19 ديسمبر، 2024 6:09 ص

مجلس الخدمة العامة الإتحادي … للدعاية والإعلان السياسي .

مجلس الخدمة العامة الإتحادي … للدعاية والإعلان السياسي .

القسم الثاني
إن صدور قانون مجلس الخدمة العامة الإتحادي رقم (4) لسنة 2009 (1) ، قبل معالجة تداعيات المشاكل الناجمة عن إجراءات التخبط والفوضى الإدارية بعد الإحتلال ولغاية ممارسته لمهامه ، سيؤدي إلى زيادة إحتمالات فشله ، سيما وقد أثقلت نصوصه بما لا يقوى على تنفيذها مجلس حديث العهد بالمسؤولية من هذا النوع ، وفي ظل ظروف وظيفية غير مستقرة من حيث التشريع ، المليئة بمظاهر الفساد الإداري والمالي من حيث الإجراءات الإدارية ، وخضوع تطبيق النصوص القانونية للإجتهادات المتعددة ، وإلى قوى التأثير السياسي السلبي غير المهني ، وغير المؤسس على قواعد الإجراءات الإدارية العلمية في التنفيذ ، كل ذلك يقودنا إلى إقتراح إستبداله بديوان الرقابة الإدارية ، الأكثر واقعية ومعالجة جذرية للمشكلات والمعوقات والعقبات الإدارية ، على الرغم من أن القانون المذكور قد شرع ( من أجل تنظيم شؤون الوظيفة العامة وتحريرها من التسييس والتحزب وبناء دولة المؤسسات ، وتشكيل مؤسسة مهمتها تطوير العمل في دوائر الدولة ، وبلورة القواعد والأسس السليمة ، وتأمين العدالة والحياد ، وضمان معايير الكفاءة في التعيين وإعادة التعيين والترقية ) ، إلا أن الحكومة عملت على تطبيق كل ما يخالف ذلك ، بسبب عدم تشكيل المجلس الذي مضى على إفتراض مباشرته العمل أكثر من تسع سنوات ، وإستمرار دوائر الحكومة بتنفيذ مهامه نيابة عنه بشكل مرتبك وغير دقيق ، لعدم توفر العناصر المؤهلة مهنيا للقيام بإختصاصاته ومهامه التطبيقية التي تتناسب والمعلن من أهدافه ، وإن تقدم الكثيرون بطلبات العمل فيه من أجل الحصول على منافع الوظيفة وليس النهوض بأعبائها الإدارية الجسيمة ، كما هو شأن التوجه العام لعناصر الفشل الراغبة في إعتلاء مراكز المسؤولية في دوائر الدولة ، قبل إمتلاكها مقومات النهوض بالواقع الإداري .

إن الفشل سيكون حليف مجلس الخدمة العامة الفدرالي ، إذا تكررت ممارسة مهامه وواجباته على ذات الأسس والقواعد الخاطئة التي تضمنها قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008 ، الذي لم يكن الا تعديلا سلبيا لعدد من مواد قانون الخدمة المدنية ، بالغاء المادتين (3و5) منه ، مع الغاء الأمر رقم (30) لسنة 2003- الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة ، واستمرار العمل بموجب أحكامه ، حسب إعتراف وزارة المالية التي نص كتاب الدائرة القانونية / قسم الوظيفة العامة فيها المرقم (802 /58 م / 19458) في 30/4/ 2009 ، على (( إن الأمر المذكور ، ألغى سلم الرواتب وجداول الوظائف الملحقة بقانون الملاك رقم (25) لسنة 1960 المعدل ، وحل محلها الجدول الملحق به ، وجداول الوظائف الصادرة إستنادا له ، وإعتمد ربط الراتب بالوظيفة ، وجعلها في درجة واحدة ، وهو نفس المبدأ الذي اعتمده قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم 22 لسنة 2008 ، وحسبما موضح بإعمامنا المرقم 24744 في 15/7/2008 )) ، مع إن الفقرة (1) من القسم (3) من أمر سلطة الإحتلال المذكور ، قد نصت على أن ( تعلق اعتبارا من شهر تشرين أول عام 2003 جميع القوانين واللوائح التنظيمية والأوامر القائمة ، أو خلاف ذلك من سنن وتشريعات ، يتم بموجبها تحديد الرواتب أو الأجور…الخ ) وليس إلغائها ، ولكنه جاء بنماذج عناوين وظيفية في درجات غير متطابقة مع أمثالها الواردة في الجداول الملحقة بقانون الملاك ، مما تسبب في إلحاق الضرر بإستحقاقات بعض الموظفين ، ورفع إستحقاقات البعض الآخر من دون وجه حق أو إستحقاق مبين(2)؟!، كما إن إلغاء أمر سلطة الإحتلال يتبعه حكما إلغاء جدول نماذج العناوين الملحق به ، بدليل ما جاء في قانون الموازنة لسنة 2009 وما تلاها ، بشأن المصادقة على مفردات الملاك من قبل وزارة المالية ، تنفيذا لأحكام المادة (8) من قانون الملاك رقم (25) لسنة 1960- المعدل ، حيث العودة للعمل بأحكامه وبعناوين الوظائف الواردة في الجداول الملحقة به ، مما يتوجب على وزارة المالية مراعاة الدقة عند تثبيت رأيها في كتبها الموجهة إلى دوائر الدولة ، مع إعادة تحديد راتب كل عنوان وظيفي مع ما يتناسب وينسجم ومقادير رواتب الدرجات في الوقت الحاضر .

ولعل من الغريب المستغرب أن لا يباشر مجلس الخدمة أعماله المقررة قانونا منذ أكثر من تسع سنوات ، بدوافع حجج وذراع واهية ، للتغطية على إخضاع تشكيله وفقا لمعايير المحاصصة المقيتة ، وعدم الكشف عن عدم كفاءة وأهلية المرشحين لإشغال وظائفه المقررة ، وقد يكون من المناسب التذكير والمقارنة ، بأن مجلس الخدمة العامة المؤسس بموجب قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960- المعدل ، قد نص على أن ( يؤلف مجلس الخدمة العامة من رئيس وستة أعضاء ، يعينون لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد ) و ( يجب أن يكون رئيس وأعضاء مجلس الخدمة ، ممن لهم خدمة ممتازة ، ومن كبار الحكام أو الأساتذة والعمداء والأطباء الإخصائيين والمهندسين ذوي الإختصاص أو الموظفين الذين يحملون شهادة عالية . ويشترط في هؤلاء ، أن تكون لهم خدمة لا تقل عن خمس سنوات ، ولا تقل درجتهم عن الدرجة الثانية من درجات الخدمة المدنية ، أو ممن يستحقون هذه الدرجة من غير الموظفين من ذوي الكفاءة والخدمات الممتازة ) . في حين نص القانون رقم (4) لسنة 2009 ، على أن ( يتكون المجلس من رئيس ونائب للرئيس وسبعة أعضاء متفرغين ممن يحمل شهادة جامعية أولية في الأقل ، على أن يكون (2) إثنان منهم في القانون و(2) إثنان منهم في الإدارة والإقتصاد ، وواحد في كل من الطب والهندسة والزراعة ) ، ولكن الأغرب الأعجب أن يصدر القانون رقم (8) لسنة 2015(3)- قانون التعديل الأول لقانون مجلس الخدمة الإتحادية رقم (4) لسنة 2009 ، متضمنا إلغاء ما سبق ، قبل ممارسة أعضاء المجلس لمهامهم وأداء واجباتهم ، لمعرفة مدى الحاجة المهنية لزيادة عدد وإختصاص أعضائه ، مقررا أن ( يتكون المجلس من رئيس و نائب للرئيس و تسعه أعضاء متفرغين ، ممن يحمل شهادة جامعيه أوليه في الأقل ، على أن يكون (3) ثلاثة منهم في القانون و (3) ثلاثة منهم في الإدارة والإقتصاد وواحد في كل من الطب و الهندسة و الزراعه ) ، بزيادة عضوين إرضاء لمكونات سياسية إعتادت على تقاسم المغانم وإجترار فتات الموائد في قياسات العمل الوطني الخالص ، حين فضحت الأسباب الموجبة لتشريع القانون ، نوايا المشرع السياسي المحاصصي وتوجهاته الباطلة ، بالنص على أنه ( لغرض ضمان مشاركة أغلب أطياف ومكونات الشعب العراقي ، في التمثيل بتكوين مجلس الخدمة العامة الإتحادي , شرع هذا القانون ) ، وما درى الطارئون على حكم البلاد والعباد بعد الإحتلال ، من أن الحاجة قائمة للمشهود لهم بالكفاءة والخبرة العملية التطبيقية الموثقة رسميا في مجال شؤون الخدمة المدنية والوظيفة العامة ، لغرض ضمان حقوق المواطنين بحسن الأداء المعزز بالنزاهة وبالإستقامة المطلوبتين ، وليس كما ورد من توجهات سياسية غير نزيهة أصلا وفصلا ، ولربما إطلع الكثيرون على تصريحات النواب وإجراءات مجلس النواب ، التي تدلل على إتخاذ الموضوع وسيلة للدعاية والإعلان ، مع وجود الخطأ الفاضح في البيان والإستنتاج . ومن الغريب أن يتضمن ملف برنامج الحكومة للاعوام 2014-2018 ، المقدم من قبل رئيس مجلس الوزراء الى مجلس النواب في جلسة تقديم الحقيبة الوزارية ، تفعيل نظام الخدمة المدنية ، وتطوير قدرات كبار المسؤولين التنفيذيين ، وخلق ملاك عراقي يمثل الدميوغرافية العراقية ( علم السكان أو الدراسات السكانية ) ، بإعتماد الجدارة والقدرة من خلال الإصلاح الإداري ، وتفعيل عمل مجلس الخدمة المدنية ، وتقديم مشروع قانون الخدمة المدنية بأسرع وقت … إلخ من الوعود والأمنيات غير القابلة للتطبيق ، في ظل نظام حكم موبوء بكل أمراض الفشل والفساد ؟!. وكذلك الحال فيما تضمنته ورقتي الإصلاح الحكومي والنيابي المعلن عنهما في تموز وآب 2015 . وقد إنتهت مدة الدورة الإنتخابية لأربع سنوات ، دون تنفيذ ما تم التعهد بتطبيقه ، بالنسبة والقدر الذي يرضي الله والشعب ؟!، بعيدا عن طمع الجهلة والأميين في الإستحواذ على السلطات وأكل السحت الحرام ؟!.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4116) في 6/4/2009 .

2- كتابنا الموسوم ( في قانون الخدمة المدنية – الدرجات والرواتب والمخصصات – دراسة تحليلية للنص القانوني والواقع التطبيقي ) ، المودع لدى دار الكتب والوثائق ببغداد بالرقم (1742) لسنة 2009 .

3- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4363) في 4/5/2015 .

أحدث المقالات

أحدث المقالات