بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27البقرة) ـــــــــ
ورد عن المفسرين ان الناس يزعمون أن للقرآن ظاهرا وباطنا ، ونقلوا بعض الأحاديث والآثار ; فعن الحسن بن علي{ع} عن النبي {ص}قال : ما أنزل الله آية إلا {ولها ظهر وبطن بمعنى ظاهر وباطن ، وكل حرف حد ، وكل حد مطلع} .وفسروا ان الظاهر هو ظاهر الحكم في التلاوة ، والباطن هو الفهم عن الله سبحانه; لم يرد أنهم لا يفهمون الكلام ، لأنه منزل بلسانهم ولكن لم يعرفوا مراد الله من الكلام ، وكأن هذا هو معنى ما روي عن علي{ع} أنه سئل : هل عندكم كتاب ؟ فقال : لا إلا كتاب الله ، أو فهم أعطيه لرجل مسلم ويعني نفسه ، أو ما في هذه الصحيفة ولذا قال الامام الحسن : الظهر هو الظاهر والباطن هو السر .
** لا يوجد عند الشيعة تفسير باطني للقرآن، وإنما إذا اصطدمت الآية الكريمة مع القواعد العقلية أو مع أثر من الآثار الصحيحة لابد من تأويلها وصرفها عن الظاهر المفهومة .مثال: (الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ) فإننا لا يمكن أن نحمل الإستواء بأن الله عز وجل جلس على العرش وأن العرش قد أحاط به عن يمينه وشماله، لأن الأمر يستلزم الجسمية والجسمية تستلزم المحدودية وبالتالي لا يصلح للألوهية. من كان محدودا. لهذا نضطر إلى صرف بعض الايات من القرآن إلى ما يلتقي مع مسار الفكر الإسلامي الصحيح، فلا يوجد عند الشيعة من يذهب إلى التفسير الباطني للقرآن ولا يحتج بظهوره، بل العكس حجية ظواهر القرآن محل إجماع فقاء الشيعة..فظاهر المعنى شيء ، وهم عارفون به ; لأنهم عرب والمراد شيء آخر ، وهو الذي لا شك فيه أنه من عند الله ، وإذا حصل التدبر لم يوجد في القرآن اختلاف ابدا.. ولكن من هي الجهة التي خولها الله ان تتحدث بالباطن في تفسير الآيات ..؟
لم يترك الله المؤمنين في حيرة من معرفة بواطن القران : فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59] اذن تحددت الجهات .. نرد الى الله هو القران الكريم. ثم الرسول مفسر القران وصاحب البيان . ولكن بعد موت رسول الله{ص} اين يذهب الناس لمعرفة بواطن القران .
*** قال الشيخ السعدي في تفسير قوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ):”يقول تعالى لنبيه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا ،لست مختلفا من الرسل، لم نرسل قبلك ملائكة ولا نساء . نُوحِي إِلَيْهِمْ من الشرائع والأحكام (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) أي : الكتب السابقة (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) اليهود والنصارى عندهم خبر الأولين ؟ فاسألوا أهل العلم بذلك ، الذين نزلت عليهم الزبر والبينات ، فعلموها وفهموها، غاي نتبع اراء اليهود والنصارى.
*** راي الشيعة: روى الشيخ الكليني في (الكافي)عن أبي جعفر الباقر{ع} في قول الله عزّ وجلّ:( فَاسأَلُوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لاَ تَعلَمُونَ )قال رسول الله (ص) (الذكر أنا ,والأئمّة أهل الذكر، وقوله عزّ وجلّ: ( وَإِنَّهُ لَذِكرٌ لَكَ وَلِقَومِكَ وَسَوفَ تُسأَلُونَ ) (الزخرف:44ثم قال(نحن قومه ونحن المسؤولون) اسال محمد بن مسلم الامام الباقر{ع}: إِنَّ مَنْ عِنْدَنَا يَزْعُمُونَ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ أَنَّهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ؟ فقَالَ :الإمام الباقر ( ع) : ” إِذاً يَدْعُونَكُمْ إِلَى دِينِهِمْ ” .ثم ان الامام اشار بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ وقال : ” نَحْنُ أَهْلُ الذِّكْرِ ، وَ نَحْنُ الْمَسْئُولُونَ ” وهناك عشرات الاحاديث كلها تبين ان الذين اشار اليهم القران هم محمد وال محمد{ص} وقد اكد النبي {ص} في خطبة الوداع قال: إنّي أُوشكُ أن أُدعى فأُجيب، وإني تاركٌ فيكم الثَّقَلَين، كتابَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وعِتْرَتي، كتاب الله حَبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أَهْلُ بيتي، وإن اللطيف الخبير أَخبرني أَنهما لَن يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوض، فأنظروني كيف تَخلُفُونِي فيهما..ــــ
بعد هذه الجولة من البيان نعود الى الآية 27 من سورة البقرة حول قوله {ما بعوضة} التي اختلفوا في تأويلها كما بينا . هناك رواية لطيفة عن عبد الله ابن عباس قال : كان عمر يدخلني اثناء جلسات أصحاب النبي{ص} فأكون ضمنهم :فقال له عبد الرحمن بن عوف أتدخله ولنا بنون مثله ؟ أي من عمره .!! فقال له عمر : إنه من حيث تعلم . يعني هذا الصغير عالم فأسالوه.. فسألني عن الآية : إذا جاء نصر الله والفتح فقلت :هذه باطنها تعني { جاء أجل رسول الله “ص” أعلمه الله إياه ، وقرأها} ومعنى كلمة الفتح لغويا تعني بقاء الفكر بعد موت الشخص.. فكانت الجملة تعني انت بلغت وقد قرب اجلك ولكن سيبقى فكرك بعد موتك..هذه تذكرنا بكلمة الحسين{ع} حين قال [ من تبعنا استشهد ومن لم يتبعنا لم يدرك الفتح] ثم قال عمر لعبد الرحمن بن عوف : والله ما أعلم منها إلا ما تعلم ، هنا ظاهر السورة أن الله أمر نبيه أن يسبح بحمد ربه ويستغفره إذا نصره الله وفتح عليه مكة وبقية المناطق في الجزيرة العربية ، وباطنها أن الله نعى للنبي {ص} إليه نفسه . بينما الاية الكريمة فيها مفهوم فكري يحتاج ان نتماشى مع منطوق الآية . أي ان الاسلام ثبت وسيبقى .. وورد نص قراني اخر نزل في حجة الوداع بقوله : { اليوم يأس الذين كفروا من دينكم . فلا تخشوهم واخشوني اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} واتمام النعمة باطن الآية هي ولاية الامام علي{ع}.
هناك راي للرازي, يتبناه جمهور المسلمين ان قوله تعالى: ” إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضةً فما فوقها “. قال الرازي: هذا مثل ضربه الله للدنيا, إن البعوضة تحيا وتعيش ما جاعتْ, فإذا اكلت وسمنت ماتتْ. كذلك بعض الناس ضرب الله لهم المثل في القرآن: إذا امتلأوا من الدنيا نعمة أخذَهم الله عند ذلك.[ هذا الراي لا يصمد امام النصوص التي جاءت بعد كلمة البعوضة ].ثم كيف يرزق الله الناس بالخير ثم يعذبهم ويأخذهم ويهددهم .دليلنا بعدم صحة المعنى انظر لما بعد كلمة بعوضة تقول: فما فوقها ثم تبين معنى عظيم فتقول: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا}اصلا الخطاب غير موجه لأهل الدنيا . بل حصره الله بالذين امنوا .بدليل انه قال:ـ فيعلمون انه الحق ـ وكلمة الحق من اسماء الله الحسنى.
الراي الثاني : للمذاهب الاسلامية: عن قتادة، قال: ” إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها “، أي إن الله لا يستحيي من الحق أن يذكرَ شيئًا ما قل منه أو كثر. لإن الله ذكر في كتابه الذباب والعنكبوت والبقرة..فقال أهل الضلالة: ما أراد الله من ذكر هذا؟ فأنـزل قوله: ” إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها “. على ظاهر الآية إن الله لا يستحي الحياء يوصف به الرب جل وعلا، ورد في قصة : أن ثلاثةً دخلوا المسجد والنبي{ص} يحدث الناس، فجاء أحدهم فجلس يستمع، والثاني جلس خلفهم، والثالث خرج، فلما فرغ النبي{ص} من حديثه ، قال: ألا أنبئكم بشأن الثلاثة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: أما أحدهم فآوى فآواه الله أي جلس، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه، وهو الذي جلس خلفنا .أما الثالث أعرض فأعرض الله عنه، ما علاقة المثل بالحديث..؟.
**أمّا قوله:( إِنَّ الله لاَ يَستَحيِي أَن يَضرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّهِم وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ) قال الصادق (ع) ان هذا القول رد على من زعم انّ الله تبارك وتعالى يضل العباد ثم يعذبهم على ضلالتهم فقال الله عزّوجلّ:( إِنَّ الله لاَ يَستَحيِي أَن يَضرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوقَهَا) وعن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله(ع): أن هذا المثل ضربه الله لأمير المؤمنين (ع) فالبعوضة أمير المؤمنين وما فوقها رسول الله _ الدليل على ذلك قوله:( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّهِم), يعني أمير المؤمنين كما أخذ رسول الله(ص) الميثاق عليهم له:( وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً ) فرد الله عليهم فقال:( وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهدَ اللَّهِ مِن بَعدِ مِيثَاقِهِ) والذين الخذ الله على المؤمنين ميثاقهم- في علي ـ ع – وَيَقطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وهو ولاية أمير المؤمنين (ع) والأئمّة (ع) – وَيُفسِدُونَ فِي الأَرضِ أُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ) (البقرة:26ـ27) (تفسير القمي 1:34)…لو تأملنا في الروايتين عن الإمام الصادق (ع) وحاولنا أن نفهمهما بالمقارنة نستكشف وجود رابط بين قول الإمام (ع) في الرواية الأولى: (ان هذا القول من الله عزّوجلّ رد على من زعم أن الله تبارك وتعالى يضل العباد.) وبين قوله (ع) في الرواية الثانية: (انّ هذا المثل ضربه الله لأمير المؤمنين (ع) فالبعوضة أمير المؤمنين(ع) نجد ان هناك إشارة لاعتراض قوم في زمن رسول الله (ص) على قضية فيها أخذ ورد وقبول ورفض واعتراض على الله من أن هذه القضية تدفعنا إلى طريق الضلالة وان هذه الضلالة سببها الله لأنه هو مصدر القضية إشارة لارتباطها بعلي بن أبي طالب{ع}، وان المثل ضرب من أجله وان الله يقرع من يعترض على هذه القضية..ثم التأكيد على أن الحق عند المؤمنين وما يضل به إلا الفاسقين.
((ما فعله بعض شيعة أهل البيت (ع)) جاء في تفسير الإمام العسكري (ع) في رواية طويلة عن الإمام الباقر (ع) ان بعض الشيعة سألوه بقولهم:إن بعض من ينتحل موالاتكم يزعم أن البعوضة علي (ع) وان ما فوقها هو الذباب – محمد (ص)؟ فقال الباقر (ع): (سمع هؤلاء شيئاً (و) لم يضعوه على حقيقته, {إنّما كان رسول الله (ص) قاعداً ذات يوم هو وعلي (ع)). إذ سمع قائلاً يقول: ما شاء الله وشاء محمد, وآخر يقول: ما شاء الله وشاء علي, فقال رسول الله (ص): لا تقرنوا محمدا و(لا) علياً بالله ولكن قولوا: ما شاء الله ثم (شاء محمد ما شاء الله ثم) شاء علي. لان مشيئة الله هي القاهرة التي لا تساوى ولا تكافأ ولا تدانى وما محمد في (دين) الله وقدرته إلاّ كذبابة تطير في هذه الممالك الواسعة, وما علي (ع) في (دين) الله وفي قدرته إلاّ كبعوضة في جملة هذه الممالك مع أنّ فضل الله تعالى على محمد وعلي هو الفضل الذي لا يفي به فضله على جميع خلقه من أول الدهر إلى آخره). هذا ما قال رسول الله (ص) في ذكر الذباب والبعوضة في هذا المكان فلا يدخل في قوله: (( إِنَّ الله لاَ يَستَحيِي أَن يَضرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً )) (تفسير الإمام العسكري: 210).بهذه الرواية نعلم ان المثل ضربه النبي (ص) لتوضيح القدرة الإلهية, وليس له علاقة في ظاهر الحال بالآية ولكن بعض الموالين اشتبه عليه الأمر وتواردت إلى ذهنه الآية الكريمة فلم يضع الحديث على حقيقته كما وردت الإشارة إليه في تفسير القمي.
وأمّا تفسير الآية وعلاقتها بولاية علي (ع) فهو ما أشارت إليه الرواية المروية في (البحار)هي رواية طويلة ذكر سندها ابن جعفر النعماني في كتابه في تفسير القرآن: عن فلاف عن فلان عن جعفر الصادق (ع) قال: (سأل أمير المؤمنين{ع} شيعته عن مثل هذا فقال: ضمن بيانه لمعنى الهدى في القرآن -: وأمّا معنى الهدى فقوله عز وجلّ:( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَومٍ هَادٍ)معنى الهادي هاهنا المبين واشار لنفسه. ثم قال: احتج قوم من المنافقين على الله تعالى:( إِنَّ الله لاَ يَستَحيِي أَن يَضرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوقَهَا ) وذلك أن الله تعالى لما أنزل على نبيه (ص): فقال طائفة من المنافقين (مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ.).ونسب الضلال الى ذاته المقدسة لما يعلم فيهم من انحراف عن الحق وولاية ال محمد{ص}.لذلك خالفوه في كثير من المواضع مع علمهم بقوله (ص) وهو قول الله: (لا تصلوا عليَّ صلاة مبتورة إذا صليتم علي بل صلّوا على أهل بيتي ولا تقطعوهم مني, فإن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي) ولما خالفوا الله تعالى ضلوا وأضلوا فحذر الله تعالى الأمة من اتباعهم .
(قال): وقال الباقر (ع): (ألا ومن سلـّم لنا ما لا يدريه, ثقة بأنا محقون عالمون لا نقف به إلاّ على أوضح المحجات, سلم الله تعالى إليه من قصور الجنة أيضاً ما لا (يعلم قدرها هو) خالقها وواهبها, ومن ترك المراء والجدال واقتصر على التسليم لنا, وتحمل الأذى فينا ..حبسه الله على الصراط فجاءته الملائكة تجادله على أعماله وتحاسبه على ذنوبه فإذا النداء من قبل الله :يا ملائكتي عبدي هذا لم يجادل وسلـّم الأمر لأئمته, فلا تجادلوه وسلموه في جناني إلى أئمته يكون متبجحاً فيها, بقربهم كما كان مسلـّماً في الدنيا لهم.
أمّا من عارضنا بلم؟ وكيف؟ ولماذا ونقض الجملة بالتفصيل, قالت له الملائكة على الصراط: وافقنا يا عبد الله, وجادلنا على أعمالك كما جادلت في الدنيا الحاكين لك(عن) أئمتك, فيأتيهم النداء: صدقتم بما عامل فعاملوه, ألا فواقفوه, فيواقف ويطول حسابه ويشتد في ذلك الحساب عذابه, فما أعظم هناك الندامة, وأشد حسراته, لا ينجيه هناك إلاّ رحمة الله إن لم يكن فارق في الدنيا جملة دينه وإلاّ فهو في النار أبد الآباد). قال الباقر (ع): (ويقال للموفي بعهوده في الدنيا في إيمانه ومواعيده: يا أيتها الملائكة وفى هذا العبد في الدنيا بعهوده فأوفوا له هاهنا بما وعدناه وسامحوه ولا تناقشوه فحينئذ تصيره الملائكة إلى الجنان, وأما من قطع رحمه فإن كان وصل رحم محمد (ص) و قطع رحم نفسه شفع أرحام محمد (ص) له إلى رحمه, وقالوا (له): لك من حسناتنا وطاعاتنا ما فيعطونه منها ما شاء فيعفو عنه ويعطي الله المعطين ما لا ينفعهم ولا ينقصهم وان وصل أرحام نفسه وقطع أرحام محمد (ص) بأن جحد حقوقهم ودفعهم عن منزلتهم وسمى غيرهم بأسماء ولاته قيل له: يا عبد الله اكتسبت عداوة آل محمد الطهر أئمتك لصداقة هؤلاء, فاستعن بهم الآن ليعينوك, فلا يجد معيناً ولا مغنياً ويصير إلى العذاب الأليم المهين).
عن النبي (ص) قال: “كأني أنظر إلى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور عن يمينها سبعون ألف ملك وعن يسارها سبعون ألف مسلك وبين يديها سبعون ألف ملك وخلفها سبعون ألف ملك تقود مؤمنات أمتي إلى الجنّة، فأيما امرأة صلت في اليوم والليلة خمس صلوات، وصامت شهر رمضان، وحجت بيت الله الحرام، وزكت مالها، وأطاعت زوجها، ووالت علياً بعدي دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة” عن الصادق (عليه السلام) قال: “قال جابر لأبي جعفر : جعلت فداك يــا ابـن رسول الله حدثني بحديث في فضل جدتك فاطمة إذا أنا حدثت بـه الشيعة فرحوا بذلك. قال أبو جعفر : حدثني أبي عــن جـدي عــن رسول الله (ص) قال: إذا كان يوم القيامة… ينادي المنادي ]مناد] وهـو جبرئيل أين فاطمة بنت محمد ؟… فيقول الله : يا بنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حب لك أو لأحد من ذريتك خذي بيده فأدخليه الجنّة. قال أبو جعفر : والله يا جابر إنّها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيّد من الحب الردي …”.
– عن ابن عباس قال: سمعت أمير المؤمنين (ع) يقول: “دخل رسول الله (ص) ذات يوم على فاطمة وهي حزينة، فقال : ما حزنك يا بنية؟ قالت: يا ابة ذكرت المحشر … قال: يا بنية انه ليوم عظيم ولكن قد اخبرني جبرئيل عن الله عزوجل قال: يقول جبرئيل: يا فاطمة سلي حاجتك فتقولين: يا رب شيعتي، فيقول تعالى: قد غفرت لهم، فتقولين: يا رب شيعة ولدي، فيقول الله: قد غفرت لهم، فتقولين: يا رب شيعة شيعتي، فيقول الله: انطلقي فمن اعتصم بك فهو معك في الجنّة، فعند ذلك يود الخلائق أنّهم كانوا ،فاطميين، فتسيرين ومعـك شـيعتك وشيعة ولدك وشيعة أمير المؤمنين آمنين، قد ذهبت عنهم الشدائد وسهلت لهم الموارد، يخاف الناس وهم لا يخافون، ويظمأ الناس وهم لا يظمأون ….”
يوم القيامة توقف الزهرا الزكيّه…أوتبدي شکايتها إلى ربّ البريّه تبدي الشكايه والخلایق يسمعوها.. .أوترفع المحزونه رباعيّة أبوها
أوثوب الحسن وذيك العمامه خضّبوها…أوترفع قميص اللي انذبح بالغاضرية //// توقف ابهالحاله أوتصبّ الدمع مهتون…والا ابخدیجه أومريم العذرا اینادون اخذي جنينك يا عزيزة سيّد الكون…أوتتناول المحسن ابكفّها الهاشميّه///اتصيح أوتنادي والدمع بالخدّ مذروف…والا ابساره أوآسيه من حولها أوقوف ؟ //ويناولون أم الايمّه طفل ملفوف…ذاك الرضيع اللي انذبخ بالغاضريّه//تجذب الونّه والملايك حولها أوقوف…في وين أبو السجّاد والعباس اباشوف/// ساعه أولنّ عباس جاي الها بلا اكفوف…بس تنظره اتنادي يبو النفس الأبيّه///ما قصّرت يا نور عيني يوم لطفوف…بعت العزيزه الروح بين أرماح وسيوف /// لكن بنشدك يالولد في وين لكفوف…في الحال يخبّرها أويقلّها یا زکیّه /// يوم الذي دارت بي اصفوف الأعادي…طاحت اكفوفي أولا دريت ابأيّ وادي/// أولى اليوم یا زهرا بقيت ابغير أيادي…أوتطلع الزهرا اکفوف عبّاس الشفيّه //هذي اكفوفك يالولد یا وافي الباس…لكن بنشدك وين أبو سكنه يعبّاس////أولاّ الشهيد احسين جاي الها بلا راس…يحكي من المنحر أوراسه في يديه ///بس تنظره اتنادي أومنها اتصعِّد انفاس…وتقبّل المظلوم نوب أونوب عباس /// وتصيح يبني تندفن جثّه بلا راس…أوراسك يشيلونه ابراس السمهریّه…..
الشيخ عبد الحافظ البغدادي