللغو) في كلام العرب: كل كلام كان مذموماً، وفعلٍ لا معنى له …

وغالبا لا يؤخذ باللغو مثلا: القائل:حين يسأله القاضي وكل الأدلة الجرمية تدينه, يقول لا , ولكن القاضي يعتبر كلامه لغوا …يقول تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ).

واكبر مشكلة في اللغو بالإعمال عندنا الآن في العراق دون بلدان العالم , هو الرمي في المناسبات , في الأعياد والنجاح والزواج وتشييع الميت وفوز المنتخب بكرة القدم . كل هذه الأعمال غير مجدية ولا يوجد فيها نص يبيح ممارستها , ناهيك عن وجود فتوى من المرجع الأعلى بحرمتها, إلا إن عقول اللغو متمسكة بها ويعتبرونها شرف رفيع .

*ــــــــــ* بعد هذه التوضيحات لمعاني كلمة لغو … أعود للآية المباركة . موضوع اللغو باليمين , يذكر الفقهاء أن اليمين التي يحلفها الإنسان تنقسم إلى أنواع ثلاثة:

أولا: يمين اللغو، ثانيا اليمين المنعقدة، الثالثة اليمين الغموس. وقد جاء في يمين اللغو ما ذكرته الآية المباركة من سورة البقرة :{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم .الآية تناولت يمين اللغو، والحديث عما تضمنته من أحكام :

أولاً: نبين (اللغو) من الناحية اللغوية ,حين يأتي الإنسان بما لا يحتاج إليه المجتمع من كلام , بعبارة أوضح , هو الكلام الذي لا خير فيه، ويسمى (الكلام الساقط) الذي لا يُعتد به. وسقط اللسان له أشكال متعددة .. يعتبره علماء اللغة ( خروج اللسان على وزن خروج الإنسان والحيوان ) مثلا هناك شيخ بعد ان رمى عمامته ولقبوه بالشيخ اللندني يقول في إحدى لقاءاته حيث يسمونه (المحلل الاستراتيجي) يقول نعمل ولم يوضح من هم الذين ينتمي لهم ويعملون معه .. نعمل على إسقاط قدسية القران.. وقدسية النبي محمد(ص) وقدسية الأئمة ألاثني عشر .. والمصيبة انه بعد نشره هذا الفلم (المقطع) تستضيفه قناة عراقية ليحلل موضوع قدسية كربلاء , وهل للمدينة المقدسة وقبر الحسين(ع) قدسية او يجوز الرقص وظهور البنات متبرجات وبدون حشمه في كربلاء ..؟ هذا كلامه كله سقط اللسان , ( خروج لسان ) وللتأكيد ,لنتعرف على الآراء من قبل الصحافة أمريكية .. بلد الإباحية كيف ينظرون للاماكن المقدسة عندهم ..

*** لفتت زوجة الرئيس الأمريكي ترامب، الأنظار لدى وصولها إلى الفاتيكان برفقة زوجها الرئيس,, إنها كانت ترتدي فستانًا طويلا أسود يغطي ذراعيها الى تحت الركبة، كما ارتدت غطاء رأس أسود اللون . وكتب محرر صحفي أمريكي يشتغل في “بي بي سي”، على موقع تويتر قائلا: “نقطة مثيرة للاهتمام، زوجة ترامب ترتدي حجابا أثناء لقاء بابا الفاتيكان لكنها لم تفعل هذا عندما التقت مع ملك السعودية”.

المعروف ان الفاتيكان والبابا في روما ..فرد عليه مراسل بي بي سي في روما قائلا : هناك بروتوكولات ومراسيم أثناء لقاء البابا، والبيت الأبيض على علم بهذا البروتوكول والمراسم. وأضاف:…. “عندما زارت ملكة بريطانيا البابا وهي في سنّ الشباب ، عام 1980،أي قبل 40 سنة وضعت غطاء رأس يشبه ما ترتديه أميرات إسبانيا”..كما أن ابنة الرئيس ترامب، ليست مسيحية , تحولت إلى الديانة اليهودية رفضت أيضا ارتداء الحجاب في السعودية، ولكن وضعت غطاء على رأسها في الفاتيكان.

هذا مكتن له قداسة وبروتوكولات .. يجب ان يلتزم جميع الرؤساء والزوار .. بما فيهم رؤساء أميركا ,حين زيارتهم الفاتيكان، وكانت زوجة الرئيس السابق أوباما قد ارتدت حجابا في كل لقاء مع البابا السادس عشر، عام 2009، وكذلك فعلت زوجة الرئيس بوش ووزيرة خارجية أمريكا هيلاري كلينتون….. ليس هذا في روما الفاتيكان ..

في دين اليهودية ايظا هناك آماكن يجب ان ترتدي المراة والرجل ملابس تتلائم مع قدسية المكان, أليك مثال : حين زار ترامب إسرائيل .جاء الى حائط المبكى . وهو مكان مقدس عند اليهود, كما ألاماكن المقدسة عند المسلمين , ارتدى ( الطاقية ) اليهودية .كما ارتداها حين زار المكان الذي يحتفلون به كمحرقة للهولوكوست ..

إذن اللغو عن المكان المقدس عند من لا يعرف هذه القدسية .. ويقول لا توجد قدسية لمكة والنجف وكربلاء هو نوع من اللغو ,,جاء في كلام العرب: كل كلام مذموم، وفعلٍ لا معنى له فهو لغو ،ومن أمثالها كلام القائل والسارق : والله ما فعلت كذا، وهو قد فعل، والذي يتهم الناس ,او يكتب في الفيسبوك ولا يعرف عما يكتب عنه ..

ومنه اثناء هذا اللغو تظهر كلمة يمين , قد يعتبرها المستمع إنها توكيد .. لا تدير بال هذا المتكلم ليس لكلامه قيمة , فهو لغو غير معتد به عند الله (لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ)بعكس الناس بعضهم يصدق من يتكلم ويعقد الايمان … لا تتصور ان الناس لا تعتد باللغو بل يرتبون عليه قيمة ونتائج , نسبة قليلة جدا من الناس تترفع في الرد عن التافه , او صاحب اللسان الهابط.. وألا اليمين في المحاكم , وفي الجلسات العشائرية يعتد بها في الغالب وتترتب عليها نتائج .. كما ان بعض اللغو يؤدي إلى موت الناس , تتذكرون التقارير التي كانت تكتب من قبل الحزبيين .. هذه أدت إلى كوارث اجتماعية ..

*** كمثال على ذلك .. هناك اسر كثيرة دمرت بسبب التقارير , حين تقرأ تاريخ الساسة في العراق تجد تاريخا اجراميا مرعبا , ابتدأ منذ عام 1959 حين قام التيار الاحمر بقتل التركمان في الموصل وكركوك , وسحل الناس بالشوارع , وظهر شعار( ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة .. ثم تلتها فترة 1963 وما رافقها من انتهاكات لحقوق الانسان . واخيرا الحروب التي دمرت العراق واخرته لمائة سنة للوراء ..

والان لم تنتهي حالات اللغو .. كل من عمل القتل والاجرام يعتبر ذلك حقا من حقوقه يجب ان ينزله بالطرف الآخر ,أليك مثال الآن :.. ‏تؤكد المعلومات الميدانية من محافظات وسط وجنوب العراق بأن البعثيين يعملون بنشاط على اعادة تنظيم صفوفهم وأنهم يسيطرون على مئات من صفحات التواصل الاجتماعي ويروجون لتوجهاتهم من خلال نافذة انتقاد الوضع المتر+دي في العراق بسبب الفساد المالي والاداري..

** وعلى راسها محاولة تمجيد النظام السابق وتأجيج ‏مشاعر المواطنين ضد المرجعية وتحميلها مسؤولية فساد الاحزاب السياسية من خلال إيجاد مقارنة بين الوضع الحالي والسابق مستغلين بذلك نقمة المواطنين بسبب تراجع الخدمات والظروف المعيشية الصعبة، والبطالة ..تؤكد المعلومات أن مركز السيطرة والتوجيه يقع في محافظة كربلاء ويتمدد إلى محافظات الفرات الأوسط وجنوب العراق ..على وجه الخصوص .

** هذا لغو ولكن له نتائج كارثية على المجتمع , وضريبته اهدار الدماء والعداوة والقتل والتصفية وغيرها …. وهناك كثير يستخدم الايمان لو تطلب ان يقسم على امر لا يعرفه .. فتسمع فلان يقول . والله قال ذلك لفلان،وهو ليس بحقيقة .. وهذا لغو مؤذي .. **** ثانياً: (الأيمان) لغة: جمع يمين، واليمين: الحَلِف، وأصله أن العرب كانت إذا تحالفت، أو تعاقدت أخذ الرجل اليد اليمين لصاحبه بيمينه، فينعقد بينهم اليمين حين تتشابك ايديهما اليمين .. كما في التحية والسلام بالتصافح … ثم تعددت الحالات ان يدخلوا طرفا اخر كشخص محترم او صنم من اصنامهم التي يحترمونها ..ويشيرون اليه ..حتى سمي الحَلِف والعهد نفسه يميناً. وقد اقرها الاسلام باعتبارها ميثاقا بين الناس .. لأنها تحفظ الحقوق. وتبدل اليمين لمقدسات اخرى بعد نزول الوحي .. فكان النبي يقسم بقوله : والذي نفس محمد بيده )

ثالثاً: اختلف العلماء في المراد بـ (اللغو) في اليمين، وحاصل أقوالهم تنحصر في مذهبين:

الأول: أن (اللغو) في اليمين هو: ما يجري على اللسان مجرى التأكيد أو التنبيه، من غير اعتقاد لليمين، ولا إرادة لها، كقول الرجل: لا والله، وبلى والله . وقد روى البخاري قال: (نزل قوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو} في قول الرجل: لا والله، وبلى والله..

الثاني: أن اللغو في اليمين هو: أن يحلف الإنسان على أمر يقدسه وله منزلة في قلبه ولا يمكن ان يستحقر عقيدته ..وأرذل خلق الله من يقسم بمقدساته وهو في نيته تان يكذب ..

هذا التأويل لمعنى (اللغو) عن ابن عباس وهو قول أبي حنيفة ومالك. قال مالك في “الموطأ”: “أحسنُ ما سمعت في هذه: أن (اللغو) حَلِفُ الإنسان على الشيء، يستيقن أنه كذلك، ثم يجد الأمر بخلافه، فلا كفارة فيه”. ومأخذ هذا القول من الآية: أن الله تعالى(جعل المؤاخذة على كسب القلب في اليمين) ولا تكون المؤاخذة إلا على الحنث، لا على أصل الحَلِف؛ إذ لا مؤاخذة لمجرد الحَلِف، ولا سيما مع البَر باليمين، فتعين أن يكون المراد من كسب القلب كسبه الحنث، أي: تعمده الحنث، فهو الذي فيه المؤاخذة.

*** يترتب على الخلاف بين الرأيين ، أن أصحاب الراي الاول ممن لا يرون أهمية لما يقسم به من يريد القسم …لأنه لقلقة لسان من غير قصد .

** اما أصحاب الرأي الثاني :فلا يوجبون الكفارة فيما جرى مجرى الظن، ثم تبين الأمر خلافه، ويوجبونها فيما يجري على اللسان حتى من غير قصد.

الحجة فيه: أن الله اعتبر اليمين قسمين: (ما كسبه القلب، واللغو) ما كسب القلب: أي ما قصد إليه…مقابله اللغو وهو ما يجري به اللسان من غير قصد “. وهذا يسمى باليمين المنعقدة، المنصوص على حكمها في قوله عز وجل: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين)..

ما معنى اليمين الكاذب… ؟. حين يتعمد أن يخبر عن حدث ماضي أو الحاضر بخبر‌ كاذب‌ لأجـل‌ تـأكيده أو إثـباته يقسم باللّه تعالى،بأن يقول مثلا:«واللّه فعلت في اليوم الفلاني كذا‌»و هذا القسم من اليـمين عبّر عنه في الروايات بـ(اليمين الغموس) {أي يغمس‌ صاحبه في المعصية أو‌ في‌ جـهنم}،كما يعبر عنه بــ(اليـمين الحالقة) بمعنى أنه كالموس التي تحلق الشعر من البدن تذهب الدين من صاحبه… لان هذا اليمين يضلل العدالة ويقلب الحقائق .

ـــــــ ورد في الكافي عن الكليني .. عن أبي حمزة ، عن عليّ بن الحسين ( ع) ، قال : قال رسول الله( ص) : لا تحلفوا الا بالله ، ومن حلف بالله فليصدق ، ومن لم يصدق فليس من الله ، ومن حُلف له بالله فليرض ، ومن حلف له بالله فلم يرض فليس من الله عزّ وجلّ .

وعن الصدوق : عن أبي عبدالله(ع) قال : ان الله عزّ وجلّ ليبغض المنفق سلعته بالايمان ، ثم ذكر الحديث . وقد اعتبر الامام الصادق ان هذا اليمين من الكبائر.. ان تقسم بالله وفي قرارة نفسك انك تستخف باسم الله وتعتبره سببا للإفلات من حق .. فقد اعتبرها الصادق(ع) من الكبائر بقوله‌ تعالى في القرآن المجيد: قال تعالى: {إنّ الذين يـشترون بعهد اللّه وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة و لا يكلمهم اللّه و لا ينظر اليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم …

عن الامام الباقر(ع) قال: «قال رسول الله(ص) “إياكم واليمين الفاجرة فإنها تدع الديار من أهـلها بـلاقع»…. وورد في مقالة رسول الله (ص) “أن امرأ القيس اختصم مع رجل من حضرموت إلى رسول‌ الله (ص) في أرض، فقال(ص)«ألك بينة؟»، قال:لا. قال «فبيمينه؟»، قال:إذن والله يذهب بأرضي. فقال(ص)«إن ذهب بأرضك بيمينه كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يـزكيه و له‌ عذاب‌ أليم»، قال: «ففزع الرجل و ردّها إليه». يبدو ان المجتمع ذلك الوقت في درجة عالية من الرقي والترفع عن الشعارات الزائفة ..قال الإمام الصادق (ع)«من حلف على يمين‌ وهو‌ يـعلم‌ أنـه كاذب فقد بارز اللّه‌ تعالى»..

** أقسام‌ اليمين : اليمين إمّا من أجل (الإثبات والتأكيد)، أو (من أجل الالتزام بأمر في المستقبل (مثل الخريجين حين يؤدون اليمين لاستلام مهامهم ).. هناك يمين واجب لانه يستوجب بيان حق لا يصدق بسهولة كقول الامام علي(ع) «واللّه‌ لو‌ تـعلمون‌ مـا أعـلم لضحتكم قليلا ولبكيتم كثيرا». وهناك يمين مكروه : وان كان صادقا ولكنه في غير مورد الوجوب ولا الاسـتحباب ..لا تستوجب الحالة أي يمين .. مثلا يقول ( والله غدا سنقوم بالعمل الفلاني) يسمونه سبق الشرط وهو مكروه بنحو عام، وحين يتحدث عن الماضي او المستقبل (أقسم بالله حدث بالأمس كذا) للماضي أو (سيحدث‌ اليوم‌ كذا) فإنه وإن كان صـادقا إلاّ أنـه مـكروه، أما إذا كان كذبا فإنه حرام قطعا.يقول‌ الإمام‌ الصادق(ع)«لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين، فانه عـزّ و جـل يقول: {ولا‌ تجعلوا‌ اللّه عرضة لأيمانكم}.

*** اما اليمين المحرم : هوالقسم الذي يحرم‌ دائما‌ و في‌ جميع الموارد، هـو الحـلف بـالبراءة من اللّه‌ و من‌ دين الإسلام او من النبي او ولاية امير المؤمنين .مثل أن يقول: «أبرأ من الله أو من دين الإسلام او من ولاية علي …إن‌ كنت‌ فـعلت كـذا أو أفـعل كذا‌» وهذا‌ القسم، على‌ العموم‌، لغو‌ وباطل وحرام مطلقا، سواء أكان فـي‌ مـقام‌ الخصومة ,أو إثبات الحق، أو في مقام التعهد لأمر آت، أو بصدد‌ الماضي، وسواء أكان صدقا أم كـذبا.

** عن النبي(ص)” أنه‌ سمع رجلا يـقول: أنـا بري‌ء من دين محمد ..فقال (ص) «ويـلك، إذا‌ بـرئت‌ مـن دين محمد، فعلى اي دين‌ تكون؟»، قال: فما‌ كـلّمه رسـول الله حتى‌ مات».

عن الإمام الصادق(ص) قوله‌ ليونس بن ظبيان: «يا يونس، لا تـحلف بـالبراءة منّا فإنّ من حلف بـالبراءة مـنا‌ صادقا‌ أو كـاذبا بـري‌ء مـنّا».

… اليمين في المذاهب الإسلامية :..في حالات اجتماعية يكون هناك يمين على الالتزام‌ بأمر مستقبلي‌ .. مثلا يقول تفضل معي للغذاء او العشاء .. ولتأكيد الموضوع .. يقول له تمشي معي بالطلاق .. او بالطلاق ساقوم بالعمل الفلاني .. فما هو حكمه ..؟

** قال الشيخ ابن عثيمين :”هؤلاء السفهاء الذين يطلقون ألسنتهم بالطلاق في كل هين وعظيم ،وهم مخالفون لما أرشد إليه النبي(ص) َ في قوله : ( مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ ) يعني لا يجوز اليمين بالطلاق ..أمّا أن يحلفوا بالطلاق مثل : عليّ الطلاق أن تفعل كذا ، أو عليّ الطلاق ألا تفعل ، أو إن فعلت فامرأتي طالق ،وما أشبه ذلك من اللغو فإن هذا خلاف ما أرشد إليه النبي (ص) . انتهى .

ثانيا :قول الرجل لزوجته : إن فعلت كذا فأنت طالق ، أو إن لم تفعلي فأنت طالق ، هو من الطلاق المعلق على شرط ، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى وقوعه عند حصول الشرط ..

((سئلت اللجنة الدائمة عمن قال لزوجته : عليّ الطلاق تقومين معي ، ولم تقم معه . فهل يقع بذلك طلاق ؟ فأجابت : ” إذا كنت لم تقصد إيقاع الطلاق وإنما أردت حثها على الذهاب معك ، فإنه لا يقع به طلاق ، ويلزمك كفارة يمين ..وهو اطعام عشرة مساكين ، وإن كنت أردت به إيقاع الطلاق وفي نفسك متحققة النية , إذا هي لم تستجب لك وقع به عليها طلقة واحدة ” انتهى .. وفي كلا الحالتين.. اما اطعام عشرة مساكين او تطلق الزوجة..

*** موارد‌ بطلان‌ القسم : متى يحرم القسم ولا يجوز الكلام فيه ولا تداوله ..؟.

يحرم القسم في حالة إذا تعلق القسم بأمر فـيه رجـحان شـرعي‌ أو‌ عـقلي، أي إذا كـان العـمل‌ المطلوب‌ أداؤه أو تركه بنظر الشرع أو العرف، وفي غير هذه الصورة .. فإن القسم لغو، ثم هو قسم باطل ولا كفّارة عليه ، مثال‌ ما‌ إذا حلف على ترك‌ عمل‌ واجـب أو مستحب شرعا أو كانت فيه منفعة بنظر العقلاء، أو الإتيان بعمل حرام أو مكروه شرعا.قال الإمام الصادق(ع):«لا يجوز يمين في تحليل حرام، ولا تحريم حلال، ولا‌ قطيعة‌ ..

** قسّم الإمام الصادق (ع) اليمين إلى ثلاثة أقسام:يمين ليس فيها كفارة، ويـمين فـيها كفارة، ويمين غموس ‌‌توجب‌ النّار، فاليمين التي ليس فيها كفارة: الرجل يحلف بالله على باب برّ أن‌ لا‌ يفعله‌ فكفارته أن يفعله،( مثلا : اقسم ان اعطي صدقة لاي فقير .. او لا ازور فلان .. كفارتها ان اعطي صدقة .. او ازور الشخص الذي اقسمت عليه .. فهي كفارة يميني .. او لا اكلم فلان .. اعتذر اليه واكلمه فقد اديت كفارته ..

ـــ اليمين التي تجب فـيها الكـفارة: هو اليمين على عمل محرم ..تحلف على مـعصية أي عمل تحلف عليه وهو حرام .. كفارته اطعام عشرة مساكين .. وهي اما تجمعهم وتطعمهم او تعطي اموال لعشر فقراء .. والثالثة : اليمين الغموس التي توجب النّار وهي اليمين الكاذبة .. كمن يحلف على حق امرئ مسلم او غير مسلم .. فما هو حكمه ..؟

** عن الصادق(ع) اليمين الغموس التي يتعمد فيها الكذب .. هو أن يحلف الرجل على مال امرئ مسلم ، أو على حقه ظلماً ، فهذه يمين غموس توجب النار ، ولا كفارة عليه في الدنيا . هذا من الظلم يبقى معلقا بذمته في الدنيا .. ولا يغفر له ولا شفاعة ..

ـــــ هناك يمين كاذبة ولكن صاحبها يؤجر عليها,, ولا كفارة عليه .. كيف يجري ذلك اليمين..؟ عن الصادق (ع) في شرح حالات اليمين .. ذكر التالي :منها ما يؤجر الرجل عليه إذا حلف كاذبا،فأما التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف كاذبا ولا تلزمه الكفارة فهو أن يحلف في خلاص امرئ مسلم أو خلاص ماله من يتعدى عليه من لص أو غيره.او انهاء مشكلة ستقع ويستوجب ان يحلف لانهاء تلك المشكلة .. ** في معركة نهر جاسم .. هرب عدد كبير من جنود وحدتنا من المعركة وعبروا شط العرب سباحة وبعضهم مات غرقا .. بعد عبورهم للجانب العراقي ووصولهم سالمين , تم تشكيل مجالس تحقيقية ضدهم باعتبارهم متخاذلين , وتركوا اسلحتهم رموها , قبل الاشتباك .. انا كنت سائق سيارة وهربت قبل الاشتباك .. عرف الجنود بالامر وجعلوني شاهدا في المحكمة العسكرية .. حقيقة حين اخبروني ترددت لاني سأقسم بالقران , في حين انهم اخبروني انهم رموا سلاحهم وهربوا .. سالت احد أعضاء لجنة الفتيا عند السيد الخوئي .. فسألني هل ذلك فيه خلاص رقابهم من الغرامات والسجن ..؟ قلت نعم , قال اقسم ولا تخف هذا فيه خلاص لمسلمين زجوا في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل .

ثم تقول الآية : {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} أن نيته وما عقد قلبه على الكذب وليس فيها إنقاذ لأرواح وأعراض هنا تكون هذه المؤاخذة …هي عقاب الآخرة، ولا كفارة عليها في الدنيا .. لأنها تتعلق في الذمة ..

*** مفهوم النية في الإسلام:. تتحدد اعمال الانسان عند الله من خلال نيته وليس من خلال لفظه , يسميها العلماء ( روح الأعمال) ومن خلالها يتم قبول العمل او رفضه يقول النبي(ص)«إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» ..النية محلها القلب، وتنفذها النفس .. ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها , قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها .. فلو لفظ بلسانه خلاف ما في قلبه فالاعتبار بما ينوي لا بما لفظ.

“أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عِظَمِ مَوْقِعِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ وَصِحَّتِهِ” قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْأُصُولِ وَغَيْرُهُمْ: لَفْظَةُ (إِنَّمَا) مَوْضُوعَةٌ لِلْحَصْرِ، تُثْبِتُ المذكور بعدها ، وَتَنْفِي مَا سِوَاهُ.كقوله تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)..فاخذنا حصر الطهارة في ال البيت(ع) كذلك انما الاعمال بالنيات حصرت جميع الاعمال بنية القلب …

فكل الْأَعْمَالَ تُحْسَبُ بِنِيَّةٍ، وَلَا تُحْسَبُ إِذَا كَانَتْ بِلَا نِيَّةٍ. وَفِيهِ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ، وَهِيَ الْوُضُوءُ، وَالْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالنِّيَّةِ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ وَالِاعْتِكَافُ وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ” .. وهناك حديث اخر في نفس الصدد قوله(ص) «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» هنا دور النية في العمل يقول الرسول (ص):” يا أيها الناس إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى..، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه .

“إنما الأعمال بالنيات» يختص من الأقسام الثلاثة بالطاعات والمباحات دون المعاصي ؛ إذ الطاعة تنقلب معصية بالقصد، والمباح ينقلب معصية وطاعة بالقصد، فأما المعصية فلا تنقلب طاعة بالقصد أصلا، نعم، للنية دخل فيها، وهو أنه إذا أنضاف إليها قصود خبيثة تضاعف وزرها وعظم وبالها، ومن شروط قبول الأعمال عند الله تعالى: حتى تقبل عنده ويؤجر عليها العبد أن يتوفر فيها شرطان: الشرط الأول: الإخلاص لله ونية القرب له، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء}أن يكون بجميع أقواله وأعماله الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله.{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا}.

*** وهناك نيات في القلب تعطي اهمية للانسان وموقفه من الايمان . كالحديث المروي عن الامام العسكري (ع) :علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين وزيارة الأربعين والتختم باليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. .. وطفتُ بقبرِكَ طوفَ الخيال *** بصومعةِ الملهمِ المبدعِ ..وخلتُ وقد طارتِ الذكريات *** بروحي إلى عالمٍ أرفعِ** كان يدا من وراء الضريح … حمراء مبتورة الاصبع ..

:.وقف جابرعلى القبرفغشي عليه .. ولما افاق فأجهش بالبكاء ونادى السلام عليكم يا ال الله .. ثمنادى يا حسين ثلاثاً، ثم قال:(حبيب لا يجيب حبيبه وأنّى لك بالجواب وقد خضبت اوداجك على اعقابك وفُرقَّ بين رأسك وبدنك،فأشهد أنك ابن خاتم النبيين وابن سيد المؤمنين وابن حليف التقوى وسليل الهدى وخامس أصحاب الكساء وابن سيد النقباء وابن فاطمة سيدة النساء، ومالك ما تكون كذلك وقد غذتك كف سيد المرسلين، وربيت في حجر المتقين، ورضعت من ثدي الإيمان وقطمت بالإسلام فطبت حياً وطبت ميتاً غير أن قلوب المؤمنين غير طيبة بفراقك فعليك سلام الله ورضوانه، وأشهد انك مضيت على ما مضى عليه أخوك المجتبى ابن زكريا) ثم جال بصرة حول القبر وقال:(السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين وأناخت برحله، وأشهد أنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين، وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين، والذي بعث محمداً بالحق نبيا، لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه)( هنا نية القلب ) فقال له عطية العوفي:(كيف؟ ولم نهبط وادياً ولم نعل جبلاً ولم نضرب بسيف والقوم قد فرق بين رؤوسهم وأبدانهم وأؤتمت الاولاد وأرملت الأزواج، فقال له ( سمعت حبيبي رسول الله (ص)يقول: من أحب حشر معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم، والذي بعث محمداً بالحق نبيا إن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين وأصحابه. بينا هو يكلمني وإذا بسواد طلع علينا من ناحية الشام، فقال جابر لعبده: انطلق إلى هذا السواد وآتِنا بخبره، فإن كانوا من أصحاب عمر بن سعد لعلّنا نلجأ إلى ملجأ، وإن كان زين العابدين فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى فما أسرع أن رجع العبد وهو يقول: يا جابر، قم واستقبل حرم رسول الله هذا زين العابدين جاء بعمّاته وأخواته.فقام جابر يمشي حافي الأقدمين، مكشوف الرأس، إلى أن دنا من الإمام فقال له: «أنْتَ جابر»؟ قال: نعم يابن رسول الله، فقال «يا جابر هاهُنا والله قُتلت رجالُنا، وذُبحِت أطفالُنا، وسُبيَت نساؤنا، وحُرقت خيامُنا».

اما العقيلة لما نظرت الى نساء بني اسد نادت : يا نازلين بكربلاء هل عندكم.. خبرٌ بقتلانا و ما إعلامها .. ما حال جثة ميتٍ في أرضكم .. بقيت ثلاثاً لا يُزار مقامها ..

ثم إن العقيلة سالت علي بن الحسين {ع} أين قبر أبيك … فأشار أليه … فرمت بنفسها من محملها على قبر أبي عبد الله . هون للكاع كلهن فرد هويه … بلايا ارواح ما جنهن بدنيه … دون علكبر بالله شلون دوية .. يراعي الكبر جتك خواتك ..****

عسن عيني العمى يحسين شفت الكبر بعيوني … يهلنا للمدينة امشوا عند ولياي خلوني … شعذري لبني هاشم عنهم من ينشدوني … شلون امشي وخليهم عكبهم من يبارينا …

يخويه بيا وجه طبتي المدينة … شكولن لليكول حسين وينه … شكولن لليناشدني من الناس … اخوج حسين وينه ووين عباس , اكول حسين ضل جثه بلا راس .. وعباس البطل كطعوا يمينه …

ثم توجهت نحو قبر ابي الفضل :…. يعباس شك اللحد عنك .. زينب والحرم كلهن لفنك … من الشام يا خويه اجنك …….ااخي ما عودتني منك الجفا … فعلام تجفوني وتجفو من معي .. انعم جوابا يا حسين يا حسين ااما ترى … شمر الخنا بالسوط الم اضلعي , فاجابها من فوق شاهقة القنا … حسم القضا بما جرى فاسترجعي … وتكفلي حال اليتامى وانظري … ما كنت اصنع في حماهم فاصنعي ..