19 ديسمبر، 2024 1:48 ص

متّى نجتاز خط الاستواء؟

متّى نجتاز خط الاستواء؟

متّى نخرج من حلگ البير؟
حال هذه الأمّة متشابه واحد، في وقت واحد أو في أوقات متفرقة، نحو الحاضر ونحو المستقبل ونحو الماضي.
جهل أو تجهيل. وتخلّف ناتج عن هذا الأخير.
دولة مشغولة بألف مشكلة ومشكلة. لا مشكلة الرعية، بل مشاكل الراعي
كالأب المشغول بشؤونه وشجونه عن شؤون أبنائه وشجونهم.
دولة تضع شعبها “على الشحن”، في العناية المركزة. مربوطا إلى أمصال وأنابيب وأجهزة. لا للموت ولا للحياة. تبقي عليه “معلعلا”، معلقا، بين الحياة والموت. فإن مات فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، قضاؤه، قدرُه، “خبزته”. وإن تململ فعلوا وسعهم لإعادته إلى حالة “الكوما”
أتمنّى فقط على أيّ منكم، سادتي، أن تعرّفوا لنا مسؤولياتكم، وقد اخترتم أن تكونوا مسؤولين.
أليست مسؤوليتكم هي البلد؟
ألستم الراعي المسؤول عن رعيته؟
أليست مهمتكم ووظيفتكم هي تشخيص الخلل الموروث وتقويمه؟
أليست هي تطوير ما هو موجود صعودا نحو الأحسن والأحسن؟
أليست هي بناء الدولة وجعلها في مصاف سواها من الدول؟
الدولة منظومة لا يصح كلّها إلا إذا صح جزءها
هي كالساعة، أو كعجلة الإنتاج: سلسلة من الوظائف والخدمات. سلسلة من الضوابط والقواعد.
أوركسترا
هل تتصورون أوركسترا يعزف فيها الناي قبل أن يفسح له الآخرون لينفرد؟
أو ينفرد عازف بآلته لمجرد أنّه أراد أن يعزف منفردا؟
أو يضرب الطبّال ضربة النهاية قبل النهاية؟
أين المايسترو؟
هكذا هي أمتنا
أوركسترا بمايسترو حاضر وغائب
حاضر بدنا، لكنّ عقله شارد، بين مشغول عمّا تفعل فرقته ومتساهل حيال خربطتها.
مايسترو لا يرى ولا يسمع
وإن رأى وسمع لم يعترض ولم يصحح ولم يستدرك
أصوات نشاز وفوضى وقرع في غير توقيته ولا محله
وهو لا يعترض
كتب على ناسنا أن يشهدوا كونشيرتو تشيع فيه الفوضى. هو ليس كونشيرتو (= انسجام وتناسق) بل لاكونشيرتو.
مشكلة بلداننا أنّها تحسب أنّ الفساد هو سرقة المال العام وحسب.
وليتهم يعلمون أنّ الفساد هو طفل حافٍ وشارع غير معبّد وجدار ساقط وقمامة تغطّي الشوارع وتفيض على الرصيف
وليتهم يعلمون ويتعلمون أنّ السرقة هي سرقة أمل الشباب ومستقبله وطموحه
وأنّ الجريمة هي حين نجيز الاستغلال ونشيح بوجوهنا عن الظلم ونمرّ مرور الكرام بالخلل ونطبطب على ظهر المقصّر.
هو كلّ لا يتجزأ
منظومة واحدة تبدأ بأتفه شيء وتنتهي بأصعب مهمة.
في الجغرافيا والتاريخ والاجتماع والحياة شيء اسمه خط الاستواء EQUATOR أو الاعتدال أو الانتصاف. وهو خط تنتقل فيه الحال من حال إلى حال. فبعده يبدأ الصعود أو النزول، بحسب الناظر وحسب المفسر. المهم. تبدأ صفحة جديدة أو مرحلة جديدة أو حالة جديدة. وشبيه بخط الاستواء فمُ البئر: قاع من تحته وأرض منبسطة مستوية من فوقه. وفوق الأرض بناء وعمار وزرع وحرث. وفوق ذلك كلّه السماء. في بعض اللغات الأوربية تعبير يشير إلى بلوغ الفاعل منتصف الطريق وشروعه، بعد أن قطع نصفه، في النصف الآخر منه. يقولون: وصلنا إلى خط استواء البناء أو الفصل أو المشروع، أي إلى منتصفه. وحين يبدأ عامل في مشروع وصلت تجارته إلى الحضيض ومسّ إنتاجه القاع والصفر يكون جلّ اهتمامه الوصول إلى فم البئر، قبل الانطلاق إصلاحا وصعودا ونجاحا باهرا.
أمنيتي أن أرى بلادنا تبلغ خط الاستواء
أمنيتي أن أراها تطلّ برأسها من “حلگ البير”
لكي تبدأ العبور والظهور
كما بدأت الصين والهند وتركيا وماليزيا وسنغافورا التي كانت من عقود قليلة تلهث وراء الأخرين فإذا بالآخرين يلهثون وراءها ويخطبون ودّها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات