19 ديسمبر، 2024 12:05 ص

مجلس حسيني ـــــ الخوف والهلع في القران

مجلس حسيني ـــــ الخوف والهلع في القران

بسم الله الرحمن الرحيم

(إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا *إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا*وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا *إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ*وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( المعارج 9 – 24).

ورد في معني الصحاح العربية ان كلمة هلع لها معاني عديدة نأخذ بعضا منها .. ورد حديث عن النبي(ص) { من شر ما أوتي العبد شُحٌ هَالِعٌ وجُبن خالع }..كلمة هالع جاءت للازدواج مع خالع والخَألِعُ الذي كأنه يخلع فؤاده لشدَّة الخوف ..مختار الصحاح

ومعنى الهلع الأخرى : هو الزيادة في الحرص. الى حد يصل الى بخل شديد .. والبخل يكون درجات , واشد انواع البخل حين يصل إلى أعلى مستوياته يسمى هلع ..

*** اما الجزع هو قلّة الصبر. وأعلى حالة في الجزع وأسرعه هو ما يظهر الفحش في الانسان . قال الإمام علي (ع) (الكريم يلين إذا استُعْطِف، واللَّئيم يقسو إذا استلْطِف) واللطف هي دعوة مهذَّبة لعمل شيء ، كقولك من فضلك ، إذا سمحت, ارجوك ان تساعدني او تعيرني سمعك.

*** من هنا اذا اردت ان تعرف اخلاق الناس تختبرهم بحالات وائلم النَّاس أبطئهم استجابة ومودَّة، وأسرعهم للعداوة، مثل الكُوب مِن الفَخَّار: يُسْرِع الانكسار، ويُبْطِئ الانجبار..

*** اللَّئيم لا يقضي الحاجة لغيرة فيه او حبه بفضل او دين عنده ولا مروءةً، وإنَّما يقضيها -إذا قضاها- طلبًا للذِّكر والمحْمَدَة في النَّاس ان يتحدثوا عن فضله .. هذا لئيم ..

***اللِّئام أصبر النَّاس في طاعة أهوائهم وشهواتهم، وأقلُّ النَّاس صبرًا في طاعة ربِّهم. وثيل (أمَّا اللَّئيم فإنَّه يصبر اضطرارًا؛ لانه يحوم حول ساحة الجزع، فلا يراها تُجْدِي عليه شيئًا، فيصبر صبرا غير جميل .. بل كانه موثوق ..أما الكريم يصبر في طاعة الرَّحمن، واللَّئيم يصبر في طاعة الشَّيطان، فاللِّئام أصبر النَّاس في طاعة أهوائهم وشهواتهم، وأقلُّ النَّاس صبرًا في طاعة ربِّهم،

**** يصبر على عرضه في المعصية، ولا يصبر على عرضه إذا أُوذِي في الله،

وأخيرا .. اللئيم يفرُّ مِن الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر خشية أن يتكلَّم في ذات الله، ولكنه يدافع عن قضاياه وانتماءه الدنيوي .. كالعشيرة والمصالح وغيرها ..عن النبي(ص)…

“لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر.. فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت عنهم البركات وسلط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء”…. وعنه (ص) ان الله عز وجل ليبغض المؤمن الضعيف الذين لا دين له فقيل له وما المؤمن الذي لا دين له قال :” الذي لا ينهى عن المنكر” ثم قال(ص) رافعا صوته :” ان أصل الإسلام الإيمان بالله ثم صلة الرحم ثم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر” وكثيرا ما كان يردد “إذا أمتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر( اي وكله بعض إلى بعض فليأذنوا بوقاع من الله تعالى” إلى غير ذلك من الأخبار النبوية وقوله (ص) ” فليأذنوا بوقاع يعني “ا لوَقِيعَةُ : صَدمةُ الحرب والقتال ” يعني فليأذنوا حربا من الله تعالى وعن أمير المؤمنين(ع)ان الله قال المؤمنون بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فبدء الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلها .لأن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام .

***** الخوف وأنواعه :…. الخوف خوفان وهما خوف محمود وخوف مذموم ….. كما أن الخوف يختلف عن الخشية : لان الخوف يحمل معنى الجُبن والتردد ..يقال: خاف فلان إذا ارتجف فؤاده وتوقع مكروها وحذر من الأمر كذا. كل توقع سيء يجول في خاطرنا تتوقع النفس فيه شرا وبلاء .. فيتردد الإنسان منه .. يسمى خوف جبن ..أما الخشية فتحمل معنى الحب مصحوبا بالإجلال والوقار . فيكون خوفا محمودا … يعني هناك شيء تقدسه وفيه اوامر ونواهي .. وانت جمعت بين الاحترام والحب والخوف منه فيسمى ( وقار ) ولذلك قال القرأن :

” رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ”” وقال في شأن من أختصهم بالعلم بحبه وقربه ” إنما يخشى الله من عباده العلماء” ولم يقل إنما يخاف. هؤلاء جمعوا كل التقدير والاحترام وخوف العقاب فتحول حبهم وخوفهم إلى خشية ..فالخشية منزلة فوق الخوف فهي خوف مصحوب بالحب والإكبار.

يقول امير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة:”إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار”..

وقال (ع):في موضع آخر: إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا طمعا في ثوابك، ولكن وجدتك أهل للعبادة فعبدتك…..ومن قصص الخشية من الله ..عن عمران بن حصين قال: كنت عند النبي(ص)وعلي إلى جنبه، إذ قرأ النبي الآية ” أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض” قال: فارتعد علي (ع) فضرب النبي(ص) على كتفيه وقال:مالك يا علي قال: قرأت يا رسول الله هذه الآية فخشيت أن أبتلي بها، فأصابني ما رأيت، فقال رسول الله (ص)”لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق إلى يوم القيامة “…

الخوف أنواع:…. الخوف المذموم: هو الخوف الذي لا يعطي نتيجة عمل صالح وإنما يتصف بالسلبية وعدم العطاء والابتعاد عن الناس وواقع هذا النوع من الخوف كثير جدا في حياتنا .

*** كثير من الناس يخافون الكلام مع شخص ينتحل دورا دينيا او انه مفوض من قبل الملائكة والجن .. يخافون ان ينطقوا كلمة ضده حتى ان كان على باطل .. كان العرب يخافون الكلام عن الصنم , لانه يرزق ويحيي ويميت ويشافي المرضى .. رغم انهم عملوه بايديهم ..

*** أليك هذه القصة عن خوف العرب المذموم .. ضمام بن ثعلبة كان سيدا من سادات بني سعد، أرسله قومُه رسولاً إلى النبي (ص) ، فما لبث أن عاد مسلماً، وعندما اجتمع مع قومه كان أوّل ما نطق به: “بأس اللات والعزى!” فأصابهم الجزع، وتملّكهم الخوف على انفسهم منه ومن كلامه قالوا: “يا ضمام! اتق البرص، اتق الجذام، اتق الجنون!” فأجابهم:” ويلكم! إنهم اصنام والله لا يضرون ولا ينفعون، إن الله قد بعث رسولاً، وأنزل عليه كتابا أستنقذكم به مما كنتم فيه”.

*** هذه مهزلة العقل البشري ان يعتبر القدسية في اشياء هي غير الله ورسوله وأولي الأمر من عباده الصالحين .. مثلا البعض اعطى الخشية والخوف من كاروبة او عمود كهرباء .. او الملا فلان لانه يحاكي الجن .. فيعطيه المال وما يطلبه خشية منه وتقربا اليه …

**** رأي الإسلام في موضوع الخشية السلبية .. وما الفرق بين السلبي والإيجابي ..

هناك فرق كبير بين الليل والنهار..في الحياة اعطى الله تعالى الوانا ثابتة لكل مخلوق يميزه عن الخلق الاخر , مثلا الأرض الزراعية تعطي لونا يختلف عن لون الصحراء القفرة ..و لما خلق الله سبحانه آدم (ع) نفخ فيه من روحه.. قبض قبضة من جميع الأرض فجاء البشر من نسله مختلفين في أشكالهم وألوانهم وطبائعهم وذلك لحكمة عظيمة حيث قال تعالى: (وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالونَ مُختَلِفينَ*إِلّا مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُم.)..

فما هي الحكمة من خلق الله الناس مختلفين؟ لماذا خلق الله الناس مختلفين يذكر بعض أهل العلم أنَّ سبب خلق الله الناس مختلفين هو مناسبتهم للأصل الذي خُلقوا منه وهو من جميع أنواع تراب الأرض ليجعل بين الناس اختلافاً في الطبائع جاء في الحديث الشريف للمصطفى (ص) “قال: (إن الله تعالى خلق آدم من قبضةٍ قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض منهم الأحمر والأسود والأبيض والأصفر وبين ذلك والسهل والحَزن والخبيث والطيب)..

أشار الحديث صراحة إلى اختلاف الناس في ألوانهم وصفاتهم(الخَلقية والخُلقية) ويرجع ذلك إلى تقدير الله تعالى.. لان التربة التي خُلق منها إنسان تختلف عن التي خُلق منها إنسان آخر فمن خُلق من تربة السهول طبعه مختلف عن الذي خُلق من طينة الجبال، والذي خُلق من طينة بيضاء لونه يختلف عمن خُلق من طينة سوداء، وعلى هذا الأساس نشأَ الاختلاف بين الناس…

لذلك ترى الاختلاف سنة الله في خلقه (قال الصادق (ع): إن الله تبارك وتعالى أطلع على الأرض فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منا والينا. وقال الصادق (ع): رحم الله شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بماء ولايتنا يحزنون لحزننا يفرحون لفرحنا. وقال الباقر (ع): رحم الله شيعتنا لقد شاركونا بطون الحزن على مصائب جدي الحسين (ع) .. ثم قال :” أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين (ع) دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بهما في الجنة غرفا يسكنها أحقابا…

لقد خلق الله تعالى خلقا وبعث لهم انبياء يعلمونهم .. وانزل عليهم كتبا مقدسة تبقى معهم معهم بعد موت انبيائهم ليعرفوا حكم الله .. واختلف الناس حسب اهواءهم ومواقفهم من الدين . كثير من الناس يكره الدين , ولا يقبل ان يخضع لاوامر القران .. واخرون بالعكس يبذلون ارواحهم في سبيل دينهم .. لذلك فضل الله المجاهدين على القاعدين ..

**** لذلك وصفت الاية المباركة الإنسان بالهلوع، والهلع يصنف من الخصال النفسية غير المحمودة , والهلع يأتي من ضعف البنية العصبية للإنسان عموماً من الناحية الفسيولوجية ومن ضعف الثقافة , وعدم المعرفة الشدائد التي تحيط بالإنسان.. تصقل شخصية فيكون في صورة معبرة عن تلك الظروف ..

مثلا :.. حالة الهلع تختلف عند الجندي المقاتل الذي خاض غمار معارك ومجابهة مع العدو , وبين اخر يقرا عن الحرب ويسمع الشعر ويحضر مراسيم تكريم الشعراء والمقاتلين .. نفس هذا المقاتل تختلف كثيرا من ناحية الهلع عن غيره .. شخصية الإنسان ممكن أن تراها من بعيد , وكل شيء اذا رايته وانطبعت صورته في مخيلتك ووقعت عليه عينك فقد رايته .. سواء كان ابيضا او اسودا . حيوانا جملا او حصانا .. انطبعت صورته في ذهنك ..

أما أخلاقه وتصرفاته وتفكيره .. هذه تسمى ( شخصيته) والشخصية ليس لها كول وعرض وارتفاع , فقد يكون جسم الانسان مفتولا بالعضلات وشكله قوي , ولكنه يحمل قلبا لينا يتكسر امام طفل جائع او يبكي لاجل إنسان يتألم من مرض ..بينما ترى طبيبا وعنوانه انه يحمل رسالة انسانية يستغل ذلك المريض من اجل المادة …

***ظروف وملابسات المشاكل.التي تحيط بالانسان ومن البديهي أن يقل الهلع والخوف نسبياً عند الإنسان إذا ما قُدّر له أن يطلع على حقائق تلك الشدائد والمشاكل والمحن وتحليلاتها الأصولية، ولكنه أي الهلع يبقى سمةً من سمات شخصية الإنسان الضعيف.

والهلع هو الإرباك الظاهر على الشخصية في الكلام أو بالوجه ” يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا” خلق الإنسان ضعيفا ) لان الضعف يتناسب مع نفسه ومتطلباتها .. انا وانت نحتاج الى زوجة صالحة .. والى دار نسكن فيها .. والى مال نتفوت به .. هذا الضعف هو من يدفعنا للعمل والتواصل حتى تُعَمر الارض .. ….. نحاول التوسع في الموضوع ..

***( لا يكون لهذه الحياة التي نعيشها قيمة دون أن يكون للإنسان فيها هدف يسعى لتحقيقه والوصول إليه،فالطالب غايته ان ينجح ويحصل على شهادة ..والعامل في وظيفته يكون له هدفٌ أن يترقّى في وظيفته ويتطوّر فهمه بالعمل ويزداد راتبه، والمراة ربة البيت هدفها الحفاظ على بيتها وتربية ابناءها … كل انسان غايته الاجتماعية بناء أسرة نافعة صالحة..

ـــــــــــــ*ــــ** في الجانب الرّوحي الذي يكون له علاقة بالدين يكون هدف الإنسان رضا الله ..غايته من ذلك ان يصل إلى الجنة ..ما هي الطريقة لحب الله تعالى .. (.. فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ).. كيف نحب الله ..؟ للحب ابواب متعددة منها .. ( حب الأعمال). وهذه تعني إن صاحبها يحب الله وحبه يدفعه لهذا العمل ..وهي : كما في قول ,رسول الله (ص):(أحبّ عباد الله إلى الله جلّ جلاله أنفعهم لعباده، وأقومهم بحقّه، الذين يحبّب إليهم المعروف وفعّاله). هناك اشخاص يحبون ان يرزقهم الله عملا يقربهم اليه .. في قلوبهم جذوة من حب فعل الخير , هذه الجذوة وضعها الله فيه لعلمه انه سيقوم بدور يحبب المعروف بين الناس ..

عن الإمام الصادق (ع): “ألا وإن أحبّ المؤمنين إلى الله من أعان المؤمن الفقير من الفقر في دنياه ومعاشه، ومن أعان ونفع ودفع المكروه عن المؤمنين”. هذا يكون هدف من اهداف الإنسان المحب لله تعالى … لو تلاحظ بعض خدام الحسين(ع) في موسم محرم وصفر يشعر بمسؤولية وتستعر في قلبه جذوة لا تنطفيْ الا حين يكون خادما فعالا يخدم القضية الحسينية..

*****… اذن هناك شيء مهم عند الناس , يسعى الجميع نحوه .بعضهم سعيه سلبي نحو الشر والحرام والباطل , وقسم يسعى نحو الخير وحب الله وحب الناس … هذا الشيء يسمى ” هدف ” ***فما هو الهدف الذي يسعى الناس كلهم باتجاهه ..؟ ما هو تعريف الهدف، وما هي سمات الأهداف، وكيف للإنسان أن يحقّقها؟…..

ــــــــ يعرّف الهدف بمعان كثيرة منها أنّها الغاية التي يرغب الإنسان بالوصول إليها، والطرق المتبعة هي اتباع الوسائل التي يعبّر عنها بالكلام او بالأعمال . غايته انجاز الهدف على أرض الواقع .. فيجد الانسان نفسه انه يشتغل عمره كله في تحقيق هذا الهدف .. وهناك قضية الهية يجعلها الله في قلب الانسان المؤمن . انه كلما تقرب نحو الهدف , يعتبر نفسه مقصرا , ويسعى نحو المزيد .. هكذا يتطور المجتمع , وتعمر الارض .. ويكثر الاخيار والطيبون..

ورد في الحديث الشّريف سدّدوا وقاربوا، أي إذا لم تستطيعوا الوصول الى الهدف وتحقيق المطلوب على صعوبته فاقتربوا من الهدف ما أمكن…..” الثقة بالنفس هو ان تعتقد في نفسك اعتقاداً راسخاً بإمكانية تحقيق الهدف بأذن الله رغم جميع الظروف و التحديات” .. الهدف النهائي في الحياة هو العمل باتجاه الله والخير .. ليس العلم ، فالعلم بلا عمل يقربك الى الله لا يساوي شيئاً .يجب ان تتعلم لكي نعمل.. ولذلك بعض الناس يكون همهم بطونهم .. يقول الامام علي (ع) من كان همه بطنه فقيمته ما يخرج منها .. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن سمات الأهداف التي يجب أن تسعى اليها . هو وضوح الهدف، فالهدف الواضح في الحياة يسهّل بلا شكّ لانه يبين لك رؤية الطريق الموصل إليه، ومن ثمّ اتخاذ الإجراءات الصّحيحة الموصلة إليه، بينما إذا كان الهدف غير واضح عند الإنسان، فإنّه يبقى مشوشًّا في الحياة غير قادرٍ على تركيز جهوده نحو تحقيق الأهداف كمثل الإنسان الذي يمشي في طريق ضبابيّة، او في ظلام دامس …. فلا يدرك ما حوله، ولا يستبين طريقة بينما صاحب الهدف الواضح يمشي في طريق بيضاء واضحة وضوح الشّمس. * واقعيّة الأهداف، فالهدف الخيالي البعيد عن الواقع لا يتحقّق، مثلا: الإنسان الذي يسعى لأن يطير في السّماء، من دون وسيلةٍ أو تكنولوجيا فإنّه واهمٌ لا محالة، لأنّ الله تعالى لم يعط لأحدٍ القدرة على الطيران في السّماء إلا لصنفٍ الطيور , بينما يكون الهدف المنسجم مع الواقع والحياة ومهما كان كبيرًا فإنّه يكون ممكن التّحقيق .

***أخلاقية الأهداف ومشروعيّتها،:.. يعاني النّاس في حياتنا المعاصرة من عدوان وظلم أصحاب المصالح والأهداف غير المشروعة من أفرادٍ وجماعات ودولٍ، حيث يؤدّي سعيهم إلى أهدافهم المنسجمة فقط مع مصالحم ومنافعهم إلى الضّرر بالآخرين…

هؤلاء ايظا لهم اهداف ويسعون اليها , ولكن أهدافهم تضر الإنسان والمجتمع كله .. لان الأهداف والطريق الذي يسيرون عليه ليس فيه حب الله ولا رضاه .. إنما من اجل جيوبهم ومصالحهم الخاصة بعيدا عن الله .. حتى لو كان يرفع شعار ديني فهو ليس مؤمن .. القران الكريم يقول هؤلاء عملهم خسران وحسرات ..( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ.إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) ..

حتّى يحقق الإنسان أهدافه عليه أولًا أن يحدّدها ، ثمّ يقوم بوضع خطّة عملٍ توضّح العمليّة الموصلة إليها مع توطين النّفس على بذل الجهد والصّبر وتجاوز التّحديات، وألاّ ينسى الإنسان التّوكل على ربّه ، فالله هو الموفّق سبحانه..

**** ثم تقول الآية ” وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ” المنوع يقال لمن هو طول حياته يطلب من الله ان يرزقه ويوسع عليه .. ولكن إذا كثر ماله، ونال مراده يمنع ما في يده، يبخل على الفقراء ولا هدف له الا جمع المال وكنزه .. لا ينفقه في طاعة الله، ولا يؤدّي حق الله .ولا حق الناس..

( يقول احد العلماء , جاءني طالب سالني، قال لي : أنا لا أخاف من الله ، قلت له : أنت بالذات معك الحق وكلامك صحيح ، فاستفز بهذا التعليق ، قال : ولمَ؟ قلت له : حين يصعد طفل الى سطح ليس فيه سياج ( وارش) الكل يخاف عليه ان ربما يقع من السطح . لانه طففل لا يفهم ولا يعي ان السقوط من شاهق يؤدي الى الموت .. ويمكن ان يرمي نفسه .. بينما اذا كان انسان كبير عاقل ويصعد على السطح لا احد يهتم له .. لانه يعلم ويعرف مصلحته .. وانت فعلا لا تخاف من الله .. ولو كنت عالما وعارفا لخفت من الله …

ــــــــ كان رجل بخيل أخفى ذهبه في مكان عند شجرة صغيرة في أرضه .. وفي كل أسبوع يذهب يتفقده يحفر ويخرجه وبنظر إليه ثم يعيده إلى مكانه ويدفنه . أحدهم لاحظ البخيل وبدأ يراقبه ألى أن وجد الفرصة المناسبة فقام بسرقة الذهب واختفى ..

جاء البخيل كعادته كل أسبوع ولكنه لم يجد الذهب وبدأ يصرخ عالياً..انتبه الجيران إلى صراخه فهرعوا لمعرفة المشكلة وأخبرهم البخيل كيف كان يأتي لرؤية الذهب وكيف ضاعت ثروته منه فسألهم أحدهم: وهل كنت تأخذ منه شيئاً ؟ .فأجابه البخيل: كنت فقط أنظرإليه ثم أعيده إلى مكانه فأجابه جاره: إذاً لا يوجد مشكلة… تابع ما كنت تفعله وتعال كل أسبوع وانظر داخل الحفرة واعتبر أن ذهبك مازال موجوداً فيها وبما انك لا تستخدمه فلا يوجد فرق بين وجود الذهب وعدم وجوده و وقف البخيل مدهوشاً من كلام جاره …

***** ( ثم تقول الاية المباركة : إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ*وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( المعارج 9 – 24).

عن الامام الباقر(ع) قال: استثنى الله تعالى المصلين . فقال :” الا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون ” ما معناها …؟ هناك راي يقول :” إذا فرض الإنسان على نفسه شيئا من النوافل دام عليها).. أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة ” يقول ربنا عز وجل للملائكة وهو أعلم : انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها ، فإن كانت تامة كتبت له تامة ، وإن كان انتقص منها شيئا ، انظروا هل لعبدي من تطوع ، فإن كان له تطوع ،أتموا فريضته من تطوعه ، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك ”

اذن إذا فرض على نفسه.في الكافي عن الفضيل بن يسار قال: سألت الباقر(ع) عن قول الله عز وجل: ” والذين هم على صلاتهم يحافظون ” قال: هي الفريضة. قلت: ” الذين هم على صلاتهم دائمون ” قال: هي النافلة…. ما الفرق بين دائمون ويحافظون …؟

*****أسرار النوافل وبركاتها :… يقال ان النوافل سياج الفرائض: عن الفضيل: سألت أبا جعفر(ع) عن قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾، قال:”هي الفريضة، قلت”: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ قال: “هي النافلة” .

**** هذا التفسير فيه معنى عقلي وهو إشارة أنّ الاستمرار والدوام على النافلة من شأنه أن يجعل الإنسان يحافظ على الفريضة، وأنّ التفريط بالنافلة لا يمكّن الإنسان من المحافظة على الفريضة، وبالتالي فمن حافظ على النوافل كان على الفرائض أكثر محافظة، ومن تهاون بها كانت الخطوة التالية إذا تمكّن الكسل منه أن يفرّط بالفرائض، والعياذ بالله.

**** اما قوله تعالى :” والذين في أموالهم حق معلوم ” وروي عن الصادق (ع) قال: الحق المعلوم ليس من الزكاة … بل هو الشئ الذي تخرجه من مالك إن شئت كل جمعة وإن شئت كل يوم، ولكل ذي فضل فضله. كل مال غير وارد فيه نص بالقران يحدده ..

مثلا … أن تصل القرابة وتعطي من حرمك وتصدق على من يستحق ..وقد روي هذا المعنى في الكافي عن الباقر(ع) بعدة طرق كما ورد عن صفوان الجمال عن الصادق(ع) ” للسائل والمحروم ” قال: المحروم المحارف الذي قد حرم كد يمينه في الشراء والبيع.والمحارف تعني حرفة ومهنة التي من خلالها يعيش الانسان .. فاذا حرم من أي حرفة لاي سبب سواء عوق او كبر وهرم او جنون يسمى محارف ..وهو المحْروم يَطْلُب فلا يُرْزَق ، وهو خِلاف المبارك برزقه . وفي رواية أخرى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: المحروم الرجل الذي ليس بعقله شيء ولكنه يسمى شقي لانه لا يرى خيرا في أي جهة يتوجه اليها في الرزق ..

قوله تعالى : وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم مدح من الله تعالى يبين المتميزين من اهل العطاء على البخلاء ..

*** الكرم هو بذل المال أو الطعام أو غيره** عن طيب نفس وكرم دون انتظار رد من تكرمت عليه ، والكرم من أفضل وأشرف الخصال وأعز المواهب، وكل نفيس جليل يوصف بالكرم لذلك أهل البيت (ع) يوصفون بالكرماء، ولن تجد إنسانا متصف بالأخلاق الا كان كريما ..

حالة الكرم الحقيقي …: هو أن تعطي أكثر مما تستطيع إعطاءه .. وانت تعرف انك لا تأخذ الا من الله الكريم المتعالي .. حين تستشعر قول الامام زين العابدين (ع) : ان العطاء يقع في يد الله تعالى قبل ان يقع في يد الفقير .. لذلك يمدح الله الكرماء …وهنيئا لم اعطى قبل ان يدركه اجله .. حين يترك كل شيء وراءه ولن يجد إلا عمله ..

في الإنسان نسبة من الأنانية . كل إنسان فيه نسبة معينة أحيانا تكون واسعة وكبيرة , تنعدم فيه الرحمة ولا يرى الآم وجوع الآخرين … وفيه ملكة الخير والعطاء وحب الناس (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ ) قال المفسرون هما : الشقوة والسَّعادة… ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا ) للنعم ولكل عمل خير ( وَإِمَّا كَفُورًا ) لها.لا يرى الا نفسه , ولا يرتاح الا حين يشبع بطنه …

في قوله: ( مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ ) والابتلاء هو الاختبار .. إلى ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ ) قال: ننظر أيّ شيء يصنع كيف يتصرف ، أيّ الطريقين يسلك، هذا الاختبار.حين تتقلص مساحة الأنانية في النفس يشعر الإنسان بحاجة أخيه الإنسان , ويتصرف تصرفا في قمة الشرف والكمال حين يشعر ان في أمواله حقوق للفقراء والمحتاجين . فيصل الى مرحلة الإنسانية والشكر لهداية الله ..

**** القران وتكريم الكرماء : قصة امير المؤمنين عليه السلام والفقير… في يوم من الايام دخل فقير مسجد رسول الله (ص) يطلب من المسلمين المعونة، وراح هذا الفقير يسأل من في المسجد من الناس ليتصدقوا عليه بشي ولكنه لم يجد احدأ يساعده.

*** في هذه الاثناء كان الامام علي(ع) يصلي في المسجد.فانتبه له فمد له يده في اثناء الركوع كأنه يقول للفقير “خذ هذا الخاتم الذي في يدي” وبالفعل ذهب الفقير واخذ الخاتم من يد الامام علي عليه السلام وقد كان مسرورا لانه وجد من يتصدق عليه.

فانزل الله تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ )) (المائدة : 55-56 )، ففرح بها الامام علي عليه السلام لان الله تعالى قد كافأه بعمل الخير هذا وجعله قائدا للناس بعد رسول الله صلى الله عليه واله، يقودهم لفعل الخير لينالوا رضا الله ويدخول الجنة برحمته. **** تقول احدى المؤمنات .. أول أيام عيد الأضحى المبارك ذهبت لزيارة القبور كعادتي في كل سنة، وصلت إلى المقبرة الجديدة في كربلاء المقدسة بوقت مبكر، سلمت على الموتى وقرات الفاتحة, بينما أنا واقفة على قبور الأحبة وأرتل سور من القران الكريم وفي ذاكرتي صور أهلي وأقربائي الموتى الذين يستمطرون الرحمة من قراءة الفاتحة وما نقدمه لهم من ثواب , تقول :حين أعيش بين القبور أحيانا اشعر كأني اسمع صوتهم يدق في عقلي وقلبي , تركوا كل شيء واصبحوا رهين الحفرة .. لحظات دموعي تنزل من مقلتي .. فجا’ رأيت رجلاً عجوزا نحيل الجسم، ملابسة بسيطة جدا، حاملاً بيده كيسا عرفت ان فيه طعام وزعه اهل الموتى ، واقف بين القبور يقرأ سورمن القران لاهل القبور ليحصل على المال والثواب.

كان الزائرون يقدمون ما يجودون به من ثواب لموتاهم .. بعد حين تنحى وجلس بجانب احد القبور يأكل ما حصل عليه ثم نادي على طفل عمره خمسة سنوات , قدم اليه طعاما من ذلك الكيس وشاركه الطفل بالأكل ويبدو انه جائع ..( لفت انتباهي طفل فقير جائع في صبيحة عيد الأضحى) ..، الموقف موجع كثيرا.يبدو ان الطفل جائع جدا .. ربما نام بدون عشاء ..

** تقربت أليهما لأعرف قصتهما ، تكلم الشيخ مع الطفل ويبدو انه حفيده .. طلب منه ان لا يبتعد عنه . سالته من يكون هذا الطفل قال حفيدي , قلت أين أباه .. قال مات ابوه وامه في حادث سيارة .. قلت كيف تعيشان .؟ قال نعيش على عطاء الموتى وبسببهم , لان الأحياء لا يقدمون لنا طعاما , إلا بعد موتهم يأتي أبناءهم لو كانوا بارين بهم ويقدمون لنا نحن المنسيين هذا الطعام ليحصل موتاهم على الثواب عن طريقنا .. ثم قال :الحمد لله الذي جعل ثواب الأغنياء ببطون الفقراء .ولولا هذا النظام الإلهي لمات اغلب الفقراء في العالم من الجوع .

*** سألت نفسي اين أصحاب الأموال والمسؤولين؟؟ اليوم عيد الاضحى تنحر ملايين الذبائح .. ضحكة رُسمت في مبسمي، وقلت في سرّي، أصحاب الأموال عليهم ضرائب، والمسؤولون لا يستطيعون أن يأتوا إلى المقبرة. تذكرت مقولة للإمام علي عليه السلام إذ يقول: (الفقر الموت الأكبر). وأيضا في قول آخر: (يا بني اني أخاف عليك الفقر فأستعذ بالله منه)، (إن الله سبحانه وتعالى فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما متّع به غنيّ والله سبحانه وتعالى سائلهم عن ذلك).

** يقصد الإمام أن الأغنياء مسؤولون عن قوت الفقراء، اذ فرض الله في أموالهم حقوقا من للسائل والمحروم فعندما يمتنع الغني عن دفع المستحقات يضطرب المجتمع يفقد الأمان فيجوع الفقير صفة الكرم من حسن الشمائل فيصبح الإنسان بمثابة الملائكة. .

ما أنبل الكرم حين يأتي من فقير معدم لا يملك من قوت يومه ما يسد به الرمق، وما أفظع الجشع يصدر من غني ميسورلا يشبع إن وُهِب ما على الأرض من ذهب لطمع في كنوز السماء..

**++++ قال الصادق (ع) : كان علي بن الحسين (ع) إذا دخل شهر رمضان ، لا يضرب عبداً له ولا أمةً قط ، كان إذا أذنب العبد ، يكتب عنده أذنب فلان ، أذنبت فلانة ، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان ، دعاهم حوله ، ثم أظهر الكتاب ثم قال : يا فلان !.. فعلت كذا وكذا ، ولم أؤدّبك أتذكر ذلك ؟.. فيقول : بلى ، يا بن رسول الله ، حتى يأتي على آخرهم ويقرّرهم جميعاً ، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم : ارفعوا أصواتكم وقولوا : يا علي بن الحسين !.. إنّ ربك قد أحصى عليك كلّ ما عملت ، كما أحصيت علينا كل ما عملنا ، ولديه كتابٌ ينطق عليك بالحقّ ، لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها ،{ يوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}.يقول اصفح كما تحب ان يصفح عنك ….

وجاء عنه أنّه دخل يوماً، فرأى غريباً، فسلّم عليه، ودعاه إلى بيته لضيافته، وقال له بحضور جمع من الناس: أترى لو أصابك الموت وأنت غريب عن أهلك، هل تجد من يغسّلك ويدفنك؟ فقال النّاس: يا ابن رسول الله، كلّنا يقوم بهذا الواجب، فبكى وقال: لقد قتل أبو عبد الله غريباً، وبقي ثلاثة أيّام تصهره الشمس بلا غسل ولا كفن! وهكذا كانت حال أئمّة أهل البيت(ع)مع جدّهم الإمام الحسين يبكونه ويحزنون لمصيبته..وهو حال إمام زماننا على جده الحسين ..

ساله ابو حمزه الثمالي :ألم يقتل جدّك عليّ بسيف ابن ملجم؟ ألم يقتل عمّك الحسن؟ فما هذا البكاء؟ فالتفت إليه الإمام وقال: شكر الله سعيك يا أبا حمزة، هل رأت عيناك أو سمعت أذناك أنّ علويّة سبيت لنا قبل يوم عاشوراء؟ قتل الرجال لنا عادة، ولكن هل سبي النساء لنا عادة؟ هل حرق الخيام لنا عادة؟ والله يا أبا حمزة ما نظرت إلى عمّاتي وأخواتي إلّا وذكرت فرارهن يوم عاشوراء من خيمة إلى خيمة ومن خباء إلى خباء ومنادي القوم ينادي، أحرقوا بيوت الظالمين وهنّ يلذن بعضهن ببعض وينادين: واجدّاه وا محمّداه..

قلبي يبو حمزة تراه تفطّر وذاب ***** مثل المصيبه اللي دهتني محّد انصاب

ذيك البدور اللي ابمنازلهم يزهرون ****** والليل كله من العبادة ما يفترون

سبعة وعشرة عاينتهم كلهم اغصون فوق الوطية مطرّحين بحرّ التراب

ريتك تره جسم العى المسناة مطروح **** وذاك الشباب اللي بصباح العرس مذبوح

لو شفت الاكبر ما لمتني بكثرة النوح ….. كلمن طلع من خيمته في كربلاء راح

وأعظم مصيبة زيّدت حزني عليّه ***** شاهدت جسم حسين تحت الاعرجية

كلبي انكسر من ركبو زينب مطية …… حسرى ومن كثر المصايب راسها شاب

ما نكست راسي لاجل فقد الأماجيد ما گصروا بالغاضريّة زلزلوا الميد

نكّس راسي دخول زينب مجلس ايزيد كاني بها تنادي انا منين ابو فاضل اجعده واركب جفوفه فوك زنده واكله الحرم صارن بشدة ……………………………