بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ”} ( الأحزاب 4)
ابتدأت الآية الكريمة بقوله تعالى ” وما جعل ” فما معنى الجعل …؟ بعض المفسرين يقولون ان الجعل هو نوع من أنواع الخلق , وهذا غير دقيق .. لان هناك معنيين لكلمة جعل .
الأول معناه { صير } وصير تعني ” نقَل الشيء من وَضْع إلى وضع آخَر ومن حال إلى حالٍ أُخْرى.” مثلا ” صيَّرتِ الحرارةُ الثَّلجَ إلى ماء : حوَّلتْهُ وغيَّرتْهُ من صورة أو حالة إلى أخرى… صيَّر الحديدَ سيفا , أي حول الحداد الحديد فصيره سيفا ” فكلام الله من خلال الجعل صار مفهوما لدى المستمع , ” إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ” صيرناه عربيا كي تفهموه .. هنا فهمناه بلغتنا من خلال الجعل .. وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ ….
الشيعة تقول: نزلت في الأئمّة الاثني عشر(ع)، والسُنّة تقول: نزلت في بني إسرائيل؛ لأن سبقتها الآية: ﴿ وَلَقَد آتَينَا مُوسَى الكِتَابَ فَلا تَكُن فِي مِريَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسرَائِيلَ ﴾..
***المبحث الأوّل: ﴿ وَجَعَلنَا مِنهُم ﴾ .. فالإمامة أمر مجعول يعني صيرناهم وهذا من الله , لا من السقيفة! والقرآن يعطي هدايته لجميع الناس , والعلماء والواعون يفهمون هدايته, ولا ذنب للقرآن إذا لم يهتد به غلاظ القلوب والجهلاء .. عندما ندرس أصحاب المستويات العالية نجدهم بعد أن يستكملوا مراحلهم العلمية يعودون إلى مطالعة القرآن،فتكون مطالعة غير هذه القراءة العادية المعروفة. هذه الآية في مطلق الإمامة وليست في الإمامة المطلقة؛ لأنّها في إمامة عدد من أئمّة بني إسرائيل, ومع ذلك لا يصحّ (فيهم جعل البشر,) بل لا بدّ من جعل الله . وإذا كان هذا حال مطلق الإمامة, فكيف بالإمامة المطلقة بعد خاتم الأنبياء والرسل(ص)؟! إنّ إمامة أئمّتنا المعصومين(ع)، وإمامة صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه، إمامة مطلقة, وليست مطلق إمامة, والفرق بينهما كبير.
المبحث الثاني: ﴿ وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً ﴾ .. (من) هنا للتبعيض؛ فالذين يصلحون لهذا المنصب الإلهي هم: بعض المؤمنين مع الرسل, وليسوا كلّهم. المبحث الثالث: في بيان أصل الإمامة. والمبحث الرابع: يظهر فضل الأئمة لأنهم صبروا وأنهم يوقنون بكتاب الله ورسالته .فصيرهم الله تعالى أئمة بالجعل .”إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً” هنا خلقنا ثم صيرناه سميعا بصيرا.
***أما القسم الثاني من الجعل فهو ..َ بمعنى خَلَق بنظام وقانون خاص بين المخلوقين .. قوله تعالى: ” الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً َ” هنا خلق الإنسان ثم خلق السماوات وجعل علاقة وقانون الحياة وقوله تعالى: “الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ” هنا خلق الله الناس ومن أعظم آياته ان خلق نظام الزوجية ذكر وأنثى , ثم جعل بينهم ضمن صيرورة الخلق جعل مودة ورحمة . كي يكون بينهم سكن ومحبة ومودة.. وهكذا .. فالجعل مع القانون في الخلق ليكون العالم ضمن نسق ورعاية الله .. ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه “…..
*** ظهرت امرأة شبه عارية في فلم على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن القران , تقول أنا تركت الإسلام وأصبحت مسيحية , وتبين عندها ان الإسلام ليس فيه إنسانيه كونه لا يبيح التبني وهذا يثبت { كما تقول } إن الإسلام لا يصلح دينا للإنسانية … تعليق على كلام المرأة المحترمة , إنها مسيحية بالأصل وكلامها ضد التبني ونشره على الفيس بوك وهو جزء من الحرب الناعمة ..
*** أسباب نزول الآية :… نزلت الآية لتلغي نظاما كان سائدا في الجاهلية وعند العرب ان المتبني يعتبر ابنا للمتبني مساويا لابنه الصلبي ..! وبما ان زوجة الابن تحرم حرمة مطلقة على أبيه , كذلك زوجة المتبني تحرم على من تبنى زوجها .. فجاءت الآية لإلغاء هذا النظام , وخير من يقتحم هذه العقبة هو تكليف رسول الله {ص} ..أي الغاء نظام قديم وتأسيس نظام جديد ..
ولد زيد بن حارثة بن كعب قبل الهجرة النبوية بثلاثة وأربعين سنة في ديار قومه بني كلب أما أمه فهي من طي .. تعرض زيد للأسر وهو غلام صغير اختطفته بنو القين بن جسر قبل الإسلام، حين أغارت على ديار أهل أمه وكان معها في زيارة لأهلها، فباعوه في سوق عكاظ،, فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد بأربعمائة درهم., فلما تزوجها النبي{ص}وهبته له… يعني يوم بعث النبي كان عمره 30 ثلاثون سنة .. ومر زمن، وحج أناس من قبيلته كلب، فرأوه فعرفهم وعرفوه، ثم عادوا وأخبروا أباه بمكانه، فخرج أبوه حارثة وعمه والتقوا النبي محمد وطلبوا فدائه، فدعاهما إلى تخيير زيد نفسه إن شاء بقي، وإن شاء عاد مع أهله دون مقابل. .. وقال له: «فأنا من قد رأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما»، فقال زيد: «ما أختار عليك أحدًا. أنت مني بمكان الأب والأم»، فتعجّب أبوه وعمه وقالا: «ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك؟!»، قال: «نعم. إني رأيت من هذا الرجل شيئًا ما اختار عليه أحدًا ، فلما رأي النبي محمد منه ذلك، خرج به إلى الحِجْر، وقال: «يا من حضر اشهدوا أن زيدًا ابني أرثه ويرثني». فلما رأى ذلك أبوه وعمه اطمأنا وانصرفا. فصار زيد يُدعي «زيد بن محمد»،..هذه الحادثة في مكة قبل الهجرة …
لما دعا النبي{ص} دعوته إلى الإسلام، كان زيد من السابقين للإسلام، فكان إسلامه بعد خديجة بنت خويلد وعلي بن أبي طالب عليهما السلام .. وهو أول الموالي إسلامًا. , وصحب زيد النبي {ص} إلى أن أمره بالهجرة ,فهاجر ,ولما آخى النبي محمد بين أصحابه، آخى بين زيد بن حارثة وحمزة بن عبد المطلب، وقيل بينه وبين أسيد بن حضير.. وشهد غزوة بدر، هو الذي كان البشير إلى المدينة المنورة بالنصر. ثم شارك بعدها في غزوات أحد والخندق وخيبر، وشهد صلح الحديبية، كما استخلفه النبي محمد على المدينة حين خرج إلى المُرَيسِيع، وعُرف عنه أنه من الرُماة المهرة… وقد له رايات عديدة كان آخرها غزوة مؤتة، وكان القائد الأول على ثلاثة آلاف مقاتل من المسلمين ضد الروم والغساسنة , أوصى المسلمين (إن قُتل فجعفر ,فعبد الله بن رواحة فانه قتل فزيد بن حارثة »، وقد صدق النبي {ص}، حيث قُتل زيد في المعركة طعنًا بالرماح،سنة 8 هـ، وكان عُمره يوم قُتل 55 سنة…
*** زواجه من زينب بنت جحش وإبطال التبني:. لما تبنّى النبي {ص} زيدًا، كان أهل مكة يدعونه «زيد بن محمد»،فزوّجه من ابنة عمته زينب بنت جحش. ثم طلّقها زيد لعدم انسجامهما وكانت تنظر اليه انه من سبي وانه بيع كعبد وهي بنت قريش وامها من بني هاشم .. وكان هناك عرف سائد ان زوجة المتبنى لا يحق لمن تبنا رجلا ان يتزوج زوجته ,, وقد اخبر جبرائيل رسول الله {ص} بذلك والنبي ابن بيئة عربية وقرشية ويعرف ما ستلوكه الألسن .. فكان يوصي زيد ان لا يطلقها ويتريث , ولكن محاولاته لم تجدي نفعا بينهم .. فنزل جبرائيل بالاية الكريمة :” وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا”.. فأبطلت الآية الحرج الذي كان يتحرجه أهل الجاهلية من أن يتزوج الرجل زوجة دعيُّه، …
هذا قانون جديد يلغي قانون كان سائدا عند العرب , فانزل الله تعالى الآية التي تبطل وتمنع إلحاق المتبني بالأب غير الشرعي .:” وما جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ” ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ } .. فأبطلت التبنّي باي شكل من الاشكال .. فدُعِيَ يومئذ زيد بن حارثة، ودُعي المقداد بالمقداد بن عمرو وكان يقال له قبل ذلك المقداد بن الأسود، وكان الأسود الزُهري قد تبناه،… وهكذا دعي الأدعياء إلى آبائهم. قال احد الصحابة ,: «ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد. فنزلت ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله»،إلا أن زواج النبي محمد من زينب بنت جحش كان مدعاةً لتلاسن بعض أهل المدينة من المنافقين وطعنوا في الزواج، وقالوا: «محمد يُحرّم نساء الولد، وقد تزوج امرأة ابنه زيد»، فنزلت آية) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ).
*** ما هي قصة زيد بن حارثة وزواجه من زينب التي تزوجها بعده النبي{ص} كيف بدأ زواجهم، وكيف انتهى؟ حيث تعرض النبي {ص} لهجوم لاذع بسبب هذا الزواج ..
قلنا ان زيد ابن حارثة كان مولى رسول الله {ص} وقد أعتقه وتبناه، فكان يدعى زيد بن محمد، حتى أنزل الله قوله: ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ فدعوه زيد بن حارثة .أما زينب فهي بنت رياب الأسدية، وأمها أميمه بنت عبد المطلب، عمة رسول الله{ص} وقصة زواج زيد بزينب، إن رسول{ص} هو الذي تولى ذلك له؛ لكونه مولاه ومتبناه، فخطبها من نفسها على زيد، فاستنكفت وقالت: أنا خير منه حسبًا، فروي أن الله أنزل في ذلك قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا } فاستجابت طاعة لله وتحقيقًا لرغبة رسوله وعاشت مع زيد حول سنة، ثم وقع بينهما خلاف فاشتكاها لرسول الله {ص} لمكانتهما منه، فإنه مولاه ومتبناه، وزينب بنت عمته أميمه، وكان زيد عرَّض بطلاقها فأمره النبي{ص} بإمساكها والصبر عليها، مع علمه بوحي من الله أنه سيطلقها وستكون زوجة له..
لكنه خشي أن يعيره الناس بأنه تزوج امرأة ابنه، وكان ذلك ممنوعًا في الجاهلية، فعاتب الله تعالى نبيه في ذلك بقوله: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ يعني – والله أعلم -: تخفي في نفسك ما أعلمك الله بوقوعه من طلاق زيد لزوجته زينب وتزوجك إياها؛ تنفيذًا لأمره تعالى، وتحقيقًا لحكمته، وتخشى قائله الناس وتعييرهم إياك والله أحق أن تخشاه، فتعلن ما أوحاه إليك من تفصيل أمرك وأمر زيد وزوجته زينب دون مبالاة بقالة الناس وتعييرهم إياك. وتزوجها النبي {ص} فقد خطبها بعد انتهاء عدتها . وأبطل الله بذلك عادة التبني الجاهلي، وأحل للمسلمين أن يتزوجوا زوجات من تبنوه بعد فراقهم إياهن بموت أو طلاق؛ رحمةً منه تعالى بالمؤمنين، ودفعًا للحرج عنهم، وأما ما يروى في ذلك من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم زينب من وراء الستار، وأنها وقعت من قلبه موقعًا بليغًا، ففتن بها وعشقها وعلم بذلك زيد فكرهها وآثر النبي صلى الله عليه وسلم بها فطلقها ليتزوجها بعده – فكله لم يثبت من طريق صحيح، والأنبياء أعظم شأنًا، وأعف نفسًا، وأكرم أخلاقًا، وأعلى منزلة وشرفًا من أن يحصل منهم شيء من ذلك، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي خطبها لزيد رضي الله عنه، وهي ابنة عمته، فلو كانت نفسه متعلقة بها لاستأثر بها من أول الأمر، وخاصة أنها استنكفت أن تتزوج زيدًا ولم ترض به حتى نزلت الآية فرضيت، وإنما هذا قضاء من الله وتدبير منه سبحانه؛ لإبطال عادات جاهلية،.
*_*_*_* رأي الإسلام في موضوع التبني ..!! الإسلام يشجع كثيرا على رعاية اليتيم وكفالته والاهتمام به .. أيهما أفضل كفالة اليتيم او التبني الذي يروج له في عالم الإنسانية المعذبة .؟.يقول الرسول {ص} :” انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ” ورفع أبهامه والسبابة ” ..
ــــــــــــــــــــالكفالة والتبني والفرق بينهما…دينياً، حياتياً، وإنسانياً.. دائماً ما يتم خلط المفاهيم في الحديث عن هذه المصطلحات. الكثير من الأشخاص لا يميزون الفرق الجوهري بين الفعلين وغالباً ما يكون ذلك بسبب التضليل الذي يُمارس لأهداف ضد الدين عادةً ليظهروا إن دينهم إنسانيا , ودين غيرهم غير أنساني , كأنه دينهم نزل من السماء ودين غيرهم خرج من تخوم الأرض …..!!!
أولا :… تعريف كفالة اليتيم: الكفالة هي المصلحة والاهتمام بشخص محتاج سواء كان بسبب اليتم أو الفقر أو بسبب آخر . فيقوم الكفيل بتأمين مأكل وملبس وأحياناً سقف ومأوى لهذا الشخص. وغالباً ما يكون المأوى هو دار الأيتام أو جمعيات خاصة تهتم بالمحتاجين. قد يصاحب الدعم المادي دعم معنوي وعاطفي كاصطحاب الطفل في نزهات ومشاركته فرحة العيد ومناسبات أخرى ليشعره أن هناك من يسأل عنه ويهتم به…… ولكن في أغلب الأحيان الكفالة تكون مجرد أوراق بين دار الأيتام والكفيل حيث يقوم الكفيل بدفع المال للدار دون أي تواصل شخصي مع المكفول. (الكفالة قد تكون للكبار أيضا لكنها نادرة اجتماعيا وليس موضوع المقال) يعني الكبير بدون رعاية يهتم به الإسلام { دار رعاية الكبار }..
وقصة مريم في القران يقول تعالى :﴿َمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ َ﴾ أي أنكِ لم تكن حاضراً حينذاك.بل جاءك الخبر عن طريق الوحي. وأُمّ مريم بعد أن وضعتها لفّتها في قطعة قماش وأتت بها إلى المعبد وخاطبت علماء بني إسرائيل وأشرافهم بقولها : هذه المولودة قد نُذرت لخدمة بيت الله، فليتعهّد أحدكم بتربيتها. اذن دين المسيحية لا يتبنى بل يتكفل بالرعاية .. ولم تسجل باسم زكريا.. وضعتها عند الأحبار أبناء هارون، فقالت: دونكم هذه المنذورة، فتنافسوا فيها لأنها بنت إمامهم وصاحب قربانهم، فقال زكريا: أنا أحقّ بها لأن خالتها عندي، فقالوا لكنا نقترع عليها، فألقوا أقلامهم في نهر جار قيل هو نهر الأردن، فألقوا فيه أقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة، فارتفع قلم زكريا فوق الماء، ورسبت أقلامهم، فأخذها وكفلها وضمها إلى خالتها أم يحيى، واسترضع لها حتى كبرت،
//////// أما التبني: التبني يختلف كلياً عن الكفالة، فالدولة الغير دينية { المدنية } تضع قوانين التبني. لعدة أسباب .. منها عدم قدرة عائلة ما على الإنجاب … أو التبني من أجل المساعدة الإنسانية، في الحالتين المستفيد هو الطفل الذي يبحث عن عائلة. عند التبني يُنسب الطفل قانونياً إلى العائلة ويأخذ اسمها، كما يُعامل كأحد الأطفال البيولوجيين. هناك قوانين وانظمة صارمة موجوده في كل قوانين ومحاكم العالم ومنها الإسلامية , ولكن قوانين الدول الإسلامية غير مستوفية الشروط الإسلامية ..ولكن هذه القوانين غايتها تحقيق التبني لمصلحة الطفل المادية .. ولتأمين راحته واحتياجاته ثم ما يلحقه من ، السمعة الحسنة، والوضع النفسي للأهل.. كما تستطيع المحكمة أن تكسر عقد التبني في حال حصل أي تجاوز على حقوق الطفل. … هذا ضمن قوانين الدول المختلفة …
***** أما التبني بالشريعة : يعني نظرة الدين .. لا خلاف على كفالة اليتيم دينياً، في أغلب الأديان مساعدة المحتاج هو شيء سامي وعمل يشجعه الدين أو حتى يفرضه. ولكن بعنوان كفالة .. ولكن الفرق والخلاف هو في التبني , حيث بنسب الطفل إلى العائلة. والإسلام قد يكون الدين الوحيد الذي يحرم التبني , لأسباب تتعلق بالنسب… واغلب القوانين التي تبيح التبني وتسجيل الطفل باسم العائلة لا تهتم بالنسب وربما تغض الطرف عن كثير من الأمور الاجتماعية , وما يتعلق بالإنجاب الشرعي . وحين يأتي الطفل بأي طريقة يتم إعطاءه اسما ويدخل دار رعاية وروضة ومدرسة .. الإسلام تختلف نظرته ..
***** الإسلام شجع على الكفالة والرعاية لكن دون النسب، أي أن الأم والأخت والعمة والخالة لن تحرم على الطفل لو اراد الزواج منها .. وبهذا لا يمكن للطفل العيش معهم تحت سقف واحد لأن الأم والبنات يجب أن يتستروا أمام الطفل وكذلك لا يمكنهم لمسه بعد بلوغه إذا كان صبياً، كما لا يمكن للأب أن يلمس البنت عند بلوغها وأيضاً عليها أن تحتشم أمامه كما لو كانوا أغرابا. يعني علة تحريم التبني من ناحية الأخلاقية وهي الأساس الأول , هو عفة العائلة ان لا تكون الأم والأخوات في بيت وتحت سقف ووراء باب مغلق مع شاب غريب عنهم مجرد تبنوه . وأعطوه خبزا وطعاما ..
والخبز والطعام لا ينشر الحرمة .. نحن بيننا وبين أبناءنا وبناتنا علاقة متينة اسمها { محارم } فالبنات والأبناء في بيت واحد بعنوان أخت محرم .. والمتبني لو عاش في بيت فهو ليس محرم لا عن الأم ولا عن الأخوات ولا العمات والخالات والجدات .. فيتحقق بالتبني الخلوة المحرمة وما تجر من محرمات أخرى , مثل اللمس وانكشاف ثوب المرأة في بيتها , وظهور شعرها ورقبتها وكل ما يحرم ظهوره عن الأجانب , بعكس ابنها او بنتها .. وكذا الحال لو كانت بنت فهي أجنبية , فتنتشر محرمات الإسلام بالخلوة بالمرأة الأجنبية على رب الأسرة وأبناءه وأقرباءه ..
ــــــــــــ هنا لا بد ان نجري مقارنة بين الكفالة والتبني :… المهم في الموضوع هو تامين مصلحة الطفل والطفلة , ليس كما يشاع من المنظمات المعادية للإسلام , فما هي أوجه الخلاف ومن أكثر مصلحة للطفل المتبنى …؟
الكفالة…..الكفالة تغير حياة الطفل اليتيم أو كريم النسب كثيرا .. تساعد الطفل على تخطي الأزمات المعيشية وتؤمن له العاطفة، تؤمن له عاطفة في وقت هو بأمس الحاجة إلى مال وعاطفة الأم لا يمكن أن تحققها اكبر العوائل ولا منظمات رعاية الأيتام هذا واقع .. { في القران الكريم خطاب للنبي “ص” يبين حاجة الإنسان الفعلية وهي: { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى* وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى* وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى * فقد كنت في رحم أمّك حين توفّي والدك فآويتك إلى كنف جدّك عبد المطلب “سيّد مكّة”. وكنت في السادسة حين توفيّت والدتك، فزاد يتمك، لكنّني زدت حبّك في قلب “عبد المطلب”. وكنت في الثامنة حين رحل جدّك “عبد المطلب”، فسخّرت لك عمّك “أبا طالب”، وليحافظ عليك كما يحافظ على روحه. نعم، كنت يتيماً فآويتك. هنا ملاحظة مهمة .. ان الجاهلية كانوا يتبنون اليتامى وكريمي النسب , ومحمد {ص} يتيم الأبوين , فرعاه جده وعمه , ولم نسمع في التاريخ إنهما تبناه , كما تبنى غيره أدعياء لم يعرفوهم أو أن أصلهم من غير العرب وأدخلوهم بالتبني في نسب العرب كعبد شمس وحرب وصخر وعشرات من رجال مكة .. إلا بني هاشم .. هذا يبين ان هذا البيت كان على دين الحنفية .. ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ الهداية تعني التعليم وهو حق من حقوق الإنسان .. ف لم يكن النبي {ص} على علم بالنبوّة والعلم فانزل الله النور على قلبه ليهدي به الإنسانيّة، وهذا المعنى ورد في قوله تعالى أيضاً:﴿مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا﴾ ..﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ . لقد جعلناك تستأثر باهتمام “خديجة” هذه المرأة المخلصة الوفية لتضع كلّ ثروتها تحت تصرفك ومن أجل تحقيق أهدافك، وساعدتك في تحقيق أهدافك الرسالية الكبرى.
(قال العلامة صاحب كتاب (علم الأنساب)أشار أمير المؤمنين (ع) لما كتب اليه معاوية « انما نحن وانتم بنو عبد مناف » : كتب أليه , ” ليس المهاجر كالطليق ولا الصريح كاللصيق” قال القمي في سفينة البحاران أمية كان غلاماً رومياً لعبد شمس ،فأعتقه وتبناه فقيل أمية بن عبد شمس ، ذلك دأب العرب في الجاهلية ، وكذلك نسب العوام أبو الزبير إلى خويلد ، فبنوا أمية ليسوا من قريش ، وإنما لصقوا بهم .
**** أثارة هذه المسالة لان قانون الولايات المتحدة الأمريكية يسمح بقضايا عديدة تختلف عن واقعنا الاجتماعي , منها الإباحية الجنسية , وزواج المثلية , وجواز عدم رعاية الأبوين من الأبناء ..وعدم ولاية الأب والأم على البنت والولد بعد بلوغهما 18 عاما , ومنها جواز التبني .. فالقانون الأمريكي يربى الطفل من دون معرفة أهله .. تشير الإحصائيات الأمريكية أن 99% من الأطفال الذين تم تبنيهم يعرفون أنهم متبنون قبل عمر الخامسة. وكلهم لا يعرفون آباءهم ولا أمهاتهم .. ويبررون عدم معرفة الأطفال لاباءهم هو إنهم غير محتاجين لعائلتين؟ خاصة إذا كان من الـ1% ممن لا يعرف! كيف سيؤذيه شيء لا يعرف به أصلاً. والحقيقة اليوم هناك شيء اسمه ”شبه تبني“ وفيه تتعهد العائلة التي تريد التبني بإبقاء الطفل على تواصل دائم مع أقربائه البيولوجيين. حين تضع المراة طفلا من عملية غير شرعية تسلمه لمركز ايواء كرماء النسب , فيأتي المتبني ويعرف عنوان الأب أو الأم ..
***** ويبررون لخلط النسب : مؤسسات التبني قانونياً لا يحق لها إخفاء أوراق العائلة البيولوجية وهم الأطفال الذين يعرفون آباءهم ,يكونون على دراية إذا كان لديهم إخوة أو أخوات. لكن لو كان الطفل مجهول الأهل وهو يعيش من دون اسم أو أوراق ثبوتية أو أي شيءٍ من هذا القبيل…؟ فان التبني لن يزيد المشكلة أبداً، فالطفل المجهول الهوية لن يميز عائلته سواء تم تبنيه أم لم يتم وقد يصادف إخوته ويقع في غرامهم , وقد يتزوج أخته أو بنت أخيه …!!!
**** نقد قانون الكفالة في الإسلام :.. يقول علماء الغرب ممن درس قوانين الأديان وأسباب تحريم التبني .. يقولون : الكفالة شيء رائع جداً، لكن التبني أروع الكفالة تؤمن للطفل جميع احتياجاته…لكن التبني يعطيه عائلة هنا نقطة الاختلاف الكبرى بين القانون الغربي وقانون الإسلام .. يقولون :” النقطة الجوهرية، المشكلة الأساسية بتحريم التبني ليست النسب كأوراق، إنما النسب كابن. يقولون يبقى الطفل بحكم الغريب ,هنا نقطة الخلاف المركزية التي تفصل بين الكفالة والتبني، والفرق بينهما كالفرق بين الحديقة الجميلة والجنة. من هنا يلتقي القانونان بالأهداف ولكنهما يختلفان في الأسلوب والطريقة .. فقانون الغرب لا ينظر لجوانب العفة باهتمام , ولكن الإسلام له رأيه في الخلوة والحجاب وجوانب العفة تقبيل الأم للطفل حين يكبر باعتباره ابنها .. وهناك نقطة مهمة أخرى .. لو سجل المتبني الولد او البنت باسمه . فأنها ستدخل في سجل النفوس العائلي , وحين وفاة الأب سيرث من المال الموروث أسوة ببقية الأبناء وهذا ليس من حقه , وحتما سيؤدي لى العداوة والحقد …
ــــــــ **** إذن الفرق بين الكفالة والتبني هو كالتالي : التبني : هو أن يتخذ الرجل يتيماً من الأيتام فيجعله كأحد أبنائه الذين هم من صلبه ويدعى باسمه بينما لا تحل له محارم ذلك الرجل فأولاد المتبني إخوة لليتيم وبناته أخوات له وأخواته عماته وما أشبه ذلك ويرثهم ويرثونه , هذا من فعل الجاهلية الأولى ، حتى أن هذه التسميات لصقت ببعض الصحابة كالمقداد بن الأسود حيث أن اسم أبيه ( عمرو ) ولكنه يقال له ابن الأسود باسم الذي تبناه . كذلك في قصة مشهورة حيث كان زيد بن حارثة يدعى زيد بن محمد ، وكان زوجاً لزينب بنت جحش فطلقها زيد . عن أنس قال : لما انقضت عدة زينب قال رسول الله لزيد بن حارثة : ” اذهب فاذكرها علي فانطلق حتى أتاها وهي تخمر عجينها قال : يا زينب ابشري أرسلني رسول الله يذكرك قالت : ما أنا بصانعة شيئاً حتى أُوامر ربي فقامت إلى مسجدها و جاء رسول الله صلى الله فدخل عليها “.و في هذا أنزل الله قوله : ( و إذ تقول للذي أنعم الله عليه و أنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً) الأحزاب/37 . فتزوجها بموجب هذه الآية ….. رواه مسلم ( 1428 ) عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي{ص} يقول : ” ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادَّعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار ” البخاري ( 3317 ) ومسلم ( 61 ) . ومعنى كفر : أي جاء بأفعال الكفار لا أنه خرج من الدين .لأن فيه تحريم لما أحل الله وتحليل لما حرم .فإن تحريم بنات المتبني مثلاً على اليتيم فيه تحريم للمباح الذي لم يحرمه الله تعالى واستحلال الميراث من بعد موت المتبني مثلاً فيه إباحة ما حرم الله لأن الميراث من حق الأولاد الذين هم من الصلب . ومن المؤكد ان يُحدث هذا الشحناء والبغضاء بين المُتَبنَّى وأولاد المُتبنِّي .لأنه سيضيع عليهم بعض الحقوق التي ستذهب إلى هذا اليتيم بغير وجه حق وهم بقرارة أنفسهم يعلمون أنه ليس مستحقاً معهم .
***** وأما كفالة اليتيم فهي أن يجعل الرجل اليتيم في بيته أو أن يتكفل به في غير بيته دون أن ينسبه إليه ، ودون أن يحرم عليه الحلال أو أن يحل له الحرام كما هو في التبني ، بل يكون الكفيل بصفة الكريم المنعم بعد الله تعالى ، فلا يقاس كافل اليتيم على المتبني لفارق الشبه بينهما ولكون كفالة اليتيم مما حث عليه الإسلام . قال تعالى ) سألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ، وإن تخالطوهم فإخوانكم )
*****عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا – وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً – ” . رواه البخاري ( 4998 ) . ولكن يجب التنبيه على أن هؤلاء الأيتام متى بلغوا الحلم يجب فصلهم عن نساء الكافل وبناته, حتى لا يُصلح من جانب ويُفسد من جانب آخر كما أنه ينبغي العلم بأن المكفول قد تكون يتيمة وقد تكون جميلة تشتهى قبل البلوغ فيجب على الكافل أن يراقب أبناءه من أن يقعوا بالمحرمات مع الأيتام لأن هذا قد يحدث ويكون سبباً للفساد الذي قد يعسر إصلاحه . ثم إننا نحث إخواننا على كفالة الأيتام وأن هذا من الأخلاق التي يندر فعلها إلا من وهبه الله حب الخير والعطف على الأيتام والمساكين ، لاسيما إخواننا في كوسوفو والشيشان فقد لاقوا من الضنك والعذاب ما نسأل الله تعالى أن يفرّج عنهم كربهم و شدائدهم .
ـــــــــــــ من هو اليتيم هل هو ميت الأب او اللقيط باعتباره دون اب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اليتيم ؟ هو الذي فقد أباه فقط ؟.. ولكن ماذا عن اللقيط ومجهول النسب ، ألا يدخل هذا في مسمى اليتيم باعتبار إن أباه وأمه مجرمان بحقه وهما سبب بيتمه رغم وجودهما ؟. فقد كرر القرآن لفظ اليتيم ومشتقاتها أكثر من عشرين مرة ؟ . وقدم الإسلام اليتامى ومجهولي النسب إلى المجتمع ؟ هل قدمهم على أنهم ضحايا القدر ومجرمي المجتمع ، أم أنهم فئة من صميم الأمة ؟ . ومن الذي جلب الإهمال والإذلال لليتيم ، هل هو اليتم نفسه أو انحراف الأبوين ..أم ظلم المجتمع ونظرته له ؟ . لقد طرح القرآن مسألة اليتم ، وكيف ألزم في آياته أوامر شرعية برعاية هذه الأصناف التي قسا عليهم الزمن والمجتمع نفسه وانتشلهم من خلال عنوان كفالة رحيمة وعلاقة صادقة بين اليتيم والمجتمع ؟
موقف القرآن صريح من ُ اليتيم ويمنعه من حقوقه الشرعية .. {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ. وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}
إن هذه السورة الصغيرة ذات الآيات السبع القصيرة تعالج حقيقة ضخمة فهي تبين حقيقة مفهوم ان الدين عبادة وصلاة وصوم فقط . وانتهى .. حيث أصيح المسلم مؤمنا .. هذه السورة {الماعون} تغير النظرة تماما , والعجيب انها ركزت على نقاط ليس لها علاقة بالعبادات .وأمام هذه السورة يجب ان نسال أنفسنا وأننا نتأكد ان هذا الدين ليس مظاهر وطقوس ؛ ولا تغني فيه مظاهر العبادات والشعائر ، ما لم تكن صادرة عن إخلاص لله وتجرد .. والتزام اجتماعي , واكبر عمل اجتماعي هو الالتزام التام بإطعام المساكين والاهتمام بالأمة , وبعكسه يعتبر القران إهمالهم كفرا …
من هنا يعطي القران صورة ناصعة يخرس فيها جميع الألسن التي تقول إن الإسلام ليس فيه إنسانية , وتظهر امرأة سافرة موتورة من الإسلام , تتطاول على الإسلام , تريد أن توحي أن نظام أوربا والدولة المدنية يهتم كثيرا بالأطفال اليتامى , وما ادري هل إنهم قرروا قبل الإسلام حقوق اليتيم .. هذه السورة نصا . ( أرأيت الذي يكذب بالدين ؟ فذلك الذي يدع اليتيم ، ولا يحض على طعام المسكين ) إنها تبدأ بالاستفهام ا لكل مسلم , (أرأيت الذي يكذب بالدين) من هذا الذي يكذب بالدين ، هنا يقرر القرآن أنه يكذب بالدين .. وإذا الجواب : (فذلك الذي يدع اليتيم . ولا يحض على طعام المسكين )! إن الذي يكذب بالدين هو الذي يدفع اليتيم عن حقه .. هُوَ الَّذِي يَقْهَر الْيَتِيم وَيَظْلِمهُ حَقّه وَلَا يُطْعِمهُ وَلَا يُحْسِن إِلَيْهِ..
يهين اليتيم ويؤذيه . والذي لا يحض على طعام المسكين ولا يوصي برعايته . فلو صدق بالدين حقا ، او استقر التصديق في قلبه ما كان يدع اليتيم ، وما كان يحض على طعام المسكين . الحظ : هو نصيبه وما تملكه الإنسان فهو حظه : تملكه بقانون أو حواه بعمل هَذَا مِنْ حَظِّهِ مِنْ نَصِيبِهِ . نقول حظ فلان أفضل من فلان .. ونقول من حسن حَظِّهِ :- : مِنْ حُسْنِ طَالِعِهِ . :- مِنْ سُوءِ حَظِّهِ . أتَمَنَّى لَكَ حَظّاً سَعِيداً .
وقرن الطعام بالصلاة , ( فويل للمصلين ، الذين هم عن صلاتهم ساهون ، الذين هم يراءون ويمنعون الماعون ) هذا وعيد بالهلاك للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون .. فمن هم هؤلاء الذين هم عن صلاتهم ساهون ! إنهم ( الذين يراءون ويمنعون الماعون ) .. إنهم أولئك الذين يصلون ، ولكنهم لا يقيمون الصلاة . الذين يؤدون حركات الصلاة ، وينطقون بأدعيتها فقط ، ولكن قلوبهم لا تعيش معها ، ولا تعيش بها ، وأرواحهم لا تستحضر حقيقة الصلاة وحقيقة ما فيها من قراءات ودعوات , الذين يصلون رياء للناس لا إخلاصا لله . ومن ثم هم ساهون عن صلاتهم ساهون عنها لم يقيموها . والمطلوب هو إقامة الصلاة لا مجرد أدائها . وإقامتها لا تكون إلا باستحضار حقيقتها والقيام لله وحده بها . ومن هنا لا تنشئ الصلاة في نفوس هؤلاء المصلين الذين عن صلاتهم ساهون . فهم يمنعون الماعون .. يمنعون الماعون عن عباد الله . ولو كانوا يقيمون الصلاة حقا لله ما منعوا العون عن عباده ، فهذا هو محك العبادة الصادقة المقبولة عند الله . هذه حقيقة الإسلام القرآني..
.هذه الأسئلة الملحة نجاوب عليها خلال الكلمة التالية
كثيرا ما نسمع عن الآباء الذين فقدوا أطفالهم ، وتقطعت نفوسهم حسرات بموت أولادهم . يتناقل الناس أخبارهم في المجالس والتجمعات ، ويقدمون لهم التعزية , ويواسونهم ويقرئون لهم القران , غايتهم إدخال السلوى الى قلب والد الطفل الميت . ولكن قلما نسمع عن أطفال فجعوا بفقد آبائهم وذاقوا ألم اليتم في ساعات مبكرة من حياتهم .ان يجلس عندهم الكبار ليمرروا أيديهم على رؤوسهم لأنهم فقدوا آباءهم.
++++ هؤلاء اليتامى ومن هم في مثل ظروفهم ، يتغافل كثير من الناس ، شغلتهم أعمالهم وأموالهم , باعتبار ان التعزية للكبير بحكم الصداقة والجوار والمعرفة , ولكن هنا التعزية لليتيم حين يفقد أباه او أمه .. تأتي بحكم الإيمان بالقران , فذلك الذي يدع اليتيم .. وبعدها يذهب كل واحد إلى بيته لينشغل بأعماله وأسرته , ولا يعير احد أهمية لليتيم وأمه هل يأكلون أو لا { هنا تبدأ مأساة المرأة مع أيتامها حينما تكون بلا معيل ولا راتب من الدولة }، في وقت أمر القرآن بإكرامهم وتخفيف معاناتهم ، وبالظروف التي أحاطت بهم وأطفأت الابتسامة من هذه الوجوه الصغيرة .
اليتيم لا نقصد من فقد أباه فقط ، لكن نتعداه إلى كل لقيط من فقد العلم بنسبه ، لأن اليتم ترسخ في النفس ، والمصيبة عليهم أشد . وهذا بسبب العرف الاجتماعي ، ويرى الفقه إلحاق اللقيط ومجهول النسب باليتم ، من باب الأولى لأن الحرمان عند كليهما ظاهر. كما إن الفتوى أكدت أن مجهولي النسب ، هم في حكم اليتيم لفقدهم والديهم .من باب الرعاية الاجتماعية …ويؤيد هذا قوله تعالى في الآية الكريمة : { فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين } . ووجه دلالتها على أن اللقطاء مجهولي النسب هم أحوج من غيرهم إلى الرعاية ، يسميهم القران أخوانكم في الدين ..
هل صحيح إن أبن الزنا يحن إلى الحرام وهو أختار نطفته في عالم الذر . فما ذنبه حتى يعامله الشرع بعدم الصلاة خلفه وكذلك المجتمع المحيط به فينبذونه .أنه ضحية لا ذنب له .الجواب:
في البدء نذكر الرأي الفقهي في حق ابن الزنا , المشهور لفقهاء الأمامية ، فعن السيد الحكيم (رحمه الله) في (مستمسك العروة الوثقى ج1 ص385) (الأقوى طهارة ولد الزنا من المسلمين)، وهو المشهور لم يعرف الخلاف فيها إلا من بعض الفقهاء قالوا بكفره وبعضهم نفى ذلك ..
ومن حيث الأجر والثواب الأخروي فابن الزنا مرهون بعمله إن أحسن فلنفسه، وان أساء فعليها، وهو لا يختلف من هذه الناحية عن غيره من المكلفين في اناطة الدخول إلى الجنة أو النار بالأعمال لا غير…
نعم، هناك جملة من التسآؤلات عما ورد عن بعض الأحكام أو التعليلات المتعلقة بأبن الزنا ، كالقول أنه يحن إلى الحرام ، وهذه المسألة يمكننا أن نفهمها فهماً علمياً من خلال فهمنا عن القوانين السائدة في الحياة , وتعلمون أن الله تعالى خلق الدنيا وأقامها على قانون الأسباب والمسببات، فلا بد لكل قضية من مسبب، ولا يمكن لنا أن نجد في هذه الدنيا سبباً من دون مسبب، فإذا نظرنا إلى الجوانب المادية كخروج النبات من الأرض، فهو لا بد له من سبب أو علّة تامة للإنبات، من الأرض الطيبة، والبذرة الصالحة ، والماء الجاري والهواء المعتدل ، . وهذا كله يعـَدّ ناتجاً طبيعياً لقانون الأسباب والمسببات الذي خلق الله الكون على أساسه. وقد ورد أن النطفة الحرام تفعل في صاحبها والمتخلق منها الأفاعيل ..وأما عدم قبول إمامته في الصلاة، المسألة لا تعدو المجتمع الذي لا يقبل هذه الإمامة لهذا الشخص، فلصلاة الجماعة حكمة وغايات تتنافى والقبول بإمامة أبن الزنا فيها، لذا نهى الشارع عن إمامته في هذا المورد.وأما ما ذكرتموه عن اختيار النطفة في عالم الذر، فلم نجد له مورداً. وأما قولكم أنه ضحية لا ذنب له. فنقول:
هو ليس له ذنب أبويه ، كما أن أحدنا ليس له ذنب كأن يأتي أسود أو ضعيف السمع أو البصر ذلك من الأمراض الوراثية التي تنتقل من الآباء للأبناء وهم لا ذنب لهم، ولكن هذه الأمراض انتقلت إليهم من جدود بعيدة وليس قريبة، وليس ذلك إلا لسريان .. ولكن هؤلاء شعروا بوجود نبي الإسلام حين قال أنا وكافل اليتيم كهاتين , وأشار بإبهامه والسبابة .قال ابن بطال : ” حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي{ص} ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك ” .
جعل رسول الله{ص} الإحسان إلى اليتيم علاجا لقسوة القلب ,عن أبي الدرداء قال : أتى النبيَّ{ص} رجل يشكو قسوة قلبه ، فقال له النبي{ص}( أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ارحم اليتيم ، وامسح رأسه ، وأطعمه من طعامك ، يلن قلبك وتدرك حاجتك ) رواه الطبراني . كما قال:”من مسح رأس يتيم كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم ، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ..
في وصيّة أمير المؤمنين {ع} قال: “اللهَ اللهَ في الأيتام فلا تغبّوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم.. ليت رسول الله يرى أيتام ابي عبد الله ….. قصة رقية في خربة الشام .
فــــــــزّت تنادي و صوتها يبيد …. صـــــم الصخر و يذوب الحديد .؟….أريدن أبـــــــوي الضيغم الجيد .و التمن عـلـيـهـا المفاديـــــد… كلما يسمعنها البكــــــا أيزيد … وصلت الصيحة المجلس أيزيد..نشدهم اشصاير حادث جديد .. أسمع بـــــواكي يزلزل الميد .. قالـــــــــوا له خدامه و العبيد …طفلة حسين ابـــــــوها تريد ..جابــــوا و شافتهم من ابعيد ..صاحت هلا بــراسك يالعميد ..يهلال عـــــــزنه ابليلة العيد .ليش اقطعت بينه يصنديـــد …صوت زينب .. انا منين ابو فاضل اجعده .. واركب جفوفه فوك زنده … واكله الحرم صارت بشدة …..