القسم السادس
إستكمالا لما ورد في القسم الخامس ، نصت المادة (11) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية لسنة 2004 على ما يأتي :-
أ- كل من يحمل الجنسية العراقية يعد مواطنا عراقيا ، وتعطيه مواطنته كافة الحقوق والواجبات التي ينص عليها هذا القانون ، وتكون مواطنته أساسا لعلاقته بالوطن والدولة.
ب- لا يجوز إسقاط الجنسية العراقية عن العراقي ولا يجوز نفيه . ويستثنى المواطن المتجنس الذي يثبت عليه في محاكمة ، أنه أورد في طلبه للتجنس معلومات جوهرية كاذبة ، تم منحه الجنسية إستنادا إليها .
ج- يحق للعراقي أن يحمل أكثر من جنسية واحدة ، وإن العراقي الذي أسقطت عنه جنسيته العراقية بسبب إكتساب جنسية أخرى ، يعد عراقيا .
د- يحق للعراقي ممن أسقطت عنه الجنسية العراقية لأسباب سياسية أو دينية أو عنصرية أو طائفية أن يستعيدها .
هـ- يلغى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 666 لسنة 1980 ، ويعد كل من أسقطت عنه الجنسية العراقية بموجبه عراقيا .
و- على الجمعية الوطنية إصدار القوانين الخاصة بالجنسية والتجنس والمتفقة مع أحكام هذا القانون .
ز- تنظر المحاكم في كل المنازعات التي تنشأ عن تطبيق الأحكام الخاصة بالجنسية .
*- مرة أخرى يعود دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ، بنصوص المادة (11) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية ( الدستور المؤقت للعراق بعد إحتلاله سنة 2003 ) ، بعد تغيير مواضع بعض الكلمات والجمل أو إعادة صياغتها وإستخدام بعض المرادفات اللغوية لها ، للتمويه على عدم إختلاف النصوص باللفظ أو بالمعنى ، بنصوص المادة (18) من الدستور الدائم ، وكما يأتي :-
أولا – الجنسية العراقية حق لكل عراقي ، وهي أساس مواطنته .
ثانيا- يعد عراقيا كل من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية ، وينظم ذلك بقانون .
ثالثا- أ- يحظر إسقاط الجنسية العراقية عن العراقي بالولادة لأي سبب من الأسباب ، ويحق لمن أسقطت عنه طلب إستعادتها ، وينظم ذلك بقانون .
ب- تسحب الجنسية العراقية من المتجنس بها في الحالات التي ينص عليها القانون .
رابعا- يجوز تعدد الجنسية للعراقي ، وعلى من يتولى منصبا سياديا أو أمنيا رفيعا ، التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبة ، وينظم ذلك بقانون .
خامسا- لا تمنح الجنسية العراقية لأغراض سياسة التوطين السكاني المخل بالتركيبة السكانية
في العراق .
سادسا– تنظم أحكام الجنسية بقانون وينظر في الدعاوى الناشئة عنها من قبل المحاكم المختصة .
لقد نصب المحتل وأعوانه شباك فخاخهم غدرا بالعراق ، ولا بد من الإيضاح بالسؤال عن كيفية أن يعد عراقيا كل من ولد لأم عراقية ؟!، وما هي علاقته بالدولة العراقية بحكم تبعيته لجنسية والده ولدولته خلافا للعلاقة التنظيمية الرابطة بينهما ، ولماذا يتهرب نص البند (ثالثا/ب) مما عبرت عنه الفقرة (ب) من القانون بإسقاط الجنسية عن المجنس إستنادا إلى معلومات كاذبة تقدم بها لغرض التجنس ، دون إسقاطها عنه عند إخلاله بالإلتزامات والواجبات الوطنية بعد تجنسه ، وهي الأولى والأهم في أسباب ومبررات إسقاط الجنسية من غيرها ، كما إن كل من يسعى لإكتساب جنسية أخرى غير جنسيته الأصلية ، سيكون مقيدا باليمين على الولاء للدولة المانحة له جنسيتها ، وعليه تحمل ما سيترتب على الإزدواج في التبعية والولاءات المختلفة ، لأن منح الجنسية الأخرى يستند إلى دوافع تحقيق المصلحة العامة للدولة المانحة ، من خلال الإفادة من إمكانيات المجنس العلمية أو العملية المهنية الجاهزة ، وليس إلى تحقيق مصلحة الدولة الأم التي تكبدت تكاليف التربية والتعليم واكتساب مهارات الحرف والمهن ، لرافض جنسيتها ومستبدل مواطنته بما لا يعوض عنها ، بإستثناء بعض الحالات الواقعة تحت ظروف القوة القاهرة . أما أسقاط الجنسية العراقية عن المجنسين من التبعية الإيرانية في أوائل سبعينيات القرن الماضي ، فقد كانت لأسباب سياسية بسبب مشاركة بعضهم في تنفيذ تدخلات إيران المؤذية في الشأن العراقي الداخلي ، وما تلاها من حرب ضروس لم يجنح فيها السياسيون الإيرانيون إلى دعوات السلم والسلام على مدى ثمان سنوات شداد ، ولم تسقط الجنسية العراقية عن أي مواطن أو مجنس لأسباب دينية أو عنصرية أو طائفية ، ولكنها أسقطت عن كل عراقي من أصل أجنبي ، إذا تبين عدم ولائه للوطن والشعب الذي إحتضنه وآواه ونصره ، وذلك ما تضمنه القرار المرقم (666) لسنة 1980 ، الملغى بموجب الفقرة (ه) من قانون إدارة الدولة التي لا يبغي المحتل وأعوانه من خلالها ، إلا إلى إعادة الجنسية العراقية إلى من أسقطت عنهم وبغض النظر عن الأسباب الموجبة لذلك . والسؤال الذي يجب طرحه هو كيفية وصف المقاومة العراقية بالإرهاب ، والمواطنة أساس علاقة المواطن بالوطن والدولة حسب نص الفقرة (أ) من القانون ، ولسنا معنيين بتفسير ومقاصد السلطات التي نصبها الإحتلال بعد سنة 2003 ، التي أسقطت الجنسية العراقية بشكل أو بآخر عن كل عراقي غيور على وطنه ، إلا إن المواقف والإجراءات موثقة في ذاكرة التأريخ والأجيال المتعاقبة ، وما الإصرار على تهجير المخلصين إلى خارج العراق وفي داخله ، بأساليب القمع الطائفي والأتهامات الملفقة والكيدية المشينة ، وممارسات التعذيب والإنتقام الشخصي الفردي والجماعي بدعوى المظلومية التأريخية ، إلا إضافات غير إنسانية لإجراءات الإجتثاث والإقصاء والإبعاد والتهميش والتمييز المخل بين المواطنين من حيث الحقوق والواجبات ، وما هي إلا شواهد على مقاصد ونوايا السوء المبيتة ضد الصفوة والنخبة من أبناء العراق الأباة ، لأن من يحمل الجنسية العراقية حقا ، ويعد مواطنا عراقيا أصيلا وصالحا ، هو ذلك الذي يرفض ويقاوم الإحتلال بكل تسمياته ومواصفاته وأوصافه ، وبكل ما يمتلك من عوامل وعناصر ووسائل وأساليب المواجهة والتصدي .
إن طلب التخلي عن الجنسية غير العراقية ، بسبب تولي حائزها منصبا سياديا أو أمنيا رفيعا في الدولة العراقية ، يتعارض مع جواز تعدد الجنسية للعراقي ، لضعف القياس على الحالات الإستثنائية المحددة دستوريا ، وما يشكله عدم الثقة المؤقتة في علاقة العراقي بوطنه ودولته الأم ، مخافة عدم ولائه للوطن بشكل قطعي ومطلق لا يحتمل الإستثناء أو التقييد ، وعليه يكون من الأولى عدم إشغال تلك المناصب من قبل حاملي الجنسية الأجنبية إبتداء ، مع سريان ذلك على جميع الوظائف الحكومية من الدرجة الرابعة فما فوق ، وإن لم يطبق ذلك فعلا على من شغل مناصب الرئاسات الثلاث ومقاعد مجلس النواب ومناصب الوزارة ووظائف الدرجات الخاصة ، وما شواهد الترشيحات الحالية لإشغال تلك المناصب إلا شواهد دامغة ولا يمكن نكرانها ، كما إن الجنسية العراقية المكتسبة من قبل المجنسين ، تعد جنسية أخرى مانعة من توليهم أية وظيفة رفيعة أو وضيعة في بلادهم الأصلية ، إلا إنها تمنحهم حق تولي المناصب السيادية والمراكز الأمنية والوظائف العليا الرفيعة في العراق وهم الغرباء عنه ؟!، وما كان ذلك ممكنا لولا وقوعه ضمن دائرة مخطط إستمرار الفوضى في العراق ، بدعم وإسناد قوات الإحتلال لأغراض تحقيق سياسة التوطين السكاني المخل بالتركيبة السكانية في العراق وليس العكس ، من خلال فرض من لا ينتمي إلى أرضه ولا إلى شعبه إليه ، في الوقت الذي تحافظ الدول على مصالحها العامة بإخضاع الأجانب لمعاملة تختلف عن معاملتها لمواطنيها ، وخاصة منعهم من أي نشاط سياسي أو تولي مواقع المسؤولية فيها ، بل وتمنع إشتغال غير مواطنيها في أغلب الأعمال الحكومية وغير الحكومية ، ويتجسد ذلك في شعار الأولوية للأصيل في الإنتماء إلى الوطن في الحقوق والواجبات .
ولعل الطامة الكبرى تكمن في إصرار شاغلي المناصب السيادية أو الأمنية الرفيعة من العراقيين على عدم التخلي عن الجنسية غير العراقية ، على الرغم من الشرط الدستوري الذي لا يؤهل مزدوج الجنسية لتولي تلك المناصب منذ سنة 2004 وحتى الآن ، لا بل يستوجب عدم إستيفاء الشخص لذلك الشرط حرمانه من إشغال أي منصب أو وظيفة ، وإسترداد ما صرف له من الأموال بأية صورة كانت ، لعدم توفر شروط الإنتخاب أو التعيين اللازمة لذلك وطنيا ، على الرغم من وضوح النص الدستوري الذي وضعوه وعملوا على عدم تطبيقه بمخالفته ، ونرى في عدم التخلي عن الجنسية غير العراقية من قبلهم ، إستعدادهم التخلي عن الجنسية العراقية لأقل وأتفه الأسباب ، خاصة فيما يتعلق بضمان عودتهم إلى حيث كانوا في دول اللجوء أو مخيمات الإعانة والمساعدات الإنسانية ، تمهيدا للدوران في فلك رحى طحن جديد ، يدفع ثمن شروره وضرره البالغ ، العراقي الأصيل نسبا وإنتماءا تحت سماء العراق والعراقيين الأولى بالحقوق والواجبات ، من المتجنس الأجنبي أو مزدوج الجنسية أو عديم الولاء الوطني ، أو الراغب بالإنفصال كرها باهل العراق الأصلاء ، وطمعا بما حباهم الله من فضله ؟!. ونحن ننتظر إجتماع السياسيين الطارئين لإنتخاب أحدهم قبل تخليه عن الجنسية الأجنبية على أقل تقدير ؟!.