19 ديسمبر، 2024 12:29 ص

متى ينتفض العرب من أجل حريتهم ؟

متى ينتفض العرب من أجل حريتهم ؟

في كل يوم يخبرنا حكام العرب، بأنهم لا زالوا عبيداً، ولم يتذوقوا طعم الحرية المفقود، مهما تحدثوا عن مذاق اي مشروب, او نكهة اي طبق طعام, لا يمكنك ان تشعر بطعمها وحلاوتها, الا اذا تذوقتها، عندها تدرك جيداً مذاقها الحقيقي، حكام العرب وعلى مدى سنوات طوال لم يتذوقوا طعم الحرية، فلا يمكنهم معرفة حلاوتها ولذتها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، لازال العرب يتلذذون بطعم مرارة العبودية، الذي اعتادوا عليه طوال تلك السنين الماضية، اما اليوم فهم اشد اصراراً على عبوديتهم، فهم من يدفع اجرته لمولاه، لا العكس كما كان في السابق.

كثيراً من يسأل ماهو السر الخفي حول تدهور العلاقات الخليجية العربية القطرية، مع العلم إن كل ما تُتهم به قطر، كدعمها لفصائل الإرهاب المتمثلة ب(الجيش الحر والنصرة والاخوان وداعش) ليس بالشيء الجديد، فهناك الكثير من المفاوضات، قامت بها قطر مع جماعات ارهابية، من اجل اطلاق سراح بعض المخطوفين والمحتجزين، في مناطق الصِدام، وهذا لم يكن خافياً على احد.
اما الدعم المادي فليس خافياً، وحركة الاموال عن طريق المصارف القطرية، المنتشرة في الكثير من الدول العربية، ناهيك عن مصارفها الداخلية، كل هذا لم يكن بالشيء الجديد، وإنما هذه الممارسات، هي السياسة العلنية التي تستخدمها قطر، لكن ماهو الشيء الجديد الذي دفع السعودية بشكل خاص والدول المتحالفة معها بشكل عام، بإعلان الحرب على قطر بكل السبل المتاحة.

امريكا منذ عام 2014 اتهمت قطر بدعم الارهاب وتمويله، لكنها ولحد الآن لم تتخذ اي موقف واضح حيال هذا الامر، لأنها تنتظر كم ستكسب منها.
دخول السعودية بهذه القوة، هو انعكاس لفشل مشروعها في المنطقة، كالسيطرة على (العراق وسوريا واليمن وليبيا)، مع إنها محاولة ناجحة لإستغلال هذا الأمر، لإرضاء مصر وإعادتها للحضن السعودي، وردم الهوة التي حدثت بينهم في الفترة القريبة الماضية، والثمن معاقبة قطر، بإعتبارها الداعم الرئيس للإخوان، المناهضين لحكم السيسي، وإعتبارهم العدوالاول لدول الخليج، فهم يحاولون استغلال الفرصة الحالية ايما استغلال للقضاء عليهم، وتقويض حركتهم الإقليمية والمحورية في المنطقة.
مصر تبحث عن علاقات خليجية متينة، تضاف الى علاقاتها الإقليمية، التي تحركت عليها في الفترة الأخيرة، مع الحفاظ على علاقاتها السابقة في المحور العربي والاقليمي، فلو تابعنا مصر لم نجد لها اي تصرح ضد ايران أو غيرها، على العكس من الدول العربية الاخرى، اما بعض الدول العربية والإقليمية، اعلنت مقاطعتها لقطر لكسب ود السعودية لا اكثر.

تركيا من جانبها، تحاول الإبقاء على الداعم الوحيد للإخوان في المنطقة، وإعتباره الحاضنة الرئيسة لبعض قياداتهم، ودخلت مع ايران في سباق على كسب صديق في عمق الخليج العربي، كما صرحت بأنها على استعداد، لإرسال قوات عسكرية لمساندتها، فكلا الدولتين تحاولان ان تضعا لها موطأ قدم في المنطقة، هذا الشيء بالذات ازعج السعودية كثيراً، فدفعها الى ابعاد كل من ايران وتركيا المنافسين الكبيرين لها، للهيمنة على المنطقة وغلق المساحات المتاحة امامهما، ايران سوف لن تترك قطر في هذه الظروف، مهما كان الثمن لقاء هذا الامر، لكي تكسب حليف جديد وسط اعدائها ومناوئيها، فقامت بفتح خطوط جوية بين الدوحة وطهران، وتعهدت الأخيرة بتقديم كافة انواع الدعم لقطر.

العالم بأسره يعلم جيداً، بأن الدول العربية وعلى رأسها السعودية، دول داعمة للإرهاب، وهي من صنعه ودربه ودفع به الى عمق المنطقة، لكن لماذا تم استهداف قطر دون غيرها، ولعل اهم سبب هو تحسن علاقاتها مع ايران، ولأنها دولة صغيرة وضعيفة عسكرياً، لايمكنها الصمود بوجه اي قوى معادية، امريكا من جانبها عملت على خلق نزاع عربي عربي، يهدف اضعاف تلك الدول، ولكي يلجأ الضعيف منها لطلب الدعم الامريكي، وهذا ما تسعى اليه لإستنزاف المال العربي، بدفعها بإتجاه الحرب، التي سوف تؤدي الى إنهيار اقتصادها بإعتباره اقتصاد قوي، لعدم ارتباطه ارتباطاً وثيقاً بالإقتصاد العالمي، فتنتج الحرب دولاً ضعيفة اقتصادياً وعسكرياً، وهذا ما تسعى اليه امريكا بصورة خاصة، والدول الغربية بصورة عامة، من خلال الضربة القاضية للدول العربية.

لكن هل يتنفض االعرب من اجل حريتهم، متى تعي الشعوب العربية تلك اللعبة، التي رسم ملامحها ترامب في القمة العربية الأمريكية، حكماء العرب يستخدمون جيوشهم للدفاع عن كراسيهم، لا لحماية شعوبهم المضطهدة، ووالتفريط بإقتصادهم الذي يقف على حافة الهاوية، لم يكن الدعم السعودي للإرهاب اقل شأناً من قطر، لكنها دفعت ثمناً باهضاً لحماية نفسها، كان الأولى صرفه على شعبهم، او لدعم الدول العربية ذات الإقتصاد الضعيف لكسبهم، فيكونوا حلفاء حقيقيين، يدافعون عن مصالحهم المشتركة مع السعودية، لكنها ستدفع اكثر من هذا المبلغ بكثير، اذا ما حصلت حرب عربية عربية، بحجة القضاء على الإرهاب الذي تصدره السعوديةنفسها.