لا…. وهماُ…؟ كما هي عند الأوربيين…؟
الأصلاح لغةً:ضد الفساد والافساد، مصطلح ورد في القرآن الكريم بقوله تعالى:(ان اريد الا الاصلاح).
في العصور الوسطى اقتبس المصطلح من العرب المسلمين في الاندلس بعد ان اهملوه فأهملهم التاريخ. منه تحركت الشعوب الأوربية بعد سقوط الاندلس في 1492 للميلاد، واستقرت في اراضيها بعد ان مزقتها الغزوات والحروب الجرمانية ،وحين ادركت ان الاصلاح هو المصير، راحت تُحدث تغييرا حاسما في التكوين الاجتماعي والاقتصادي لأوطانها ،فتولى الحكم والدفاع عن الاوطان قادة شجعان امنوا بالله والأرض والشعب ،فشجعوا الزراعة والتجارة وصناعة اليد،فأمتصوا كل البطالة والعاطلين وحفزوا فيهم روح الهمة الوطنية لبناء المستقبل المنتظر تحت المسمى الجديد (أرذودكس) اي المسيحي الملتزم بخط الاستقامة .اما المسلمين فقد أضاعوا خط الاستقامة والى الأبد فكان مصيرهم الضعف والخذلان والسقوط .
وقبل ان تبدأ مسيرة المجلس النيابي الجديد وسط هذه الانكسارات العسكرية والنفسية التي لحقت بالأمة،عليه اولا تشكيل لجنة قانونية عليا من المخلصين الحياديين القانونيين الاكفاء لتحديد مسئولية الهزيمة التي حلت بالوطن والجيش وتقديم منتسبيها لمحكمة قانونية عادلة ومحايدة،ثم يبدأ التحقيق في كل من اساء تعمدا الى تدمير الوطن وقتل ابنائه والتهاون في الثوابت الوطنية التي اوصلت الوطن الى هذا المنحدر الخطير. ليطمئن الشعب على من يقوده من جديد.
لم يقتصروا الأوربيين على الاستفادة من الاستقامة حسب بل راحوا يستفيدون من كل منجز حضاري اقتبسوه من الشعوب الاخرى ووظفوه في خدمة شعوبهم، بينما نحن لم نضع كل ما انتجه الفكر الانساني،منذ عصر اليونان الى يومنا هذا، الا في هامش الخطأ او الباطل ، فاذا قلنا :ان كل ما طرحه الفكر الانساني شيء والاسلام شيء اخر،ينتج لنا سؤال لا يمكن الاجابة عليه وهو( ماهو الأسلام) ؟لذا ضمن هذا الموقف السلبي لم يتم تعريف الاسلام الى يومنا هذا.
وأول ما تنبهوا الية فلاسفة الغرب كما يقول الفيلسوف (هنري لاسال) الى القيادة المركزية المتمكنة من قيادة الامة الجديدة ، فأختاروا قائدا لهم ، ووضعوا له المواصفات والمعايير التي بها يحكم، والتي لا يحيد عنها في ادارة الدولة ومركزيتها شعبية في توجهاتها لا يسمح لها قط بقيام دكتاتورية تتصرف بهم دون حسيب اورقيب او قوة
2
تعسف بالناس وتسير الامور على هدى صاحب العرش او السلطان حين عزلت الكنيسة ورجال الدين عن المؤسسة السياسية ، فصار حكام الاقاليم شركاء في الامر فعلا وليس أسماً،ولهذا كان لا يوصف القائد بأنه سيد المجتمع أو اقوى الجميع،بل يوصف بأنه الأول والمسئولين معه أنداد. من هنا كانت بداية التغيير.
فهل نحن استفدنا في العراق من امريكا بعد التغيير في التطوير والتعمير،وتعاونا معها واعطيناها الثقة في الانجاز والتبديل؟ وأشترطنا عليها شروطا عند التغيير حتى نحاسبها
على التقصير؟ أم ان مجلس الحكم مارس الخيانة وسرقة المناصب والمال العام من اول يوم استلم فيه حكم الدولة . لا نحن نصحناهم بنصيحة المصلحة الشخصية في التغيير، ولفقنا على وطننا شتى الأكاديب وأعطيناهم المبرر للتدمير-انظر قانون تحرير العراق عام 1992 . الذي قادة احد اركان مجلس الحكم دون معايير.
وبعد التحرير أعتبرناهم الأعداء وما درينا نحن وكل المسئولين اليوم لولا التحالف الغربي وجيوشه ما حصل التغيير، ولا وصل منهم واحدا لما هم فيه من سلطة وثراءفاحش على حساب الوطن والمواطنين .فكان الأجدر بنا ان نوثق العلاقة معها على كل المستويات ونبي دولة الانجاز والقانون حقا وحقيقة…لا وهما دون معايير؟،ونكون بمستوى رجال الوفاء لما عهادناهم به دون قانون،فالتغيير ماجاء من اجل تبديل السلطة بسلطة اخرى، وانما جاء من اجل ان نُنشأ مجتمعا متحضرا جديدا في كل المقاييس، وهذا لم يحصل،لا بل قتلنا الوطن والشعب حين جسدنا فيه المحاصصية الباطلة والطائفية المرفوضة والقومية والعنصرية أختراقاً للدستور ، وحلينا جيشنا النظامي واستبدلناه بجيش طائفي يتبع الحاكم لا الشعب وزودناه بضباط لا يعرفون العسكرية والاركان ولا حتى قيادة الجيوش،،فكانت نتيجته تبذير الاموال والفشل الذريع. فدقينا في الوطن اسفينا باطلا لا ينزع منه سنين..
ان القيادة الامريكية كانت قصيرة النظرهي الأخرى في التقدير والتنفيذ حين اعتمدت على زمرة الكذب والغش والباطل المرافقين، ولم تحسب حساب المحرضين الذين كانوا في غالبيتهم من غير العراقيين الذين تبرعوا لقول الباطل من اجل انفسهم لا الوطن والمواطنين،وهؤلاء يستحقون التحقيق والمحاكمة بتهمة التقصير. فوقعت اليوم في خطأ التقدير،وجر عليها هذا الخطأ كل تدمير.
ان الحل الوحيد امامنا اليوم بعد ان تكشفت الامور ان نكون حكومة منتخبة انتخابا حرا خارج قانون الانتخاب الباطل الذي كبل العراقيين بالقوائم المغلقة او التعيين بالبديل،والمقسم الانتخابي البغيض، ويكون المركز بيده سلطة التغيير دون مبالاة بالاخرين ونرفض الأقاليم ،واذا اراد الشمال ان يكون أقليما مستقلا فليذهب فهو الاحوج
3
الينا ولسنا نحن المحتاجين، ما دامت الحقوق محفوظة للجميع.فهل من رجل شجاع يُقدم على التغيير؟ من امثال فولتير وماوتسي تونغ وستالين ؟.
وهل من شخصية عراقية كريزماتية تنبري للموقف الخطير؟.
كنا نظن ان الذين جاؤا من خلف اسوار المدن،هم أقدر على حمل رايات التقدم والسير بها الى الأمام،وهم الذين كانوا ينادون بالحرية والمساواة كما كنا نسمعهم ونحن نقدمهم في محاضرات التوعية وهم يتوسلون بأظهارهم بمظهر الوطنيين ، لكنهم كانوا في غالبيتهم ذئاباً من غير الصادقين ، فلم تتسع المساواة عندهم لكل المواطنين ، لذا بعد وصولهم للسلطة قلبوا ظهر المِجن للناس وشرعوا القوانين المزدوجة التي تخدمهم دون المواطنين.فأتجهوا اتجاهاً صريحا نحو التاريخ اللاحضاري ،فلم يهمهم قتل المواطن او تشريده او تبذير امواله او الاخلال بثوابت وطنه دون معايير. فقتل العلماء وضباط الجيش والطيارين وكل من يمت بصلة لتقدم البلد وازدهاره من جديد.
نحن نريد ممن يدعو الاصلاح كيف يفكرون؟وبأية مشاريع وطنية يعرضون؟ وكيف يخططون للتعليم والصحة وغذاءالمواطنين وكيف يحصنون؟وكيف سيدخلون الفن والموسيقى والرسم عبر السنين ؟وماهي القوانين الجديدة التي سيضعون؟ وما قدر ثروة الوطن واحتياطها،وما درجة الفقر فيها ،وكيف سيجابهون ازمات الحروب والظروف الطارئة لتحصين الدولة وحياة المواطنين؟هذا الذي نريده ممن يطرح نفسه لتمثيل الشعب في الانتخابات القادمة،لا ان يكون محصنا بالمارقين والنهابة ومعدومي الضمائر واخلاق اللانسانيين ؟الذين يهربون من المسئولية ليسكنوا عمان ودبي ولندن واربيل،ووضع حد لتصرفات من يستغلون الدستور فلا المادة 140 ولا المناطق المتنازع عليها باطلا الا بموافقة الشعب والقانون
نحن لازلنا نقرأ نفس القيادات لأنتخابات القادمين،ونفس الشلل الفاسدة التي رافقهم عبر عشر سنين،وكأنهم ما كفاهم نهبا ووظائف وتسلط عل الناس والقانون،فبماذا يفكرون؟ بقوائم المالكي وعلاوي والصدر والحكيم والكرد الذين بلعوا النخلة بسليها دون خوف او وجل من الوطن والمواطنين ؟.
في حقيقة القول نحن لا نملك ميزانا مرناً نستطيع به التفاعل مع الاخرين.واذا اراد الواحد منا ان يبدي وجهة نظر مخالفة للفكر الديني يتهم بالكفر والألحاد والزندقة والهرطقة ويُبعد حتى من اهل اليقين ، وما تحت هذه الفلسفة الميتة من مصطلحات ،والحقيقة نحن لسنا ضدهم لكن ضد الخطأ الممارس من قبل المرجعيات ورجال الدين منهم.
4
ان ما تسمعه منهم في دعاياتهم التي بها يريدون للعودة للحكم الفاسد وما تقرأمن خلال صفحاتهم الحافلة بالتفاصيل ، وما قدموه من انجازات هوائية بهلوانية للجماهير، لا ترى أثراً لتقدم الزراعة والتجارة والصناعة وأثره في ميادين الحياة والناس،بل العكس ترى الفضائح والمهاترات في توزيع الثروة وأستنزافها في مشاريع وهمية لا يعلمون المتخفين في المنطقة الخضراء عنها شيئا ابداً ما داموا هم مؤمنون؟ واخرها هزيمتهم النكراء العار امام عصابات داعش فالمنطقة الغربية دون توضيح؟ ولا زالوا يدعون الرجول والاخلاص وهم ابعد ما يكونون عنها جملة وتفصيلا.
لقد انعكس هذا على السلوك العام ففسدت اخلاق الناس وقلة وطنيتهم ، وأستذلت كرامتهم حتى امام الغرباء في مؤتمراتهم الصورية وايفاداتهم الكاذبة .فأصبحت السلطة الفاسدة والمال الفاسد يفسد اخلاق الحكام والناس اجمعين على حد قول علي(ع) امير المؤمنين كما صورها في رسالته المحكمة لمالك الأشتر واليه على مصر في عهد حكمه العادل الرصين ؟
أهذه هي ديمقراطية التغيير في العراق الجديد ايها المالكي المستبد بالسطة والمال دون القانون؟
هذا النظام الأوربي الذي خلقوه من العدم حقق المعجزات حين توفرت النية في العمل والاخلاص فاصبح المركزبعد ان شكل حكومة الأغلبية الاقوى وبعد ان وضع القانون، فأصبحت الاقاليم كأنها رقعة مزينة بقطع الفسيفساء الصغيرة التي تشد ازر المركز والاقليم. فاُمنت الطرق وكثرت حركة الناس عليها،واصبحت الاقاليم تتبادل التجارة والمنافع دون خوف او وجل ،فزادت الثروة وأمتُصت البطالة وتأزرت العوائل
المجتمعية بالزواج والتواصل حتى اصبح المجتمع وانت تنظر اليه كأنه فعلا قطعة من فسيفساء جملت الاركان والألوان بألوانه الزاهية المعطائة دون تفريق. واليوم قادتنا ينقلبون على مبادئهم التي أعلنوها يوم كانوا أذلة ليمزقوا شعوبا ونسوا ان البيت الواحد الممزق لايدوم،والشعب المنقسم لا ينتصر في حروب .
والا ما معنى ان يطبقوا الطائفية والمحاصصية والقومية العنصرية خارج الدستور؟ ويبتعدوا عن الهوية الوطنية ألم يكن ذلك مدعاة لقتل الامة واغراقها في الخصومات والنزاعات ليسودوا هم دون عامة الناس …؟ هذه هي وطنية رجال التغيير ومرجعيات الدين المترفة اليوم دون حدود؟ والذين يظهرون اليوم بالبزة العسكرية ليوهموا الجماهير بالكذب والافتراء واولادهم مؤمنون في لندن وباريس وواشنطن ينعمون واولاد الخايبات يموتون،هذا هو الدين؟ نعم هذا هو دينهم لا دين المسلمين ؟
5
لقد تمسكوا في التراث الميت واخترعوا لنا الفِرق الاسلامية المتناحرة الصادرة عن المنتصر، وأفهمنا طلابنا في المدرسة والجامعة بمنهج كاذب ومزيف كتبه لنا العثمانيون،افهمناهم بأن الذين انتصروا في معاركنا السياسية هم الذين كانوا يسيرون في خط الضرورة والقانون التاريخي وسنن الحياة الفاعلة بغض النظر عن الحقيقة وارادة الناس ،فخرجنا عن خط الاستقامة بعد ان ابعدنا دستور محمد (ص) من الواقع السياسي وحسبنا ما قالته الفرق المتخاصمة هو القانون والدستور، فبقينا في مكاننا نراوح دون ان نتقدم ولا أنملة واحدة في السياسة والدين.واصبح رجل الدين ومرجعيته يعيشون مع الملايين،حتى بتبيض الاموال الباطلة المسروقة من قوت المواطنين،أما اهلنا ومُرَملاتُنا وايتامُنا يستنجدون العطف من الاخرين،وليس لدينا من مرجعية حكومية نرجع اليها مادامت بعيدة عنا ومحاطة في منطقتها الخضراء بأسوار الصين .فاين الاصلاح وأين الدين؟
وحين قوي المركز الأوربي وتوسعت الاقاليم اصبحت الحاجة ماسة الى جيش وتنظيم فكان ذلك حاضرا في رأس المركز والاقاليم،فأسست الفرق العسكرية وادخل عليها التنظيم،فاختفت الفوضى والسلب والنهب،حتى أصبح لا خطر يهدد المركز والأقاليم فأصبحت المسئولية والوطنية ومحبة الناس عقيدة عند الجميع. واصبحت حدود الاوطان مصانة بجيوش الوطنيين فتكونت عندهم أمة واحدة من أمم المختلفين..
أما نحن العراقيين فقد أوجدنا المليشيات والبشمركة وحرس الحدود والصحوات والهجانة ومزقنا جيشنا المنظم الذي بنيناه بعرق ثمانين سنة للاخرين وبعنا اسلحته ، ،واصبح الخليفة او الحاكم يحكم بأسم الدين فهو الخليفة القادر الامين،(أنما انا سلطان الله في أرضه أسوسكم بتوفيقه وتسديده أطيعوني ما أطعت الله) فخسرنا الحاكم والدين بعد ان أدخلونا في أزمة فقهية حادة (المذهبية) لا تزول الا بأعطاء البديل،فكيف البديل؟ ومن يجد البديل بين شعب اغراه المال واللايقين . فكيف السبيل؟ .
هنا ارادت ان تبرز الكنيسة ورجال الدين بتنظيم محكم رصين تدعمهم الكنيسة وكرادلتها والبابوات وما لهم من تأييد. فبدأ الصراع بين الكنيسة والمركز والاقاليم، فطالبوا بتقاسم السلطة بينهم وبين المركز ، لكن القائمين على الدولة كانوا مهرة فكر ناصح كبير فلن يسمحوا للكنيسة ورجال الدين بأن يستغلوا ضعاف العقول ليسيطروا على الدولة والاقاليم، فكان نتيجة الصراع المرير ان انتصر الفكر الحر على رجال الدين، فتحددت صلاحياتهم لما يخدم التوجيه،حتى اتفقت القوتان الدنيوية والدينية على مستوى القيادات والاقاليم، فكان من جراء ذلك ان تحددت سلطة الدولة عن حقوق الناس فكان أول هدف يبرز شخصية الدولة والمواطن دون تكليف.
6
أما نحن فقد أخترعنا المرجعيات المقدسة ولا ندري أي سر مقدس يطلبه القرآن منا، والقرآن الكريم في الآية 174 من سورة البقرة يرفض التقديس،فجعلونا في سجن مقفل حديدي لا نشم منه حتى الريح، فأصبحنا لا نتحرك الا بتوجهات رجال الدين ،وهم يعلمون تماما ان حتى دولة محمد(ص) ماكانت دولة دينية بل مدنية محكومة بدستور مدني واضح لا يقبل التأويل . فأخترعوا لنا الغيبات ونظرية المهدي المنتظرالوهمية ،وزيارات مراقد الصالحين ،وصرف ثروة البلد على التعمير لها دون نفع الا من منافع المرجعيات ورجال الدين ،التي غلبية عوائلهم تسكن لندن وباريس وعمان ودبي وأربيل.فتحولت الدولة من الفكرالحر الى التقديس، فكان هنا موتنا الى ابد الآبدين ليبقى الحاكم حاكما بقدسية رجال الدين..
ان الذي يهمنا التوكيد عليه هوان هذا النظام الأوربي الجديد كان في اساسه اقتصاديا لتنظيم التبادل التجاري بين الاقاليم فاخرجها من الفوضى التي اصابتها نتيجة التغيير حتى اصبحت الدولة الاوربية بمرور الزمن دولة قائمة فعلابعد ان شيد البنيان بالقانون والدستور الذي لا يخرق ،وتصدع الظلم والعدوان ودكتاتورية الاقطاع والامير.أما نحن اليوم فقد غزتنا مافيات الدين وسرقوا منا حتى حليب الاطفال وبطاقات التموين للفقراء والحتاجين وبعلم الحكومة وتسترها على السارقين ، وأعدنا قانون العشائر وشيوخها الذين لا هم لهم الا المال والجنس ورفع العكل تأييدا للسلطان الجائر دون تقييم.
وبعد ان اتسع التنظيم الاقتصادي عندهم وبني القانون اختفى الظلم والاستبداد وسادت روح الحرية والتعاون بين الجميع، فبدأ المجتمع ينهض كلية حتى اصبحت اوربا هذه التي نراها اليوم دولة القانون.وهذا ما يبطل نظرية ان هجرة علماء القسطنطينية هي التي اقامة نهضة الغرب ولم تحدث النهضة نتيجة لكشف العالم الجديد بل العكس هو الصحيح:كانت الكشوف الجغرافية هي نتيجة للنهضة بكل تأكيد ،وهذا نقص منهجي في
مناهجنا الدراسية لا زلنا لم نفطن اليه لسيطرة العاطفة والقومية العنصرية علينا دون اثبات وتحقيق.
اما نحن فقد وجهنا القرآن الى قانون طرح العدالة النسبية في الحوافز والملكية ومسئولية الدولة في القانون،لكننا جعلناها دون تحديد ،فظلت طروحاتنا طوباوية لا معنى للعدالة فيها ولا قانون ،بعد ان اهملنا حقوق المرأة في الأرث والزواج وحرية الرأي في القانون وجعلناها فريسة للمتخلفين من رجال الدين،ففشلنا في كل توجهاتنا لأن قوانين الوجود فطرة تتعايش مع النفس البشرية،ونحن لها مهملون،فكان طرحنا لها خارجيا لا داخلياً فجعلنا القانون الأخلاقي في وضع متصادم ومتعاكس مع القانون الموضوعي ،فوقعنا في وهم التقدير وبقينا الى اليوم نعيش بقانون القوة لا قوة القانون‘فأضعنا المال والنفس والأنسان دون تقنين.
7
نحن نوجه كلماتنا الثبت هذه الى السادة رجا ل التغيير الذي جاؤا الى بلد فيه كل المعايير من مال وكفاءات علمية ومنتج وطني وفير، فحولوه الى خراب وتدمير بعد ان تمسكوا بالانانية العقلية والاعتداد بالاحساب والانساب والطائفية والمحاصصية والمظلومية وتفضيل المفضول على الافضل وقتل الهوية الوطنية والانصراف الى السلب والنهب والفساد والرشوة وتمزيق النسيج الاجتماعي واحلال العداوة بين الناس وفقدان الامان والقانون وقتل الكفاءات والمفكرين ,فتحول المجتمع الى كانتونات مسرفة في المتاع ومجافية لاخلاقية انسانية الانسان وحكموا الجهلة والمتخلفين والأمعات من مزوري الشهادات العلمية في مراكز الدولة العليا من المقربين والمحاسيب حتى اصبحوا بنظرهم هم من الفرسان الذين عليهم ان يترفعوا ويحتقروا العامة أجمعين.فأين الأيمان بالاستقامة التي جاءت في القرآن من استقامة الكنيسة والأرذوذكس في التطبيق؟.
نحن بهذالمقال نريد ان نعطي مثالا للحقيقة التي اشرنا اليها وهي ان حركة التاريخ لا تتوقف حتى في عصور الركود،فالتاريخ لا يخضع للدائرة المغلقة بل للدائرة المنفتحة عبر الزمن لأن الزمن هو التاريخ، ولان الحركة التحتية المجتمعية والاقتصادية دوما تنتهي بالأنقلاب الواسع المدى الذي يعرف بعصر التقدم والأنفتاح لا عصر التقوقع والأنغلاق.
ان التطور الاقتصادي والاجتماعي وتوفر القيادات المخلصة للاوطان هي التي اصبحت نظرية اساسية في تفسير حركة التاريخ والحضارة، وليست اراء رجال الدين ومرجعياتهم المتكئة على حيطان العاطلين.من هنا نقول ان القيادة النشطة المؤمنة هي القيادة الكريزماتية التي ينتظر منها التغيير،والعراق اليوم لا يخلو منها لكنها بحاجة الى عزم وتصميم لينشأ حكومة الأغلبية ويخترق صعوبات اونريد ان نقول ايضا ان السبب الرئيسي الدافع للنهضة والتطور هو الاخلاص وقيادة الوطن والقانون لا التراث والتغني بالأمجاد وكتابات الأقدمين والادعاءات الفارغة في الفروسية والوطنية وحروب البلهاء الفاسدين الذين ما كان همهم الا المال والجنس ومتاع الفاسدين فحسبناهم قادة ميامين.
والا لمادا كان غزو الكويت وكل هده المتاعب التي جاءت علينا من الدكتاتوريين ؟ وما هم بميامين..وها ترى اليوم الكويتيين يطالبون بحقوق حتى موتاهم ويعيينون في بلدنا الممثلين لهم ،وحكومتنا الرشيدة لاهية بالسفرات والايفادات ولم يجرأ وزير خارجيتنا اللاهي بملذاته وطائراته وفنادقه من سبع نجوم، ان يسألهم اين حقوق العراقيين المهجرين من الكويت قبل وبعد التحرير؟ وأين حقوق موتانا الذين قتلوا في الكويت على يد جنودهم والمحررين . هم رجالهم بشر ونحن رجالنا بقر…. ؟.
ولدينا غرض اخر نريده من وراء كتابة هذا المقال،هو اننا نريد ان يقارن القارىء- فيما بينه وبين نفسه- بينما كان يجري في الشرق البارحة واليوم من استبداد مطلق لا يعرف
8
قيودا او حدودا او يعترف بحقوق لاحد، وما يقابله الغرب اليوم والامس من نظام محكوم بنظم وقوانين وعقود تقوم على المصالح المتبادلة بين المواطن والسلطة ،لا ان يكون الحاكم الظالم يتصرف بالمواطن والقانون مثل تصرفه بالسلعة والعبيد والخير كله له وحده وبقية الناس ليس لهم من الامر في شيء،فميزانية الدولة كلها تذهب في العدم،الرواتب والجرايات والسكن والمنافع الاجتماعية والايفادات الكاذبة ،كلها لهم دون تحديد والمواطن يعيش في قوانين البؤس والفاقة والخوف والتفرقة والأزدواجية حتى في تقاعد المتقاعدين ،
لكنهم اذا وقفوا للخطابة تراهم ميرابو الخطيب بلا تشابيه.واليوم بعد ان حاصرتهم الاحداث المخيفة حملوا اموال العراقيين كلها بشاحنات وارسلوها الى حيث يريدون،لكن المال عمره ما نفع الخائنون.
عقليات سادت ولا زالت في عالم الاسلام وعالمنا اليوم وستبقى ان بقيت القومية والانانية والغطرسة الشخصية المقيتة وتزمت مرجعيات الدين دون تغيير،وستبقى المجتمعات ميتة دون تبديل.وخاصة اذا تصدر القيادة السياسية او الفكرية من كان مع البعثيين واصبح اليوم مُصلحا للمغفلين ؟.
نحن نطالب الحكومة العراقية ان لا تبيع الوطن للمجاورين وللاكراد الشماليين وتخلق لنا وضعا صعبا في المستقبل القريب واالبعيد.وعلى المجاورين والاكراد ان لا يورطون انفسهم بالاستحواذ على الثوابت الوطنية مدفوعين بعاطفة الانتصار لهم والانكسار عند المقابلين،خوفا من الزمن والزمن كفيل برد الاعتبار لاهل الحق والقانون.وعلينا ان لا نسكت ليعتقد اصحاب الباطل انهم على حق ليسكتوا اصحاب الحق من ابناء الشعب الأصيل؟