23 ديسمبر، 2024 5:55 ص

مجلس حسيني احكام الطلاق ومعنى الطلقاء

مجلس حسيني احكام الطلاق ومعنى الطلقاء

بسم الله الرحمن الرحيم

{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ{البقرة229}

 

يُعرف الفقهاء الطلاق في الإسلام انه : انفصال بين الزوجين ،وعرفوه فقهيا أنه: “حل عقد النكاح بلفظ صريح،أو كناية مع النية، وعرفها فقهاء السنة ان ألفاظ الطلاق هو:(الفراق، والسراح). ويتحقق الطلاق عند الشيعة بصيغة خاصّة، بلفظ عربي لمن يقدر عليها يقول الزوج :”زوجتي فلانه يذكر اسمها ـ طالق” أو يخاطبها فيقول لها: “أنتِ طالق ” وفي حال التوكيل .يقول وكيل الزوج: “زوجة موكلي ويذكر اسمها طالق” عندئذٍ يقع الطلاق بين الزّوجين. وليس شرطا ذكر اسمها في صيغة الطلاق إذا كانت معيّنة معروفة وليس له غيرها.

** ما هي نتائج الطلاق في الشارع المقدس.؟: الطلاق هو حق يمتلك فيه الزوج الحق في الرجعة كونها طلقتان، يطلق، ثم يراجع، ثم يطلق، ثم يراجع، بعد الطلقتين إما أن يمسكها في عصمته امساك بمعروف، أو يطلقها الثالثة تسريح بإحسان يحسن إليها ويؤدي حقوقها، ولا يحِلُّ للأزواج – أن يأخذوا مما دفع إلى زوجته من المهر شيئًا، إلا أن تكون المرأة كارهةً لزوجها بسبب معين ,ويتحول الزواج الى كره وعدم وفاء وخيانة وضياع الحقوق بين الطرفين.

**{التحكيم بين الزوجين} التحكيم من الطرق الشرعية لحل الخلافات الأسرية، لرفع الضرر والاصلاح لما يحصل بين الزوجين من خلاف وشقاق، فلو وصل النزاع إلى مرحلة يحتاج الزوجان دخول طرف ثالث هنا يصح التدخل شرعا .قال تعالى:﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً). ما الفرق بين الحكم والحاكم.؟

** الحكم هو من فيه الاهلية والقابلية الاجتماعية وله المام بالأعراف الاجتماعية فيحكم من خلال فهمه , وطبيعي الاعراف تختلف من بلد الى اخر. مثل حكم الالعاب الرياضية . المهم انه يعرف بعض القوانين في لعبة معينة ويكون الحكم عادة حكمه على مجموعة قليلة من الناس.

اما الحاكم او القاضي : حكمه وتصرفه يستند الى محكمة رسمية مخوّلة من قبل الدولة . التي تراعي أطراف النزاع .. ويكون قانون الذي يعمل به الحاكم اوسع واشمل في فقراته من حكم الحكم , لذا يكون حكم الحاكم القاضي ساريا على المجتمع كله .وفق قواعد العدل والإنصاف. وفي هذه المهنة يقول تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) ” النساء 58″ هنا يتدخل الحكمان من اهل الزوجين في حال حصول شقاق . فما هو الشقاق..؟

** الشق او الشقاق هو :تَشَقُّقُ الْجلْدِ يحدث في الجلد بسبب مرض داءٍ أَو بَرْودة .. والشق يحدث في النفس. القضية الفلانية تشق علي.. أي تحدث انكسار في النفس او البدن. حينما يهان الانسان ولا يمكنه الدفاع عن نفسه يصاب بانكسار في نفسه . ويتحرك الدوم بسرعة في جسده.

** ما تهدف اليه الآية{وان خفتم شقاق بينهما}. يعني بين الزوجين يحدث اختلاف وانقسام، ومشاكل وعدم اتِّفاق، وتتحول الى عداوة ،وعادة يتدخل اهل النميمة من الاهل او الجيران او زملاء العمل ان يلقوا بين الزوجين الشقاق. وهو الاختلاف الذي يتحول الى عداوة .

**{هنا اود ان ابين نقطة تتعلق باهل العراق} روج الامويون حديثا مزورا عن رسول الله{ص}والبعض ينسبه لأمير المؤمنين{ع} انه قال: يا اهل العراق يا اهل النفاق الشقاق ” ما مدى صحة هذا الحديث .؟

(هذا الموضوع منشور في اغلب المواقع والمصادر السنية اليك النص).. وما نسبته لرسول الله{ص} أنه قال: يا اهل العراق يا اهل الشقاق والنفاق، لم نقف على صحته في كتب الحديث، المعروف أنه كلام الحجاج بن يوسف الثقفي لما ولي العراق، خطب خطبته المشهورة التي افتتحها بقوله :…

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا //متى أضع العمامة تعرفوني

يقول ابن كثير في كتاب البداية والنهاية: في اليوم الثالث من توليته سمع تكبيرا في السوق فدعا الناس الى المسجد خطب, من كلامه قال: يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق، إني سمعت تكبيرا في الأسواق ليس بالتكبير الذي يراد به الترغيب، ولكنه تكبير يراد به الترهيب، وقد عصفت عجاجة تحتها قصف يا عبيد العصا وأبناء الإماء .

أقسم بالله لأوشك أن أوقع بكم وقعة تكون نكالا لما قبلها وأدبا بعدها, أن هذا كلام الحجاج وليس حديث. وهو منشور في كتب التاريخ السنية.

** اعود لأجواء الآية فان خاف الاولياء عدم قيامهما بالحقوق الزوجية فلا حرج أن تَخْلَع المرأة نفسها بمال تدفعه لزوجها مقابل طلاقها. تلك الأحكام الشرعية هي الفاصلة بين الحلال والحرام، فلا تتجاوزوها، ومن يتجاوز حدود الله بين الحلال والحرام؛ فأولئك هم الظالمون.

*** الطلاق وحالاته: ثلاثة حالات للطلاق حسب الموقف بين الزوجين . لان الموقف هو من يحدد نوع الطلاق, الأول: أن تكون الكراهة الموجبة للطلاق من الزوج فقط هذا الطلاق يسمى طلاقاً رجعيا وهو الذي يعطي الحق للزوج ان يتراجع لزوجته في فترة العدة البالغة ثلاثة اشهر .وتكون الحقوق المالية للزوجة .

الثاني طلاق الخلع: وتكون الكراهة من الزوجة فتتنازل عن جميع حقوقها المالية للزوج لتخلع نفسها منه. .وهو المسمى بطلاق الخلع فإن مادة (خَلَعَ) تأتي بمعنى النزع الثياب {لغة وعرفاً وشرعاً} باعتبار أن كل واحد من الزوجين لباس للآخر كما في قوله تعالى:(هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ) فلو كأنت الزوجة كارهة للزوج تنزع هذا العقد الشرعي من نفسها .. ومن احكامه ان الزوجة تبذل جميع حقوقها للزوج مقابل الطلاق.. واذا طلقها واراد الرجوع اليها في فترة العدة لا ترجع الا بعقد جديد.

**الثالث: طلاق المباراة هذا الطلاق إذا كانت الكراهة من الطرفين معاً وهذا هو المسمى بالمباراة فيبرأ كل واحد من الزوج والزوجة عن الآخر مع أن الزوجة تبذل فدية وكذلك الزوج فيتم الاتفاق بينهما بتوزيع الاموال وتنازل طرف لطرف اخر. ثم {يقوم الرجل بلفظ طلاقها}.وهذا يسمى طلاق المباراة .اما صيغة طلاق المباراة.( يقول الزوج – بعد أن تقول الزوجة لزوجها: بذلتُ لك مهري أو الشيء الفلاني لتُطلّقني) فيقول: (زوجتي فلانة طالق على ما بذلت)،أو يقول: (بارأتُ زوجتي فلانة على ما بذلت)، ثم يعقّبها بقوله: (فهي طالق). والطلاق عند الشيعة لا بد ان يكون له شروط

اولا: لا يصح الطلاق عن اكراه للزوج .

ثانيا: لا يقع الطلاق علي الورق؟ بمعني الكتابة دون لفظ لو كتب الزوج علي الورق ان زوجتي فلانة طالق فلا تعتبر طالق.

ثالثا: حضور شاهدين بجلسه واحدة.

رابعا: الطلاق في حال الغضب .. وهذا عند المذاهب السنية باختلاف.

عن الصادق (ع) قال: لا يكون طلاق خلع ولا رجوع ولا مباراة إلا على طهر المرأة من غير جماع وشاهدين يعرفان الرجل ويريان المرأة ويحضران الجلسة واقرار المرأة إنها على طهر من غير جماع.

معنى الطلقاء وحقيقتهم : ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لهواء الطلق : تطلق كلمة الطلق للهواء في حالات عديدة منها الهواء المضغوط هو المحفوظ بضغط معين، عادة يكون فوق الضغط الجوي.

الطير الطَلَقَ؛ كل طير غير مُقَيَّد. مُطْلَق أو طَلِيق. اذكر لك قصة : قال مفتش شرطة في مدينة من مدن امريكا الجنوبية انه يحذر السكان المحليين خاصة ممن لديهم أطفال، طلب منهم أن لا يقتربوا من الطائر الذي يشكل تهديدا على حياة الاطفال كون حجمه وطبيعته العدوانية والمحيط غير المألوف الذي قد يجد نفسه فيه” .لأنه طليق.

وعلقت الإذاعة البريطانية “بي. بي. سي”: “على الطائر انه سيهرب فور شعوره بخطر شديد .. وللعلم ارتفاعه 1,80 سم . وجناحه يمكن ان يحمل طفلا بقدميه ويطير به . اذن الطليق هو الذي لا يمكن ان تفرض عليه اوامرك .. المراة المطلقة يحق لها الزواج من غير زوجها. اذن ماذا كان يعني النبي{ص} حين اطلق مسلمة الفتح ..!!؟

يعتقد الشيعة أنَّ الطلقاء قالوا قبل فتح مكة حين كانت لهم قوة : «اتركوا محمد وشانه مع قومه، فإذا هزمهم اعتنقنا الإسلام، وإذا انتصروا على محمد سينقذنا قومه منه».وهذا قمة الانتهازية وهو موقف يبين انهم ليس لهم اهتمام من بعيد ولا من قريب بالفكر الالهي والتوحيد .

بعد فتح مكة دخل مشركوها في الإسلام بسبب هزيمة قوتهم . دخلوا الاسلام ليس قبولا برسالة السماء .. بل خضعوا للأمر الواقع بعد تفوق المسلمين عليهم. اليك الدليل .. جاء في «سيرة ابن هشام» (2ج/ 412): حَدَّثَنِي بَعْضُ الصحابة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ{ص}قَامَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ… إلى أن قَالَ: {يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تُرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟} قَالُوا: ، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، قَالَ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ. هنا نقف مع ابن سعد في طبقاته.. لماذا اهمل الرسول شعار دخولهم للإسلام ..اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله..؟ الجواب لأنه يعلم انهم لا يقبلون بالإسلام وانما لبسوا اقنعة النفاق لسلامة ارواحهم. هذه المعركة افرزت ملامح كثيرة نحاول ان نراجعها من مصادر المسلمين السنة. :روى البخاري ومسلم: عَنْ أَنَسٍ بن مالك قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ،َمَعَ النَّبِيِّ{ص}عَشَرَةُ آلاَفٍ، من ضمنهم َالطُّلَقَاءُ فهربوا، فقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ .قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ{ص} يقاتل وكان يردد: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. فَانْهَزَمَ المُشْرِكُونَ.. من هم الذين انهزموا وتركوا النبي{ص} يلاقي مصيره ..؟

يذكر كتاب منهاج الكرامة/ص168:يقول:«في غزاة حنين خرج رسول الله(ص)إليهم في عشرة آلاف من المسلمين، فعانهم(أصابهم بالعين) أبو بكر وقال: لن نغلب اليوم من كثرة، فانهزموا ولم يبق مع النبي(ص) غير تسعة من بني هاشم، وأيمن بن أم أيمن، وكان أمير المؤمنين(ع) بين يديه يضرب بالسيف، وقتل من المشركين أربعين نفراً فانهزموا ».ومن ضمن المنهزمين عمر بن الخطاب وابو بكر وعثمان :..

*** في مناظرة المأمون مع فقهاء عصره ،قال: «خبرني عن قوله تعالى فأنزل الله سكينته عليه ..على من؟ قال إسحاق: يقصد لمن يقول انه كان معه في الغار .. قال: على أبي بكر لأن النبي (ص) كان مستغنياً عن السكينة . قال: فخبرني عن قوله عز وجل: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ . ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ . أتدري من المؤمنون الذين أراد الله تعالى في هذا الموضع ؟قال: فقلت لا، فقال: إن الناس انهزموا يوم حنين فلم يبق مع النبي إلا سبعة من بني هاشم.، عنى بالمؤمنين في هذا الموضع علياً {ع} ومن حضر من بني هاشم/(عيون أخبار الرضا(ع).يشير الى قوله تعالى: فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ. .ولم يقل: عليهما.

وقوله( إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ.) فيها توبيخ لمن انهزم .. كما يشاركه كل من انهزم وترك رسول الله{ص} يلاقي الموت ىبمفردة ومعه اهل بيته{ع} وثانيا يبين ان المهاجرين لم يكونوا على مستوى واحد من الثبات على العهد.. (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) وقوله تعالى: { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}.

دروس مهمة من معركة حنين : يتصور البعض ان قوة المسلمين كانت من خلال العدد بدليل ان ابا بكر قال{ لن نغلب اليوم} اذن الكثرة ليست شرطا في تحقيق الانتصار.. في عام 1967 حاربت اغلب الدول العربية وكانت نسبة عدد الجيوش تعادل عشرة اضعاف الجيش الاسرائيلي ولكن خسر العرب لعدم وجود رجال حقيقين على راس القيادات. وبمجرد ضربت المطارات انهارت معنويات الدول العربية.

نفس الحالة تقريبا كانت مع جيش النبي في حنين مجرد ان سمعوا قتل محمد {ص} انهزموا حتى قال عمر: هذا امر الله: يعيني ان الله هو الذي اختار لنا ان ينتهي ديننا بقتل محمد{ص} اما الخوارج الذين لم يسلموا ولم يقاتلوا ولم يهاجروا . اعتقدوا ان الدين انتهى تلك اللحظة .

الموضوع يحتاج الى اعادة الثقة في النفوس . فقام رسول الله{ص} بتأليف ــ قلوب الطلقاء وممن لم يؤمن حقيقة من اهل مكة اشتراهم بالمال ــ.. لان موقفهم من الاسلام في بداية نزول الرسالة قاتلوه من اجل مصالحهم التي ضربها الاسلام كالربا والخمر وبيعه وكل المعاملات المحرمة.

ـــــ ** بعد أن انتهت المعركة وانتصر المسلمون انتصاراً عظيماً وغنموا مغانم كبيرة ، قدِم النبي{ص}الجعرانة فنزل بها، ثلاث عشرة ليلة لا يُقَسِّم الغنائم،يرجو أن يأتي إليه وفد هوازن مسلمين، فيأخذوا ما أُصيب منهم، فلمَّا لمْ يأته أحد أمر بتقسيم الغنائم. وبدأ في توزيع الغنائم بالمؤلفة قلوبهم وأجزل لهم العطاء، قال ابن حجر في فتح الباري: “المراد بالمؤلفة:( جماعة الطلقاء من قريش أسلموا يوم الفتح إسلاماً ضعيفاً)،ومعناه لم يدخل الإسلام من قلوبهم. فأعطى زعماء القبائل من قريش عطاءً عظيما، كانت عطية الواحد منهم مائة من الإبل،

ولم يعط النبي{ص} الأنصار من الغنائم كما أعطى الطلقاء ، لأنه واثق من قوة إيمانهم وتعالي نفوسهم على المال مقابل الدين، وقد تأثر بعضهم من هذا العطاء بحكم الطبيعة البشرية، فظهر بينهم نوع من الاعتراض على ذلك، فراعى النبي{ص}هذا الاعتراض فقال: سيرجع الناس بالمال وانتم ترجعون الى المدينة ومعكم رسول الله {ص} فإيهما احب اليكم ,, فصاروا يبكون واعتذروا .ثم قال لهم: (إني أعطي رجالاً حديثي عَهْدٍ بكُفر أتألفهم) رواه البخاري. وفي رواية لأحمد: قال لهم: (أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا،{ اللعاعة بقية قليلة من كل شيء. بقية الطعام لعاعة وجرعة من الشراب. . ثم قال:

وكلتكم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله{ص} في رحالكم؟ فو الذي نفس محمد بيده لو سلك الناس شِعْبَاً، وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار، قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسما وحظا، ثم انصرف رسول الله{ص} وتفرقوا. يقول المفسرون معلوم: أن الأنفال لله ولرسوله يقسمها رسوله حيث أمره لا يتعدى الأمر لغيره ، فلو وضع الغنائم بأسرها في هؤلاء كانت لمصلحة الإسلام عامة ،فجميع الاموال في التشريع تعود اليه دون الناس كافة .. وهناك غنائم منعها عن الناس في يوم تحرير مكة.

يقول تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} ما خرج عن الحكمة والمصلحة والعدل.. ولله جعل له الحق في تقسيم الغنائم كما يحب، وله أن يمنعها عن الغانمين كما منعهم غنائم مكة.. وهو في ذلك كله أعدل العادلين، وأحكم الحاكمين، وما فعل ما فعله لم يكن عبثا..

اتّفقت الرواة كلّها على أنّه علياً (ع) “قبض ما وجد في عسكر الجمل من {سلاح ودابّة ومملوك ومتاع} وعروض هي السلع التي تجلب ربحا. ، فقسّمه بين أصحابه ، فقالوا له: اقسم بيننا أهل البصرة فاجعلهم رقيقاً يعني نساءهم اماء والرجال رقيق: وقد حللت المذاهب الإسلامية تملك العبيد من أسرى الحروب وبيعهم وشراءهم .. فقال: لا.

فقالوا: فكيف تُحلّ لنا دماءهم ، وتُحرّم علينا سبيهم! فقال: كيف يحلّ لكم ذرّية ضعيفة في دار هجرة وإسلام! أمّا ما أجلب به القوم في معسكرهم عليكم فهو لكم مغنم، وأمّا ما وارت الدور وأُغلقت عليه الأبواب فهو لأهله، ولا نصيب لكم في شيء منه. فلمّا أكثروا عليه قال: فاقرعوا على عائشة؛ لأدفعها إلى من تصيبه القرعة! فقالوا: نستغفر الله يا أمير المؤمنين! ثمّ انصرفوا. (شرح نهج البلاغة، والإمامة والسياسة)

اذن” الطلقاءُ: همُ الَّذين خَلَّى عَنْهُمْ يَوْمَ فَتْح مَكَّةَ، وأَطْلَقَهُم، فَلَمْ يَسْتَرِقَّهم. الطليق َهُوَ الْأَسِيرُ إِذَا أُطْلِقَ سَبيله…. الآراء حولهم ,

نرى أن إيمان الطلقاء كان رغما عليهم بسبب الحسد والحقد في نفوسهم على ما بلغه النبي {ص} من مكانة. ولما وصلت السلطة الى الطلقاء الامويين من عصر معاوية أبدى الأنصارُ معارضةً للأمويين وتأييداً لآل البيت{ع}. كان أغلب أفراد آل أمية من الطلقاء وكان لهم ثأر قديم مع أهل يثرب الذين حاربوا في بدر وقتلوا كبار القرشيين، ومن بنى أمية.

اما الشيعة : يرون أن الطلقاء ذوي سمعة سيئة وبحاجة لتدقيق ايمانهم كما أنهم يطلقون على بني أمية اسمَ حزب الطلقاء. ويذكرون أن الإمام علي بعث برسالة يذكر فيها أنّ: «الطلقاء، الذين لا تحل لهم الخلافة، ولا تعرض فيهم الشورى». ذكر الإمام علي في صفين أن جيشه يقاتل الطلقاء وأبنائهم الذين أسلموا كرهاً، وهم دائمًا في حالة حرب مع الإسلام، وقال عنهم أنهم أعداء سنة رسول الله والقرآن، وأهل البدع، قَالَ رَسُولُ اللهِ{ص}:«الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ أَوْلِيَاءُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَالطُّلَقَاءُ الْعُتَقَاءُ مِنْ ثَقِيفٍ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

هذا بينه في خطبته اجل والله غدر فيكم قديم وشجت عليه اصولكم وتأزرت فروعكم فكنتم اخبث شجر شجى للناظر واكله للغاصب الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين. بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة..

لم أنسه إذ قام فيهم خاطبا ***********فإذا همُ لا يملكون خطابا*

يدعو ألستُ أنا ابن بنت نبيّكم*******وملاذكم إن صرف دهر نابا

هل جئت في دين النبيّ ببدعة******أم كنت في أحكامه مرتابا

أولم يوصِّ بنا النبيُّ وأودع الـ *****ـثقلين فيكم عترة وكتابا

إن لم تدينوا بالمعاد فراجعوا******أحسابكـم إن كنتم أعرابا

فغدوا حيارى لا يرون لو عظه******إلاّ الاسنَّـة والسهام جوابا

فقدم كل شيء في سبيل الله واخر سهم في كنانته طفله عبد الله الرضيع وهو رسالة الحسين{ع} الى كل الأجيال بأن الدين أغلى من كل شيء ولابد من التضحية لأجله ..ابو عبد الله قدم القرابين وفدى بنفسه. فأستأصلهم من الأجيال ورماهم في مزبلة التاريخ .. واخر سهم في كنانته ولده عبد الله الرضيع آخر قربان قدمه الحسين لوجه الله كان يريد أن يقول لأصحاب الضمائر الحية لو أن الرجال كان لهم ذنب في معتقدهم فما ذنب الصغار والأطفال حيث جعلوهم عرضة للنبال والسهام ..اظهرهم بلا دين ..

رجع به الى عمته زينب .. ولسان حاله يقول: وقد نظمت بهذه الأبيات: شِيعَتي مَهْما شَرِبْتُمْ عَذْبَ مَاءٍ فَاذْكُرُونِي.. أوْ سَمِعْتُم بِشَهيدٍ أوْ غَريبٍ فاندِبونِي … فأَنا السِّبْطُ الَّذي مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ قَتَلُونِي ..وَبِجُرْدِ الخَيْلِ بَعْدَ القَتْلِ عَمْداً سَحَقُونِي. لَيْتَكُمْ في يَوْمِ عاشُورا جَميعاً تَنْظُرونِي ..كيفَ أسْتَسْقِي لِطِفْلِي فِأَبَوْا أنْ يَرْحَمُونِي /جاء به الى زينب.. خويه الطفل عني دغطيه.. انا مالي كلب يحسين اصد ليه.. اشوفه ذبيح وماد رجليه.. خفت من العطش لن يلحك عليه.. وهذا الخفت منه طحت بيه.. اما امه: يبني يعبد الله على فركاك.. صبري فنا ودرت ثداياك.. يا دين كلي لحرمله وياك نيشن عليك بسهم وارداك .. يبني التسر كلبي طلعته.. كسر خاطري مذبوح شفته .. شنهي الذنب يبني العملته .. عطشان ولسانك بلعته .. والماي حاضر ما شربته .