26 نوفمبر، 2024 10:06 ص
Search
Close this search box.

مجتمعات تحكمها الفتاوى تتهاوى !!

مجتمعات تحكمها الفتاوى تتهاوى !!

ما يحصل في بعض المجتمعات أنها محكومة بل ومستعبدة بالفتاوى وتدعي بالديمقراطية , فهل يعقل هذا؟

ذلك أن الديمقراطية نظام حياة لبشر يمتلك حريته ويقرر مصيره بإختياره لا كما تمليه عليه هذه الفتوى أو تلك , وهذه العمامة وأختها.

إن القول بسلوك ديمقراطي في مجتمع تسيّره الفتاوى ورئيس وزراء حكومته ينتظر فتوى ليقوم بفعل , نوع من الهذيان والخبال الشديد.

والدليل على ذلك أن مجتمعا وفقا لإرادة الفتاوى ينتخب ذات الوجوه الكالحة الفاسدة التي ألقمته الذل والهوان والحرمان ويكرر ذلك لثلاث مرات , وعندما يتظاهر يتم إسكاته بفتوى عمامة ما , وتحويله إلى قطيع يُساق إلى حيث تريد فتوى مدّعٍ بدين , وقد تعددت مصادر الإفتاء والناس تتبع.

ويبدو أن المجتمع قد تحول إلى روبوتات تحركها العمائم عن بعد وقرب بقوة الفتاوى , ومناهجها الإستحواذية الإستعبادية الغاشمة المتنافية مع جوهر الدين ورسالته الإنسانية الواضحة التي لا لبس فيها , فحتى رب العباد يقول لنبيه  : ” يستفتونك  قل الله يُفتيكم…” 4:176

وكذلك: ” ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن…” 4:127

فلم يأمره بالإفتاء , بل قال أنا الذي يفتي , ولا توجد فتاوى للنبي الكريم , وإنما تعبيرات وترجمات واضحة لجوهر القرآن في آحاديث وأفعال متناسقة ومتطابقة مع ما جاء فيه , وما يحيد عن ذلك يثير الشك والإستفهام.

والفتوى رأي يقبل الصواب والخطأ ولا توجد فتوى صحيحة تماما , وإنما تكون صحتها نسبية وفقا لطبيعة الزمان والمكان , وجوهر الفتوى بحث علمي رصين للجواب على سؤال مطروح , وتختلف وفقا لتوفر المعلومات وقدرة المفتي بالإحاطة بالعلوم والمعارف وما يتصل بالدين.

وكلما تطورت المعارف وتعقدت الحياة يكون من العسير جدا أن يجد شخص واحد مهما توهمنا بعلمه جوابا شافيا على الأسئلة المستجدة والمعاصرة , ولهذا لا بد من وجود مجالس رصينة وعليمة ذات أعضاء موسوعيين وجادين وباحثين للوصول إلى جواب متوافق مع ما هم فيه وعليه.

أما الركون لهذا وذاك من ذوي العمائم بألوانها ودرجاتها فهذا هو الجهل المبين , فلن ولن يتمكن الشخص الواحد مهما علا شأنه ودرجته العلمية أن يكون صاحب الجواب الصحيح على أي سؤال يدور في الأذهان , والذين يؤسسون لمثل هذه الإتجاهات إنما هم الذين يريدون إستعباد الناس بالدين ومصادرة حريتهم وإعتقال عقولهم وإستلاب حرية إختيارهم , كما جرى ويجري في مجتمع تسيره الفتاوى فتهاوى عن بكرة أبيه وصار عاجزا على الحياة الحرة الكريمة.

كما أن الذين يوهمون الناس بأن إتباع الفتاوى أمر واجب , إنما هم من الدجالين والمخادعين , لأنها كأي رأي على سامعه الأخذ به أو إهماله.

ولا يوجد مخلوق في الدنيا له حق تقدير وتقرير علاقة المخلوق بخالقه , حتى الرسل والأنبياء ما تجرؤوا على ذلك , وأدعياء الدين يرفعون رايات الكهونوتية ويوزعون صكوك الغفران , ويفتون بما يتعارض من جوهر الدين ومحتوى القرآن.

فهل وجدتم في الفرقان ما يحث على الإفتاء يا أولي الألباب؟!!

وإنها لمعضلة كأداء , أن يتحول الناس إلى توابع وأجراء!!

“فذكّر إنما أنت مذكّر” 88:21

“لست عليهم بمصيطرٍ” 88:22

أي أن خلق الله أحرار ولهم حق الإختيار , فلماذا هذه الفتاوى الجائرة الداعية للإجبار؟!!

أحدث المقالات