23 ديسمبر، 2024 12:07 م

«قد نحتاج إلى بعض من المرتكزات الأساسية للعدالة الإنتقالية، لتخصيب وتلقيح عقم التجربة السياسية في العراق.»
“أفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُون.”
عقم التجربة السياسية في العراق، هو وليد الديموقراطية المستجدة على المجتمع الفسيفسائي المتعدد الثوابت، وهذا العقم لايستطيع أن ينجب تجربة سياسية ناجحة ونظام حكم متطور يستطيع أن ينهض بالعراق ويخلصه مما هو فيه من دوائر ونوازل، إن لم يجد جديد.

إن ذلك العقم وان كان مفتعلا من بعض الأطراف لكنه اتى اكله وحقق أهداف المتآمرين كل بحسب موقعه، ورسمت خارطة طريق شيطانية له استطاعت أن تحقق بعض من تلك الأهداف الخبيثة، وان كانت أهداف تكتيكية لاقيمة لها من الناحية السيتراتيجية من حيث انها زائلة وأضرتهم أكثر مما نفعتهم، وورطتهم بأن يقفوا على خط الأفق كي تنكشف عوراتهم الخيانية والتآمرية وجعلهتم عرضة للمساومات السياسية، كما وكشفت زيف ادعاءاتهم وساهمت كذلك بشكل مباشر لاعادة النظر في جميع إصطفافات الأطراف التي ستقف بالضد من داعش والقاعدة ليس على مستوى مسارح العمليات في كل من سوريا والعراق فحسب بل على مستوى جميع الدول المجاورة والمتباعدة.

وكان من أهداف تلك الخارطة تقسيم العراق وسوريا إلى كانتونات تحت مظلة مايسمى بالخلاقة الاسلامية وتنصيب المدعو أبو بكر البغدادي كخليفة لتلك الدولة المزعومة التي تمتد حدودها لتضم أجزاء كبيرة من أراضي الجزيرة والخليج وبعض أراضي الدول العربية، والذي مالبث وعندما تبوء منصب ماأسموه بالخلافة حتى أصدر بيانا بأسم خليفة المسلمين يدعو فيه الفقهاء والاطباء والمهندسين للنفير العام والهجرة، ليجعل من أرض العراق وسوريا بلاد غربة وشتات من جميع أنحاء العالم لكل من هب ودب ممن ضاقت به الأرض بما رحبت بسبب الأعمال الجنائية والإرهابية التي ارتكبها بحق مواطنيه في بلده الأصلي، ليستقروا هاهنا بكيانهم الارهابي الجديد على غرار الكيان الصهيوني في فلسطين، ليهدد أمن المنطقة برمتها والعالم أجمع، على حساب كيان ووجود وأمن وحرية وسعادة اهلنا السنة في العراق وسوريا، وعلى حساب سكان البلدين الأصليين من بقية الأديان والقوميات.

فقد اتخذت تلك الدولة مايسمى بولاية الموصل عاصمة لها في الوقت الحاضر بسبب وجود الحواضن الكثيرة القسرية في هذه المنطقة التي تأوي تلك العصابات وتسهيل مهمتها في التحرك الآمن سواءا قبل أو بعد النكبة التي عصفت بالعراق بسبب الخيانة والتحالف السلجوقي الاقليمي الذي تسبب في سقوط الموصل بأيدي هؤلاء الارهابيين الخبثاء بالتعاون مع تلك الدول واقليم كردستان -الذي سارع لإختطاف مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها ضاربا بعرض الحائط توصيات المادة 140 الدستورية والغائها من طرف واحد- وقد تمت هذه العملية الخيانية باشراف وتنفيذ مباشر من العائلة النجيفية التي خولت نفسها بالتجاهر بالمطالبة بحقوق السنة ولمحت بانفصال مدينة الموصل عن المركز الأم وربطها بتركيا مرارا وتكرارا، وقد نوهنا عن ذلك بمقالات سابقة، وفلنتوقف قليلا في نقطة مفصلية إلا وهي نقطة سيناريو سقوط مدينة الموصل، حيث يظن البعض منا أن هذه المدينة سقطت بشكل مفاجيء، وهذا الظن يبدو لي غير موفق وساذج ولم يكن في محله أساسا، ذلك لأنها سقطت منذ أن تبؤت عائلة النجيفي زمام الأمور ومنذ أن وطأت اقدامها منصة الحكم، حيث بدأت تلك العائلة المتمثلة بأثيل النجيفي عندما كان محافظا لها، بدأت بحملات الحرب النفسية وعمليات غسل الدماغ لمواطنيهم كصفحة استباقية لعملية التآمر والسقوط، إذ كان من أول الحملات زرع الكراهية بين المواطنين ومنتسبي القوات الأمنية من الشرطة والجيش، ووصفوهم على انهم غرباء، وهذا الوصف تترتب عليه احكام واشكالات قانونية وشرعية من ناحية المواطنين والذي يتوجب عليهم في هذه الحالة عدم التعاون مع تلك القطعات وكراهيتهم وإعلان حالة الحرب ضدهم، حتى وصل بهم الأمر عند حالة الاقتراب من ساعة الصفر الداعشي قاموا بضرب وعطب جميع إطارات العجلات العسكرية بواسطة القناصين في اليوم الذي سبق تنفيذ المؤامرة، ماحدا بالجنود بترك عجلاتهم في حالة ذعر شديدة، فنقلوا تلك الحالة لزملائهم في الثكنات العسكرية، وتزامن هذا الفعل بقصف شديد ومركز على العوائل الموصلية في الجانب الايسر فبثوا فيها الرعب والهلع والخوف، وأدعوا بما يسمونه بالجيش المالكي أو الصفوي انه هو من قام بهذا الفعل الارهابي الشنيع مما زاد من سخط الجماهير على القوات الأمنية العراقية والجيش العراقي المسيطر على المنطقة أولا، وتهيأت أرضية صالحة وجاهزة للسقوط بضمان تعاون الاهالي مع ابطال ورموز المؤامرة من أمثال النجيفي واصبحوا بيده أدوات طيعة مستغلا بذلك عفويتهم على انه المخلص الوحيد لهم من ذلك التداعي ثانيا- “هذا ماوصفته اذاعة العراق الحر عن لسان أحد العسكريين من قلب الأحداث”.

يبدو أن طموح النجيفيين كان لايعدو عن كونه حالة من حالات انفصال مدينة الموصل عن المركز وأقلمتها لابتزاز المركز للحصول على مكاسب سياسية سيتراتيجية وتحقيق طموحات شخصية وطائفية ضيقة، أو الارتباط بتركيا بحسب الوعود التي قطعوها على أنفسهم مقابل الدعم اللوجستي والسياسي التركي، بأمارة أن المطالبات المتكررة لاخراج مايسمونه بجيش المالكي من المنطقة ونعتهم بالغرباء على حد وصفهم كانت تصب لتحقيق تلك الغاية، ولم يكتفوا بهذا، بل طالبوا باخراج تلك القطعات وجميع العناصر الأمنية العراقية المسلحة والصحوات وأن يحل بدلها جيش محلي من أبناء المنطقة تمهيدا لحماية إقليمهم المنشود، ومن رأيي أن داعش دخلت على الخط كأمر واقع أو بشكل عرضي على أساس تقديم العون والمساعدة والتنفيذ، ولاندري هل كان دخولها كأمر واقع فعلا أم يطلب من أحد الطرفين؟.

هذا وبعد أن حصلت المفاجأة بانسحاب الجيش التي دبرها النجيفي، وحصل الذي حصل، إنقلبت بعد ذلك عليهم داعش، بعد أن تمكنت وأستوسقت لهم الأمور إلى المآل التي آلت اليه، فإنقلبت عليهم، وإستأهلت بادارة دفة الأمور وتوزيع المناصب والغنائم، وهذا جزء أقتطفته من بيان مايسموه خليفة الدولة الاسلامية أبو بكر البغدادي والذي جاء فيه مانصه:”….. وتنصيب حكام عملاء خونة يحكمون المسلمين بالنار والحديد رافعين شعارات براقة خداعة كالحضارة والسلام والتعايش والحرية والديمقراطية والعلمانية والبعثية والقومية والوطنية وغيرها من الشعارات الزائفة الكاذبة ولا زال هؤلاء الحكام يعملون لاستعباد المسلمين وسلخهم عن دينهم بتلك الشعارات”، ضاربة بذلك عرض الحائط الامتيازات الخيانية والتآمرية لجميع فصائل المتآمرين والخونة من أمثال النجيفيين والبعثيين والنقشبندية، وبعض من المغرر بهم من بعض منتسبي الجيش العراقي ومن بعض الجيش العراقي السابق، وضاع الخيط والعصفور، وتحول طموح النجيفي من تبوء منصب رئيس اقليم إلى رجل مطلوب ومطارد من قبل المركز وداعش، وهكذا جنت على نفسها براقش.

كل الذي حدث في العراق يتحمل وزره مجلس النواب السابق برئاسة النجيفي، وهذا مااشر عليه الشارع العراقي وجميع المراقبين على مستوى العالم، وقيل “أنه أسوأ برلمان شهده التأريخ الحديث”، ويعزى ذلك إلى سوء ادارة رئيس البرلمان ” النجيفي” الذي أودى بالعراق لمنزلق خطير، وأدى أيضا إلى عقم التجربة السياسية وتردي حالة الأمن في البلاد، بالإضافة إلى ترك فراغ تشريعي كبير في البرلمان المتمثل بعدم التصويت على قانون الأحزاب، والنظام الداخلي للبرلمان، وقانون الموازنة، وقانون النفط والغاز، وقانون البنية التحتية، وقانون العاصمة الاقتصادية، وقانون تسليح الجيش العراقي، وقوانين مصيرية أخرى.

وهكذا نأى السيد النجيفي بنفسه بإلغاء ترشيحه لرئاسة البرلمان، ليس من باب انعاش العملية السياسية، وليس من باب فشله الذريع، ولا من باب أنه جنى على المكون السني وجلب الويلات لهم، ولا من باب أنه لم يجد له مكانا في المرحلة القادمة، ولا من باب شعوره بالذنب من جراء تسببه بضياع الموصل وكركوك، بل من باب أنه ضمن الحصانة لنفسه بعد اداء القسم في جلسة البرلمان الجديد، ومن باب أنه لاطاقة له عندما سيتعرض لضغوط ومساومات كشف المستور التي ستلحقه بشكل مؤكد مع رفيقه طارق الهاشمي، فعمل على مبدأ المثل القائل”الباب اللي تجيك منه ريح سده واستريح”.
هذه واحدة من حالات العهر والمروق السياسي التي ساهمت في عقم العملية السياسية، وهاهم ابطالها كل في دوره خبير، “.

شاهدت فيديو قد نشر في أحد مواقع التواصل الاجتماعي،ومن يريد أن يطلع عليه بنفسه مراجعة هذا الرابط من خلال البحث من محرك جوجل”https://www.facebook.com/photo.php?v=10204308395970465 “‎ ‎‏ وهو عبارة عن مقابلة تليفزيونية للهارب اثيل النجيفي، جاء في أحد فقراته مانصه: “…سنفتت ماهو مفتت أصلا…. وفعلا هذا ماحدث في اجتماع مجلس النواب الأخير،-يقصد الجلسة الافتتاحية الاولى للبرلمان الجديد- الذي حدث أنا أعتقد أنها أنجح جلسة بالنسبة إلى السنة، لأنها فعلا مشت مثل ماخطط لها، ومثل ماأراد، هذا هو الاتفاق نحن والاكراد أن نأتي لأداء القسم والحصول على الحصانة، وبالتالي الخروج لأن بعض نواب السنة كلهم مهددون ب ال 4 ارهاب، ومهددون بهذه التهم، ويستطيعون إلقاء القبض عليهم بسهولة. وبالتالي هم يحتاجون أن تكون لهم حصانة فالدخول واخذ اداء اليمين والخروج هذا هو مخطط وفعلا خرجوا بمجموعهم ولم يتخلف منهم أحد”، هذا هو كان نص كلامه.

خلاصة القول: إن أسباب عقم التجربة السياسية في العراق كثيرة، كان من ابرزها مروق بعض السياسيين الشركاء، وغياب الحزم والعزوف عن العمل بمبدأي الثواب والعقاب، وعدم القضاء على مقدمات الإرهاب والفساد بشكل يثلج الصدر.

هناك عدة مرتكزات إذا اردنا أن نقيم العملية السياسية لتخليصها من حالة العقم المزمن، إن لم تنفع فهي لاتضر، أو على الأحرى نعتبرها بمثابة اللقاح لعلها تستقيم، المسألة قد تحتاج إلى قليل من الصبر والحزم والثقة بالنفس، من حيث أن الإجراءات الجزائية البسيطة المتعلقة بالثواب والعقاب يجب تأخذ مجراها الطبيعي بما يتناسب مع القوانين الوضعية المنسجمة مع الدستور ومع قانون السلامة، أي مكافأة المحسن بالاحسان، ومعاقبة المسيء بحزم، بمقدار استحقاقات الاساءة والاحسان مهما كانت اعتبارات ذلك الشخص ومحسوبياته، على أن يتزامن هذا الاجراء بدعم وتطوير القوات المسلحة وفلترتها من العناصر العميلة والمندسة، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب في جميع مفاصل الدولة والحكومة.

اعتقد، قد نحتاج إلى بعض من مرتكزات أساسية للعدالة الإنتقالية، وهي مطلوبة في الوقت الحاضر للانتقال إلى حالة جديدة قد تؤدي إلى تغيير الواقع ولو بنسب مقبولة، ريثما تنحسر حالة التفتيت بين المكونات، اطرحها وكأنني متفائل بتلقيح وتخصيب العملية السياسية، وتحقيق الوحدة الوطنية، وإصلاح النسيج الاجتماعي واللحمة العراقية، إذا كان خنجر التقسيم مركونا في غمده ويأبى الجميع التلويح بحمله، ومن هذه المرتكزات:

1. معرفة الحقيقة: خلصت دراسة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى أن الحق في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة لقانون حقوق الإنسان هو حق غير قابل للتصرف ومستقل ومرتبط بواجب والتزام الدولة الطرف في مجال حماية وضمان حقوق الإنسان،

2. القصاص العادل: كتب الأستاذ سامي الحجاج في 2014 / 6 / 18في الحوار المتمدن مانصه:
في عام 2006أقتحمت مجموعة صغيرة من الأرهابيين أحدى المدارس في العراق ودخلت أحد الصفوف حيث كان المدرس يلقي محاضرته فمسكوه وأسقطوه أرضاً وكبلوه ومن ثم ذبحوه من الوريد الى الوريد أمام تلامذته …!!!
سلوك ليس غريباً لوحوش تحمل رؤوساً بشرية! لكن وجه الغرابة يكمن في ان حكومة العراق باشروا بأعمالهم في اليوم التالي كأن شيئاً لم يكن!!!
ودونما خجل أو وجل!!
ومن المعلوم ان مهنة المعلم في الدولة وفي المجتمع من الأحترام والأهمية والقداسة ما لا توصف ولا أبالغ أذا ما قلت بأنه تتداخل مهمة النبي والمعلم …في ان كلاهما يصنع الحياة الكريمة.. (كاد المعلم ان يكون رسولا)..
ولو حدثت هذه الجريمة النكراء في أحد الدول المتطورة لنُكست الأعلام وطويت الصحف وجفت الأقلام ولقامت الدنيا ولم تقعد ألا بالقضاء على اخر أرهابي تسول له نفسه بتدنيس أهم مقدسات الحياة والمجتمع..!!
كل شعوب الأرض تكافح في أنزال القصاص العادل بالمجرمين واذا ما حدث تلكأ في التنفيذ فلم ولن تتسامح معه..
ما حدث في أيران عام 1998وتحديداً في مدينة كرمنشاه ..
ان طفلة خرجت بعد الساعة العاشرة مساءاً ولم تَعد لأهلها..بحثوا أهلها عنها في كل مكان ولم يعثروا عليها أتصلوا بالشرطة وحاولت الشرطة أن تبحث مع اهلها لكن دون جدوى…
بدأت عملية البحث وتقصي الحقائق والأنتشار الأمني تتسع ساعة بعد أخرى وفي الصباح الباكر كان هناك أنتشار كثيف لرجال الأمن في كل شوارع كرمنشاه وأزقتها وتعطلت جميع المدارس في ذلك اليوم وتم استدعاء 12ألف طالب للتحقيق…لأن دائرة الأمن كان لديهم أعتقاد بأن الطفلة أُختطفت من قبل أحد الطلاب لكن نتائج التحري أمسكت بخيط أوصل رجال الأمن للجناة واتضح ان هؤلاء هم ثلاثة من مدمني المخدرات….أختطفوا الطفلة واغتصبوها ثم قتلوها …مضى عليهم في السجن ستة أيام ولم تُنفذ بهم عقوبة الأعدام..
في اليوم السابع خرجت جموع غفيرة من أهالي كرمنشاه وتوجهوا الى السجن الذي يتواجد فيه الجناة وحطموا زجاج النوافذ مطالبين بالأعدام الفوري لهؤلاء المجرمين وفي موقع الجريمة أي في المكان الذي أُختطفت به الطفلة…بعد ذلك تدخلت شرطة مكافحة الشغب لتفريق الناس لكن دون جدوى فقد أصبح الناس في تزايد أكثر ،الجدير بالذكر أن شرطة مكافحة الشغب في أيران معروفة في شراستها وقساوتها..لكنها لم تستطع تفريق الناس..وقفت الحكومة في كرمنشاه حائرة امام هذا الوضع مما استدعى محافظ كرمنشاه أن يعتلي منصة ويخاطب الجموع ويَقسم لهم بشرفه أنه سوف يتم أعدام الجناة في صباح اليوم التالي وفي موقع الجريمة..وحدث ذلك فعلًا..ولو حدث مثل هذا لما تطاول الأرهابيين على أختطاف مدينة بحجم الموصل وبعمقها التأريخي العريق.

3. جبر الضحايا: كتب الأستاذ شمخي جبر في الحوار المتمدن – حول انصاف الضحايا 2010 / 5 / 3 مانصه:
لايمكن لمشروع المصالحة الوطنية ان ينجح، او فلسفة العدالة الانتقالية ان تعم وتشاع من دون انصاف الضحايا وتعويضهم.
اما اهمال هذا الملف بدون معالجة فسيترك اثاره لاجتماعية والسياسية.
وحين شرعت القوانين واصدرت التعليمات لمواجهة هذه المشكلة الاجتماعية، لاقى الكثير من الضحايا الاهمال وعدم الاهتمام من بعض الدوائر والمؤسسات التي تصدت لهذه المهمة.
ماذا تقول وانت تلتقي ابناء الشهداء من ضحايا النظام السابق، وتستمع لمعاناتهم وترى الاهمال الذي يتعرضون له وهم يراجعون مؤسسات الدولة ذات العلاقة، او تلك المسؤولة عن انصافهم وتعويضهم ،فتتم عرقلة معاملاتهم من قبل مرتكبي انتهاكات حقوق الانسان ايام النظام السابق.
فتجد الضحية نفسها انها مازالت ضحية، وجلادها مازال جلادا يمارس دوره في عرقلة تنفيذ التعليمات والقوانين التي شرعت لانصاف الضحايا من ذوي الشهداء او السجناء السياسيين.ففي بعض مؤسسات الدولة يحترم الجلاد وابن الجلاد، ولكن ليس ثمة مكان للضحايا او ذويهم.
نحن هنا لاندعو الى ثقافة الثأر او التأسيس لها بل ندعوا الى انصاف الضحيا وايصالهم الى حافة التسامح .
وحتى تستطيع الضحية ان تتسامح لابد ان يعاد تأهيلها واحساسها بأنسانيتها من خلال شعورها بأحتضان المجتمع لها وتفهمه لوضعها وانصافها واعادة الاعتبار لها.
ماننادي به هنا هو جزء مهم من مشروع العدالة الانتقالية،اذ ان العدالة الانتقالية هي فلسفة ومنهج لا يقوم على الثأر والانتقام، بل الوصول إلى حلول بين مرتكبي الإنتهاكات والضحايا،وانصاف الضحايا وتعويضهم ، فجبر الضرر الذي وقع على الضحية يعيد الاعتبار لها وهو اهم متطلبات عملية الترميم المجتمعي.
في محاولة لإعادة بناء مجتمع يتسع للجميع، يقوم على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون. يستهدف معالجة ماضي الانتهاكات لحقوق الانسان ومساعدة المجتمعات على الإنتقال السلمي إلى الديمقراطية
هل كان يمكن لابن الشهيد ان يواجه كل هذه المعاناة لو كانت هناك مؤسسة تنصفه وتعطيه حقوقه، او كان هناك مسؤول يلتفت لمعاناته؟ وكان يجب ان تأتيه حقوقه وهو جالس في بيته من دون ان يتوسل بفلان وعلان، هكذا يقول الحق والواجب، وان لم نقدم له هذا فنحن جلادون من نوع اخر.
من جادوا بأنفسهم تركوا عوائلهم (نساؤهم وابناؤهم) وهم امانة في أعناقنا ، فهل صنا الامانة؟

4. عمل نصب تذكاري لشهداء المرحلة: النصب التذكاري هو بناء أو موقع أو تمثال شيد لتخليد ذكرى شخص أو حادثة.
والنصب الوطنية هي أماكن لها أهمية تاريخية وعلمية، والمشاهد الخلابة التي تحافظ عليها الحكومة، باعتبارها ممتلكات شعبية.
وتتضمّن هذه المباني القصورالتاريخية والمظاهر الطبيعية مثل الأخاديد وغيرها.

5. العدالة والمساواة: فوائد وثمرات العدل والمساواة على الفرد والمجتمع والدولة.
– الأمن لصاحبه في الدنيا والآخرة .
– دوام الملك وعدم زواله.
-حب الله تعالى والقبول في السماء والأرض (حب الملائكة والناس).
– الإحساس بالثقة والثبات والقوة والعزة والاستغناء بالله تعالى عما سواه.
– الصدع بالحق وحفظ الحقوق .
– تحقيق الاستقرار والطمأنينة في المجتمع
-الشـعور بالمساواة يقضي على الفتنة والنزاعات والمشاكل المهلكة للطاقات والموارد
– تفتح الآفاق للأفكار والإبداعات والابتكارات.
– تفضي إلى الاستغلال الأمثل لطاقات وجهود أفراد المجتمع .
– تعزز ثقافة وروح الحب والتعاون والتكافل والجماعية .
– تدفع الجميع إلى الذوبان في المجتمع والدولة وتغليب العام على الخاص .
– قوة وتماسك البنيان الاجتماعي والسياسي والتفاف الجماهير حول قادتها .
– تحقق الاستقرار السياسي الذي هو مفتاح التنمية الشاملة والنهوض.

6. المصالحة الوطنية: هي مشروع وطني يهدف إلى المصالحة بين الشعب فيما بينه، وذلك بعد سنين من حكم النظام الديكتاتوري الساقط، وماتبعه من أعمال عنف وقتل وتفجير وارهاب وتهجير على أيدي القاعدة وداعش، ونتائج الأحداث التي عاشها الشعب العراقي بعد سقوط الصنم في 2003.
إن الشعب العراقي يأبى إلا أن يثني على الـجيـش الوطني العراقي الباسل، والقوات الأمنية المسلحة الاخرى، والصحوات والحشد الشعبي وكافة الوطنييـن، والـمواطنين العراقيين، ويشيد بما كان لهم من وقفة وطنية وتضحيات الـحفاظ على مكتسبات جمهورية العراق ومؤسساته.
إن الشعب العراقي يـجزم أنه لا يـخول لأي كان، في العراق أو خارجه، أن يتذرع بما خلفته الـمأساة الوطنية من جراح وكلوم، أو يعتد به بقصد المساس بمؤسسات الدولة، أو زعزعة أركانها، أو وصم شرف جميـع أعوانها الذين أخلصوا لخدمتها، أو تشويه صورة العراق على الصعيـد الدولي.
وللوصول إلى المصالحة الوطنية علينا أن ندرس هذه النقاط لإدراجها ضمن قرار العفو العام واصداره بما يتناسب مع هذه المرحلة، اضافة لما تتطلبه المرحلة من مناصحة ومصارحة:

اولا: العمل بالإجراءات الرامية إلى استتباب السلم أو ل
إبطال الـمتابعات القضائية في حق الأفراد الذين يسلموا أنفسهم للسلطات الحكومية.

ثانيا:إبطال الـمتابعات القضائية بحق جميع الأفراد الذين يكفون عن نشاطهم المسلح ويسلمون ما لديهم من سـلاح.
ولا ينطبق إبطال هذه المتابعات على الأفراد الذين كانت لهم يد في الـمجازر الـجمـاعية أو إنتهاك الحرمات أو استعمال المتفجرات في الإعتداءات على الأماكن العامة والخاصة.

ثالثا: إبطال المتابعات القضائية في حق الأفراد الـمطلوبين داخل الـوطن وخارجه الذين يَمْثُلُون طوعا أمام الهيئات القضائية العراقية الـمختصة، ولا ينطبق إبطال هذه الـمتابعات على الأفراد الذين كانت لهم يد في الـمجازر الـجماعية أو إنتهاك الحرمات أو استعمال الـمتفجرات في الإعتداءات على الأماكن العامة والخاصة.

رابعا:إبطال المتابعات القضائية بحق جميع الأفراد الـمنضوين في شبكات دعم الإرهاب من المغرر بهم، والذين يصرحون بنشاطاتهم ضد السلطات العراقية ممن لم تلطخ أيديهم بدماء العراقيين، أو إنتهاك حرمة الدولة والاشخاص بالتفجير والقتل وتنفيذ عمليات مسلحة وتخريبية.

خامسا:إبطال المتابعات القضائية بحق الأفراد الـمحكوم عليهم غيابيا باستثناء أولئك الذين كانت لهم يد في الـمجازر الـجماعية أو إنتهاك الحرمات أو استعمال الـمتفجرات في الإعتداءات على الأماكن العامة والخاصة.

سادسا:العفو لصالح الأفراد الـمحكوم عليهم والـموجودين رهن الحبس عقابا على اقترافهم نشاطات داعـمة للإرهاب فقط من الناحية المعنوية لا العملية ، على أن يعلنوا اعتذارهم والتعهد بعدم العودة لهذه الأعمال بكفالة مضمونة من أعيان الناس.

سابعا:العفو لصالح الأفراد الـمحكوم عليهم والـموجودين رهن الـحبس عقابا على إقترافهم أعمال عنف من غير الـمجازر الـجماعية أو إنتهاك الـحرمات أو استعمال الـمتفجرات في الإعتداءات على الأماكن العامة والخاصة.

“وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ” ََ.ْ ََ