22 نوفمبر، 2024 10:13 م
Search
Close this search box.

مجلس النواب ليس جسرا لتحقيق مصالح حزبية وشخصية ؟!

مجلس النواب ليس جسرا لتحقيق مصالح حزبية وشخصية ؟!

القسم الرابع
لعل من المناسب إيضاح كيفية أن يكون الإنسان عراقي الجنسية بالولادة ومن أبوين عراقيين بالولادة ، حيث تكتسب الجنسية على أساس ولادة الأب والأم والإبن في إقليم الدولة الواحد ، على نحو متتابع بولادة جيلين يعبر عن صلة العائلة بدولة الميلاد ، وقد أخذت العديد من التشريعات بهذا الأساس في منح الجنسية ، فولادة الإبن والأم والأب معا في العراق ، تفيد جدية الإندماج بالوسط الوطني للمجتمع العراقي ، وقوة الصلة التي تربط العائلة بالعراق ، وبها تكون ولادة الإبن إمتدادا لولادة الأم والأب ، ويجب أن تكون البنوة هنا شرعية ، وتثبت بحسب القانون العراقي لأن ذلك من النظام العام ، وأن يكون الأب مقيما في العراق حين ولادة الولد ، إذ يفيد ذلك وحدة السكن للأب والإبن ، ومن ثم تعد إقامة الأب حكما لإقامة الإبن ، وأن يقدم الولد طلبا لإختيار الجنسية العراقية عند بلوغه سن الرشد ، وهو إكمال سن الثامنة عشر من العمر ، إذ يخضع الطلب لتقدير وزير الداخلية أو من يخوله ، لأن الجنسية في هذه الحالة منحة تلتمس وليست حقا موصوفا بالفرض ، مع مراعاة ظروف العمل في المؤسسات العراقية الرسمية وغيرها من أسباب وعوامل القوة القاهرة في تواجد وولادة العراقي خارج العراق .

أما إكتساب الجنسية العراقية على أساس الإنتماء إلى الأمة العربية ، فقد كان باستطاعة العربي الذي ينتمي بأصله إلى أحدى الدول العربية ، التجنس بشروط أخف من شروط تجنس الأجنبي ، حيث يعفى من شرط الإقامة مثلا ، كما أصبح بإمكانه الإحتفاظ بجنسيته العربية في ظل إكتسابه للجنسية العراقية ، وهذا يعني أن المشرع العراقي سمح بإزدواج الجنسية العربية ، إذ مكن العربي من أن يجمع بين الجنسية العراقية وجنسيته الأصلية ، بشرط أن لا يكون فلسطينيا ، حتى لا تتشتت الهوية الفلسطينية بين الدول العربية ويغيب مفهوم الشعب الفلسطيني ، وبالمقارنة مع موقف المشرع العراقي في القانون الجديد ، ففي الحالة المتقدمة لم يفرد المشرع حكما خاصا بها ، إنما ألحقها ضمن حالات التجنس العادي ، ومن خلال قراءة القانون الجديد ، يظهر أن المشرع قد ساوى في شروط منح الجنسية العراقية بين العربي والأجنبي ، وهذا توجه مخالف لمفهوم الهوية العراقية العربية . لأن الهوية الوطنية أو القومية تدل على ميزات مشتركة أساسية لمجموعة من البشر، تميزهم عن مجموعات أخرى ، ولأن أفراد المجموعة يتشابهون بالميزات الأساسية التي كونتهم كمجموعة ، وربما يختلفون في عناصر أخرى لكنها لا تؤثر على كونهم مجموعة ، فما يجمع الشعب العراقي هو وجودهم في وطن واحد ولهم تأريخ طويل واحد ومشترك ، وفي العصر الحديث لهم أيضا دولة واحدة ومواطنة واحدة ، كل هذا يجعل منهم شعبا عراقيا متميزا رغم أنهم يختلفون فيما بينهم في الأديان واللغات وأمور أخرى بنسب متفاوتة ، ولكنهم يشتركون في عناصر الجمع ( الأرض ، اللغة ، التأريخ ، الحضارة ، الثقافة ، الطموح ) وغيرها . لأن عددا من الهويات القومية أو الوطنية تطورت بشكل طبيعي عبر التأريخ ، وعدد منها نشأ بسبب أحداث أو صراعات أو تغيرات تأريخية سرعت في تبلور تكوينها المجتمعي ، وقسم منها تبلور على أساس النقيض لهوية أخرى ، وهناك تيارات عصرية تنادي وتدعو إلى إلغاء الهوية الوطنية أو الهوية القومية ، إنطلاقا من ضعف الإنتماء الوطني أو القومي لديها ، وهذا ما نلمسه في توجهات أغلب السياسيين الجدد في العراق ، لعدم وجود الإمتداد الطبيعي لهوياتهم الوطنية العراقية والقومية العربية ، ليس من جهة الجذور والأصول لبعضهم ، ولكن من ناحية الإنتماء والشعور الوطني العراقي والقومي العربي الأصيل . فالمواطنة هي الإنتماء إلى مجتمع واحد يضمه بشكل عام رابط إجتماعي وسياسي وثقافي موحد في دولة معينة ، وتبعا لنظرية جان جاك روسو ( العقد الإجتماعي ) ، فإن للمواطن حقوق إنسانية يجب أن تقدم إليه ، وعليه في نفس الوقت تحمل مجموعة من المسؤوليات الإجتماعية التي يلزم بتأديتها ، وينبثق عن مصطلح المواطنة مصطلح ( المواطن الفعال ) وهو الفرد الذي يقوم بالمشاركة في رفع مستوى مجتمعه الحضاري ، عن طريق العمل الرسمي الذي ينتسب إليه أو العمل التطوعي الذي ينتمي إليه ، ونظرا لأهمية مصطلح المواطنة تقوم كثير من الدول بالتعريف به ، وإبراز الحقوق التي يجب أن يملكها المواطن ، كذلك المسؤوليات التي يجب عليه تأديتها تجاه المجتمع ، فضلا عن ترسيخ قيمة المواطن الفعال في نفوس المواطنين ، لأن المواطنة دليل على وجود الصلة بين الفرد والدولة ، وبموجب القانون الدولي فإن المواطنة مرادفة لمصطلح الجنسية ، على الرغم من إحتمال وجود معان مختلفة لهما وفقا للقانون الوطني ، فالشخص الذي لا يملك المواطنة في أية دولة لا يمتلك جنسيتها ، وكذلك الحال بالنسبة للشخص الذي لا يمتلك جنسية أية دولة لا يملك حق المواطنة فيها ، وذلك ما يؤكد ويجسد قاعدة عدم السماح بإقرار الإزدواج في الجنسية ، حفاظا على وحدة هوية الإنتماء والولاء ، وما يترتب عليهما من وجوب الوفاء بأداء فروض الواجبات والإلتزامات ، لقاء إكتساب حق إستحصال الحقوق الممنوحة للمواطنين.

أحدث المقالات