23 ديسمبر، 2024 1:30 ص

مجلس حسيني اليوم الأول من محرم ـ الهجرة وأسبابها ونتائجها

مجلس حسيني اليوم الأول من محرم ـ الهجرة وأسبابها ونتائجها

كـم يـا هـلال مـحرم تشجينا******* مـا زال قـوسك نـبلُه يـرمينا

كل المصائب قد تهون سوى التي**** تـركت فـؤاد مـحمدٍ محزونا

يـومٌ بـه ازدلـفت طـفاةُ أميةٍ **** كـي تَشفينَّ من الحسين ضغونا

فهوى على وجه الصعيد مبضعا *** مـا نـال تـغسيلا ولا تـكفينا

أو مـثلُ زينب وهي بنت محمد ****برزت تـخاطب شامتا ملعونا

فـغدا بـمحضرها يقلب مبسما ******كـان الـنبي بـرشفه مـفتونا

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَمَن يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ في ٱلأرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَـاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ }(النساء:100).

كلمة مراغم : تعني ما يدفع أليه الإنسان رغما عليه ..بالقهر والقوة فنقول رغما على انفه .. فتكون كلمة الرغُم ، تعني ايظا الذلَّ كأنّه لصيق بالتراب .. ّ

الرأي الثاني :أن المراغم تعني (التمنّع الذي يُتَحصَّن الإنسان به) يراغم به الأعداء. لان فيه توسعة .. وهو قوله تعالى ( يجد في الارض مراغما وسعة ..السعة تعني: الرزق. اما لو كانت في قضية فكرية فستكون الهجرة والمراغمة تفضي الى وجود فرص أوسع لبث الفكر في مكان الهجرة .. فيكون مراغمة وسعة ..!

ومن نتائج الهجرة ان يحصل الانسان على نتائج سبب هجرته .. لأنه حين يهاجر سيترك اشياء كثيرة تعايش فيها ,ولكن الله سبحانه يعوضهم خيراً مما ترك، ومن ترك (شيئاً لله) عوضه الله خيراً منه.. واغلب المهاجرين غايتهم من الهجرة , هو الحصول على رحمة من الله أوسع ربما لأنه يعيش ظروفا صعبة .

*** المعروف ان رسالة النبي محمد (ص) بدأت سرية ثلاث سنوات . التحق بها اشرف شخصيات مكة في بدايتها من سادات وموالي رجال ونساء ,ولكن الأخبار لا يمكن ان تخفى أكثر من ذلك .. ثم الأوامر التي نزلت من السماء أوجبت على النبي أن تتوسع دعوته أكثر من بيته وعائلته .. فكانت العشيرة .. فنزل قوله تعالى :”{وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} فدعا علياً(ع)؛ فأمره أن يصنع طعاماً، ويدعو له بني هاشم ليكلمهم، ويبلغهم بامر السماء .. فصنع علي (ع) صاعاً من طعام، وجعل عليه رجل شاة، وملأ عساً من لبن، ثم دعاهم، وهم يومئذٍ أربعون رجلاً، يزيدون رجلاً، أو ينقصونه، فيهم أعمام النبي (ص): أبو طالب، وحمزة والعباس، وأبو لهب؛ فأكلوا.

قال علي (ع): فأكل القوم، حتى شبعوا .. ثم قال: أسق القوم؛ فجئتهم بعس اللبن ؛ فشربوا حتى رووا منه جميعاً، فلما أراد رسول الله (ص) أن يكلمهم بدره أبو لهب فقال:قدما سحركم صاحبكم، فتفرق القوم، ولم يكلمهم الرسول (ص). فأمر (ص) علياً (ع) في اليوم الثاني: أن يفعل كما فعل آنفاً، وبعد أن أكلوا وشربوا قال لهم رسول الله (ص): يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة.وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه؛ فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي، ووصي، وخليفتي فيكم؟! قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقال علي: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي.ثم قال: إن هذا أخي، ووصي، وخليفتي فيكم؛ فاسمعوا له وأطيعوا.قال: فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع…. بعد هذا جاء امر اوسع من العشيرة وهو لكل الناس :

، لما جهر الرسول (ص) بالدعوة وعلم طواغيت قريش بالخبر استشاط غضبهم . وسبب نزول (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) من هم المستهزئين الذين ذكرتهم الآية)؟ عن عبد اللّه بن مسعود قال : ما زال النبي(ص) يعمل في سرية حتى نزلت: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} فخرج هو وأصحابه إلى العلن .. اما المستهزئون .. قال ابن اسحاق :

** كبار المستهزئين خمسة أفراد ،من ذوي الجاه والمال ، من بني أسد(عبد العزى أبو زمعة) هذا العن الناس ويحاول بكل وسيلة ايذاء النبي(ص) ولذا دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه، فقال: «اللهم أعم بصره وأثكله بولده»، .. الثاني :من بني زهرة الأسود بن عبد يغوث ،والثالث : من بني مخزوم الوليد بن المغيرة ،.

من هو الوليد: الوليد من الزعماء المؤثرين في قريش وله مواقف مشهودة في عدائه للنبي(ص) . ويعتبر الوليد بن المغيرة الرأسمالي الكبير و التاجر العظيم الذي يسمونهُ( الوحيد ) لأنهُ يكسو الكعبة لوحده, وكان الوليد بن المغيرة شيخا كبيرا، وهو من حكماء العرب الذين يتحاكمون إليه في الأمور وينشدونه الأشعار، فما اختاره من الشعر كان مختارا، وكان له بنون لا يبرحون مكة، وكان له عبيد عشرة عند كل عبد ألف دينار يتاجر بها،وهو من الشخصيات الذين ملك القنطار في ذلك الزمان، والقنطار جلد ثور ملؤه ذهبا، اما مواقفه الفكرية فهو من الزنادقة والمستهزئين برسول الله (ص) وهو عم أبي جهل بن هشام , . أبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي . وهو غير الوليد بن عتبة .. الذي قتله الإمام علي (ع) يوم بدر .. وهناك الوليد بن عتبة اخو عثمان من الرضاعة وجده ابو سفيان بن صخر بن حرب وهو الذي أرسل على الحسين (ع) حين رفض البيعة ليزيد ..

**ومن بني سهم العاص بن وائل ابو عمر بن العاص ، ومن خزاعة الحارث بن الطلاطلة . فلما تمادوا في الشر وأكثروا برسول اللّه الاستهزاء أنزل اللّه تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ }. {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}: أي أمضه؛ افعل ما تؤمر أي بلغ ما أنزل إليك من ربك، ولا تلتفت إلى المشركين الذين يريدون أن يصدوك عن آيات اللّه {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} ولا تخف منهم ، فإن اللّه كافيك إياهم، وحافظك منهم….

** بداية الاغتيالات :. هي أم عمار سمية (رض) تزوجت من ياسر بن مالك وأنجبا عمار بن ياسر, وهم خدام بني مخزوم كان عمر سمية وياسر ستين عامًا ،وعمار تجاوز الأربعين ، أخفى آل ياسر إسلامهم عن قريش لمدة أربعة سنوات .ولما انكشف أمر إسلامهم استشاط أبا جهل غضبًا ،لأنه سيد بني مخزوم وكانت قبيلة بني هاشم ، دائمًا في منافسة مع بنى مخزوم ، لذلك كان حقد أبا جهل على المسلمين شديد ، وأمر بتعذيبهم تعذيبًا شديدًا بالرغم من أن سمية وياسر ، كانا عجوزين ضعيفين وأخيرا قرر قتلهما بسبب إسلامهما ..فكان رسول الله(ص) يقول لهم :” صبرا آل ياسر إن موعدكم الجنة “.. اما عمار فعاش حتى عمر التسعين وظل ملاصقا لال بيت محمد(ص) واستشهد في صفين عام 37هـ ،مقاتلا مع علي بن ابي طالب(ع). **ــ ** أنواع الهجرة: معنى الهجرة أصلها من الهَجْر، ضد الوصل. نقول فلان هجر فلانا .. ولكن غلب المعنى على الخروج من أرض إلى أرضٍ آخري. يقال فلان هاجر , وهي انتقال شخص وأَفراد من مكان إِلى آخرَ . نقول عنهم هاجروا , لانهم تركوا وطنهم وأرضهم وانتقلوا إلى ارض أخرى ..

توسعة في معنى الهجرة : السؤال: ما معنى الهجرة ومتى تجب على المسلم؟. الإجابة: إن الهجرة تنقسم إلى أربعة أقسام:

* القسم الأول: هجرة الإنسان ما حرم الله عليه، هذه الهجرة فرض على كل مسلم، ان يهجر ويترك ما نهى الله عنه”، يعني هجرة الذنوب ..

** القسم الثاني: الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، كالهجرة من مكة إلى المدينة، وهذه الهجرة كانت واجبة عند بداية إقامة دولة الإسلام، لأن النبي(ص) أمره الله بالهجرة إلى المدينة فهاجر إليها المسلمون ليقيموا دولة الإسلام..

ولما فتحت مكة أصبحت دار إسلام قال: “لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا”، وهذا العهد الذي أخذه علينا النبي (ص) لابد من معرفته ومراجعتنا له في أنفسنا، فإنه قال: “لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد” هذا العهد الذي بيننا وبين رسول الله(ص) أخذ علينا العهد بالجهاد، “ونيته “أن ننوي الجهاد في سبيل الله “وإذا استنفرتم فانفروا” ..

فيكون الأمرالذي أخذ به الرسول العهد علينا إذا طلب منا النفير لإعلاء كلمة الله أن ننفر، فإذن هذه ثلاثة أمور جعلها النبي(ص) بعد الهجرة من مكة، وعندما أسلم أهل مكة أرادوا أن يهاجروا فقال رسول الله(ص): “مضت الهجرة لأهلها” .

* القسم الثالث من أنواع الهجرة: الهجرة من مكان ظهرت فيه الذنوب، ولم يظهر فيه إنكار لها، فكل مكان غلبت عليه السيئات ولم يستطع الإنسان إنكارها ولم يجد من يعينه على إنكارها فإنه تجب عليه الهجرة عن ذلك المكان،فإن وجد من يساعده لم تجب عليه الهجرة، فالهجرة تجب عندما يظهر الفساد ، ولا يجد أعواناً..لان البقاء فيها تعني انتهاء الجانب الروحي والديني في نفس الإنسان ” إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا.. * القسم الرابع: هو هجرة الإنسان لأهل المعاصي حتى لا يتشبه المسلم بأهل الكفر والمعاصي .. لان تنشا عنده قابلية ان يرتكب ذنوبا بالتقليد من هذا وذاك وتكون عنده قابلية التسامح .يقول تعالى:{وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره).( لا تربط الجرباء حول صحيحة خوفا على :

ـــــــــ *: هذه الأقسام هي الهجرة الواجبة: بقيت الهجرة الجائزة، وهي القسم الخامس: وهي في حق من ظُلم، فإن من ظلمه ظالم وكان الظلم عليه بما يؤدي الى موته او ان يعيش في ذل او فقر وعوز .. مما لا يستطيع رفعه، فله الحق أن يهاجر

ولا نعتبر ان الخلاف بين صديقين او بين الاقارب بما يؤدي الى الهجر هو نوع من الهجرة ..بل هذا له باب خاص .. فقد قال النبي(ص) :”لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام”، أما ما سوى ذلك من الهجرة فلا خير فيه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سبب هجرة الإمام الحسين (ع) للعراق :.. لهذه الهجرة اسباب عديدة ..

رغم أنَّ الدافع الظاهري لهجرة الإمام (ع) إلى العراق كانت رسائل أهل الكوفة ورُسلهم، حتى أنَّ الإمام (ع) احتجَّ بها عندما واجه الحُرُّ بن يزيد الرياحي وعمر بن سعد، عندما سألاه عن سِرِّ مجيئه إلى العراق فقال (ع): هذه كَتَبَ إليَّ أهلُ مِصرِكُم أنْ أقْدِمَ.ألينا … غير ان السرَّ الحقيقي لهجرته رغم معرفته بنتائجها وما سيترتب عليها من نتائج ستودي بحياته ، وهو ما وطَّن نفسه عليه. هذا ما كان معلنا في التاريخ الاموي والعباسي وما لصقوه في ثورة الحسين وهجرته .وما كتبوا عن شيعته وكيف تعاملوا مع الثورة .. والمشكلة :ان التاريخ الحسيني ورواياته انتظمت بقصائد ونعي متناسق مع الرواية لذا لا يمكن لأي خطيب أن يتناول التاريخ { الصحيح} لأنه يخلوا من قصيدة قريض أو شعبية . لكن هذا لا يمنعنا أن نسعى بجد وهمة لاستخلاص التاريخ الحقيقي للثورة الحسينية , بحقيقتها التي سطرها سيد الشهداء الحسين بن علي (ع)

لماذا اختار الامام الحسين الهجرة الى العراق؟ :…رغم ما قيل عن المجتمع الكوفي، وما ينطوي القول من سلبيات الصقها المحلّلون من دون تمحيص , فإنّنا نرى أنّ اختيار الإمام الحسين (ع) الهجرة إلى العراق كان لأسباب موضوعية منها:

1. التكليف الإلهي (برفع الظلم والفساد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشمل جميع المسلمين بلا استثناء)،القائد الثائر مسؤوليته تشمل جميع المسلمين .

2- لا نجد في التاريخ ما يدلّل على قيام أي بلد من الأقطار الإسلاميّة بمواجهة الحكم الأموي سوى العراق الذي وقف ضدّهم منذ أن ظهر الأمويّون في السّاحة السّياسية وحتى سقوطهم.وهذا ينفرد به العراق ..

3- إنّ الإمام الحسين (ع) لم يعلن دعوته لمواجهة ظلم الأمويّين وفسادهم، والنهوض لإحياء الرسالة يوم بسبب بيعة يزيد، بل كانت حركته تمتد في عمق الزمن .. تمتد إلى أبعد من الكوفة وغيرها من المدن ..

4- لم نرَ نصوصاً تاريخية تدلّل على استجابة شعب من شعوب العالم الإسلامي لنداء الإمام الحسين (ع) ونهضته غير العراق، فكانت الدعوات الكثيرة والملحّة موجّهة إليه تعلن الولاء والاستعداد لتأييد النهضة ومواجهة الحكم الأموي الفاسد. فالعراق ثورة يحتاج الى قيادة شريفة كريمة .. فكان لها الحسين(ع) ..

5-لم يكن أمام الحسين (ع) من خيار لاختيار بلد آخر غير العراق؛ لأنّ بقيّة الأقطار إمّا إنّها كانت مؤيّدة للأمويين، أو خاضعة مقهورة، أو إنّها كانت (غير متحضّرة وغير متفهمة ولا مستعدّة للاستجابة لثورة الحسين. خاصة أنّ كثيراً من الشعوب كانت في ذلك الحين إمّا كافرة أو حديثة عهد بالإسلام، أو غير عربية بحيث يصعب التعايش والتعامل معها ؛ ممّا كان سبباً لتضييع ثورة الإمام وجهوده.

6-كانت الكوفة تضمّ الجماعة الصّالحة التي بناها الإمام عليّ (ع)، القاعدة الجماهيرية التي تتعاطف مع أهل البيت (ع)؛ فأراد الإمام الحسين (ع) أن لا يضيع دمه وهو مقتول لا محالة، وان قتلته هذه تعمق الإيمان في النفوس وتجذر الولاء لأهل البيت (ع)، فكان العراق أخصب أرض تستجيب لذلك، وسرعان ما بدأت الثورات في العراق بعد استشهاد الإمام .وأصبح العراق القاعدة العريضة لنشر مبادئ وفضائل أهل البيت(ع) إلى العالم الإسلامي في السّنين اللاحقة.

التصدّي للظلم والظالمين. وحتى على فرض اختياره بلداً آخر فإنّ سلطة الأمويين ستنال منه وتقضي عليه دون أن يحقّق أهداف رسالته التي جاء من أجلها.والتاريخ الحقيقي يبين ان العراق يُصارع الأمويين منذ زمن أمير المؤمنين(ع) كانت أجواؤه مهيّئة لنشر الإعلام الثوري لنهضة الحسين (ع) و فضح بني أمية وتستّرهم بالشّرعية وغطاء الدين، وحتى النزعة العاطفية المزعومة في العراقيّين فقد كانت سبباً في ديمومة وهج الثورة وأفكارها كما نرى ذلك حتّى عصرنا هذا.

ولعلّ هناك أسباباً لا ندركها، لاسيما ونحن نرى أنّ الإمام الحسين (ع) كان على بيّنة واطلاع من نتيجة الصّراع،ويعرف الظروف المحيطة بمسيرته، وهو على علم بطبيعة التكوين الاجتماعي والسّياسي للمجتمع العراقي الذي كان يتوجّه إليه من خلال وعيه السّياسي وتجربته الشخصية (هو يقول في خطبته إلى جهة معينة ( كنتم أخبث ثمر شجا للناظر واكله للغاصب ــــ ويقول لأصحابه ومؤيديه في خط الثورة ما رأيت أصحابا أفضل من أصحابي ولا آل بيت أفضل من آل بيتي ) هذه حقيقة قالها إمام معصوم وسيد شباب اهل الجنة . انه لا يوجد شعب في العالم يحتضن ثورة الحسين (ع) افضل من المجتمع العراقي ,ويقابلهم المجتمع الذي اتبع الفكر الأموي يصفه , أخبث ثمر شجي للناظر. فلم يكن اختياره العراق منطلقاً لثورته العظيمة إلاّ عن دراية وتخطيط رغم الجريمة النكراء التي نتجت عن تخاذل النّاس، وتركهم نصرة إمامهم , ولذلك كان يختار الشخصيات القوية واصحاب البصيرة وممن وطن نفسه للموت ان يكون ضمن خط الثورة .. وحدد هوية من يختار الثورة : ” مَنْ كان باذلاً فينا مهجتَه، وموطِّناً على لقاء الله نَفْسَه فَلْيَرْحَلْ معنا؛ فإنّي راحل مُصبحاً إن شاء الله تعالى”………………………………………………………….

**** لماذا تم احتساب التاريخ الهجري من محرم وليس من ربيع الاول حيث كانت الهجرة فيه؟.. الجواب: ابتداءاً نشير إلى الواضع الحقيقي للتأريخ الهجري ثم نجيب على الموضوع .. في هذا الصدد انقل ما ذكره السيد جعفر العاملي في كتابه (الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) ج 4: 186) قال: ان الذي نستند إليه أن النبي(ص) هو أوّل من أرّخ الهجرة، ويدل على ذلك الأمور التالية:

1- ما روي عن الزهري: أن رسول الله(ص) لما قدم المدينة مهاجراً أمر بالتأريخ، فكتب في ربيع الأول (فتح الباري 7: 208، إرشاد الساري /ج 6: 233، وكتاب التنبيه والاشراف: ص 252). في رواية أخرى عن الزهري قال: التاريخ من يوم قدم النبي (ص) مهاجراً.على هذا يكون ابتداء التأريخ من عام الهجرة))..

2- ما رواه الحاكم عن عبد الله بن عباس، أنّه قال: كان التاريخ في السنة التي قدم فيها رسول الله(ص) المدينة، وفيها ولد عبد الله بن الزبير (مستدرك الحاكم ج 3: صفحة 13، 14).

3-أما أوّل من أرّخ التاريخ، فاختلف فيه، فروى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أنس، قال: كان التاريخ من مقدم رسول الله(ص) بالمدينة وكذا قال الاصمعي: إنّما أرّخوا من ربيع الأوّل شهر الهجرة)وكتاب (الأعلان بالتوبيخ لمن يذم التأريخ: 78).

وذلك يدل على أن واضع التأريخ ليس هو عمر، وإنما عمر أرخ من المحرم.. (الصحيح من سيرة النبي الأعظم(ص)ج 41 : 189).

ثم يذكر السيد العاملي باقي الادلة على هذه الدعوى بأن واضع التاريخ الهجري هو النبي(ص)، وانّه وضعه في اوّل شهر ربيع الأول أي في اليوم الذي هاجر به النبي(ص) من مكة , إلى المدينة.

وأمّا بالنسبة لدعوى جعل التاريخ الهجري من قبل عمر، فقد أشار جملة من المؤرخين إلى هذه المسألة، فقد روى ابن كثير في تاريخه (البداية والنهاية) وغيره: وفي ربيع الأوّل من هذه السنة ـ اعني سنة ست عشرة أو سبع عشرة أو ثمان عشرة ـ كتب عمر بن الخطاب التأريخ وهو أوّل من كتبه . سببه في زمن عمر،رفع إلى عمر صك مكتوب لرجل على آخر بدين، يحلّ عليه في شعبان؟ ولم يحدد أمن هذه السنة، أم التي قبلها، أم التي بعدها؟ . فجمع عمر الناس أصحاب النبي(ص) ـ فقال: ضعوا للناس شيئاً يعرفون به حلول ديونهم، فيقال: إنهم أراد بعضهم (الهرمزان): أن يؤرخوا كما تؤرّخ الفرس بملوكهم، كلما هلك ملك أرّخوا من تأريخ ولاية الذي بعده، فكرهوا ذلك.منهم من قال (وهم بعض مسلمي اليهود): أرّخوا بتاريخ الروم من زمان اسكندر، فكرهوا ذلك لطوله ايضاً، وقال قائلون: أرّخوا من مولد رسول الله(ص).

قال آخرون: من مبعثه. ويقال أشار الإمام علي(ع) أن يؤرّخ من هجرته إلى المدينة فاستحسن عمر ذلك، فأمر عمر: أن يؤرّخ من هجرة رسول الله(ص).

وروي عن سعيد بن المسيب أنّه قال: جمع عمر الناس فسألهم: من أي يوم يكتب التأريخ؟ فقال علي بن أبي طالب(ع): من يوم هاجر رسول الله(ص) وترك أرض الشرك، ففعله عمر. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد، ولم يخرّجاه.وقال اليعقوبي في حوادث سنة 16هـ: وفيها أرّخ الكتب، وأراد أن يكتب التاريخ منذ مولد رسول الله(ص)، ثم قال: من المبعث، فأشار علي (ع): أن يكتبه من الهجرة.وتوجد */-*نصوص أخرى تشير إلى أن عمر هو أول من وضع التاريخ الهجري الإسلامي.

قال العلاّمة مرتضى العاملي بعد سرده للنصوص المتقدمة أعلاه:

((ولكننا بدورنا نشك كثيراً في صحة هذا القول، ونعتقد أن التأريخ الهجري قد وضع من زمن النبي(ص)، وقد أرّخ به النبي(ص) نفسه أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة: أما ما حدث في زمن عمر هو فقط: جعل بداية السنة من شهر محرم بدلاً من ربيع الأوّل كما أشار إليه الصاحب بن عباد )).

**** أما من الذي أشار بمحرم بدلاً من ربيع الأوّل، فقد اختلفت الروايات في ذلك فيقال: إن ذلك كان بإشارة عثمان بن عفان، وقيل: بل ذلك هو رأي عمر نفسه، وقيل (إن عبد الرحمن بن عوف أشار بشهر رجب،وأشار علي(ع) بشهر محرّم فقبل منه. ويقول آخرون: أن عمر ابتدأ من المحرم بعد إشارة علي(ع) .

*** ما حدث في زمن الخليفة عمر إن جعل بداية السنة شهر محرم بدلا من ربيع الأول )، @@@ان في بدء التاريخ اختلاف كثير وان الذي نعتقده هو ان النبي (ص) اول من ارخ ولكن عمر غيره في عهده (من ربيع الاول الى محرم) لكي تكون الاشهر الحرم في سنة واحدة وجرى الناس على هذا الامر…

وتحولت المناسبة كلها الى مأتم وبكاء كون واقعة كربلاء حدثت في شهر محرم عام61 هـ .. فأصبحت محرم وصفر مرهونة بذكرى ثورة ابي عبد الله(ع) وقد ذكر الائمة ان لهذا الشهر اثر كبير في قلوبهم ….

عن الريان بن شبيب ـ قال: دخلت على الرضا (ع) في أول يوم من المحرم، فقال لي: “يا ابن شبيب، إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيه (ص); إذ قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه وانتهبوا ثقله…. يا ابن شبيب، إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين (ع)، فانه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً مالهم في الارض من شبيه، ولقد بكت السموات السبع لقتله…”.

إلى أن قال: “يا ابن شبيب، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا…” ثم قال: “من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله عزّ وجلّ يوم القيامة يوم فرحه وسروره وقرّت بنا في الجنان عينه…” وبكى يوم. أنشده دعبل الخزاعي قصيدته التائية ….

مدارس ايات خلت من تلاوة … ومنزل وحي مقفر العرصات … فأمر قبل إنشادها بستر فضرب دون عقائله، فجلسن خلفه يسمعن الرثاء ويبكين على جدّهن سيد الشهداء، وأنه قال يومئذ: “يا دعبل، من بكى أو أبكى على مصابنا ولو واحداً كان أجره على الله، يا دعبل، من ذرفت عيناه على مصابنا حشره الله معنا”.

وحدّث محمد بن سهل ـ كما في ترجمة الكميت ـ قال: دخلت مع الكميت على الصادق (ع) في أيام التشريق، فقال له: جعلت فداك ألا أنشدك؟ قال: “إنها أيام عظام”، قال: إنها فيكم، قال: “هات”، وبعث أبو عبد الله إلى بعض أهله، فأنشده ـ في رثاء الحسين (ع) ـ فكثر البكاء، فرفع أبو عبد الله رحمه الله تعالى يديه فقال: “اللهم اغفر للكميت ما قدّم وما أخر وما أسرّ وما أعلن حتى يرضى”

نوحي على الأولاد يا زهرة الحزينة … في كربلا واحد واحد في المدينة