القسم الثالث
وتستمر وتيرة الإدعاءات والمزايدات الكاذبة بإجراء الإصلاح على غير هدى المطلوب ، فلم يحاسب فاسدا ولا فاشلا ، ولم يحصل المواطن على غير الزيادة في مأساته وحرمانه من أبسط حقوقه ، ولم تصبح أجهزة الدولة إلا بأسوء حالات ما كانت عليه ، وحيث كان لنا رأي بعدم دستورية وشرعية وقانونية إنشقاق مجموعة من أعضاء مجلس النواب وإعتصامهم ، فإن النهاية المختومة بتعطيل عمل مجلس النواب من الناحيتين التشريعية والرقابية مسألة لا بد من وقوعها ، والتي أكدتها المحكمة الإتحادية العليا بقرارها المرقم (38/إتحادية/2016) وموحداتها في 28/6/2016 ، بعدم دستورية جلستي مجلس النواب المنعقدتين بتاريخ 14/4/2016 و 26/4/2016 ، وإلغاء كافة القرارات المتخذة فيهما بإعفاء رئيس المجلس ونائبيه وإقالة عدد من الوزراء وتعيين غيرهم . إلا إن إشارة الناطق الرسمي بإسم المحكمة الإتحادية إلى أن ( تفرغ المحكمة للنظر في الدعوى لأهمية موضوعها وإحتراما لأطرافها وتقديرا لوضع البلد ) ، فيه جنبة سياسية لا موجب لإعلانها ، ومسكا لعصا القضاء من الوسط ، بدلا من الحزم والحسم المتمثل بطلب حل المجلس وفقا لأحكام المادة (64) من الدستور ، ليستغل رئيس مجلس النواب ( سليم الجبوري ) ذلك القرار الضعيف ، بالإعراب عن إحترامه لقرار المحكمة الإتحادية الذي جاء ليؤكد ما ذهبت إليه رئاسة مجلس النواب وأغلب الكتل السياسية ، وموضحا بأن ( قرار المحكمة الإتحادية جاء في الوقت المناسب ، وأنهى كل المحاولات التي تريد عرقلة عمل مجلس النواب في المرحلة القادمة ) ، ومبينا بأن ( كنا حريصين على أن يصدر حكم المحكمة قبل الشروع بعمل مجلس النواب للسنة التشريعية الثالثة ، ولكي يتسنى للمجلس القيام بمهامه الدستورية بشكل منتظم ، وأن يقطع الطريق أمام كل من يحتج بعدم صدور قرار المحكمة الإتحادية ، من أجل عدم الإلتزام بمهامه الدستورية المكلف بها من قبل الشعب ) ومؤكدا على أن ( صدور هذا القرار لا يسقط حقه القانوني بإستئناف إقامة الدعاوى الجنائية بحق من تسبب بتخريب المال العام وتضليل العدالة ، أو من إنتحل صفة رسمية بشكل غير قانوني ) ، لافتا إلى أن ( هذا القرار جاء ليؤكد ما ذهبت إليه رئاسة مجلس النواب وأغلب الكتل السياسية ، من عدم دستورية الممارسات التي قام بها عدد من النواب المعترضين ، وإن أي تغير داخل مؤسسات الدولة يجب أن يكون منطلقا من مواد قانونية ودستورية ) ، وفي مقابل ذلك إستمر السجال السياسي الذي لا معنى ولا فائدة منه ، حين تعلن ( جبهة الاصلاح ) البرلمانية ؟!، بأنها ستقاضي من منع النواب من دخول قاعة البرلمان ، وستعمل على إقالة الجبوري مرة أخرى ، ويزيد مقرر مجلس النواب (أوغلو) بأنه ومن معه ، سيعملون على إقالة هيأة رئاسة مجلس النواب بكاملها ، مما يؤكد على أن الموضوع ذو طابع شخصي ولا يمت بصلة إلى الإصلاح بشيء ؟!، لنقول للسادة النواب جميعا ، وبعدما إنتهت الدورة الإنتخابية 2014-2018 دون تنفيذ أبسط المهاترات الكلامية على مسرح الأكاذيب الإصلاحية ، لستم إلا صنف واحد ، وبعضكم من بعض ؟!.
*- كما نصت المادة (13) من النظام الداخلي لمجلس النواب ، على أن ( يجب أن تتوفر في عضو مجلس النواب الشروط الآتية :-
أولا- أن يكون عراقيا كامل الأهلية وفقا للمادة (49/ثانيا) من الدستور ) .
*- لقد نصت المادة (49/ثانيا) من الدستور ، على أن ( يشترط في المرشح لعضوية مجلس النواب ، أن يكون عراقيا كامل الأهلية ) ، والشرط المذكور من ضمن مكونات القانون الذي ينظم ( شروط المرشح والناخب وكل ما يتعلق بالإنتخاب ) ، حسب نص البند (ثالثا) من المادة الدستورية ذاتها ، وكذلك الحال بالنسبة لكثير من المواد والبنود والفقرات التي لا ينبغي لها أن تكون من الدستور ، لتعلق مضامينها بآليات تنفيذية لا ترقى إلى مستوى المبادئ والقواعد العامة العليا للقانون الأساس للدولة ، وبذلك فإن هذا البند زائد عن حاجة التشريع الدستوري لوقوع شرطه فيما بينا آنفا ، كما يتوجب أن يكون المرشح عراقيا بالولادة ومن أبوين عراقيين بالولادة حتما لازما ، لأنه الأولى والأحق والأصدق في تمثيل مكونات الشعب العراقي ، منعا للمجنسين وذوي الأصول المختلطة والهجينة من التسلل إلى مواقع السلطة التشريعية أو التنفيذية العليا للدولة ، وتحقيق غايات وأهداف الساعين إلى الخراب الوطني العراقي من الأجانب ، بإلغاء هويتيه العراقية والعربية .
لقد نصت المادة (2) من الدستورعلى أن ( الإسلام دين الدولة الرسمي ، وهو مصدر أساس للتشريع ) و ( لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام ) و ( لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية ) . وبذلك فنحن أمة عراقية بالولادة ومن أبوين عراقيين بالولادة وكذلك أجدادنا ، وإذا كان التحفظ واجبا على الجمع بين أسس التشريع الإسلامي والديمقراطي في دستور الدولة العلمانية قبل الإحتلال ، فمن الفرض الإحتجاج والإعتراض والرفض بشدة على ما يتضمنه دستور سلطة الأحزاب الدينية بعد الإحتلال ، لأن معظم التشريعات المستندة إلى ثوابت أحكام الإسلام بإعتبارها المصدر الأساس للتشريع ، تتعارض مع غالبية المبادئ الديمقراطية ، ولعل تخبط المشرع السياسي وفوضوية القواعد المعتمدة ، أفقدته التمييز بين الإثنين أو الفصل بينهما ، في مجتمع قد يتقبل بعض أفكار التشريع الديمقراطي ، إلا إنه يرفض وبشدة ما تضمنه نص المادة (18/ثانيا) من الدستور ، حين يعد عراقيا ( كل من ولد لأم عراقية ) ، وهو ما يتنافى وثوابت أحكام الإسلام بنص القرآن الكريم ( إدعوهم لآبائهم هو أقرب للتقوى ) ، وقول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ( الولد للفراش ) ، كناية على إنتسابه لأبيه وليس لأمه ، وعليه لا يجوز إلحاق الولد بجنسية أمه العراقية وهو لأب بريطاني أو فرنسي أو تركي أو إيراني … إلخ ، لخروج ذلك عن نطاق المعروف بيقين النسب والإنتماء الأساس والأصيل لما تغيض به الأرحام وتزداد . كما نصت المادة (18) من الدستور على أن ( الجنسية العراقية حق لكل عراقي ، وهي أساس مواطنته ) و ( يعد عراقيا كل من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية ، وينظم ذلك بقانون ) … إلخ ، وهكذا يعود دستور جمهورية العراق لسنة 2005 إلى نصوص المادة (11) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية ، بعد تغيير مواضع بعض الجمل أو إعادة صياغتها وإستخدام بعض المرادفات اللغوية لها ، للتمويه على عدم تطبيق نصوص القانون المذكور حرفيا ، بإستثناء إعتبار الجنسية العراقية أساسا لمواطنة العراقي بدلا من إعتماد المواطنة أساسا لعلاقة العراقي بالوطن والدولة ، وفي ذلك تجنيا على المواطنة الحقيقية التي تفرض أداء الواجبات ونيل الحقوق ، على وفق مقتضيات القيم والمبادئ السامية للإنتماء الأصيل والثابت للأمة والأوطان ، والتي لا يحقق إكتساب الجنسية شيئا منها في أغلب الأحيان ، سيما وأن الجنسية العراقية تمنح لغير العراقي بصفته متجنسا ، ولمن ولد لأم عراقية سواء كان أبوه مجهولا أو أجنبيا معلوما ، خلافا لثوابت أحكام الإسلام التي نص الدستور على عدم جواز تشريع ما يخالفها ، إلا إن الفرق واضح فيما يترتب على من يمنح الجنسية العراقية بشكل ثابت وأصيل ، وذلك الممنوحة له بشكل مؤقت وغير ثابت ، بدلالة جواز سحبها من المجنس في الحالات التي ينص عليها القانون ، والتي تكون فيما يتصل بحدوث الخلل في العلاقة التنظيمية بين المجنس والوطن ، أو الدولة المانحة لجنسيتها لأسباب سياسية برداء الإنسانية المستعار .