23 ديسمبر، 2024 8:37 ص

مجتمعان متناقضان كيف نفهمهما…؟

مجتمعان متناقضان كيف نفهمهما…؟

فرق بين الرأي الفقهي والرأي العلمي في القرآن الكريم…؟
مجتمعان متناقضان ،الاول دنيوي زائل،والثاني اخروي خالد،كيف نفهمهما ونرتضيهما ،ونقتنع بهما في البداية والنهاية ؟. ولازلنا ولا زال الكثيرون يؤمنون بهما نظريا ، واحيانا تخالجهم الشكوك والاوهام فيهما ، وكيف نفهم ان عاقبة الدنيا مجسدة في الاخرة ؟. كل شيء في الحياة الاخرة مبني على الغيب ، ولا احد منا ولا حتى الانبياء والرسل يعلم الغيب،وكل احاديث الغيب التي اوردتها كتب الصحاح احاديث احادية لا ثبت ولا صحة فيها ابدا، بنص الاية الكريمة : (لوكنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء”الاعراف 188).لكن الجدل او النقاش في الغيبيات امر مرفوض كما في النص القرآني ،لانها تدَخُل في القدرة الالهية غير المدركة من قبل الانسان، اي انها خارج الوعي الانساني كما في القضاء والقدر،يقول الحق :(وتلك حدود الله فلا تقربوها “البقرة 187).

ان الواقع مجسد في القرآن بسورة (ص) آية 15 والتي تقول:”وما ينظرُهؤلاء الا صيحة واحدة ما لها من فواق”.اي ما لها من رجعة ، ويقصد بكلمة الفواق في الاية الكريمة هنا هو ترديد الشهقة العالية الأخيرة للانسان عند النزع الاخيرقبل الموت ولا عودة لها معه ابدا. وفي المصطلح لا عودة لها ابدا،اي قيام الساعة وانتهاء الكون “انظر لسان العرب كلمة فوق” .

والجنة والنارنقيضان لا يلتقيان ، كالخير والشر ، وسيظهران على انتهاء هذا الكون ، ولكن علينا ان نفهم ان الكون الجديد هو وجود مادي بالضرورة يتعايش مع قانون جديد على اثر انتهاء قانون الحياة الحالي ، لكن هذا الوجود هل سيكون قرارا نهائيا”؟، يقول الحق : “يا قوم انما هذه الحياة الدنيا متاع وان الاخرة هي دار القرار،غافر 39”.

ان المتتبع لايات القرآن الكريم يرى ان في الجنة ازواجا “، يقول الحق : *هم وازواجهم في ظلال على الارائك متكئون *ياسين 56″، وفي النارمثلها”وآخرُ من شكله أزواجُ، سورة ص آية 58″. ثم يتحدث القرآن عن طعام وشراب وجنس ومحبة وانهار من لبن وخمر: ونحن نقرؤها ولا نعلم محتواها وماهيتها ولم نفهم معناها، لانها لازالت من اسرار الغيب المجهولة وعلمها عند الله. وكل ما نقرؤه عند المفسرين جاء على الحدس والتخمين لا غير وهم به يجهلون. وانا أعتقد ان الفقهاء والمفسرين ليسوا بقادرين على التوضيح العلمي الصحيح للنص المقدس لعدم قدرتهم على التأويل والقرآن أمرنا بالتأويل ،الآية7 من سورة آل عمران. فالجنة لها معانٍ كثيرة في المعاجم العربية ولا مجال لذكرها هنا،لكن خلاصتها هي كالبستان المشجر المغطى بالزروع كما وردت في ايات الكهف 31 -35،وسبأ 16 . اما النار فلم تأتِ الا كأسم جنس دنيوي وهي نكرة مقصودة، كما في قصة النبي ابراهيم” يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم”الانبياء 69″. لكن كليهما غير موجودتين اليوم ،ولا نعلم عنهما شيئاً ،ولم تظهران الا بعد نفخة الصور، ويُقصد بالصور: هو التسارع في تغيير الصيرورة الزمنية عند حلول التغيير الكوني المفاجىء، والصيرورة هي حركة التطور التاريخي ، يقول الحق : ” ونفخ في الصورفصعق من في السموات ومن في الارض.الزمر آية 68.

وهنا ينتهي عمل المادة في المجتمع الدنيوي ليحل محله مجتمع على نقيضة ولا نعلم محتواه المادي ،يقول الحق : “ويوم تقوم الساعةُ يقسمُ المجرمون ما لبثوا غير ساعة” ،الروم 55″وهذا يعني ان ما يدعيه الفقهاء ورجال الدين بعذابات القبر غير موجودة ، وايات اخرى كثيرة تؤيد هذا الاتجاه ، يقول الحق أيضا لتأكيد الدلالة :” يسئلونك عن الساعة آيان مرساها،قل أنما علمها عندربي….. الاعراف “187. وبما ان الجدل مسموح به من الناحية الدينية والفكرية بحدود العقل والمنطق بأستثناء الغيبيات،”، كقول الحق : وجادلهم بالتي هي احسن…….. ،سنحاول عقد مقارنة بين الحياتين على ضوء الايات القرآنية الكريمة التي وردت في الكتاب الكريم “. والقرأن حقيقة مطلقة بنص الاية 258 من سورة البقرة”ألم ترَ الى الذي حاج ابراهيم في ربه ……….”. لكن الحاكمية المطلقة هنا لا تدخل في المطلقية الشمولية دون مراعاة اسسها القويمة، ودون السماح لمن يدعون تطبيقها على الارض لهم حق تنفيذها كالموقف من اطلاق اللحى وحجاب المرأة والدشداشة القصيرة , وميثاق المرأة والمسواك ، وكلها مبتكرات من فقهاء الدين دون اساس شرعي لها.

هذا التصرف الفردي في المجتمعات الاسلامية الرمادية يمثل طغيان فردي وجماعي من رجال الدين الذين لا وجود لهم في الاسلام ولا علاقة لهم بالحاكمية الدينية وهم الذين خربواحياة العرب والمسلمين .لان القرآن لا يعترف برجال الدين ولا مرجعياتهم ولا يخولهم حق الفتوى على الناس، ولا يعطيهم الحق المقدس في التصرف نيابة عنه، وحتى الجهاد هم ليسوا مخولين به ،وانما هو( فرض عين ) في حالة تعرض الوطن للخطر او الاحتلال،وليس من حقهم ان يقلبوه الى فرض كفاية ليحموا المسئولين واولادهم من الجهاد العام ،وهو مرفوض من وجهة نظر النص الشرعي ،وليس لدينا نصاً واحدا في القرآن يؤيد توجهات رجال الدين..؟ واذا كنا نتجنى عليهم فليأتونا بنص ثبت من القرآن؟ اذن لماذا نسمعهم ونقيم لهم الاعتبار ؟ أنهم

2

مشكلتنا في الفُرقة والتفرُق والطائفية وغيرها ، فلو كنا نملك حكومة قانونية حقا لاستبعدتهم من كل امر ،وجعلت العتبات المقدسة ومواردها تحت حمايتها وحرمت علهم ما يفرضوه على الناس من عادات وتقاليد اضرت بالمجتع والدولة معاً.

ان الاية القرآنية تخضع لقواعد التأويل العلمي واجماع علماء التخصص بنص الاية”( 7) من سورة آل عمران ” وليس للفقهاء من دخل فيه. والفرق بين الفقه والعلم والفقهاء والعلماء فرق كبير.،”أنظر لسان العرب كلمة فقه وعلم”.

ان قوة المؤسسة الدينية المخربة لحياة المجتمعات العربية الاسلامية جاءت من مساندة السلطة لها ،لانها والسلطة عضداء الواحد للاخر بالباطل. والا ما عملها وما فائدتها اذا وجد القانون الموحد على الناس؟

وللمقارنة بين المجتمعين نقول:-

في المجتمع الدنيوي وجود ظاهرة العمل والراحة مع الاخرين.

——————————————————————————–

اي ان الانسان وحتى الحيوان لا بد له من عمل معين لتامين حياته وقوته اليومي،ويشمل حتى حيوانات الغابة المفترسة التي تجهد سعيا من اجل اقتناص فريستها ،وبدون العمل تتوقف الحياة الدنيوية،لا بل اصبح العمل اليوم موضع تنافس بين الناس من اجل الحياة الافضل .لذا فالانسان يجد ويحتهد ليحصل على الكفاءة والمقدرة التي تميزه عن الاخرين، وبها يكون

مفضلا واحسن حالا ،وهذا ما تهدف اليه النفس البشرية منذ ان ادركت انسانيتها على عهد آدم ابو الانسنة وليس ابو الانسانية على ما يعتقدون ،فمنه بدأ التجريد.

لكن في المقابل نلاحظ اختفاء ظاهرة العمل في المجتمع الاخروي بنص الاية الكريمة” لا يَمَسُهم فيها نَصَبُ وما هم منها بمخرجين ،الحجر 48″ وكلمة النصبُ تعني الاعياء بعد العناء الذي لاقوه في الحياة الدنيا من جراء تنفيذ ما امر الله به .لا احد يستطيع ان يعلق على ما اوردته الاية الكريمة سوى على الاجتهاد الفردي،وكل ما جاء من تفسيرات الفقهاء يدخل تحت هذا الباب او المنعطف المبهم الذي لا يعلمه الا الله جلت قدرته،لذا تخبط الفقهاء في التفسيرات المتناقضة ،لكن الارجح ان الله سبحانه وتعالى اراد للمؤمنين الصادقين ان يمنحهم مكانة التكريم والتقدير بجعلهم في سررمتقابلين،وجعل للاخرين الذين مالوا عن الاستقامة نار جهنم فيها خالدين.نقيضان يتعايشان في مكان لا يدركهم ولا يعلم مكانهما الاالله تعالى. لذا فأن القطع فيهما آمر يحتاج الى دليل،والامام علي(ع) يقول :*العقل هو الحجة * أي الدليل. أذن نحن بحاجة ماسة الى تأويل جديد للنص الديني يتوفر فيه شرطان :-

الاول ثبات النص مثلما نزل على محمد(ص) والثاني حركة في المحتوى ليتوائم مع التطور الزمني، والا سنبقى في مكاننا لا نتحرك ابدا حين يكون المحتوى للنص الديني ثابت. اذن من خول الفقهاء وضعنا في هذا السجن الحديدي المقفل ، أليس من حقنا ان نخرج ونكسر الاقفال والسياج معا لنصل الى الحرية الفكرية الحقيقية مثلما وصل اليها الاخرون وتقدمواكما عند المسيحية مثلاً، والا فليرجع الدين لخالقه لينزله على الاخرين ويخلصنا من هذا الظلم الكبير.؟ .ولنتسائل مثلما تسائل قبلنا الاخرون ،ماذا سنفعل بكتب التراث والتي يطبع منها كل سنة الملايين ولا تزيدنا الا أنغلاقاً وتخلفاً لكنها في نظر مرجعيات الدين هي الأساس دون دليل،لانها هي مظهريتهم يرصفونها في المكتبات أشبه بتماثيل الجاهليين.،ولان وجهة نظرهم هي التي تُدرس وتقرأ على أنها الاسلام للطلاب والمبتدئين ،وفي غالبيتها هي من الاسلام على طرفي نقيض،أنها كارثة حقيقية التي نعيشها اليوم مفروضة علينا بسلطة الحاكم الجائر المتغطرس والذي من اجله فرضت وباموال الشعوب وجهدها رسخت ،انها مشكلة لا نعرف لها حلا ؟ كبلونا بها دون شرعية او يقين.فهل سنبقى ننتظر ام نجد لها حلا لنتخلص من سلطة الحاكم الجاهل ورجال الدين ،بالقانون كما فعلت الشعوب المتقدمة حين حددت سلطة الدولة عن حقوق الناس.

نحن بحاجة الى رفض تام لمؤسسات الدين .

وفي الحياة الدنيا وجود ظاهرة الصحة والمرض،واختفاؤها في الاخرة،

—————————————————————–

الصحة خلاف السقم، والصحيح هو السليم،والمريض هو العليل.وفي لسان العرب يطول شرحهما.والدواء هو شفاء المريض،وفي الشفاء والدواء ابواب كثيرة ذكرها العلماء والمتخصصون قديما وحديثاًً،والاحاديث في باب الصحة والسقم كثيرة.ومن الصحة والسقم وضعت شروط الخلافة في ادارة الدولة ولمن يستحقها بعد التأكد من صحة الخليفة او الملك او الرئيس، فلا يجوز تعيين العليل رئيساً الا بعد التأكد من صحته في التعيين ..

سئل طبيب مصري قديم متخصص بصناعة الادوية عن زمن اختراع الدواء فقال ان زمن اختراع الدواء جاء حين شعر الانسان بالمرض، اي منذ ان مرض الانسان بدأ يفكر بأيجاد وسيلة تخلصه من المرض والموت،والمقولة صحيحة رغم اننا لانملك تاريخاً محددا لاختراع الدواء عند الانسان.لكن النصوص التاريخية للحضارة المصرية القديمة تعطينا تلميحات الى زمن

3

اختراع الدواء قبل 2800 ق.م حين وضعوا له شروطا في الاستخدام والاستعمال والحقيقة لهم الفضل في انقاذ حياة الناس منذ ذلك التاريخ الموغل في القدم.وللعلامة ابن خلدون باب واسع في الصحة والمرض والدواء تعريفا وشرحاً ،بينما نجد اختفاء ظاهرة المرض في الحياة الاخرى وليس لدينا ما يعرفنا بهذه الظاهرة في الحياة الاخرة والقرآن الكريم هو المصدر الوحيد الثبت يقول الحق فيها :”..وان الدار الاخرة لهي الحيَوان لو كانوا يعلمون،العنكبوت 64″.والمتتبع لكلمة الحيَوان في المعاجم العربية يجدها تعني كلمة الحياة الدائمة دون مرض ،أنظر لسان العرب كلمة حياة.

والحيَوان اسم يقع على كل شيء حي وفي كلتا الحالتين من في الاخرة يبقى حياً في الجنة ومن في النار يبقى خالدا فيها، الا اذا شاء الله، والله ارحم الراحمين،لذا فكلمة الحيوان يقابلها الموتان .والموت هو نقيض الحياة بالمفهوم الدنيوي عند الانسان،لكن الموت والحياة هما حياة بمفهوم القرآن الكريم كما في الاية 2 من سورة الملك ،يقول الحق :”الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملا وهو العزيز الغفور”. فالحياة والموت هما خلق ،لذا فالمصطلح القرآني بحاجة الى تأويل علمي وليس تفسيرا لغويا ترادفيا خاطئاَ ،ليستفاد منه الناس .والا ما جاءت الآية اعتباطا اوعلى سبيل العضة والاعتبار. فأين المجددين ؟,

وفي الحياة الدنيا وجود ظاهرتي الخير والشر،ولا وجود لظاهرة الشر في الدارالاخرة،

———————————————————————————–

وقد ذكرتا في القرآن بمواضع عديدة . لكنهما ليس من المُطلَقات ،ولا معنى لهذين المصطلحين في قاموس الحياة ،بينما معناهما في قاموس الاخلاق والفلسفة عظيما.ولم يعرفهما الانسان الا بعد شوط كبير من الحياة حين نما في فكره الاعتداء وسبل مقاومته والمعاونة وسبل تحقيقها،ومن يتابع في الحضارتين المصرية والعراقية القديمتين يجد كلاماً كثيرا عن الخير والشر والحق والواجب وما يليق وما لا يليق، فقد ذكرتها الشرائع العراقية القديمة وجاءت مجسدة فيها ،كاصلاحات اوركاجينا وشريعة آور نمو و قانون حمورابي قبل اكثر من ثلاثة الاف سنة ق .م الذي احتوى على 282 مادة أحتل الخير والشر فيه نصيباً،حتى لنلمس

الشعورعندهم بضرورة حماية الخير ومقاومة الشر،ولهما منظور معين من وجهة نظر التاريخ،لان لكل منهما جوانب معاكسة لما يهدف اليه المصطلحان . انظر العلامة طه باقر في كتابه حضارة العراق.

فكل خير له جوانب شر ،ولكل شر جوانب خيرحتى قالت العرب “لربة ضارة نافعة”.وفي محاورة جرت بين معاوية بن أبي سفيان وأعرابي في الكوفة حين طلب منه معاوية المبايعة سنة41 للهجرة ،فقال الاعرابي :”ابايعك يا معاوية واني لكاره لك،قال معاوية بايع يا أبن العرب ، فقد خلق الله في المكروه خيرأ كثير”مستندا الى الاية القرآنية التي تقول:” ووصينا الانسان بوالديه حملته امه كرها ووضعته كرها “الاحقاف 15”.والمقصودبه عند معاوية هو الانسان الذي منه يأتي الخير وهو من نطفة قذرة. ومنذ البداية جرَ الخيروالشر الى معرفة اسس نشوء القوانين والتشريعات التي تحمي الانسان من شرور الاخرين،و حفظت الحقوق والواجبات فيما بعد.

بينما نلاحظ أختفاء ظاهرة (الشر) في الحياة الاخرة كما جاء في التنزيل الحكيم : “ونزعنا ما في صدورهم من غلٍ اخواناً على سرر متقابلين،الحجر47″،وكلمةالغل هي الحسد. وقال الزَجاج في لسان العرب تحت كلمة غل: ان تفسير الاية يعني انه لا يحسد بعض اهل الجنة بعضا في علو المرتبة لان الحسد غل وكدر، والجنة مبرأة من ذلك . والنزع تعني الاقتلاع ،اي تحويل الشيء عن موضعه وان كان على نحو الاستلاب،كما تنزع النفوس من صدور الكفار،والنزع احيانا يأتي من النفس الانسانية حين تنازع صاحبها نزعا اي مغالبة كما قيل :(ونازعتني نفسي الى هواها) اي غالبتني،والنزع يعني ايضاً،القلب او الاقلاع ،واحيانا تاتي المجاذبة والمصافحة من قوله تعالى :” يتنازعون فيها كأسا لا لغوَ فيها ولا تأثيم ،الطور 23 “،اي ان الله ينفي عنها ازالة العقل بالكلية لانها خمرة صافية بيضاء فيها لذة للشاربين،لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون”الصافات 47”.وعلى الجملة هي الالغاء التام لهذه الظاهرة الضارة في الاخرة فلا صداع راس ولا اوجاع للبطون ولا ازالة العقل بالكلية،هكذا يفسرها المفسرون كما جاءت عند الحافظ ابن كثير ونقلها لنا الشيخ محمد النجدي ونحن منهم نقرأ ونصمت غير معتقدين .فمتى يدخل القرآن مجال الفحص العلمي الأكيد ليزيل من رؤسنا كل وهم قصيرمن تفسيرات المفسرين القاصرة عن اليقين .

وفي الحياة الدنيا توجد ظاهرتي الحرب والسلام ، ولا ذكر للحرب في الدار الاخرة،

——————————————————————–

ولقد ثبت فعلا ان الحرب اذا لم تكن دفاعاعن الحقوق والاوطان فهي لاتفيد القائمين بها في شيء،فكل حروب الغزو والتوسع تؤدي الى خسائر تزيد على مكاسبها،وردود افعالها اكبر من نفعها ،وحروب اليونان والرومان والفتوحات الاسلامية المغتصبة لاراضي الاخرين ،وهتلر وموسليني وصدام حسين مثلا واضحة في ذلك.،لكنهم عليهم ان لا ينسوا خراب اوطانهم وهدم ديارهم وتحطيم كبرياء نفوسهم وانتهاء عظمتهم، عندما تدور الدوائر عليهم لانتزاع حقوق الناس والاوطان.من هنا نفهم ان كل امجاد الحروب والغزوات شر وويل ودمار. ولا داعي لتمجيدها في مناهجنا الدراسية اليوم التي ألفت على الوهم .

4

كما في قول المتنبي حين مدح الحرب والنزال وقد اخذته العاطفة:

ولا تحسبن المجد زقا وقينة بل الحرب والضرب والفتكة البكرِ

وتركك في الدنيا دويا كأنما تداول سمع المرأ أنملة العشرِ

وما ابعد البون بين هذه الخيلاء الكاذبة والاحساس العميق في قول ابي العلاء المعري في السلام والمحبة والشعور الانساني حين يقول:

—————————————————–

تسريح كفك برغوثا ظفرت به أبر من درهم تعطيه محتاجا

كلاهما يتقي والحياة له عزيزة، ويمني النفس مهتاجا

نعم الحرب ان لم تكن دفاعا عن النفس والوطن والشرف فهي شر وويل ودمارومرفوضة من كل الوجوه.. كالخيانة التي لا تقبل من كل الوجوه..

اما ظاهرة السلام فقد نادى بها القرآن في الدنيا قبل الاخرة ودعا اليها”واذا جنحوا للسلم فاجنح لها” وايات اخرى كثيرة، وكل الانبياء والمرسلين دعوا اليها وطبقوها ولم يلجئوا الى الحرب الا اضطراراً أو دفاعا عن الحق والوطن .

وما احلى وجود ظاهرة السلام الدائمة في الاخرة وانتهاء وجود ظاهرة الحرب والويل والدمار ،وياليت الانسان يتعض بالحياة الدنيا اتعاضه بما يقوله القرآن الكريم عن الاخرة وبالخير الذي لايمل ولا يرفض ابدا.كما في قوله تعالى” ان ذلك لحقُ تخاصمُ اهل النارِِ، سورة ص64″. وهناك امور كثيرة بهذا الخصوص بحاجة الى بحث وتدقيق لاستكمال المراد من البحث.لقد قصر الفقهاء في شرحها لابل قل لعدم معرفتهم بها وهذ هو الصحيح؟

وفي الحياة الدنيا ظاهرة الخليفة او الملك او السلطان او الرئيس,وأختفاء هذه الظاهرة في الاخرة.

————————————————————————————————

ظهر الفرعون منذ القدم يحكم بنظرية التفويض الالهي او قل هو الاله الذي لا ينازع (نظرية أنا ربكم الاعلى) فساد وسيطرة وظلم وتجبر ،فكان حكمه باليد لا بالعقل او التفكير،والانسان هو الجنس الوحيد الذي منح نعمة العقل كجنس قائم بذاته وله

خصائص بدنية مكنته من التغلب على الطبيعة و لكنها لم تمكنه من التغلب على نزعته المادية، فكانت النهاية دوما سقوط ودمار،والقرآن الكريم يقول “ألم نجعل له عينين، ولساناً وشفتين ، وهديناه النجدين ” سورة البلد 10،9،8. والمراد بالنجدين الطريقان ،طريق الخير وطريق الشر،ليختار ايهما بحسب ما يهديه اليه عقله ،والمراد بذلك نعمة العقل.،وبهذه الطريقة اللامعقولة حكم الملك والخليفة والسلطان والرئيس ،وكان كلهم مثل عاد وثمود وقوم لوط الى زوال عندما دار الزمان وابادهم الحدثان ، لكن الاحياء اليوم لا يتعضون.

ان العالم الاخروي يخلوا منهم جميعا فلا رئيس ولا مرؤوس ،ولا حاكم ولا محكوم، ولا طبقات فيها سادة ولاعبيد ،الكل على الارائك متكئون ،ومن حور العين والولدان المخلدون متمتعون ،ولكن وفق معايير معينة لا كما يظنون، فلا غلٍ ولا عوز هم ينظرون,بل عدل ومساواة وتكريم هم فيها يتمتعون.اذن لابد من خلق متين وامانة وصدق وصفاء نية وبعد عن الخداع يتعاملون مع من يحكمون.واهل النار ينادوهم من وراء حجاب فهل لهم ينتصرون؟ فرق بين الثرى والثريا كبير لا يدركه الحاكمون.لكن كل هذا التصور هو غيبي لا يعلمه الا الله رب العالمين بعد ان عجز الانسان عن ادراكه بالدليل؟ فمن هم المصدقون ؟

وفي القرآن الكريم قوانين الجدل،والجدل ذُكَرَ حصراً في القرآن والفلسفة القديمة، : ويقول الحق :”ولقد صَرفنا في هذا القرآن من كل مثلٍ وكان الانسان اكثر شيء جدلا”الكهف 54″.اي ان الجدلية الانسانية لا مثيل لها عند غيره لأتصافها بالعقل والمنطق والمعرفة الانسانية.

اماالجدلية:

فهي جدلية ثنائية تلازمية وتقابلية وتعاقبية ،وكل منها يبحث في جدل الكون والانسان .وهي قوانين علمية فلسفية بحتة ،الخوض فيها لغويا يفسد من قيمتها العلمية ولا يعطيها التفسير الصحيح .لذا حين فسرت لغويا على نظرية الترادف اللغوي الخاطئة عند الفقهاء المسلمين كانت نتيجتها خاطئة تماما وجاءت على طريقة الاجتهاد الشخصي والحدس والتخمين ، وليس بالدليل العلمي اليقين،لذا لابد من توافر العلماء لدراستها وشرحها وافهام الناس بها حتى لا يقعوا في خطأ التقدير الذي وقع به الفقهاء من قبلهم.

5

والجدلية الثنائية التلازمية ،ولَدت جدل هلاك الشيء من جراء الصراع والتناقض ويسموها الفلاسفة النفي ونفي النفي،وبهذا القانون الجدلي في التناقض سيهلك الكون لينشأ على انقاضه كونا اخر ،الذي تتجسد فيه كلمة “البعث الحق”انظر سورة الحج أية 5”. بها تتحق ما جاء في الاية الكريمة “كلُ شيء هالك الا وجهه”القصص 88”. ومع كل هذه الأدلة والأثباتات القرآنية اتجه الفقهاء نحو التخريف والتخمين مانعين العلماء من حركة المعتزلة وعصر المآمون من الخوض في مسالك العلم الحديث خدمة للسلطة الغاشمة ،لذا بقينا خارج التاريخ .

وجدلية ثنائية تقابلية :وهي جدلية تلاؤم الزوجين في الخلق،كما جاء في الاية الكريمة :” وانه خلق الزوجين الذكر والانثى من نطفة اذا تمنى وان عليه النشأة الاخرى “النجم 45″ والاية الكريمة لها معانٍ كثيرة ورائعة لم يفسر ها المفسرون كما اراد لها القرآن الكريم ،فهي لا تعترف بين الزوجين الذكر والانثى بتفريق او تمييزكما هم ثبتوها بتفريق ،والثانية ان الزوجين يجب ان يكونا رجل وامرأة بعقد نكاح لا كما تدعيها العلمانية المتطرفة بانها تشمل الاثنين امرأة ورجل،ورجل ورجل،وامرأة وامراة وهذا غير جائز شرعا وقانوناً .وايات كثيرة تؤيد ما نقول كما في ياسين 56، والزخرف 70”.

وجدلية ثنائية تعاقبية ،بين ظاهرتين لا تلتقيان ابداً، كما في الليل والنهار كما في قوله تعالى :”لا الشمس ينبغي ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون،ياسين 37″. والشهيق والزفير عند الانسان ، والخطوط المستقيمة والمتعرجة،وهذا ما يسمى بجدل تعاقب الضدين.

هنا يثبت ان القرأن الكريم خالٍ من الترادف اللغوي وان كل كلمة وردت في تعني معنىً معين يغاير الاخر.

وعلينا ان نتسائل هل بانتهاء الحياة وحلول الاخرة ستنطفأ الشمس وينتهي القمر،فالشمس والقمر لا ينطفآن فجأة لانهما ظاهرة فلكية لا تزول بغتة ، ولكن القرآن يقول ” قل انما علمها عند الله”. أذن هناك رأي رباني في الأختفاء ؟هل هنا سيحصل فصل قانون صراع المتناقضات عن الوجود المادي؟ وهل ان طبيعة المادة وتركيبها في الكون الجديد بعد البعث والحساب ستسمح برؤية الخالق عز وجل ام سيبقى من في الارض والبحر والسماء في حالة ذهول؟مسالة معقدة جدا يطرحها القرآن بحاجة الى دراسة علميمة معمقة لم يعِِ المفسرون والفقهاء اليها. ولم يستطيعوا لأنهم هم والتأويل العلمي على طرفي نقيض.

هذا القرآن الكريم الذي جاء بهذه الفلسفة المادية والمعنوية البالغة التعقيد والمعقدة الفكر والتفكر،هل كان بامكان الفقهاء بعد القرن الثاني الهجري وهم حديثي عهد بالفقه والتفسيروالفلسفة، من تفسيره تفسيرا يجعلنا نستسلم لاقوالهم ونتبع هواهم والى اليوم لولا اللغط الغيبي الذي طرحوه للناس بتهديد وترهيب ومساندة السلطة لهم على الخطأ لما صدقهم احد. انها كارثة حقأ وحقيقة،وظلما من قبل السلاطين يحاكم عليها القانون، هذه التي تحيط بنا وتفرض علينا فرضاً باتباعهاعرفاً وتقديساً ،لا علما وتحقيقاً ، فهل من منقذ يدلنا على السراط المستقيم ويخلصنا من محنة الزمن القاتلة وتخلف مجتمعاتنا عن ركب المتقدمين من اجل حفنة من الفقهاء ورجال الدين المنتفعين أصحاب نظريات التجهيل التي اصبحت اليوم من التاريخ.؟.

نظريات خاطئة تلقفها الحكام خدمة لمصالحهم من وعاظهم ففرضوها علينا فرضا حتى اصبحت بمرور الزمن حقيقة مقررة في النفوس ،ومثبتة في مناهج الدراسة حتى غلفوا بها عقول الطلبة بالجهالات، وما هي بحقيقة ،انها بحاجة الى زوال ، وزوال بحق الشعوب في الحرية والتقدم وقوة القانون ،بعد ان صورتم الاسلام الى انه يدعو الى احتقارالحياة،وتمجيد الموت،والتضحية بالنفس وقتل الأخر لمجرد انه يختلف عنكم في الدين او المذهب،وفرضتم الجزية على الناس دون تفسير حقيقي لنصها في القرآن ،وأستمتعتم بخمس اموال المسلمين لكم ولتابعيكم دون الاخرين وهي ملك الفقراء والمساكين ،وظلمتم المرأة بسن قوانين مذهبية تتعارض من الوثيقة المحمدية رغبة في الجنس ،واستوليتم على السلطة وأحتكرتم الوظيفة لكم ولأتباعكم،وفضلتم المفضول على الأفضل ،وأستمرأتم المال الحرام بالباطل، ونكثتم العهد ،وحنثتم اليمين ،وكلها بررت بنصوص الدين ،والدين منها براء، فهل مثلكم يكون أميناً على الانسان والدين ؟ أم سنبقى ننتظر الصور والصور الاخر او المهدي المنتظر ؟او المسيح العائد من السماء ؟،او ابراهيم الذي لم تحرقه النار.، أو النبي الذي أكله الحوت ولفظه على جرف البحر أم بالوهم ونحن منتظرون …..؟

وصدق من رفع الشعار الشعبي الذي يقول : “بأسم الدين باكونا الحرامية “.

ان الذي يهمنا ان نقول : هل من حق الحكام ان يظلموا شعوبهم دون مسائلة القانون بالدين ؟ وهل من حق الدين ان يظلم العامة لأنه دين؟ وهل يرضى رب العالمين بتخلفنا طيلة 1400 سنة ويريد المزيد؟ اذن هذا دين ام ظلم للمسلمين ؟ واذا صح ان يكون الدين هكذا يخول التزمت والحكام الاخرين بقتلنا وتدميرنا وتخلفنا عن العالم المتحضر ، ويخول حكامنا اليوم بسرقة اموالنا والتحكم بمصائرنا ،فأنا لست من اصحاب هذا الدين،والقرآن يقول : (لكم دينكم ولي دين) ؟.

كل هذا التخلف الفكري والعلمي يتحمله الناس من اجل سيادة الاسياد ، وكل المنحرفين من الجهلة والباطلين تحت حماية الدين ومرجعيات الدين وهم متخلون عنا؟ فأي دين يقبل الظلم والظالمين ونسميه دين ؟ لم يحصل هذا الاعند المسلمين. نحن نتمنى من هيئات الدين ان هي استطاعت ان تجيب على ماذكرناه بالقرآن والعلم والدليل ، لا بالحدس والتخمين؟ او على طريقتهم الميتة (هكذا قال السلف وأجمع عليه العلماء) ) .

6

ولا ندري من هم رجال السلف ومن هم العلماء …؟

نحن بحاجة الى حركة ثورية عربية تقلع المؤسسة الدينية من جذورها وترميها في بحر الظلمات لنستطيع ان نؤسس لديننا الاسلامي الصحيح الذي تركه لنا محمد (ص) لا دين الفقهاء الكاذب الرخيص الذي اسس لنا مذاهب الفرقة والبغضاء وداعش والقاعدة والنصرة وكل الفصائل الاخرى من المرتدين.

أوعليهم ان يتخلوا عنا لنريح ونستريح،فهل هم سامعون …؟ أنهم غضب الرب علينا الى يوم الدين . فعجل يا الله فيهم وبين غضبك الذي لا يرحم المنافقين كما بينته في قوم عاد وثمودا فما ابقى..؟

* أ،ظر …الكتاب والقرآن الدكتور محمد شحرور – دراسة علمية موثقة.

[email protected]