23 ديسمبر، 2024 3:01 م

مجلس النواب العراقي وخیانة الامانة

مجلس النواب العراقي وخیانة الامانة

أي طينة صنعتم منها ومن ای اناس وبشر انتم ؟ الذین يجب ان تطغى عليهم روح التفاني لخدمة المجتمع وحل معظلاته الاساسية  لا فی خلق واستمرار ظهور الازمات التي ابعدتکم عن العطاء والاقرار فيها بقوانين متناسبة مع الاهمية والتعمد فی اهمال أخرى حيوية  وتاسست تحالفات متناقضة فی کل شیء .عطلتم القرارات التي تنفع الشعب والعملية السياسية والقضاء مثل قانون النفط والغاز وقانون التعديل البرلماني لردم الفجوات الکثیرة فیه وقانون العفو العام واصلاح قانون الأحزاب المختلف علیه الذي بقي دون تطبيق وليس فيكم شجاعا ً يطالب بتطبيقه، وانفقتم على مفوضية انتخابات الوقت الطویل  لتحقق لکم مآربكم الزائفة وكان من نتائجه الوخيمة حالات التزوير والتلاعب في خيارات الناخبين في الانتخابات الاخيرة والتي نعيش وطأة آثارها الى الان . بعد ان استولت مجموعة من نواب الازمات على البرلمان من خلال توجيهها عدداً من النواب الفاشلين او الخاسرين في الانتخابات وبعض النواب الذين حال التزوير الفاضح في الانتخابات دون تجديد عضويتهم في مجلس النواب للانقلاب على الديمقراطية ديمقراطياً من خلال تشريع التعديل الرابع لقانون الانتخابات الذي يتضمن فقرة تتيح لمجلس النواب تمديد ولايته الدستورية . والكثير منكم جاء للبرلمان بالتزوير والصفقات واتفاقات الغرف السرية واحكام البراءة من القضاء ،هل حقا تمثلون الشعب الذي أنتخبکم والوطن الذي تراعراعتم فیه ؟ این الامانة التی حملکم  ایاها ذلك الوعاء الأخلاقي الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال إخضاعه لحسابات أخرى، جريمة خيانة الأمانة في كل المقاييس القانونية والأخلاقية والاجتماعية جريمة ببعدين ، بعد خرق الأمانة ، وبعد السرقة وبذلك فان صب هذه الجريمة في جو جزائي بحت ينبغي النظر إليه ابعد من هذا الشرط الجزائي لكون جريمة خيانة الأمانة تعد من الجرائم الكبرى . مهما كانت الذرائع والمسوغات، ومن هذا المنطلق تقدمت الأمانة في التصرف على العدل، إذ لا يمكن للعدل أن يسود إذا لم يكن هناك موقف أمين يدعم هذا التصرف ويدفعه إلى الواجهة السلوكية سواء كان الموقف إجراءا قانونيا يهم قضية مهمة أم تصرفا إنسانيا يوميا. قوله تعالى : (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) النساء 58. ان جريمة خيانة الأمانة تختلف اختلافا جوهريا عن منظور جريمة السرقة في ان ركن السرقة هو اختلاس المال ونقله من مكان وجوده بقصد الاستيلاء عليه والتصرف فيه تصرف المالك، وبذلك تكون يد السارق مطلقة بالهدف في النية ولحظة ارتكاب (الجريمة) بينما خيانة الأمانة تأخذ هذا البعد إذا كان الحال بالنسبة للمال، لماذا یجامل البعض من النواب علی حساب الحق ان الركون الى التوجس والخوف من احقاق العدل، يفقد صاحب القرار بشخصيته الانسانية، بل يفقده اهم شروط وجوده: الشرف، وهذا بحد ذاته ما يجب ان يشير اليه قادة السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية في اطلالة فكرية عدلية عالية القيمة، وان يؤكدوا، انه لا خوف على الانسان من ان يفقد اخرين نتيجة موقفه العادل، لأنه بذلك يكسب رضا الله ورضا النفس وفي هذا قيمة اعتبارية واخلاقية عظيمة جدا، وقد عاقبت المادة (453)من قانون العقوبات العراقي مرتكب جريمة خيانة الامانة بعقوبة الحبس او الغرامة وبذلك فان المشرع العراقي قد نص على عقوبة تخييرية فجعلها الحبس او الغرامة وبهذا تكون عقوبة جريمة خيانة الامانة جنحة بالنظر الى الحد الاقصى للعقوبة وهو الحبس هذا اذا كانت الجريمة خالية من الظروف المشددة في حين تشدد العقوبة اذا اقترنت بظروف مشددة بالنظر الى توافر صفة معينة في الجاني . خلاصة ان الشعب کان ينتظر منكم مشاركته بهمومه وأزماته ، لا سرقة المال العام بغطاء تشريعي ومنها تمدید عمر البرلمان وقانون التقاعد للنواب فی غفلة من الحکومة المتمثلة برئیس مجلس الوزراء الذی رفضه لان فیه تبعات مالیة غیر مخول المجلس لاصداره رغم موافقة رئیس الجمهوریة علیه بعلم من مستشاریه او بدون علمهم  . هذا القانون لابد من اعادة تنظيمه ليكون منسجما مع القوانين الأخرى الخاصة بهيكليات مؤسسات الدولة، ومع قانون التقاعد العام والقوانين الاخرى ذات العلاقة بالمجلس ، وهنا تكون الجريمة مركبة لأنها سرقة مال الشعب وخيانة الأمانة في تسخير السلطة الممنوحة لكم لخدمتكم الخاصة والحفاظ على مصالحکم وترك القضاياه المصيرية المختلفة للبلد؟ هل هکذا ومن اجل المنصب يباع الضمير والشرف وان الفاسدون الخونة وبعض من السياسين عندهم الوطن لا شئ سوى الكراسي والمنافع الحزبية والشخصية، وبسبب جشعهم وطمعهم وعدم مبالاتهم یباع الوطن بکل سهولة. من ای طینة صنعتم منها أن وجود النواب في المجلس يشكل في حد ذاته أمانة كبيرة وثقة عالية من قبل الشعب ، الذين حملوهم هذه المسؤولية، ووضعوا ثقتهم فيهم وضروري على ان يلتزموا بمسؤولياتهم وواجباتهم الدستورية وان يؤدي دورهم الصحيح في تمثيل المواطنين، من خلال الحضور والمشارکة الفعالة ، وان يصب جل جهدهم فی القيام بمسؤولياتهم وواجباتهم التشريعية والإجتماعية تجاه الناس الذين من حقهم أن يكون لديهم الخدمات سواء كانت البنى التحتية، أو التعليم، أوالصحة، وجميع الشؤون الخاصة بالمواطنين،وعليهم ايضآ تشريع القوانين التي تسهم في رفع المستوى المعاشي والخدمي للمواطن كقوانين رفع رواتب القوات الامنية ومنح زيادة على رواتب المتقاعدين المجمدة منذ سنوات هذه الشریحة المضحیة التی قدمت من عمرها الکثیر وغيرها ، لم نری لحد الان ان یکون اعضاء مجلس النواب بمستوی من التواصل مع المواطنين بمختلف شرائحه للتعرف على أهم أولوياتهم وقضاياهم ومتطلباتهم،

والاستماع الى مشاکلهم ،وعرض مشاکل وهموم المواطنين على مجلس النواب لتحقيق مصالحهم وتفعيل الدور التشريعي والرقابي الحقيقي بعيدا عن التسقيط السياسي وان يكون سندا للعملية السياسية والنظام السياسي وفق الدستور واحترام استقلال السلطات والتعاون فيما بينهم لا بالصراع والتنازع بل بضمیر المواطنة . وفي سابقة خطيرة ان يقدم البرلماني على تحقيق المزيد من المنافع وتعظيم مرتباتهم المعيشية دون استحقاق وظيفي،و امرار قانون تقاعد النواب فی الایام الاخیرة لحیاته البرلمانیة  وفي ظروف صعبة یمر بالبلد  وتهالك ميزانية الدولة، الأمر الذي يجعل هكذا خطوة جريمة صارخة واستهتار بحقوق الوطن والمواطنين واستغلال لسلطة التشريع .

هكذا هو حال وطننا یراد له ان  يسقط في الهاوية على أيادي اشرار وفاسدون لا یعرفون معنى تراب وحب الوطن فهان عليهم كل شئ وبلد يدمر فیه أجيال من الشباب يقاتلون من اجله كل يوم وأصحاب الشهادات لا يجدون عملا مناسبا ومزوروا الشهادات يعينون وتفتح لهم الأبواب ، ویزداد الجهل والأمية والفقر وأوجاع تدمر وطن، وهم لا يعبأون ولا يحترمون دين الله الذين استغلوه وتاجروا به من أجل الوصول الى السلطة .

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي