18 ديسمبر، 2024 10:06 م

مجلس حسيني بحث في حياة الامام علي الهادي(ع)

مجلس حسيني بحث في حياة الامام علي الهادي(ع)

ذكرتُ محـل الرَّبـع من عرفـاتِ ….فأجريـت دمـع العيــن بالعبراتِ

وفـلُّ عُرى صبري وهاجت صبابتي. رسـوم ديــار اقـفرت وعـراتِ

مدارس آيـاتٍ خلـت مـن تـلاوةٍ .. ومـنزل وحـى مقـفر العرصــات

لآل رسـول اللـه بالخيـف من منى.. وبالـرُّكـن والتعـريف والجمـرات

ديـارُ عـلـي والـحسيـن وجعفـرٍ … وحمـزة والسـجــاد ذي الثفنـات

منـازل جبأريــل الامين يـزورها…. مـن اللـه بالـتسليـم والـرّحمـات

قفـا نسـأل الـدارالتـي خـفّ اهلها …متـى عهدهـا بالصـوم والصلـواتِ

قبـور بكـوفـان واخـرى بـطيبـةٍ واخـرى بـفـخٍ نـالـهـا صلواتـي

وقـبـر بـبغـداد لـنفـس زكيةٍ…تضمنهـا الـرحمـن فـي العرصات

افاطـمُ لـو خـلـت الـحسين مجدلاً ..وقـد مـات عطشـانـاً بشـط فرات

للـطـمـتـي الـخـد فاطم عـنـده . .واجريتـي دمـع العيـن في الوجنات

ولد الامام علي الهادي (ع) يوم 15 ذي الحجة سنة 212 هـ في المدينة المنورة وتوفي مسموما يوم 3 من رجب سنة 254 هـ في سامراء ودفن فيها وكانت مدة حياته 42 عاماً وفترة امامته 34 عاما.

سجّلت مصادر الحديث كثير من الأحاديث المروية عنه في تفسير القرآن والفقه والأخلاق (بالإضافة إلى الزيارة الجامعة التي تحتوي مضامين عقدية،) هذا النشاط العقائدي ظهر على عدد من اتباعه وشيعته. وفي زمانه توسعت شبكة الوكلاء للائمة, مما يعطي صورة ان ولاية الائمة كانت تمتد الى كل بقاع المدن الاسلامية رغم التضييق والحجر اشهرهم الشاه عبد العظيم الحسني كون نسبه إلى الإمام الحسن المجتبى،

له قبر في طهران يروى أن رجل من أهل الري دخل على الإمام علي الهادي(ع) فقال الإمام اين كنت فقال كنت في زيارة الحسين(ع) فقال له اما أنّك لو زرت قبر السيد عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين.

ما هو السبب الذي يجعل الامام الهادي(ع), يوصي اصحابه وشيعته على زيارة قبور العلماء والصالحين:؟ الجواب موضوع زيارة القبور عند الشيعة تعتبر زيارة أولياء الله سواء الأنبياء والأئمّة(ع)والصدّيقين والشهداء واهل العلم والفضل،كما في حياتهم وبعد مماتهم .تعتبر من الشعائر الإلهية . ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ”.اختلف المسلمون في تحديد معنى الشعائر. راي مدرسة الصحابة حصروا الشعائر بأعمال الحج .وذهب ابن كثير انها الذبيحة ان تكون سمينة وكبيرة

** اما مدرسة اهل البيت(ع) يتوسعون في الشعائر , فهم اضافة الى ان الذبيحة من شعائر الله , وهناك بيوت الله. وايام الله ,الخ فيقولون (شعائر تعني جمع شعيرة وهي العلامة الدالة الى شيء) ,فشعائر الله كل ما دلّ على الله تعالى بشرط ان تكون لطاعته بالأعلام او عن طريق الحس.

مجموعة مشاعر توجهك الى الله بطاعته , وتوصلك الى التقوى وهي غاية الشعائر ،ثم ان الشعائر لا تقتصر على اداء المناسك الصلاة والصوم . بل هي مرتبطة بحركة القلوب فالمنافقون قد يؤدون شعائر كما كانوا في زمن رسول الله (ص) يصلون في المسجد ويخرجون في الغزوات لكنها لا قيمة لها لأنها خالية من التقوى.

اسوق اليك مثالا .: البعض يتعرّض للاستهزاء والسخرية من الشعائر الاسلامية او الشعائر الحسينية . كان الزنادقة والملحدين المعاصرين ,لما يحضر موسم الحج يقولون:الى متى تطوفون بهذه الأحجار بكل استهزاء.. السبب لأنهم لم يعرفوا المعاني الروحية فيها كونها تدعو الى التوحيد هكذا الشعائر الحسينية تتعرض للتشكيك والانتقاص لنفس السبب لا زالوا يسمونهم رجعيين. واعتبار هم مثقفين تقدميين.

** ومن أهم الشعائر التي أمرنا بتعظيمها (الاحكام الشرعية والقوانين القرآنية)والدفاع عنها .لانها من تقوى القلوب ،ومن يقف ضد (هذه القوانين ولم يأخذ الدين دوره في المجتمع تحت شعار(الدولة المدنية وامثالها ) فانه ناقص الايمان والتقوى. لذلك كان الامام الهادي يحث شيعته لزيارة قبور علماء الدين.

*** انقل لكم رواية : بعث الامام الهادي (ع) في مرضه كي اذهب الى الحائر الحسيني . وادعو له بالشفاء. فقلت له: جعلت فداك أنا اذهب الى قبر الحسين(ع) فقال: أنظروا في ذاك.قال أبو هاشم ذكرت ذلك لعلي بن بلال فقال : ماذا اصنع في الحائر,وهو الامام المعصوم الحجة من الله فما حاجته الى التوسل بقبر جده الحسين (ع)، فقلت للامام ..فقال لي أجلس وذكرت له قول علي بن بلال فقال قل له – ان رسول الله (ص) كان يطوف بالبيت ويقبّل الحجر، وحرمة النبي (ص) وحرمة المؤمن أعظم من حرمة البيت .. وأمرهُ الله أن يقف بعرفة، وهي مواطن يحب الله أن يذكر فأنا أحبُ أن يُدعى لي حيث يحب الله أن يُدعى فيها).

من هذه الرواية نستنتج انه علينا ان نراقب واقعنا بدقة فاذا وجدنا فريضة وشعيرة الهية معّطلة او تقاعس المجتمع في أدائها فعلينا المبادرة لإحيائها، كما ورد في الرواية أن (حرمة المؤمن أعظم من حرمة البيت) فأذن من تعظيم الشعائر احترام المؤمنين وإكرامهم وقضاء حوائجهم خصوصاً إذا كان احد الوالدين او من الارحام او الجيران او من وأهل العلم و الفضل ونحو ذلك فلا تغفلوا عن هذا.

** أصل الحياة بعد الموت: أحد الأمور التي أقرَّها الإسلام هو وجودُ حياة بعد الموت، وأنَّ الأرواحَ تعيشُ في عالمٍ البرزخٍّ ، فيه النِّعيم والعذاب. عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله(ع): “الموتى نزورهم؟ قال: نعم، قلت: فيعلمون بنا إذا أتيناهم؟ فقال: إي والله، إنّهم ليعلمون ويفرحون بكم، ويستأنسون”. يعني هناك باباً مفتوحاً بين الأحياء والأموات،كيف لا يكون شرف للانسان وهو يقف يسلم على رسول الله (ص) او امير المؤمنين وبقية المعصومين (ع) . فزيارتهم تعني الايمان بالله والبرزخ.

* البحث في سيرة وحياة أئمة أهل البيت(ع) يسهم في زيادة الوعي ،ومعرفة المسار الصحيح لأنهم قادة وقدوة حسنة وهم الحُماة للعقيدة من حالة التردي والتحريف والضلال. لذلك اعداء ال محمد تفننوا في عزل القادة الحقيقين من التواصل مع الاُمّة سياسيا واجتماعيا ابتدأت الحرب ضدهم من يوم السقيفة الى يومنا هذا , وستبقى الحرب الى خروج القائم المنتظر الذي يملآ الارض قسطا وعدلا بعد ان ملأت ظلما وجورا .

**(في عهد الامام الهادي(ع) تصدى الخلفاء العباسيون ـ كالعادة ـ لمدرسة الأئمّة وشيعتهم ،فطوقوا الإمام بحصار شديد ورقابة صارمة به وبأصحابه) يمكن القول إن هذه الفترة من أشد الفترات وأكثرها ضراوةً على الامام الهادي(ع) وأصحابه ، بسبب الحقد المتراكم الذي يكنّه المتوكل لآل محمد(ص) فهو الذي حرث قبر الامام الحسين (ع)وعفاه, ووضع المسالح ومنع زيارته ، وقرّب في بلاطه وحاشيته الحاقدين الذين يدينون بالنصب ، وفرض على الامام الهادي(ع) أقصى حالات العزل والاقصاء ، حين استدعاه إلى عاصمته من المدينة المنورة إلى سامراء واصبح مراقبا معزولاً عن قاعدته الشعبية وعن أداء دوره الرسالي في أوساط الاُمّة). وتاريخ الامام الهادي(ع) يذكر رغم التضييق والعزل والرقابة والقسوة ، الا انه عطاءً واسعاً ، وقدّم دورا كبيرا على طريق الدفاع عن أصول الدين ونشر فروعه ، وإيصال سنن جده المصطفى وآبائه الكرام إلى الاُمّة وله دور بارز ومساهمة بقوة في مقاومة البدع والانحراف ، فكان علماً للحق ومرجعاً للدين تهرع إليه الاُمّة حيثما أشكلت مسألة.

حتى إن المتوكل العباسي وهو ألدّ أعدائه كان يرجع إلى رأيه في المسائل التي اختلف فيها علماء عصره ، فيقدّم رأيه على آرائهم ، وأذعن العلماء المعاصرون له (بتفوقه العلمى.)ولعل أهمّ تلك البحوث رسالته المطولة إلى أهل الاهواز التي تعرّض فيها للردّ على فكرة الجبر والتفويض باعتبارها من المسائل التي أُثيرت ذلك الوقت فوضع الامام النقاط على الحروف .

النقطة الاخرى .تعتبر زيارة الأئمّة المعروفة بالزيارة الجامعة مروية عن الامام الهادي(ع)ومن جملة القضايا المطروحة في ذلك الوقت مسألة خلق القرآن التي أثارها الحكم العباسي في زمان المأمون والمعتصم لأسباب سياسية اعتقادية ، فأحدثت فتنة ومحنة بين صفوف الناس بمختلف طبقاتهم وذهب ضحيتها الكثيرون ، كان جواب الامام الهادي(ع)لأصحابه واضحا ، يقوم على اعتبار الجدال في القرآن بدعة ،مع التفريق بين كلام اللّه وبين علمه ، فكلامه تعالى محدث وليس قديم.

واتخذ الامام(ع) مواقف صارمة من الغلاة الذين كثروا في زمانه ، فكانوا معاول هدامة أرادت القضاء على الاسلام وعقائده بمقالات باطلة كوصفهم الامام(ع) بالألوهية ،وإسقاطهم الفرائض عمن دان بمذهبهم ، وإباحتهم كل ما حرم الله ونهى عنه كنكاح المحارم وقولهم بالتناسخ وما إلى ذلك من المفتريات، فأعلن الامام (ع) عن كفرهم وضلالهم، وصرح بلعنهم والبراءة منهم ، وحذر شيعته من افكارهم أو الانخداع بمفترياتهم ، حرصاً على تنزيه تعاليم الاسلام من التشويه والتحريف والافتراء

{ما معنى التناسخ …؟ } حارب الائمة فكرة تناسخ الأرواح فما هو معنى تناسخ الارواح وما هي فلسفتها..؟ ان معنى التناسخ: هو رجوع الإنسان بعد موته إلى الحياة الدنيا عن طريق النطفة والمرور بمراحل التكوّن من جديد ليصير إنساناً مرّة أخرى، وهو انتقال الروح من بدن إلى بدن آخر بعد الموت. وقد اتّفق الشيعة على بطلان التناسخ وعدم وقوعه ، لأنّ في التناسخ (إبطال الجنّة والنار).

سأل المأمون الإمام الرضا (ع): ما تقول في القائلين بالتناسخ ؟ فقال من قال بالتناسخ فهو كافر مكذّب بالجنة) وهؤلاء القائلين بالتناسخ هم أهل الغلو، لانهم ينكرون القيامة والآخرة، ويقولون ليس هناك قيامة ولا آخرة، وإنّما هي أرواح في صورة انسان ، فمن كان محسناً جوزي أن تنقل روحه إلى جسد لا يلحقه ضرر ولا ألم، ومن كان مسيئاً تنقل روحه إلى أجساد يلحقها ضرر وألم،

** أمّا معنى الحلول: يعنى أنّ الله تعالى يحل في(أبدان العارفين ويتحدّ بها) والحلول من معتقدات الصوفيّة. وقد اتّفق الشيعة على بطلانه أمّا بالنسبة التشبيه يعنى: التماس الشبه المتمثل بمخلوقاته في الأمور الجسميّة الماديّة والمعنويّة الفكريّة. وقد اتّفقت الشيعة على بطلان التشبيه والحلول والتناسخ لعدّة أدلّة منها قوله تعالى:(ليس كمثله شيء). بينما الاخرون يستدلون بالآية(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ *ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) ــــــ تسلم الإمام الهادي(ع)منصب الإمامة بعد شهادة أبيه الجواد سنة 220 هـ، وذهب البعض إلى إمامة أخيه موسى المعروف بموسى المبرقع لكن سرعان ما عادوا للقول بإمامة الهادي(ع) وسبب عودتهم اليه كون اخيه المبرقع كان ينفر منهم ويطردهم ويقول بعدم امامته . اما موقف الحكام الطغاة في سامراء وخاصة موقف المتوكل والحاشية العباسية التي تنفر من ابناء علي بن ابي طالب(ع).

كانت سياسة البلاط العباسي قبل تولي المتوكل الحكم قائمة على تأييد المعتزلة وهذه الافكار اعتمدها المأمون للتضييق على أهل الحديث، هذا وفّر الأرضية المناسبة لتحرك العلويين سياسياً، ولكن حين تسنم المتوكل الخلافة قلب الأمور على عقب، وعاد التضييق على المفكرين والمبدعين مرة أخرى حيث قرب المتوكل إليه أهل الحديث، وأقصى كل العلماء والمفكرين سواء المعتزلة والشيعة مع التضييق عليهم بشدة.

** أشار أبو الفرج الأصفهاني إلى موقف المتوكل ووزيره عبيد الله بن يحيى بن خاقان بقوله: وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم مهتماً بأمورهم وحاقدا عليهم، يسيء الظن والتهمة لهم، والاكثر منه وزيره الذي يسيء الرأي فيهم، ويقبح معاملتهم، فبلغ حقدهم ذلك الوقت ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبلهم .وانصب حقدهم على قبر الحسين (ع) وسجن وقتل زواره, وهي وسيلة واضحة لمن يكره عليا وابناءه(ع) فهو لكل ذلك وضع على الطرق مسالح لا يجدون أحداً من زواره إلاّ أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة… لانهم يعرف ان الزيارة تعتبر رمزا وشعيرة في قلوب شيعة اهل البيت وائمتهم .

فسار المتوكل على نهج من سبقوه في التعامل مع أئمة أهل البيت (ع) زاد على ذلك باستدعائه الإمام الهادي(ع) إلى سامراء وعزله عن الأمة، ووضع عليه العيون والوشاة .. ووصلت اليه التقارير تبين ميل الناس إليه وابتدات قضية الاعتقال من خلال تقرير شخص اسمه عبد الله بن محمد فامر باستقدامه – بمكر تام -مدعياً – أنّه عارف بقدر الإمام راع لقرابته… «وإنه مشتاق إليه مجالسته والنظر إليه». وبذل جهده بطريقة لا تثير مشاعر أتباعه وردّة فعل الجماهير وتأمين طريق وصوله إلى سامراء، إلاّ أنّ أهداف حركة المتوكل لم تكن خافية على أهل المدينة منذ بداياتها.

عن يحيى بن هرثمة – الذي تولّى جلب الإمام إلى سامراء- قوله: «عندما أرسلني المتوكل إلى المدينة لإشخاص الإمام الهادي إلى سامراء، ودخلت المدينة، ضج أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله خوفاً على الإمام وقامت الدنيا على ساق؛ لأنّه كان محسناً إليهم .. حسب رواية الشيخ المفيد: «إنّه لما وصل إلى سامراء لم يستقبله وانزله في خان الصعاليك ,ثم خصص المتوكل دار له، فانتقل إليها ..

**استشهاد الإمام الهادي (ع) أقام الامام الهادي في سامراء أكثر من عشرين سنة، المتوكل يجتهد المتوكل في الإيقاع حيله به، فلا يتمكن من ذلك. بالمقابل تمكن الإمام طيلة وجوده في سامراء من النفوذ إلى قلوب الناس وانتزاع إعجاب العلماء والمؤمنين.

نمي إلى المتوكل بالامام أنّ في منزله كتباً وسلاحاً من أهل قم، فبعث إليه جماعة من الأتراك، هاجموا داره ليلاً، فلم يجدوا شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وهو جالس على الارض متوّجا إلى الله يتلو القرآن. وعلى هذه الحال حمل إلى المتوكل العباسي، وأدخل عليه، وكان المتوكل في مجلس شراب، وبيده كأس الخمر، فناول الإمام الهادي(ع)، فردّ الإمام: «والله ما خامر لحمي ودمي قط فأعفني»، فأعفاه. فقال له: «أنشدني شعراً»، فقال الإمام «أنا قليل الرواية للشعر». فقال: «لا بد». فأنشده:

باتوا على قُلَلِ الأجبال تحرسـهم ..غُلْبُ الرجال فما أغنتهمُ القُلل

واستنزلوا بعد عـزّ عن معاقـلهم..وأودعوا حُفَراً، يا بئس ما نزلـوا

ناداهُم صارخ من بعد ما قبروا …أين الأسرة والتيجان والحلل؟

أين الوجوه التي كانت منعمة.. من دونها تضرب الأستار والكلل

فأفصح القبـــر عنهم حين ساء لهم..تلك الوجوه عليها الدود ينتقل

قد طالما أكلوا دهراً وما شربوا ..فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكلوا

قال الراوي: «والله لقد بكى المتوكل بكاءً طويلاً حتى بلّت دموعه لحيته!. ، ثم أمر أن يرفع الشراب، وأمر بإرجاع الإمام عليه السلام إلى داره.

بعد وفاة المتوكل العباسي تولى الحكم ابنه المنتصر ستة أشهر، وهو الذي أحدث قتل اباه المتوكل بالاشتراك مع قواد جيشه فقطعوه إربا إربا مع وزرائه وندمائه وحاشيته وهم على مائدة الشراب والغناء.

بمجيئ المنتصر خفّ الضغط على الإمام والعلويين عامة ولكن لم يعيد الامام الى المدينة ,وبقي موقف بعض الوزراء والأمراء خارج وداخل سامراء على حالة من الضغط على الشيعة ومحاربتهم.

كان لهذا التخفيف ورفع القيود النسبية عن حركة الإمام دور في إعادة تنظيم واقع الشيعة في البلدان، فكان يتدخل بسرعة لتنصيب البديل عن الوكيل الذي يعتقل أو يمنع من التحرك في الوسط الشيعي.

مات الامام مسموما بـسامراء في يوم الثالث من رجب سنة 254 ه‍ وقد أوعز إلى المعتمد بدسّ السم إلى الإمام (ع) وخرجت الجنازة، وخرج الإمام الحسن العسكري عليه السلام يمشي حتى أخرج بها إلى الشارع الذي إزاء دار موسى بن بغا. وكان الإمام العسكري(ع) صلّى عليه قبل أن يخرج إلى الناس، ودفن في بيتٍ من دوره.

*** عن عبد الحميد السراج ، يقول حضرنا للصلاة على جنازة الامام علي الهادي بسامراء .لما عرف السلطان خبر وفاته أمر أهل المدينة بتشييع جنازته ، وأن يحمل إلى دار السلطان حتّى يصلّي عليه ، وحضرت الشيعة : فلما خرج النعش , خرج امامه ولده الامام الحسن العسكري حافي القدمين مكشوف الرأس ، محلل الإزرار ثم سار خلف النعش ، يبكي حتى اخضلت لحيته بدموع عينيه ، يمشي مرةً عن يمين النعش ومرةً عن شماله ولا يتقدّم النعش.سيدي انت تبكي والشيعة يشيعون اباك . وسامراء خرجت معك للتشييع .. ساعد الله قلب سكينه حين وصلت الى جسد ابيها ..

حـمـاي الـدخـل يحسـين * كل الأوادم يشهـدون //بـر وبـحـر مـو مـنـكـور * جن وانسن يعترفون// بـس وحـدة يا بو اليمة * العقل من عندها ظل مذهول //شـلـون انـهـضمت سكينة * سكت ولا قلت بحماي//عـزيـزة قـلـبـك وجـتـك *شلون الشمر يدناها //تلوذ وتنتحب يمك * وأنـت تـسمع بجاها//مـن الـخـوف لاذت بـيـك * غـيـر يكون تحماها//تـنـاديـك بـرفـيع الصوت * يا بويه ويا بعد جلاي….يـبـويـه من قطـع راسك * ومن هو الي سلب ثيابك/يـبـويـه غطه كل مصاب * مصـاب الما جرى مصابك /عـسـه ابعيد البله امخضب * ومن فيض الدمه اخضابك/*قـبـل لا شـوفـك ابـهالحال * يا ريت انعمت عيناي/عـمـت عـيـني ولا شوفك * ذبيح ويجري دم نحرك/وأنـصـارك وأهـل بـيـتك * ضحايا مطرحة بكترك/ عساها اتـعـقرت هالخيل * ولا داست على صدرك/يـا ريـت الموت أخذ عمري * شلي بعمري عقب ولياي/ شلي بعمري انقصف عمري * وعمري بذل عسن ما طال//كـنـت مـحـجـبـة بـخدري * ولن مجتفة بحبال//بـيـن اخـوتـي بـهـيـبة وعز * ولني بين قوم أنذال//بـلـبـل طـوح الـحـادي * مـدري بيا كتر منواي يــبـويـه جـنه صار الصار * وعطشان الكفر ذبحوك/لـيـش بـهـالـشـمس عاري * ليش بكفن ما لفوك ..

الشيخ عبد الحافظ البغدادي ــ 14/2/2021