المثرودة أكلة عراقية مشهورة عند فقراء الناس وعامتهم عندما يعز الطعام وتخلو الجيوب من الدراهم والدنانير وتجوع البطون وتفغر الأفواه.
والمثرودة يمكن تحضيرها بطهي البصل بالدهن ويضاف إليه الماء والملح والكركم ويترك على النار حتى يغلي الماء ومن ثم يوضع فيه الخبز اليابس مع قليل من الحامض , وبعد برهة تكون المثرودة جاهزة ” وتكرط أصابعك من وراها”!!
ومثرودة الديمقراطية “تكرط” البلاد والعباد , و ” ما ينشبع منها” , لأنها تفتح أبواب وشبابيك الشراهة بأنواعها على مصراعيها , وتدعو إلى النهم الشديد وحشو البطون بأموال النفط الوفير , التي لا تصيب بالبشم ولا تسمح بالإجترار , بل البلع دون المضغ ديدنها القدير.
نعم إنها مثرودة الديمقراطية التي يُثرد فيها الناس في وعاء وطن يغلي ما فيه فوق نيران متأججة لا تعرف الخمود والإنطفاء , لأن الغليان من ضرورات طهي المثرودة , وإعدادها على موائد النفوس الجشعة المستأثرة بما تصل إليه يداها المدنستين بالخطايا والآثام والموبقات , والتي تخدع ذاتها وموضوعها وتتخذ من الدين قناعا لتمرير مساوئها وشنيع ما ينطمر في دياجير أعماقها السقيمة البلهاء.
مثرودة الديمقراطية إذا أردت التعرف عليها عن قرب فعليك بالعراق الذي يترجمها على أصدق ما يكون ويمارسها على أحسن ما يُرام , ولهذا ترى البلاد والعباد تنطبخان في قدرها الكبير الذي تغرف منه بعنفوان حيوانات الغاب القادمة من ديار الآخرين.
مثرودة الديمقراطية موادها الطائفية والمذهبية والكراهية والعدوانية والفرقة المجتمعية والمحسوبية والإستحواذية , والفتاوى التسويغية لما هو شائن وحقير , وتوابلها الظلم والقهر والحرمان من الماء والكهرباء والرعاية الصحية , وملحها الحكم بالحاجات , ونارها الفساد المقيم اللهاب الأجاج الشديد الإحراق والتدمير.
مثرودة الديمقراطية , عناصرها الفئات والتكتلات والتحزبات والمناوشات والمزادات الكرسوية والإذعان للقوى الإقليمية والعالمية , وتمرير مصالح الآخرين ونكران مصالح المواطنين الذين يأتون بمن يمتهنونهم ويفوزون بالإمتيازات والمخصصات , وينكرون حق الناس بأيسط مقومات الحياة.
إنها المثرودة الديمقراطية , التي نخدع أنفسنا ونسميها ديمقراطية , ودستورها مثرودي المواصفات وقوانينها لا تنال الفاسدين , لأن القوة هي التي تحكم وليس القانون.
وعندما يرتضي الناس بمثرودة الديمقراطية , فما هم منها يأكلون , وإنما بنيرانها ينطبخون!!
فحي على الثريد في زمن نكيد!!