23 نوفمبر، 2024 2:53 ص
Search
Close this search box.

مجلس النواب ليس جسرا لتحقيق مصالح حزبية وشخصية ؟!

مجلس النواب ليس جسرا لتحقيق مصالح حزبية وشخصية ؟!

القسم العاشر
*- نصت المادة (59) من الدستور ، على ( أولا- يتحقق نصاب إنعقاد جلسات مجلس النواب بحضور الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه ) و ( ثانيا- تتخذ القرارات في جلسات مجلس النواب بالأغلبية البسيطة ، بعد تحقق النصاب ، ما لم ينص على خلاف ذلك ) . وحيث أوضحنا ذلك بمقالتنا المؤرخة في 29/5/2018 تحت عنوان ( ثلاثية الأغلبية … ومعيار النصاب ) ، فإن معايير المقادير المختلفة لنصاب الأغلبية البسيطة أو الأغلبية أو الأغلبية المطلقة ، لا تشكل جوهر المشكل في التطبيق والمعالجة ، بقدر ما نحتاج إليه من معالجة سوء إستخدام النصاب بالحيل والمراوغات السياسية ، من خلال تصنيف الموضوعات على وفق أهميتها وتحديد مقادير عدد الأصوات المناسبة واللازمة لكل منها ، تيسيرا لإتخاذ أي قرار بشأنها ، بالإضافة إلى إعتبار المنسحبين من الجلسة بعد تحقق النصاب ، من عدد الحاضرين المصوتين لصالح الأغلبية في تلك الجلسة بالموافقة أو الرفض ، مع إعتبار تغيب أعضاء أي كتلة أو كيان أو حزب عن أي جلسة بدون عذر مشروع ، أو لأي سبب من شأنه أن يؤدي إلى عدم إكتمال النصاب ، حضورا مستوفيا لشروط إكتمال النصاب القانوني حكما ، ومجزيا للتصويت إلى صالح أغلبية المصوتين بالرفض أو بالقبول في أية جلسة ، ما دام هنالك مجال للمناقشة والحوار المؤثر في تغيير إتجاه التصويت نحو الأحسن أو الأفضل ، من أجل الإصلاح والتغيير ، كما نرى عدم إحلال البديل محل النائب المنتهية عضويته ، إلا إذا كان ذلك مما يتسبب بالإخلال في النصاب .

*- وبدلا من ذلك ، فقد نصت المادة (23) من النظام على أن ( يتحقق نصاب إنعقاد المجلس بحضور الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه ، وتتخذ قراراته بالأغلبية البسيطة لعدد الأعضاء الحاضرين ، ما لم ينص الدستور على غير ذلك ، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي صوت معه الرئيس ) . وذلك ما لا يتفق وإقرار الموضوعات حسب نوعيتها ودرجة أهميتها ، كما لا يجوز الترجيح بصوت رئيس المجلس ، لإنتمائه إلى إحدى مكونات المجلس سياسيا وتنصيبه رئيسا بالتوافق ، كما نصت المادة (24) منه ، على أن ( لا يجوز إفتتاح الجلسة إلا بحصول النصاب القانوني للحضور المنصوص عليه في المادة (23) من هذا النظام ، وإذا تبين أن النصاب القانوني لم يكتمل ، أجل الرئيس إفتتاحها لمدة لا تقل عن نصف ساعة ، فإذا لم يكتمل أيضا ، يعلن الرئيس تأجيل الجلسة ويعين موعد آخر لإنعقادها ) . دون الإعتبار لما يشكله ذلك من خلل كامن في التناقض والإختلاف بين النص المذكور ، وما تلاه من نص لا يشترط النصاب لصحة إستمرار الإجتماع ، وكأن بدء الجلسة أو الإجتماع لا يحتاج إلى النصاب لغرض الإستمرار ولغاية إنتهاء موجبات الإنعقاد ، حيث نصت المادة (25) بأن ( يعد وجود النصاب لازما عند التصويت ، ولا يشترط لصحة إستمرار الإجتماع ) ؟!، لأن عبارة ( ما لم ينص على خلاف ذلك ) الواردة في آخر نص المادة (59/ثانيا) من الدستور ، لا تشمل غير الحالات التي نص عليها الدستور ، ولم تؤسس لتصنيف الموضوعات على وفق محددات المهم والأهم مبدئيا ، لما سيتم إستخراجه عند التطبيق ولا ينص عليها النظام ؟!.

*- وإستناد إلى أحكام المادة (61/ ثانيا) من الدستور ، المتعلقة بإختصاص مجلس النواب في الرقابة على أداء السلطة التنفيذية ، فقد نظمت المواد ( 50-61 ) الواردة في الفصل العاشر من النظام ، الخاصة بكيفية توجيه السؤال وإجراء المساءلة والاستجواب ، المنتهية بإحتمال الإقالة وسحب الثقة من المستجوب ، حسب أحكام المواد (62- 67) من الفصل الحادي عشر منه ، نرى ومن خلال ما إستخلصناه من الحالات المذكورة عبر وسائل الإعلام ، ضرورة البيان بقيام النظام الديمقراطى على فكرة التوازن بين سلطات الحكم الثلاث ، حتى لا تجور إحداها على الأخرى وتستأثر بقوة السلطة لوحدها ، وبالتالى تهدد مصالح المجتمع وتؤثر سلبيا على نظام الحكم ، فالرقابة التى يمارسها البرلمان على الحكومة مسؤولة عن متابعة وتقييم أعمال الحكومة ، ولكنها لا تتم بدون توازن القوة السياسية فيما بينهما ، وأن لا تكون شكلية أو منحازة لبعض أشخاصها ، مثلما إنتهت مدة الدورة الإنتخابية 2014- 2018 ولم يتحقق إستجواب وزير التربية دون بيان الأسباب ، على الرغم من تدني الأداء التربوي والتعليمي المؤطر بكل صفات الفساد الإداري والمالي ، وحتى لا يشكل عدم التوازن السياسي أو المهني فيما بعد ، عنصر إنهيار مبدأ الفصل بين السلطات ، الذى هو أساس الحكومات الديمقراطية وشرط إستقرارها السياسى ، ولهذا فإن عملية الرقابة تكون متبادلة ومتوازنة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، من أجل ضمان حماية مصلحة الشعب بمنع الإنحراف والإلتزام بضوابط السياسة التنموية ، والعمل بقدرات الميزانية المادية التى أقرها حفاظا على الأموال العامة من الهدر والضياع ، لأن إعتبار البرلمان سلطة الرقابة السياسية والمهنية على السلطة التنفيذية ، يعد مقياسا هاما لتحديد كفاءة البرلمان ، ومؤشرا عـلى درجة نجاح الديمقراطية فى المجتمع ، إلا أن عدم تمكن أعضاء مجلس النواب من أداء هذا الواجب بحيادية ونزاهة مهنية ، بسبب المحاصة التي تشكل الركن الأقوى في بنية التشكيلات التنظيمية لدوائر الدولة ، ولأن أعضاء مجلس النواب ومسؤولي السلطات التنفيذية توابع بعضهم للبعض الآخر ، مع غياب المهنية والحرص على مصالح الشعب العليا ، تعني تدني مستوى الرقابة من أجل معالجة خروقات تنفيذ أحكام الدستور والقانون بشكل عام ، وما ينبثق عنهما من إجراءات الفساد في كل مفاصل الحياة الرسمية وغير الرسمية ، التي ستبقى من غوارق التقصير المتعمد في بحر الفوضى والإرتباك وعدم الإختصاص ، كما إن منع عضو مجلس النواب من رقابة أداء السلطة التنفيذية بعرقلة تنفيذه لمهمته ، بل ومنعه من حضور جلسات المجلس بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء ؟!، صور شاذة وبائسة ، تفتقر إلى بث روح الحياة والأمل في دولة شلتها عوامل التراجع الإداري والتنظيمي الرقابي ، إلا إن الروح والأمل يبقيان معقودان على حسن وجودة الرقابة الشعبية على عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية ، من خلال وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني ، التي ستبقى وعلى الرغم من أهميتها ، محدودة الفاعلية والتأثير قياسا بالرقابة الرسمية ذات الفاعلية الأولى ، لما تمتلكه من أدوات وعناصر ومعلومات إدارية وفنية لازمة لقطف ثمار مراقبة مهنية فاعلة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات