وفقا للمنطق فإن على الإنسان أن لا يجرب المجرب ، سييما المجرب الفاشل ، ومجالس المحافظات بكل دوراتها كانت مجالس مناكفات ومنابر للمشادات ، وبسبب وحدة المرجعيات فإنها عكست فشل الكتل والأحزاب في إدارة الدولة الاتحادية ونقلت ذلك الفشل إلى المجالس المحلية .
أن ما أراده المشرع من وراء انشاء مجالس المحافظات ، هو ما نصت عليه الفقرة ثانيا من المادة 122 من الدستور ، من أن تكون مجالس إدارات لا مجالس سياسات ، إذ ذهبت تلك المادة تقول تمنح المحافظات التي لم تنتظم إلى إقليم الصلاحيات الإدارية والمالية الواسعة بما يمكنها من إدارة شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية الإدارية . ولم تقل المادة الصلاحيات السياسية ، أو صلاحيات الاستحواذ على المال العام أو العقار العام أو أراضي الدولة الأميرية أو المملوكة باللزمة أو الطابو أو المستأجرة للانتفاع الزراعي .
لقد اتت مجالس المحافظات حتى على المتبقي من أسباب الحضارة والتقدم في المحافظات ، فهي مجالس لم تضف شيئا ولكن قضت على اشياء كثيرة ، منها على سبيل المثال الوحدة المجتمعية وحولتها إلى نزاعات طائفية أو قطاعية ، واليوم لا يجد المواطن في أي محافظة الهدوء والأمن بسبب توسع وتنوع النزاعات العشائرية ،
لقد كانت تجربة فاشلة في تاريخ العراق الحديث كلفت الدولة نفقات كثيرة وكثيرة جدا ، وكانت بابا مشرعة للفساد المالي والإداري ، وكانت محل تندر المواطن لجهالة أعضاء مجالس تلك المحافظات بامور المنصب العام أو تمثيل الرأي العام ، وهكذا كانت مجالسا بلا مخرجات رغم كثرة ما صرف عليها من نفقات ، والحليم تكفيه إشارة الإيماءات…