18 ديسمبر، 2024 8:36 م

مجلس النواب بين سبات مقصود و موت سريري لا يُحسد عليه !

مجلس النواب بين سبات مقصود و موت سريري لا يُحسد عليه !

بات من المؤكد ان السياسة سلوكاً ضالعاً تُربي محترفيها لمواصلة ادارة الازمات السياسية بخداعها ومكرها وغدرها وسلبيتها امام مرأى ومسمع الرأي العام  ، بالرغم من انها اداة فاعلة لحل الازمات  وتقريب وجهات النظر بين المفاوضين والمختلفين بغية التأسيس لبناء قاعدة مشتركة لمعاودة الحوار والتفاوض في حالة توقفه . في المقابل نجد ان السياسات المعاصرة التي يقودها الشباب تكون اقل تقديساً للنخب السياسية مما ينبرأ عنها تنافس غير متزن وبالتالي شعور النخب انها لا تستطيع مجاراة الشباب الذي يمسك عصا التبختر بقوة ويلوح بها حيناً مما تنعكس سلباً على ترسيخ مفاهيم القوة  والسطوة واشاعة نوع من العنف السياسي  والذي  سيتحول الى عنف مجتمعي ، فضلاً عن الابتعاد عن المرونة السياسية في التعامل مع الاحداث والمواقف . في العراق نرى اليوم ظهور صنفين من الساسة احدهما من الذي ركب الموجة بعد سقوط النظام من ذوي الاختصاصات البعيدة عن السياسة وتعلموا القش منها بالرغم مما يتمتعون به من حماس واندفاع ويسمى هؤلاء بـ ( اشباه السياسين ) ، اما النخب السياسية صاحبة الدروس والخبرة والممارسات الميدانية ذات التجربة الطويلة والمريرة في الاحتراف والممارسة ، اغلبهم هجر العراق ولم يبقِ منهم الا القليل ، او قد تخلوا عن دورهم وانخرطوا في هذه الموجة المضادة لتعميق اسس الدولة المدنية  ، وبالتالي ستحدث اصطفافات سياسية ويحضى اشباه الساسة على الحضوة بسبب العزيمة والارتجال الذي يملكونه ، مما وقعنا بمستنقع الفوضى السياسية ، وبحكم خبرتهم البسيطة تداخلت في نفوسهم الاعتبارات الدينية والمذهبية والقومية وبقيت طموحاتهم رهن الغاية تبررالوسيلة . مما برزت  ظاهرة تحدي النظام السياسي  لا سيما الحكومة وتحميلها الازمات حتى وان كانت من اختصاص البرلمان . نعتقد ان تراجع الثقة بين الحكومة والبرلمان ينعكس سلباً على الشارع العراقي وتوجهم بعض الساسة صوب الشارع لتحريكه وايجاد نوع من الحراك الجماهيري يديرونه باتجاه تحقيق مصالحهم النفعية . وبات اشباه الساسة في منطقة الحرام  يسعون لتوسيعها حتى يكون لهم هامش من التحرك وخلط الاوراق والتأثير على الرأي العام  . مما تبين ان هناك خلطاً ينبغي توضيحه ان ليس كل المطالب هي من اختصاص الحكومة وانما للبرلمان  دوراً رئيسياً في حلها ، وهنا قد يتهمني احداً انني ادافع عن الحكومة المحتضرة . ان الدولة الديمقراطية مهما تنتابها المعاضل والازمات والتهالك يبقى البرلمان هو الواحة الخضراء المتجددة عكس ما نراه في برلماننا المبجل ، الذي ارتضى ان يكون سباته طيلة فصول السنة وحكم على نفسه بالموت السريري .