22 ديسمبر، 2024 11:58 ص

مجلس حسيني ـــــ الجهل أسبابه وأنواعه ونتائجه

مجلس حسيني ـــــ الجهل أسبابه وأنواعه ونتائجه

بسم الله الرحمن الرحيم
“وعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا” (63) الفرقان

من الدروس العظيمة التي يعلمنا فيها القران مباديْ التعامل الأخلاقي مع الجهلاء هو عدم الاكتراث اليهم .. لاننا لو جلسنا نناقشهم فاننا نعطيهم قيمة لا يستحقونها كونهم جهلاء ولا يعرفون ماذا يتحدثون .. النص الذي تدور عليه أهداف الآية هي كلمتان .

الأولى: عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا … ماذا تعني يمشون هونا ..؟ والكلمة الثانية واذا خاطبهم الجاهلون .. كيف يكون الإنسان جاهل ..؟.وما اسباب الجهل وما هي أنواعه ونتائجه …؟

بداية من هم عباد الله المشار اليهم كونهم مقابل الجهلاء .؟ الآية تشير إلى مجموعة من المؤمنين ..(هم الذين يعتمدون على الله في كل أمورهم) , ولا شيء عندهم أهم من مرضاة الله.(حسبي الله).وما عداهم جهلاء ..(( يعني إن الأمر محصور بالجهل في مفهوم بين المؤمنين وغير المؤمنين ..

سال رجل الأمام الحسن (ع) عن أهم خصلة في أبيه أمير المؤمنين(ع) قال ” ما عرض عليه أمران احدهما لله والآخر لنفسه . إلا اختار الذي لله على الذي لنفسه ” وهو القائل:” الهي ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك , ولكن رايتك أهلا للعبادة فعبدتك .. إذن عباد الله هم المؤمنون الذين (يقدمون حكم الله في كل شيْ).

**ما هي أسباب التكبر..؟ الجواب ..التكبر هو حالة نفسانية عند بعض الناس تدفعهم للترفُّع والتعالي على الآخرين الذين يتعاملون معهم، ويظهر ذلك في الملامح والأفعال والأقوال . حقيقة الأمر الكبرباء لله فقط ومن صفاته التي يختصّ بها، وهي صفة لا يمتلكها الإنسان , ليس علينا الا التواضع .. قال رسول اللَّه(ص)« إِن اللَّه أَوحَى إِليَّ أَنْ تَواضَعُوا حتى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلى أَحدٍ، ولا يَبغِيَ أَحَدٌ على أَحَدٍ ».

عن أمير المؤمنين(ع) قال: (ما لابن آدم و الفخر و أوله نطفة و آخره جيفة لا يرزق نفسه و لا يدفع حتفه ). على هذا نبين دوافع التكبر:

1 ـ العلم : إذا تعلم الإنسان أيّ علم ، وأشتهر به فإنه يدفعه إلى استعظام نفسه ،ويترفع على الآخرين واستحقارهم .. المؤمن الحقيقي يعرف أن العلم وسيلة لرضا الله ، وأن الله هو الذي هيأ له العلم وعلمه ورفعه ، فكلما توسع في العلم زاد تواضع وشكر الله وحمده .{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } (فاطر ـ 28).

2 ـ العمل الصالح والتعبد : لما يعمل البعض عملا يشير الناس اليه ويتحدثون عنه تتغير نفوس البعض , فيرى نفسه انه بهذا العمل مميز .. بان عمله مهم وهو اكيد مقبول عند الله , وبقية الناس دونه عملا .. وربما يعتقد انه منجي والناس غرقى كل ذلك يدفع للاستعظام والتكبر … في الحقيقة هو الهالك بما سولت نفسه من الغرور والتكبر المؤمن يحاول إخفاء عمله وعبادته ، لأنه يخاف أن يدخل في قلبه الرياء ويكون عمله غير مقبول (يخشى دائماً سوء العاقبة )”قصة الزبير والامام علي(ع)

3 ـ الحسب والنسب : دافع قوي للتكبر على الآخرين واحتقارهم والبعد عن مجالستهم ومخالطتهم ، لأنهم أقل منه حسباً ونسباً . والمؤمن يعلم أن الحسب والنسب ليسا مقياساً في ميزان الإيمان وإنما المقياس هو التقوى : قال تعالى { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }.

4 ـ الجمال : دافع للاستعظام والتكبر على الآخرين والتفاخر والغرور بالجمال ..والجمال بحاجة الى شكر .. وبالشكر تدوم النعم .. لان الجمال زائل لا محال.وانت حين يزول جمالك لا يمكنك ان تمنعه .. المؤمن كلما أزداد جمالاً أزداد الله شكراً ، وتواضعاً للناس ، ويحافظ على جماله بما يرضي الله عز وجل .

5 ـ المال : دافع للتكبر على الآخرين ، واحتقار الفقراء والاستهزاء بهم والترفع عليهم .بينما المال مال الله , وشكر المال هو أداء حق الفقراء فيه ، يزداد تواضعاً وكرماً وحباً للناس من حوله ..

6 ـ القوة: بالوظيفة أو العشيرة أو بالجسم ..: سبب من أسباب التكبر على الضعفاء ، ناسياً أن من أعطاه هذه القوة قادر على سلبها منه .واذا رزقك الله قوة بالجسم او الوظيفة او العشيرة او غيرها .. فان نعمتها أن تسخرها في خدمة الضعفاء .خاصة ان الأقوياء يمتلكون ما لا يمتلكه غيرهم . من كثرة الأتباع المطيعين الذين تنفذ أوامرك بالقانون , او بالعشيرة والأقارب والعلاقات : كل هذه دوافع للكبر على الناس واحتقارهم واستغلالهم .والتكبر بالقانون نتائجه ان يوصل المتكبر الى استخدام العنف وقتل الناس تحت عناوين حفظ النظام وغيره ..

لكن المؤمن لا تكون هذه الأمور إلا سبباً في تواضعه ، وخوفه من الله تعالى وحبه للآخرين ومساعدتهم. يقول تعالى {فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}.. “يقول امير المؤمنين (ع) العلماء غرباء لكثرة الجهال بينهم». ********

**** الآن ننتقل الى عناوين أخرى تدور حول «الجهل» وآثاره السلبية والعلم والمعرفة ومردوداته الايجابية والحيوية.

يقول القران الكريم :” أصحاب السعير هم الجاهلون” يقول الإمام علي (ع): «لا كنز أنفع من العلم». (وَلَقَدْ ذَرَأنا لِجَهَنَّمَ كَثيراً مِنَ الْجِنِّ والإنس لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ اَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أولئك كالأنعام بَلْ هُمْ أضل أولئك هُم الْغافِلُونَ) ..كلمة «ذرأنا» مأخوذة من مادة ذَرْء وتعني الخلق. وأصلها يعني «نثر البذور».يراد منها : إنَّ الذين وهبوا السمع والبصر(وسائل المعرفة) ولم يستثمروها لا مصير لهم غير جهنم. فالآيةُ تُشير الى أن هؤلاء أهل جهنم.وعلى اي حال فهذه الحقيقة تكشف عن ان عاقبة الجهل وتعطيل وسائل المعرفة ليست سوى نار جهنم.(وَقالُوا لَوْ كُنّا نَسْمَعُ اَوْ نَعْقِلُ ما كُنّا فِي أصحاب السَّعير).

*** هذا مصيرهم لانهم لم يستغلوا عقولهم، (يتبين ان هناك علاقة بين جهنم والجهل كما ورد في القرآن بل يعبر القران ان الجاهل منحط ويشبهه بالحيوان : (اِنَّ شَرَّ الدَّوآبّ عِنْدَ الله الصُّمُّ البُكمُ الَّذينَ لا يَعْقِلُونَ)فالإنسان متى ما ترك الاستعانة بوسائل المعرفة التي منحها الله له فانه يسقط الى مستوى أضل من جميع الدواب في الأرض. لانه شبيه بالحيوان . في حديث لرسول الله(ص) يقول: «إن الله أوحى إليَّ أنَّه مَن سلك مسلكاً يطلب فيه العلم سهلت له طريقاً إلى الجنة.

لقد جُعل العلماء الواعون في هذه الآية في الطرف المقابل للعُميان! والتقابل هذا يكشف عن ان العمى والجهل سواء. وقد جاء هذا المعنى في آيات بأسلوب واضح (ما يَسْتَوِي الأعمى وَالْبَصيرُ وَلا الظُّلُماتُ وَلاَ النُّورُ ) ..هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون .. يقول الرسول (ص) ” مداد العلماء افضل من دماء الشهداء”. يقول الرسول (ص): «من لم يصبر على ذلّ التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً ).

ويقول الإمام علي: «الجهل في الإنسان أضرّ من الآكلة في الأبدان» .. وفي القران قول واضح ومنكم من يرد الى ارذل العمر حتى لا يعلم من من بعد علم شيئا.

كلمة «أرذل» تعني الموجود الشيء الذي لا يُعتنى به او لا قيمة له.وعليه فالمراد من «أرذل العمر»هي أيام وساعات من العمر التي تقلّ قيمتها عن بقية أيام العمر. وقد نعت القرآن الأيام الأخيرة من الشيخوخة التي تتزامن مع نسيان العلوم وفقدانها نعتها بـ «ارذل العمر». وعليه فأفضل أيام العمر وساعاته هي الايام والساعات التي تتزامن مع العلم والمعرفة.

** النبي العظيم «هود» كان يصرح لقوم «عاد» بهذا الأمر إلاّ انه عندما شاهد فيهم الإصرار على عبادة الاصنام وطلبهم نزول العذاب عليهم قال: (اِنَّما الْعِلْمُ عِنْدَ الله وَأبَلِّغُكُم ما اُرسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي اَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) التعبير بـ «تجهلون» بصيغة المضارع الذي يدل على الاستمرار، يوضح أن «الجهل المستمر» هومنبع الشرك وعبادة الأصنام، والا كيف سمح الانسان لنفسه عبادة الصنم ..؟ يجعل قسم من قطعة الحجر المقتطعة من الجبل في درجات السلّم في منزلة يسحقها اقدامه، ويجعل القسم الآخر صنماً يركع ويسجد له ويطلب منها حل مشكلاته الكبرى؟. أليس هذا جهلا .؟ او ان يعتبر فلان صنما يتعبد به الى مصالحه الدنيوية ويعتقد انها دين وعقيدة . يقول امير المؤمنين (ع): «الجاهل لا يرتدع، وبالمواعظ لا ينتفع». ويقول الامام الصادق(ع): «ليس بين الايمان والكفر إلا قلّة العقل».. في قصة قوم لوط واعمالهم يقول تعالى: (أَئِنَّكُمْ لَتَأتُون الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَآءِ بَلْ اَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)..

وفي قصة يوسف بيان واضح عن الجهل :يصف حال يوسف (ع) (الا تصرف عني كيدهن اَصْبُ اِلَيْهِنَّ وَاَكُنْ مِنَ الْجاهِلينَ)..ذكرت الآية النساء بصيغة الجمع يدل على ان نساء مصر كُنَّ يُردنَ أن يُخرجنَ يوسف عن جادة العفاف ليس (زليخا) فقط ويوسف(ع)كان مستعداً لتقبل السجن برحابة صدر على الابتلاء بحبِّ نساء مصر له.

وقوله (وَاَكُنْ مِنَ الْجاهِلينَ) تُشير الى أنَّ العشق الملوّث بالإثم والانحرافات الجنسية ناشيءٌ عن الجهل،بالقيم الشرعية المأمور عليها الإنسان، والآثار المترتبة للعفاف والطهارة والنزاهة، ونتائج الانحراف على عائلته .(سببه الجهل بالشريعة). ** الان لو تحدثت عن موضوع الانحراف والتعري وتقليد الغرب يقولون إنها ثقافة . في حقيقة الأمر يقول القران انها جهالة وعدم معرفة .. قصة يوسف تبين انه وسيم وجميل ونساء مصر يراودنه ولكنه يتوسل من ربه ان يصرف عنه كيدهن .. ولذلك الجهل أساس التعصب والعناد:(اِذْ جَعَلَ الَّذينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الحَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةَ َ). يقول الرسول (ص): «فقيه واحد أشدُّ على إبليس من ألف عابد»).

إنَّ كلمة «حمية» مشتقة من مادة «حَمْي» معناها الأولي هو الحرارة الناشئة من من النار والشمس والقوة الباطنية في جسم الانسان ويدل أنَّ التعصب والغضب يولدان حرارة في باطن الانسان تسمى حمية جاء «التحقيق في كلمات القرآن أنّ «الحمية» هي شدة الحرارة من التعصب في الدفاع عن النفس. هذه الآية نزلت في حوادث صلح الحديبية وتوضيح القضية: أنَّ الرسول (ص)قصد مكة للحج إلاّ أن المُشركين منعوا المسلمين من دخول مكّة تعصباً لجاهليتهم، مع أنَّ السماح بزيارة مكة للجميع كان من قوانينهم وسننهم المسلم بها،ولكن الحمية دفعتهم للعناد.

*** كما أن هناك أمثلة ونماذج أخرى ذكرت في القرآن الكريم… الحقيقة ان ذوي العلم يكتفون بدليل منطقي واحد، وإذا تعددت الأدلة عندهم ازدادوا رسوخاً وايماناً. يقول امير المؤمنين (ع): «العلم أصل كل خير والجهل أصل كُل شر»…ويقول(ع) :«الجاهل صغير وإن كان شيخاً كبيراً والعالم كبير وإن كان حدثاً».

*****اين تنشا الفرقة والحقد في المجتمع :. لا شك الاختلاف ينشأ عن الجهل والتعصب بدون علم .. والاتحاد ينشأ عن المعرفة دائماً. الجاهلون لا يعهرفون جهلهم وما يسببه من أخطار جسيمة حين يتعالون او يميزون انفسهم على الناس ، ولا يعرفون فوائد الاتحاد وبركاتِهِ .. لانهم يجهلون اُسس التعايش السلمي، ولا يحبون الا أنفسهم ويرون انهم أفضل من الاخرين هذه المسألة أدت بهم الى الاختلاف والفرقة.

إن المتعصبين والمعاندين والمتكبرين والحاقدين والسفهاء، لا يمكنهم . الاتحاد مع المؤمنين بالله ورسوله . لانهم يعيشون الظن السوء بالاخرين ..، لأن كلا من هذه الصفات مانع كبير امام الوحدة، ونعلم أن منشأ جميع هذه الرذائل هو الجهل .والجهل هو سبب إساءة الظن بالآخرين: حدثت حالة . بعد معركة أُحُد، احتمل بعض المسلمين هجوم قريش تلك الليلة عليهم مرّة اُخرى لتدمير آخر ما تبقى من مقاومة المسلمين في ذلك الحين أنزل الله عليهم نعاساً مهدئاً لهم، إلاّ أن ضعيفي الإيمان غاصوا في أفكار رهيبة فما استطاعوا النوم آنذاك، فكانوا يتساءلون: يا ترى هل أن وعود الرسول حقّةٌ؟ هل أننا سننتصر في النهاية مع ما حصل لنا في أحد؟ هل سننجو من هذه المهلكة؟ أو أن كل ما قيل لنا كان كذباً؟ وامثال هذه الوساوس وإساءة الظن الجاهلي.لكن الحوادث التي حصلت فيما بعد بينت لهم خطأهم وأن جميع الوعود الالهية حقة، ولو كانوا قد انقطعوا عن عصر الجاهلية تماماً لَما أساءوا الظن بالله ورسوله.( هؤلاء صحابة ) التعبير في الآية يوحي بأن الجهل هو أحد أسباب إساءة الظن، وأن عدم قدرتهم على التحليل الصحيح للحوادث جعلهم يسيؤون الظن .. يقول الامام علي (ع): «لو سكت الجاهل ما اختلف الناس».

*** فقدان الأدب ينشأ عن الجهل: (اِنَّ الَّذينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءَ الحُجراتِ اَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ). كان البعض يضايق الرسول (ص) حيث كانوا يقفون عند باب بيته منادين عالياً: «يا محمد!» «يا محمد!» فكان الرسول (ص) يتألم من سلوكهم هذا، ولكنه كان يكظم غيظه إلى أن نزلت هذه الآية، فعلمتهم أدب الحديث مع الرسول.والتعبير بـ «أكثرهم لا يعقلون» إشارة جميلة الى أن سوء الأدب غالباً ما ينشأ عن الجهل فكلما فُقِد العلم حل سوء الأدب مكانه، وكلما تواجد العلم تواجد الأدب معه.

ــــــــــ الجهل في العصر الحديث :.في هذه الفترة ينقسم الجهل الى قسمين.

اولا:الجهل في الدين : يعني إرهاب : وهو أسوا حالات الجهل ان يجهل الانسان بامور عقيدته ودينه .. يحمل عنوانا دينيا ويمارس اجندة معادية لدينه . الذين يركضون وراء الدين دون علم ولا تفكير، وأصبح الدين عندهم عادة خرجت من طور العبادة؛ فلا يفكرون في شيء، وأخطرهم الذين تركوا الحياة وتفرغوا لأجندات مذهبية . بلا فهم , وصلت الحال إنهم يفجرون أنفسهم لدخول الجنة حين يقتل المخالفين لعقيدته ..هذا أخطر أنواع الجهل لأنه جهل مجتمعي..ليس فردي أثاره تظهر على المجتمع بشكل عام، والدليل ما نراه في زماننا الآن من حروب .وهناك من يعتبر الدين شعارات , ويجعل فلان رمز الدين . لذلك يسهل قيادة هذه النماذج.

ثانيا : صبغة علمية:،*أما القسم الثاني فهو الجهل المغلف بالعلم والثورة التكنولوجية ..هذه أخرجت الإنسان من إنسانيته إلى مجرد مستهلك، ومع انتشار وسائل التواصل لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع أخبار هناك دراسة تؤكد ان الباحثين توصلوا،الى الامر الفلاني , ويصبح الجاهل المثقف أسير تلك الاخبار وينسلخ عن واقعه .. *** آخرون جهال مثقفون, بنوع ثقافي آخر ,لا يقدم ولا يؤخر الا انه مهتم بالقصة والشعر والتعالي على الناس .. الا انه مستهلك بامتياز .. يعيش فترة من عمره بين الحروف ويزداد بعدا عن واقعه . هؤلاء مثل الببغاء يعيشون مع قصص خيالية تشد الجهلة فيسبحوا في بحر جهل مصبوغ بلون العلم، فينبهرون بكلامهم المميز عن الناس فيعتبرون أنفسهم علماء .. دون ان يعرفوا أي شيء عن الإعجاز العلمي أو البحثي دون أن يستندوا إلى أي دليل مادي أو أي دراسة من قبلهم.

لذلك العولمة والحداثية سلبت شعوب العالم الثالث هويتها وثقافتها؛ بحجة العلم والتقدمية , وضاعت هوية العالم الثالث وراء كل ما هو حداثي وجديد، ونسوا هويتهم وثقافتهم، وهذا أظهر مفهوما جديدا وهو، الحرب العصرية هي أن تستطيع التحكم في الآخر دون إشعاره أنه في حرب .

انظر الى كلام أفلاطون،يقول :الجهل مع الدين إرهاب، والجهل مع الحرية فوضى، والجهل مع الثروة فساد، والجهل مع السلطة استبداد، والجهل مع الفقر إجرام، وهو أسوأ آفة قد تبتلى به أي أمة. والجهل ليس مجرد مشكلة فردية بل هو خطر ووباء يهدد مجتمعات كاملة وحضارات، فكم من حضارة قضت على الجهل وامتدت لعشرات السنين وكم من حضارة هزمها الجهل وأفناها).

***ـــــــ أصحاب الجهل المركب: … وادعاء الحق المطلق !!! هؤلاء يقولون عنهم القران انهم جهال .. اعزفوا عنهم .. حين يخاطبك اتركه قل سلاما ..

ما معنى السلام ..؟ هو اسم من اسماء الله تعالى .. والسلام بالاصل هو التعري من الافات والامراض الظاهرة والباطنة .يصف سورة البقرة ( مسلمة لا شيةَ فيها ). فلان سليم أي دون مرض .. قوله ادخلوها بسلام امنين .. أي بسلامة من الآفات والأمراض .. والسلام مقابل الجهل .. أي نطلب منكم السلامة , لا تستحقون ان نفسد افكارنا بكلامكم .. ان الدين عند الله الإسلام…فالسلام معناه لمن ينقاد إلى الحق دون الالتفات الى كلام الجهلاء…

هناك ظاهرة انتشرت من قبل حاملي صفة الجهل المركب الذين كثروا هذه الايام بين أوساط المثقفين, بعد أن توفر للبعض منهم الاتصال بالشبكة العنكبوتية,

كثير منهم أصبح يدعي المعرفة المطلقة للأمور وبانه ملم بكل انواع المعارف اللفظية والعلمية بل كل العلوم .. السياسية والدينية والعلمية والاجتماعية . لو رجعت الى التاريخ لرايت الخوارج يقدمون لامير المؤمنين اراء في تفسيرهم لحكم الامة.

ارى ان الاجدر بهؤلاء أن يندبوا حظهم ويقروا علنا بعلتهم وأمراضهم التي ابتلوا بها وانعكست سلبا على مجتمعاتنا ومحيطنا العام وبشكل واضح وجلي , فكم من جاهل متحذلق يدعي هو او بعض مريديه باعلميته وبفقهه المطلق بالأمور وهو بحقيقته جاهل أحمق ,ويطلبوا من الآخرين ان يحجموا تفكيرهم بهم فقط .

** الراي هذا لا ازعم انه الحق المطلق , ولا اعتبر من يخالف رأيي انسان جاهل فالاختلاف جدا وارد في عرض الاراء وبالعكس قد انتفع منه بالشئ الكثير اذا كان نقدا هادفا وبناءا وموضوعيا لا يحمل في طياته حقدا بهيميا أعمى , فبالأمكان اذابة هذه الاختلافات وتحديد المشتركات عن طريق البحث الموضوعي ومن ثم تشذيب الافكار في ادرانها وبعدها ايجاد ثوابت للحقيقة ننتفق عليها ..

*** انواع الجهل :

اولا :.. الجهل البسيط : وهو ان الفرد يعلم بجهله عالما به , مثلا ان البعض يجهل علم الطب او النظرية النسبية والخ.. في نفس الوقت هو يقر بجهله في هذه المعارف والعلوم , ورغم هذا النوع يعتبر “جهل” الا ان صاحبه قد اكتسب نصف العلم بمبدأ “لا أعلم .. نصف العلم” ولان صاحب الجهل يعلم حقيقة جهله اما النصف الثاني ” ما يجهله يسمى معرفة ” فليس من المستبعد بان يصل صاحبه الى ادراك هذا النصف الثاني عاجلا او اجلا أما عن طريق السؤال والاستفسار او البحث في ما يجهله بحثا ذاتيا وعلى اعتبار انه يعلم حقيقة جهله بهذا المعارف , فقد قيل قديما بهذا المعنى ان ” السؤال نصف العلوم ”

المهم في هذا الجهل أنه لا يعيب صاحبه لان الشخص الذي يعلم بجهله هو حتما سيسعى جاهدا لإزالة هذا الجهل الموجود فيه ولا تأخذه العزة بالجهل ” وارجو ان لا يفهم اني اقصد بالجهل هو الجهل الأسود بل ما عنيته هو الجهل ببعض المعارف والعلوم المتعددة .. ان يعرف ( معرفة) من كل شيء جزء .. الثاني يسمى : – الجهل المركب : وهو “أن فلانا يجهل الشيء وهو لا يعلم بجهله”، وهذا يعني جهل مركب على جهل اخر, وسمىّ بالجهل المركب لأنه عبارة عن جهلين مركبين على بعضهما (جهل بالواقع و جهل بهذا الجهل)) , وهذا في حقيقته لا يختلف عن السراب الذي يحسبه الظمآن ماءاَ وما هو كذلك .

فمصيبة من لا يعلم بجهله انه كمثل الذي يعيش في جبل او صحراء لا يعلم ولا يسمع شيئا ولا يعرف اين وصلت الدنيا .. يعيش في ظلام لا يمكنه رؤية النور .. رغم ذلك يتحدث في أي علم .. مثلا في شهر رمضان أي سائق سيارة يعطيك احكام الصيام وهو لم يقرأ في حياته رسالة عملية .. فلان يطلق حكما على الدين بانه رجعي . وهو لم يقرا ولا يعرف أي قانون من قوانين الدين .. فلان يلغي احكاما تربوية مثل الاختلاط والسغور والمصافحة .. وغيرها .

الان كثير من الناشرين لا يفهمون وينشرون صورة لشارع في بلد من بلدان اوربا وصورة في منطقة شعبية في العراق .. ويقول هذا عمل الكافرين وهذا عمل الإسلام . ما علاقة الإسلام بسراق المال العام والفساد..؟ ولذلك هؤلاء يسهل انقيادهم من قبل أعداء الإسلام .. ويلقون كل شي فيه سوء على الإسلام .. الخطف والقتل والفساد.

** أصحاب الجهل القديم : هم من يعتقد انه وجد ضالته عبر كتب قديمة حجرية يحسبها إنها دليل المعارف التي لا يشق لها غبار,لا يؤمن بتقدم العلم ..

بعض من يعتبر نفسه مثقف حين تنقل له راي حديث يقول هل هو مذكور في كتاب قديم .. وحين تقول له نشر في الانترنت من العالم الفلاني . ينكره .المهم يؤمن بكتاب نشر قبل مائة سنة او أكثر ولا يعير أهمية للمستحدثات .

فمثل هؤلاء يحفظ عناوين بعض الكتب مثله مثل حافظ الشعر الذي لا معنى له سوى تخدير العقول وإفراغها الا من منمق الكلام وأكذبه, او مثله كمثل طالب يرى في منهجه الدراسي على انه حقيقة لاريب فيها وبغض النظر عن قدم هذا المنهج وسخف مضمونه ” لانه مطبوع حجري” وكل كتاب لديه هو صادق ولا يقبل بالشك فيه.المشكلة ان معظمهم يظن نفسه قد أصبح عالم زمانه. وهو جاهل.

واكثر طائفة اسلامية ابتليت بهذا النمط هم الشيعة . ثم السنة.. لا زال خطباؤهم يرددون روايات لا صحة لها وغير معقولة .. وبعضهم يعلمون ان الاموين والعباسيين كتبوها .. يرددونها على المنابر .. رواية تقول ان زينب رات شخصا واقفا يحرس العائلة ليلة الحادي عشر .. سالته من انت ..؟ قال انا ابوك علي بن ابي طالب جئت احرسكم هذه الليلة .. وروايات مخزية .. منها ان الحسين كان يطلب شربة من الماء . وحق جدي انا عطشان .. وبالمقابل المجتمع هو من يريد التجهيل ويحب الخرافات .. عدد كبير من الناس يوصيا ( شيخنا بجينا ) ولا يريد ان يعرف أي مفهوم اسلامي او ديني .. المهم البكاء عند الشيعة وتقديم الطعام ..

*** واكثر من عانى هذا الجهل هو الإمام أمير المؤمنين (ع) حين رفع عمر بن العاص القران على الرمح ثم تبعه الشاميون ..ظهر الخوارج بفتاواهم .الى الحد ان الإمام, قال ” ويحكم اعصبوا هذا الامر براسي , انها كلمة حق يراد بها باطل .. ولكنهم ردوه وتطاولوا ان اعتبروه كافرا .. ! وهو من قال عنه رسول الله(ص) ما قام الاسلام الا بثلاث .. منها سيف علي .. أصبح كافرا من قبل جيشه .

الامام زين العابدين يقول : كونوا زينا لنا ولا تكونوا شيئا علينا .. نعم وظف المنبر من اجل الدين واعغرض افكار المذهب ولا تنسى الدمعة على الحسين واهل بيته عليهم السلام .. فقد علمنا الامام زين العابدين دروسا في كيفية اظهار ظليمتهم بشكل حضاري وماساوي بعيدا عن استجداء العاطفة ..

كان له مواقف تجلب الدمعة مع الفضل بن العباس(ع) حين نهض لاستقباله .. وله موقف في سوق القصابين حين حول السوق الى موقف ودمعه ( ابا يا حسين الذبيحة لا تذبح حتى تعرض على الماء وانت قتلت الى جنب الفرات عطشانا )

جاءه ابو حمزة الثمالي وقال له .. انتم القتل لكم عادة وكرامتكم من الله الشهادة .. قال يا ابا حمزة هل رات عيناك او سمعت اذناك ان هاشمية وقفت في ديوان ..

كلبي يبو حمزة تراه تفطر وذاب **** مثل المصيبة اللي دهتنا محد انصاب

ذيج البدور اللي بمنازلنا يزهرون *** والليل كله من العبادة ما يفترون

سبعة وعشرة عاينتهم كلهم غصون ** ضلوا ضحايا بكربلا فوك التراب

ريتك ترى جسم العلى المسناة مطروح ** وذاك الشباب اللي بصباح العرس مذبوح

لو شفت الاكبر ما لمتني بكثرة النوح .. كلمن طلع من خيمته في كربلاء راح

واعظم مصيبة الهيجت حزني عليه *** شاهدت جسم حسين تحت الاعوجية

كلبي انكسر من ركبوا حيدر مطية … ما خلتنا كربلا شيب ولا شاب