18 ديسمبر، 2024 7:51 م

لا أغالي إن قُلت إن ما يحدث في الزيارة الأربعينية هو شيء يفوق الإعجاز, فملايين من الزائرين تحويهم بقعة من الأرض صغيرة المساحة, مع توفير المشرب والمأكل والمسكن لهم, في مشهد لا يمكن لأحد أن يتصوره بالظروف الطبيعية, فكيف وظرف العراق يعرفه القاصي والداني؟.

فَتَحَ العراق الكريم والعراقيون أبوابهم للزائرين من كل بلدان العالم, في منظر مهيب من الكرم والسخاء والبذل, لا يبتغون بذلك إلا وصل رسول الله صل الله عليه واله من خلال البر بذريته واحياءً لأمرهم سلام الله عليهم.

في الأربعين تختفي المسميات, وتتراجع العناوين,وتُرْفَع الالقاب, وتلغى القرابة, فلا قرابة الا بالحسين عليه السلام, ولا عنوان ولا تعريف الا من خلاله سلام الله عليه, فيصبح العنوان زائر الحسين,والخدام حظوا بشرف النسبة ليصبح اسمهم خدام الحسين سلام الله عليه.

في الأربعين يصعد النموذج الأخلاقي بأبهىصوره, وتسمو الإنسانية بأوضح تجلياتها,ويرتقي الإيثار اعلى درجاته, وتصفو النفوس فتكون كماء الزلال, لا احقاد ولا ضغائن ولا عصبيات قبلية ولا منافسات حزبية ولا صراعات دموية.

مجتمع الملائكة هو العنوان الأبرز والأحق الذي يجدر بنا أن نطلقه على مجتمع زوار الأربعين, فهو مجتمع نقي السريرة واضح المقصد متوحد الهدف,لا هم لأبناء مجتمع الاربعين إلا الطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه واله, من خلال احياء أمر ال البيت عليهم السلام, واستذكار المصيبة العظيمة والرزية الجليلة بفقد ابن بنت رسول الله صلى الله عليه واله,قتيلا عند شط الفرات.

قد يقول قائل ويعترض معترض, اين مجتمع الملائكة مما نراه من بعض السلوكيات الشاذة التي حدثت خلال الزيارة؟

والجواب هنا ليس عسيرا, ولا يخفى على كل ذي لب, حصيف الرأي, متقد الفطنة, فمجتمع الملائكة دوما كان هدفا للشياطين, تحاول تخريبه وفك عراه وطمس معالمه, وهذا ديدن صراع الباطل مع الحق, إلا ان الحق يعلو ولا يعلى عليه, وما كيد ما يصنعون الا كيدا ضعيفا, كما قال تعال “الَّذِينَآمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَفِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَالشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا” سورة النساء آية (76)