23 ديسمبر، 2024 10:20 ص

مجلس النواب ليس جسرا لتحقيق مصالح حزبية وشخصية ؟!

مجلس النواب ليس جسرا لتحقيق مصالح حزبية وشخصية ؟!

القسم الثالث عشر
*- نصت المادة (61/ثامنا/أ) من الدستور ، على إن ( لمجلس النواب سحب الثقة من أحد الوزراء بالأغلبية المطلقة ، ويعد مستقيلا من تأريخ قرار سحب الثقة ، ولا يجوز طرح موضوع الثقة بالوزير إلا بناء على رغبته ، أو طلب موقع من خمسين عضوا ، إثر مناقشة إستجواب موجهة إليه ، ولا يصدر المجلس قراره في الطلب إلا بعد سبعة أيام في الأقل من تأريخ تقديمه ) ، وعلى الرغم من وجود الشك في خطأ النص الدستوري وما أعقبه في نص المادة (63) من النظام ، حيث ( لمجلس النواب سحب الثقة من أحد الوزراء بالأغلبية المطلقة ، ويعد مستقيلا من تاريخ قرار سحب الثقة ، ولا يجوز طرح موضوع سحب الثقة بالوزير إلا بناء على رغبته ، أو طلب موقع من خمسين عضوا ، إثر مناقشة إستجواب موجه إليه ، ولا يصدر المجلس قراره في الطلب إلا بعد سبعة أيام في الأقل من تأريخ تقديمه ) . المستدل عليه بفارق إستخدام العبارتين ( ولا يجوز طرح موضوع – الثقة – بالوزير إلا بناء على رغبته ) وبين ( ولا يجوز طرح موضوع – سحب الثقة – بالوزير إلا بناء على رغبته ) ، اللتان لا نمتلك صلاحية تصحيحهما ، ولعدم جواز طرح الثقة بالوزير أو سحب الثقة منه بناء على رغبته ؟!، وكأن الحالتيين لم تكونا مما يتطابق مع موجبات وآليات الدستور ، ليتولى الوزير طلب سحب الثقة منه أو إعادتها إليه بعد فقدانها بناء على رغبته ، أو بطلب من أعضاء كتلته أو المتعاطفين معه ، وذلك ما لم ولن يكون إلا إذا صمم بناء السلطة التنفيذية ، على وفق قياسات ومعايير السياسة التي لا تؤمن بشرف المهنة وبالتداول السلمي للسلطة ، ولا تريد غير الإبقاء على من هو أدنى كفاءة وخبرة ولا يتم إستبداله بالذي هو أحسن وأفضل خيرا منه ، وكما هو حاصل في عدم البت في طلبات إستقالة بعض الوزراء ، ومن ثم قبول عودتهم إليها بعد مدة من الإنقطاع ، دون النظر إلى تعطيل عمل الحكومة خلال تلك المدة ، وبدون وضع الوزير تحت طائلة المساءلة والعقاب بسبب تركه للمنصب ، قبل بت رئيس مجلس الوزراء وموافقة مجلس النواب على طلب الإستقالة ، خلال مدة لا نرى تجاوزها الثلاثة أيام من تأريخ تقديمها ، ولأن سحب ثقة الشعب من الوزير بالإنابة ، ليست بالأمر الهين والبسيط ، إلا بعد ثبوت المسؤولية التقصيرية والخلل الفادح في أداء الواجبات ، المانعة من إستمراره في إشغال منصبه وتولي مهامه ، وإعتبار ذلك من حالات إنتهاء الخدمة بالإقالة التي لا يترتب عليها منح المقال أية حقوق ، لإن عده مستقيلا وكأنه متفضلا بسيئات عمله على الحكومة والشعب ، يعتبر تكريما له بدلا من محاسبته ومعاقبته ؟!.

*- كما نصت المادة (61/ثامنا/ه) من الدستور، على أن ( لمجلس النواب ، حق إستجواب مسؤولي الهيئات المستقلة وفقا للإجراءات المتعلقة بالوزراء ، وله إعفاؤهم بالأغلبية المطلقة ) . ونصت المادة (67) من النظام ، على إن ( لمجلس النواب ، حق إستجواب مسؤولي الهيئات المستقلة ، وفقا للإجراءات المتعلقة بالوزراء ، وله إعفاؤهم بالأغلبية المطلقة ) ، وعليه فإن سريان الإجراءات الخاصة بالوزراء على رؤساء الهيئات المستقلة ، كونهم من ذوي الدرجات الخاصة وبمستوى وزير ، تقتضي إعتبار الإعفاء من المنصب بمثابة الإقالة منه ، وما يترتب على ذلك من حرمان للحقوق أسوة بالوزير . ولعل من سوء حظنا أن نكون من شهود وقائع حالات الفساد الإداري القائمة الآن ، المستدعية لإجراءات الإستجواب ، حين أصدار البنك المركزي العراقي عددا من الأوراق النقدية ذات الفئات المختلفة ، وهي تحمل إسم ( علي العلاق ) محافظ البنك المركزي العراقي بالوكالة خلافا للقانون العراقي وأعراف الإدارة المالية ، حيث نصت المادة (35/1) من قانون البنك المركزي العراقي رقم (64) لسنة 1976 ، على أن ( تصدر الاوراق النقدية باسم البنك ، وتحمل توقيع المحافظ ) . إلا إن قانون سلطة الإحتلال المؤقتة للعراق الحبيب رقم (56 ) لسنة 2004 ، لم يتضمن ذلك ، حين نصت المادة (4/1/و) منه ، على ( إصدار وإدارة العملة العراقية بما يتفق مع الباب السابع ) . مما دفعني إلى إستعراض الأوراق النقدية وبمختلف الفئات الصادرة منذ بدء الإحتلال سنة 2003 ولغاية تأريخ إصدار العملة موضوعة البحث ، فوجدتها تحمل نماذج تواقيع المحافظين بالتتابع بما فيهم المحافظ المذكور بالوكالة ، ولا أعتقد أنه لا يعرف ولا يعلم بعدم جواز فعلته تلك ، أو لا يفقه نص المادة (110/ثالثا) من الدستور المتضمنة ( رسم السياسة المالية ، والكمركية ، وإصدار العملة ، ورسم السياسة النقدية ، وإدارة البنك المركزي العراقي ) ، إلا إذا غلبت عليه نوازع قلة الجاه التي أراد توثيقها رسميا ، قبل مغادرته ما ليس له فيه من موقع المسؤولية إلا بالصدفة وبالوكالة وليس بالأصالة ؟!.

*- لقد نصت المادة (61/ثامنا/ب-1) من الدستور ، على إن ( لرئيس الجمهورية تقديم طلب إلى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء ) . وتلك من الصلاحيات الحصرية التي لا يمكن النص عليها بهذا الإطلاق غير المحدد أو المقيد بالحاجة إلى ما يبرر ذلك إداريا ، مثل حالة الفشل الواضح في تنفيذ البرناج الحكومي ، أو حالة فساد موثقة رسميا ، ولربما يكون ذلك بسبب عدم الإنسجام والتوافق اللازمين والمطلوبين بين ركني السلطة التنفيذية في إدارة شؤون الدولة والمجتمع . ولكن ليس بصيغة ( لمجلس الرئاسة ، تقديم طلب الى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء ) ، حسب نص المادة (64/أولا) من النظام كذلك . كما نصت المادة (61/ثامنا/ب-2 ) من الدستور ، على أن ( لمجلس النواب بناء على طلب (1/5) أعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء ، ولا يجوز ان يقدم هذا الطلب إلا بعد إستجواب موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ، وبعد سبعة أيام في الأقل من تقديم الطلب ) . ومن غير النص على الطلب المسبب على أقل تقدير أيضا ، وتكرار ذلك بموجب نص المادة (64/ثانيا) من النظام ؟!. دون أخذ المتغيرات بالإعتبار . إن الأحكام المجردة والخاصة بحالتي سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء من قبل رئيس الجمهورية أو من قبل مجلس النواب ، تبقى بمعزل عن وجوب بيان الأسباب الموجبة لذلك ، لخضوعها لعوامل السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية بدون إستجواب ولمجلس النواب بعد الإستجواب ، تبعا لحجم ونوعية الذنب الموجب واللازم لسحب الثقة ، وليس كما حدد الدستور من أسباب وحالات إعفاء رئيس الجمهورية مثلا ، فالحالة الأولى تتطلب تصويت مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه على قبول طلب رئيس الجمهورية أولا ، لعدم وجود الحاجة إلى الإستجواب ، ولأن قناعة رئيس الجمهورية مستقاة من رأي الكتل أو الكيانات النيابية في ضرورة تبني ذلك الموقف ، فإن عليه التأكد من ضمان التصويت بالعدد اللازم والمطلوب لسحب الثقة ثانيا ، حفاظا على هيبة منصب رئيس الجمهورية عند الرفض ، وإلا كان العكس بعدم تقديم الطلب أصلا ، أما الحالة الثانية فتستلزم إستجواب رئيس مجلس الوزراء بعد سبعة أيام من تأريخ تقديم طلب الإستجواب ، من قبل عضو واحد أو أكثر من مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضوا آخرين ، حسب نص البند (سابعا / ج ) ، ومن ثم تقديم (66) نائبا في الأقل لطلب سحب الثقة ( وهو ما يعادل (1/5) عدد أعضاء مجلس النواب ) في الوقت الحاضر ، وأن تتخذ إجراءات سحب الثقة منه بعد سبعة أيام في الأقل من تقديم ذلك الطلب ، والتي نرى تحديدها بسبعة أيام فقط ، بدلا من إطلاقها بعبارة بما لا يقل عن سبعة أيام ، لموجبات تفاعل نتائج إنتهاء الإستجواب بتحقيق سحب الثقة بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب ، لأن تأثيرات العوامل السياسية المختلفة والمتذبذبة ، قد تؤدي إلى تعطيل أو إلغاء إتخاذ ذلك الإجراء خلافا لتطبيق أحكام الدستور ، ولعل ما نشأ عن تفرد رئيس مجلس الوزراء بالسلطة ، من إلغاء دور الشريك في صنع القرار ، إلى غيرها مما إستندت إليه الكيانات السياسية المتمثلة بتكتل الأحزاب الكردية والقائمة العراقية والتيار الصدري ، التي أقرت في إجتماعاتها المنعقدة في محافظتي النجف وأربيل في الثلث الثاني من العام 2012 ، من إتخاذ الإجراءات اللازمة لسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء ( نوري المالكي ) في حينها ، إلا إن إنسحاب عدد من نواب القائمة العراقية تحت تأثير الإغراءات المادية أو التهديد من قبل رئيس مجلس الوزراء ، أفقد المشروع نصاب الأغلبية المطلقة وساعد التيار الصدري على تراجعه ، الذي إستغله رئيس مجلس الوزراء في نهاية العام 2012 بقوله : ( تصريحات الصدر لا قيمة لها لسرعة تقلبها ) ، فما كان من أتباع التيار الصدري إلا أن خرجوا إلى الشوارع متظاهرين مستنكرين تصريح رئيس مجلس الوزراء ، ولتدور بعد ذلك رحى الدعوات غير الدستورية وردود الأفعال ، بالمطالبة بسحب الثقة من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ، ردا على المطالبة بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء ، وهكذا بدأت السجالات والجدل السياسي الفاقد لمقومات الإنطلاق من قواعد العمل المشترك من أجل خدمة الوطن والمواطن ، وبدأت ملامح إنشقاقات بعض الكيانات عن كتلها أفرادا وجماعات ، وأخذت الأزمات والمشاكل المصطنعة طريق الصراع ولي الأذرع وكسر الإرادات ، بإستخدام شركاء العملية السياسية المصطنعة أيضا ، لكل وسائل وأساليب المواجهة المسلحة وغير المسلحة فيما بينها ، ويكفي تأكيدا لكل ما تقدم ، تحذير رئيس مجلس الوزراء لشركائه السياسيين بتأريخ 2/12/2012 بقوله : ( إن تجديد الدعوات إلى حجب الثقة عني ، ستقابل بإجراءات لم يسبق أن إتخذتها من قبل ) ومؤكدا بأن ( أصحاب هذا المشروع لم يحققوا شيئا عندما كانوا أقوى وضعا من الآن ) ، وقد صدق في الثانية واستنكر تهديده في الأولى كل من رئيس مجلس النواب وزعيم التيار الصدري فقط ، ولكن من غير فعل مؤثر يوقف رئيس مجلس الوزراء عند حدود عدم الإلتزام بأحكام الدستور ، الذي يطالب هو بتطبيقه والإحتكام إليه في حل المنازعات القائمة ، التي لن تنهيها مطارق الثقة المفقودة ومعايير ضعف قوة الطالب والمطلوب ، لأن ظروف واقع الحال ومقتضيات معالجة إشكالاته غير الملائمة ، كانت هي الغالبة بسبب دوام التدخل الخارجي وفرض الإرادة الأجنبية ؟!